سفارات غربية في طرابلس تشكو لحكومة ليبيا استمرار إغلاق مقر الخارجية

توقيف سيارتين محملتين بالذهب والأسلحة على الحدود مع السودان

الباجي قائد السبسي
الباجي قائد السبسي
TT

سفارات غربية في طرابلس تشكو لحكومة ليبيا استمرار إغلاق مقر الخارجية

الباجي قائد السبسي
الباجي قائد السبسي

في أول اعتراف رسمي من السلطات الليبية باستمرار إغلاق مسلحين لمقر وزارة الخارجية الليبية في العاصمة طرابلس للأسبوع الثاني على التوالي، أعلنت السلطات الليبية أنها تلقت شكوى رسمية من السفارة البريطانية في طرابلس بهذا الصدد.
وكشف بيان للحكومة الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني، النقاب عن أن أندرو ألن القائم بأعمال السفارة البريطانية لدى ليبيا الذي التقى الثني أمس قد أبلغه أن إغلاق مقر وزارة الخارجية والتعاون الدولي أعاق عمل السفارة البريطانية والسفارات الأخرى في التواصل مع الجانب الليبي، متمنيا أن تحل هذه الإشكالية في أسرع وقت.
ويهيمن مسلحون يتردد أنهم من عناصر ما يسمى بغرفة عمليات ثورا ليبيا على مقر وزارة الخارجية منذ الـ24 منن الشهر الماضي احتجاجا على فصل أحد وكلاء الوزارة من المحسوبين على التيار الإسلامي المتشدد.
وأصبحت السيطرة على مقرات رسمية أو حكومية بما فيها مقرات المؤتمر الوطني العام (البرلمان) أو الحكومة عملا شائعا من ميلشيات مسلحة معظمها خارج عن شريعة الدولة، على مدى السنوات الثلاث التي تلت حتى إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011.
ولم يوضح البيان رد الثني على شكوى السفارة البريطانية، لكن البيان الذي وزعه مكتبه اكتفى بالقول بأنهما ناقشا مسيرة العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين وسبل تطويرها في مختلف المجالات وخصوصا في مجال تدريب الكوادر البشرية في مختلف التخصصات،، مشيرا إلى أن الدبلوماسي البريطاني طمأن الثني على أوضاع الدفعة التي تتلقي التدريبات الآن في المملكة المتحدة، وأن التدريبات تجري وفق ما هو مخطط لها، على حسب قوله.
إلى ذلك، أعلنت حكومة الثني عن تشكل لجنة وزارية للتحقيق في الاشتباكات المسلحة التي وقعت قبل يومين في غرب العاصمة الليبية طرابلس بين عدة ميلشيات مسلحة بعضها تابع للدولة الليبية، وتعهدت باتخاذ كل الإجراءات لمنع تكرار هذه الأحداث مجددا.
وقالت الحكومة في بيان تلاه الناطق الرسمي باسمها أحمد الأمين في مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس برفقة العقيد محمد سويسي مدير مديرية أمن طرابلس والعقيد السيد بالحاج مدير الإدارة العامة للأمن المركزي، إن القوات المكلفة بالإشراف على البوابات الأمنية في طرابلس هي قوات تابعة لوزارة الداخلية وقد جرى تكليف الوزارة بوضع خطة أمنية لتأمين العاصمة باستخدام القوات التابعة لها.
وعد البيان أن هذه القوات تعمل بموجب خطة أمنية جرى وضعها من قبل وزارة الداخلية للبحث عن المطلوبين أمنيا ومصادرة الأسلحة غير المرخصة ونزع الزجاج المعتم ومصادرة السيارات التي لا تحمل تراخيص صادرة من الجهات المختصة وغيرها من المظاهر المخلة بالأمن.. مشيرا إلى أن هذه القوات لديها أوامر باستخدام ما يتطلبه الأمر من القوة لفرض هذه الخطة الأمنية التي تهدف إلى بسط الأمن.
وطالبت الحكومة جميع الأطراف بالتعاون مع هذه القوات المكلفة بتنفيذ الخطة وتمكينها من أداء المهمة التي جرى تكليفها بها من أجل بسط الأمن، كما طمأنت المواطنين بأنها اتخذت كل الإجراءات لمنع تكرار هذه الأحداث.
وقال العقيد محمد سويسي مدير أمن طرابلس إنه نتيجة للتقارير الواردة من أقسام البحث الجنائي ونتيجة لكثرة الجرائم المرتكبة من قبل السيارات المعتمة وغير المرقمة جرى إصدار تعليمات لوضع خطة أمنية للسيطرة الأمنية على مدينة طرابلس، مشيرا إلى أن الخطة تتمثل بوضع 20 تمركزا أمنيا في وسط ومداخل ومخارج مدينة طرابلس.
من جهته، قال العقيد السيد بالحاج مدير الإدارة العامة للأمن المركزي إن الاشتباكات التي جرت في الأيام الماضية في غرب طرابلس لم تسفر عن أية خسائر بشرية، مشيرا إلى حدوث بعض الأضرار المادية فقط.
إلى ذلك، أعلن مجلس الوزراء الليبي أنه ناقش في اجتماع موسع ترأسه الثني المشكلات التي تعاني منها الحكومة بسبب تأخر الميزانية لعام 2014 والعجز المتوقع في الإيرادات في ظل تردي الأوضاع الأمنية وانخفاض الإيرادات السيادية للدولة بشكل كبير وتأثير ذلك على أمن واستقرار المواطن.
وقال بيان للمجلس إن الاجتماع استعرض الحلول التي يمكن من خلالها تجاوز ما وصفه بهذه المرحلة الحساسة مثل فتح حساب الخزانة الموحد، وتمويل العجز في الميزانية بإصدار سندات من قبل الخزانة أو صكوك إسلامية ترشيد الاستهلاك وضغط المصروفات، ومراجعة التشريعات التي تحول دون القيام ببعض الأعمال الضرورية لمعالجة الأمور المالية للدولة، مشيرا إلى أنه تقرر الاستعانة بتمويل جزئي للميزانية، كما تقرر تشكيل لجنتين، الأولى تتولى وضع تصور لاستصدار سندات والثانية إصدار صكوك إسلامية.
وطبقا لنص البيان فقد «أكد الحاضرون على أن ليبيا في مرحلة استثنائية، وبالتالي معالجة الأمور يجب أن تكون بقرارات استثنائية». وأوضح أنهم اتفقوا على تنفيذ قانون الميزانية ومراقبة تنفيذه شهر بشهر بحيث تجتمع الحكومة ومصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة شهريا، موضحا أن الاجتماع الدوري سيكون يوم الاثنين من الأسبوع الثاني من كل شهر.
إلى ذلك، أعلنت السلطات الليبية أن قوة أمنية ليبية - سودانية مشتركة أوقفت في ساعة مبكرة من صباح أول من أمس سيارتين محملتين بكميات من الذهب والأسلحة الخفيفة بالمنطقة الحدودية بين ليبيا والسودان.
ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن عضو المجلس المحلي بالكفرة نبأ القبض على السيارتين من قبل القوة المشتركة التي تعمل في المنطقة الحدودية بين البلدين، وعلى الأشخاص المسلحين الذين كانوا على متن السيارتين والذين قال إنهم ليسوا ليبيين. وأوضح أن السيارتين المحتجزتين بحوزة السلطات السودانية، حث يعتقد أن من على متنها ينتمون إلى المجموعات التي تنشط في التنقيب عن الذهب في المنطقة الجبلية الحدودية بين البلدين.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.