جرائم الحرب البوسنية كما يرويها شاهد عيان

«التدفق الهادئ لنهر أونا» لفاروق شهيتش

حرب البوسنة
حرب البوسنة
TT

جرائم الحرب البوسنية كما يرويها شاهد عيان

حرب البوسنة
حرب البوسنة

يوثّقُ الكاتب البوسني فاروق شهيتش في روايته «التدفق الهادئ لنهر أونا»، (الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، الطبعة الأولى فبراير/شباط 2018، نقلها عن البوسنية، ويل فيرث، الترجمة العربية، ماجد حامد، 203 صفحات)، الحرب الأهلية في البوسنة في عقد التسعينات من القرن الماضي وما رافقها من انتهاكات بحق البوسنيين. من أولى سطور الكتاب، يقول الكاتب إنّه «لا مجال هنا للإنسانية وللنهضة، هذا ما اعتقدناه حينها».
كان لانهيار جدار برلين عام 1989، تداعياته على مناطق واسعة من القارة الأوروبية، من ضمنها يوغسلافيا السابقة ذات النظام الفيدرالي الذي وضع أسسه جوزيف بروز تيتو. وكان الصرب قد بدأوا بالحرب ضد البوسنيين من أجل استعادة سيطرتهم على البلاد، ومن هنا بدأ نهر من الدماء بالجريان في البلقان، في ظل لامبالاة واضحة للعيان، فكان صوت الجنازير لدبابات تي - 55 الروسية الصنع، يغطَّي على الأعمال الوحشية التي أصابت سكان البوسنة، تلك المشاهد جعلت الإنسان البوسني الأعزل يتجمد من الخوف على بعد كيلومترات من المكان، حيث «الحيوانات في البوسنة هي الوحيدة التي تخاف الموت كما يخافوه البشر، لأن الطيور التي تطير مبتعدة إلى أماكن آمنة وهادئة أكثر بعيداً عن أماكن القتال، وكانت الكلاب تبكي مثل الأطفال، قبل انطلاق المدفعيات لأنها تستشعر الصمت القاتل الذي يسيطر على المنطقة قبيل انطلاقها» (ص 88).
ذكريات قبيحة
ينطلق الروائي من مقولة لجيفري هارتمان: «العقل ينسى، ولكن الآثار الجسدية تحتفظ بالنتيجة، فالجسد النازف متحف التاريخ». إن قراءة التاريخ تختلف من أن تكون شاهداً على مجرياته، هذا ما حصل مع كاتب رواية «التدفق الهادئ لنهر أونا»، الذي يؤكد فيها أَنَّ الصراع الدامي في البوسنة كان من أجل البقاء بالنسبة للبوسنيين، وهو يبرر كل أنواع الهجمات التي قام بها البوسنيون لأنهم «مهددون بوجودهم، وأعراضهم. وحده الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة قد يبرر كل أنواع الهجمات، وتحديداً حين تكون محتجزاً مطوقاً من قبل ثلاثة جيوش من الأعداء يقاتلون ضدك: الصرب البوسنيون، الصرب من منطقة نين في كرواتيا، والاستقلاليون من منطقة أبديك».
وفي مكان آخر، يقول الكاتب إنه سمع للمرة الأولى تسمية «جرائم حرب على قناة الـ(سي إن إن) الأميركية بخصوص مخيمي أومارسكا وكيراتيرم، وبعدها في القصص التي كانت تنتقل عبر الهمس في الأرجاء بعد سقوط سبرنيشا تلك البلدة الواقعة شرقي البوسنة التي قُتِلَ فيها 8372 شخصا خلال ثلاثة أيام فقط من شهر يونيو (حزيران) في عام 1995 في واحدة من أبشع جرائم الإبادة الجماعية في تاريخ أوروبا الحديث» (ص 169). من هنا يستعيد شهيتش صور المجازر التي تعرض لها شعب البوسنة، كما يَرِدُ في المقدمة: «ذكرياتي قبيحة وتفوح منها رائحة نتنة. أشعر بالقرف عندما يتعيّن علي التحدث ووصف الوضع في يوغسلافيا في بداية الحرب. إنّ تلك الذكريات قبيحة لدرجة أنها توقف نفسها بنفسها، كل شيء أتذكره يجعلني غير قادر على متابعة القصة». (ص 11).
ويتذكر المؤلف مواكب الجنازات اللامنتهية وأبواق طبول الفرقة النحاسية تعزف ألحان الحداد، يرى التابوت المفتوح وبه جثة خالته الكبرى متحزّمة بثوب أبيض تُنزّل في القبر في هضبة هام هيل الموحشة. أمّا حرق المنازل من قبل المتحاربين فقد كان شبه عادة يومية، فقد كانت الولاّعة الطريقة الأسهل والأسرع في إنهاء مئات المنازل من خلال إشعال قطعة من الورق، تسقط القطعة بحركة بطيئة على السجادة المبللة بالنفط، التي بدورها ستجرف المنزل إلى السماء (ص 189).
شَاْعِرٌ ومُحَارِبٌ
لم يتنصل الكاتب من ماضيه في حرب البوسنة، فهو يقول: «لقد قتلت ثلاثة رجال بالإضافة إلى أحد الانفصاليين من جمهورية البوسنة الغربية. أنا شاعر ومحارب، وفي السرِّ ناسكٌ صوفي وشخص مقدس على حد قول بودلير. قتلت على أرض المعركة الأشخاص ذوي الأسماء المنسيّة، وفي جميع المناخات: عندما يتساقط الثلج يكون الدم أحمر كما في فيلم زيغاريو. لم أشعر بالندم لمقتل أولئك الأشخاص بعد فترة سيغادرون ذاكرتي إلى الظلام». (ص 15).
رواية شهيتش وثيقة كتابية فنيّة بقالب روائي سهل ومؤثر، يدوّن فيه مشاهداته الحيّة لِمَا ارتكِبَ بحق شعب أعزل، يوثق جميع الحالات للأحياء والأموات، الذين عاشوا تلك الأجواء الحزينة بمخاوفهم وآمالهم، فالتعذيب لم يقتصر على البوسنيين وحدهم حيث طال الأسرى الصرب أيضا: «عرفت رجلاً كبيراً في السن كان يرى ابنه الميت في وجوه كل سجين لذا كان يضربهم، كان يذبل أكثر فأكثر مع كل ضربة، يتلاشى مسرعاً للقاء بابنه» (ص 170). ولكن يبدو الكاتب متفائلاً بِأَنَّ ما جرى من قتل وتدمير واغتصاب باسم الدين والقومية: «ستغسل الأمطار القيء بعيداً... عندما تكون الأحلام والفنون أقوى من أعتى أنواع الأسلحة عندها سوف تنتصر البشرية على الشر وتنعم بالسلام».

- كاتب سوري



الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

قال الكرملين، اليوم الأحد، إن روسيا يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته الإدارة الأميركية، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

وأضاف الكرملين في بيان، أن الولايات المتحدة تتخذ «خطوات متهورة» بشكل مزداد، مما يثير توترات بشأن الصراع في أوكرانيا.

ولوح الكرملين بأن «العقيدة النووية المحدثة لروسيا بمثابة إشارة إلى الغرب».

وفي وقت لاحق اليوم، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف الولايات المتحدة من أن روسيا ستزود أعداء أميركا بتقنيات نووية إذا أقدمت واشنطن على تزويد كييف بأسلحة نووية. ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء عن مدفيديف قوله «صاروخ أوريشنيك قادر على إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق، ومن الأفضل لأوروبا التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا».

وخففت روسيا الأسبوع الماضي، من القيود المفروضة على العقيدة النووية، ليصبح من الممكن اعتبار أي هجوم تقليدي بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية، هجوماً مشتركاً على روسيا.

وتعقيباً على ذلك، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لا ترى «أيّ سبب» لتعديل عقيدتها النووية.

وقالت كارين جان - بيار: «إنه الخطاب غير المسؤول نفسه الذي نسمعه من جانب روسيا منذ عامين»، بعدما زادت موسكو من احتمال لجوئها إلى السلاح النووي.