انتخابات تشريعية في أجواء متوترة بعد تفجير في مالي

مقر للاقتراع في باماكو أمس في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية (أ.ف.ب)
مقر للاقتراع في باماكو أمس في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية (أ.ف.ب)
TT

انتخابات تشريعية في أجواء متوترة بعد تفجير في مالي

مقر للاقتراع في باماكو أمس في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية (أ.ف.ب)
مقر للاقتراع في باماكو أمس في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية (أ.ف.ب)

أدلى الناخبون في مالي بأصواتهم أمس في دورة ثانية من الانتخابات التشريعية لاستكمال العودة إلى النظام الدستوري بعد انقلاب 2012، في أجواء من التوتر غداة هجوم شنه جهاديون وأسفر عن مقتل جنديين سنغاليين تابعين لقوات الأمم المتحدة.
وعند فتح مراكز الاقتراع لم يكن عدد كبير من الناخبين قد حضر، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وفي الشمال، بدت التعبئة في غاو وتمكبتو أفضل مما هي عليه في باماكو. لكنّ التصويت يجري وسط مخاوف من هجوم. أما في منطقة كيدال معقل الأقلية الطوارق وتمردها، فقد انتخب النواب الأربعة عنها في الدورة الأولى، ومنهم اثنان من قدامى المتمردين انضما إلى حزب أبو بكر كيتا.
وفي أحد أحياء باماكو، قال رئيس المركز بدرا تراوري: «حول التنظيم كل شيء جاهز، لكن في ما يتعلق بالحركة وتنقل الناس لا أعتقد أنه سيأتي كثيرون، كما حدث في الانتخابات السابقة». ودعي نحو 6.5 مليون ناخب في مالي إلى المشاركة في المرحلة الأخيرة من عملية انتخابية ستختتم بعد الانتخابات الرئاسية التي فاز بها في 11 أغسطس (آب) إبراهيم أبو بكر كيتا، للعودة إلى النظام الدستوري الذي أوقفه في 22 مارس (آذار) 2012 انقلاب سرع سقوط شمال البلاد في أيدي مجموعات جهادية.
وهذه المجموعات التي تدور في فلك تنظيم القاعدة ضعفت إلى حد كبير بتدخل عسكري دولي قامت به فرنسا في يناير (كانون الثاني) ولا يزال جاريا، لكن عناصر جهادية ما زالت ناشطة على ما يبدو من الهجوم بسيارة مفخخة الذي استهدف مصرفا في كيدال شمال شرقي البلاد.
وقالت الحكومة المالية في بيان إن السيارة «اقتحمت باب المصرف الرئيس وقتلت إلى جانب الانتحاري جنديين سنغاليين من قوة الأمم المتحدة وأصابت ستة أشخاص آخرين بجروح»، من بينهم خمسة جروحهم خطيرة. وتابعت أن «انفجار السيارة أدى إلى أضرار مادية كبرى في مبنى المصرف وفي آليتين» تابعتين لقوة الأمم المتحدة والجيش المالي.
وفي اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية، تبنى الهجوم «باسم جميع المجاهدين» متشدد مالي هو سلطان ولد بادي الذي كان عضوا في عدد من الجماعات المتشددة المسلحة في منطقة الساحل ومنها «القاعدة في المغرب الإسلامي».
وصرح ولد بادي بالفرنسية أن «هذه العملية رد على الدول الأفريقية التي أرسلت عسكريين لدعم حرب (الرئيس الفرنسي) فرنسوا هولاند في أرض الإسلام». وأضاف: «سنرد في مجمل أزواد (شمال مالي) وأراض أخرى (...) بعمليات أخرى على الحملات الصليبية التي تشنها فرنسا وموظفوها الذين يبغضون الإسلام».
ويتولى الجنود الفرنسيون البالغ عددهم ثلاثة آلاف والجيش المالي ونحو ستة آلاف جندي من بعثة الأمم المتحدة حماية الناخبين.
وقد أكد الرئيس السنغالي ماكي سال أمس أن اعتداء كيدال «لن يؤثر على التزام بلده في مالي». ووقع الهجوم في كيدال بينما يشن الجيش الفرنسي حملة واسعة ضد الجهاديين في شمال تمبكتو. وقال مصدر أفريقي في تمبكتو إن هذه الحملة التي تستهدف «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» ولا يرغب الجيش في باريس في التعليق عليها، وهي «عملية عسكرية كبيرة جدا، الأكبر في منطقة تمبكتو منذ استعادة المدن الأساسية في الشمال من قبل القوات المتحالفة» في بداية السنة. وصرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن «19 جهاديا قتلوا»، وأضاف: «هناك في الشمال بعض الصعوبات حتى الآن لكن في الإجمال جرى ضمان أمن مالي».
وأوضح مصدر عسكري مالي أن 20 مروحية فرنسية وآليات تشارك في هذه العملية التي قتل خلالها «20 جهاديا حتى الآن».
وفي نهاية الدورة الأولى انتخب 19 نائبا فقط من 147 يؤلفون الجمعية الوطنية. وكانت نسبة المشاركة فيها أضعف من نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية (38.6% مقابل 48.9%) وثمة تخوف من أن تكون أدنى أمس.
واعتبرت الحملة الانتخابية التي انتهت مساء الجمعة الماضي باهتة على غرار حملة الدورة الأولى. وقال محمد سماكي عالم الاجتماع والأستاذ في جامعة باماكو: «ثمة شعور بأن المعركة انتهت بعد انتخاب رئيس الجمهورية. هذا خطأ، لكن هذا ما هو حاصل». وأضاف أن شعب مالي «تعب من الذهاب إلى أقلام الاقتراع».
وبعد الجولة الأولى، دعا لوي ميشال رئيس مراقبي الاتحاد الأوروبي «جميع أقطاب الحياة السياسية إلى توحيد جهودهم في 15 ديسمبر (كانون الأول)». وأضاف: «في الإطار الخاص لمالي، لا يعتبر التصويت حقا فقط، بل يعتبر واجبا أيضا». ويأمل الرئيس أبو بكر كيتا في حصول حزبه التجمع من أجل مالي وحلفائه على أكثرية مريحة في الجمعية الوطنية في هذه الانتخابات. وراقب مئات المراقبين الوطنيين والدوليين الانتخابات، وخصوصا في جنوب ووسط البلاد، لأن الشمال ما زال يعتبر بالغ الخطورة للمجازفة بدخوله.



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.