الرئيس الصيني يواصل جولته الأفريقية الموسّعة

شي في رواندا قادماً من السنغال... ويشارك في «قمة بريكس» بجنوب أفريقيا

رئيس رواندا لدى استقباله نظيره الصيني في كيغالي أمس (أ.ف.ب)
رئيس رواندا لدى استقباله نظيره الصيني في كيغالي أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الصيني يواصل جولته الأفريقية الموسّعة

رئيس رواندا لدى استقباله نظيره الصيني في كيغالي أمس (أ.ف.ب)
رئيس رواندا لدى استقباله نظيره الصيني في كيغالي أمس (أ.ف.ب)

واصل الرئيس الصيني شي جين بينغ، جولته الأفريقية الموسعة، إذ حل ضيفاً على رواندا، أمس، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها لهذه الدولة الأفريقية من جانب رئيس دولة صيني.
ووصل شي إلى العاصمة الرواندية كيغالي قادماً من العاصمة السنغالية داكار، ضمن جولة بأفريقيا يزور خلالها أيضاً جنوب أفريقيا؛ حيث يحضر اجتماع قمة مجموعة «بريكس» التي تضم (البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا).
وفى المطار حظي شي، الذي ترافقه عقيلته بنغ لي يوان، باستقبال حار من قبل الرئيس الرواندي بول كاجامي وعقيلته جانيت، فيما رقص سكان محليون يرتدون ملابس ملونة احتفاءً بالضيف الصيني، وضربوا الطبول للتحية.
وبعد الاستقبال الرسمي، جرى توقيع 15 اتفاقاً تشمل قروضاً صينية لبناء طريق وتجديد مستشفى وتطوير مطار بوغيسيرا الجديد في رواندا.
ونقلت وكالة «شينخوا» الصينية للأنباء عن شى إشارته إلى أنه «أول رئيس صيني يقوم بزيارة لرواندا»، حيث قال إنه «شعر بصداقة حكومة وشعب رواندا تجاه الشعب الصيني، بمجرد أن وطأت قدماه أرض البلاد».
وأضاف: «منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما قبل 47 عاما، تعاملت الصين ورواندا بعضهما مع بعض على أساس المساواة، مع الإخلاص والصداقة»، مضيفاً أن «العلاقات الثنائية شهدت تطوراً صحياً وثابتاً».
ولدى وصوله إلى كيغالي، قال الرئيس الصيني إنه يتوقع إجراء مناقشات عميقة مع نظيره الرواندي كاجامي، الذي يشغل أيضاً منصب الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، حول العلاقات الصينية - الرواندية، والتعاون الصيني - الأفريقي، والقضايا الإقليمية والدولية الأخرى ذات الاهتمام المشترك.
من جهته، استبق كاجامي هذه الزيارة بالتأكيد على أن الصين شاركت بفاعلية في البنية التحتية في شرق أفريقيا، وبشكل خاص في المشروعات الكبرى، مثل مشروعات السكك الحديدية والطرق السريعة ومحطات توليد الكهرباء، التي استفادت منها رواندا.
ورأى أن العلاقات بين رواندا والصين أصبحت أقوى، ومبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين تشجع التنمية في أرجاء العالم. وأكد في تصريحات لوسائل إعلام صينية أن رواندا تعلمت من الدول الأخرى، بما فيها الصين، واختارت مسارها الخاص للتنمية، موضحاً أن العلاقات بين رواندا والصين نمت بشكل أقوى مع التعاون الثنائي، ما أثمر عن «نتائج في مجالات مثل البنية التحتية والصحة والتعليم والزراعة».
ويقول «البنك الدولي» إن اقتصاد رواندا ينمو بشكل سريع منذ أكثر من عقد من الزمان، كما تقلصت بسرعة معدلات الفقر في البلاد، حيث ازداد الناتج المحلي الإجمالي لرواندا بنحو 8 في المائة سنويا، في الفترة من 2001 حتى 2015.
وأكد كاجامي الذي يتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، أن الصين يمكنها لعب دور مهم في دعم الإصلاحات في الاتحاد الأفريقي، وتشجيع التنمية في أفريقيا، معتبراً أن قمة منتدى التعاون الصيني - الأفريقي المقررة في سبتمبر (أيلول) المقبل في بكين، ستعمل كمنصة للمشاركين، لمناقشة ومراجعة تنمية التعاون، الأمر الذي يساعد في تعزيز التنمية المشتركة.
وأعرب كاجامي الذي حاول استعراض مميزات بلاده أمام الشعب الصيني، عن أمله في أن تستثمر الشركات الصينية في رواندا، وأن تدخل الأسواق الإقليمية عبر رواندا، وقال إنه يتطلع إلى مجيء المواطنين الصينيين إلى رواندا واستكشافها وتطويرها.
وتربط الصين حالياً علاقات تجارية مع أفريقيا أكثر من أي دولة أخرى، كما أن مبادراتها المستمرة في القارة تتناقض بحدة مع ما تقوم به الولايات المتحدة التي لم يبد رئيسها دونالد ترمب اهتماماً يذكر بالقارة.
وكان شي قد عبر في مؤتمر صحافي مع نظيره السنغالي ماكي سال، أول من أمس، بعد ثالث اجتماع بينهما عن ثقته التامة في مستقبل العلاقات الصينية الأفريقية.
وتعد رواندا المحطة الثالثة في أول رحلة خارجية لشي، بعد إعادة انتخابه رئيساً للصين في مارس (آذار) الماضي، والتي زار خلالها حتى الآن دولة الإمارات العربية المتحدة، والسنغال.
وسيزور الرئيس الصيني أيضا جنوب أفريقيا، حيث سيحضر قمة «بريكس» العاشرة، ثم سيزور موريشيوس خلال توقف أثناء رحلة عودته للبلاد.
ويرى محللون أن شي يسعى لتعزيز حضور بلاده في أفريقيا؛ خصوصاً في ظل غياب اهتمام الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقارة السمراء. وتشهد أفريقيا حالياً ازدهاراً في مشروعات البنية الأساسية التي تديرها وتمولها الصين بشكل رخيص، كجزء من مبادرة الحزام والطريق للرئيس الصيني، لبناء شبكة نقل تربط الصين براً وبحراً بجنوب شرقي آسيا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا.
وتعهدت الصين بتوفير 126 مليار دولار لهذه الخطة، والتي يقول مؤيدوها إنها مصدر للتمويل الحيوي للعالم النامي. ويقول منتقدون، بحسب وكالة «رويترز» إن أفريقيا تحمل نفسها بعبء الديون الصينية، وإنها ربما تجد صعوبة في تسديدها مع تقديرات بنحو عشرات المليارات من الدولارات، الأمر الذي لن يجعل أمام دول أفريقية أي خيارات سوى أن تسلم الصين حصصاً مهيمنة في أصول استراتيجية.
وحذر مسؤولون أميركيون من أن ميناء في جيبوتي الواقعة في منطقة القرن الأفريقي، والتي تستضيف قواعد عسكرية أميركية وفرنسية رئيسية، ربما يلقى هذا المصير؛ لكن جيبوتي تقلل من شأن تلك المخاوف.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.