العراق... احتمالات إعلان الأقاليم واللجوء إلى العنف قائمة

مظاهرات حاشدة في الجنوب... وناشطون: فقدان ثقة واسع النطاق بوعود الحكومة

TT

العراق... احتمالات إعلان الأقاليم واللجوء إلى العنف قائمة

يبدو أن مجمل الإجراءات والوعود التي قام بها رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايتها، حيدر العبادي، لم تكن كافية لإقناع جموع المتظاهرين في محافظات الوسط والجنوب بالتخلي عن حركتهم الاحتجاجية، حيث خرج أمس آلاف المحتجين في محافظات الديوانية والمثنى والناصرية والبصرة، وبأعداد أقل في بغداد.
وتبنى العبادي في الأسبوعين الأخيرين مسارين في إطار مساعيه لتهدئة الأوضاع، تمثل الأول بزيارة محافظة البصرة التي انطلقت منها الشرارة الأولى للاحتجاج، ووعد بتوفير 10 فرصة عمل للعاطلين، وإطلاق مبالغ مالية للخدمات، كذلك استقبل وفوداً في بغداد من محافظتي الناصرية والمثنى، ووعد بتلبية مطالب المحتجين، ووجه أمس بتعزيز صندوق الإسكان بمبلغ 800 مليار دينار لمنح القروض للمواطنين، على أمل امتصاص النقمة الشعبية، وتوفير فرص عمل.
أما المسار الثاني، فذهب باتجاه استعمال الشدة في أحيان كثيرة لردع المحتجين، ونجم عن ذلك سقوط عشرات القتلى ومئات الإصابات بين صفوف المتظاهرين، وهو مسار كان مثار استغراب كثير من المراقبين، ذلك أن العبادي لم يتصرف على هذا النحو مع الاحتجاجات التي انطلقت عام 2015، واستمرت لأكثر من سنتين.
وعلى الرغم من إعلان المتحدث باسم مكتب رئاسة الوزراء، سعد الحديثي، أمس، عن «دخول طلبات المتظاهرين حيز التنفيذ الفعلي، وأن كثيراً من طلبات المتظاهرين تم تحويل تنفيذها إلى واقع ملموس، ولم تعد مجرد وعود»، يظهر من خلال تطورات الأحداث وتواصل الاحتجاجات أن المسارين اللذين اتبعهما العبادي لم يحققا النتائج المرجوة، ويظهر كذلك أن المواطنين العراقيين فقدوا ثقتهم الكاملة بالوعود التي تطلقها السلطات. وهناك مخاوف من انفتاح الأمور على احتمالات خطيرة، تصل ربما إلى مرحلة الصدام المسلح بين المحتجين وقوات الأمن، أو ذهاب المحافظات إلى إعلان الأقاليم للتخلص من هيمنة حكومة بغداد. وكان الشيخ علي منصور، شيخ عشيرة الزهيرية في الناصرية، قد قال في تصريحات: «إذا لم تنفذ هذه المطالب (...) ستكون مظاهراتنا مستمرة، وليست سلمية، وربما سنستخدم السيف». وأبلغ مصدر من محافظة البصرة «الشرق الأوسط» بأن مجلس المحافظة اجتمع أمس، وجمع تواقيع 15 عضواً لإعلان البصرة إقليماً «يقوم بإدارة شؤونه، وتلبية طلبات المحتجين، بعيداً عن وعود بغداد غير الصادقة».
الناشط المدني المحامي محمد السلامي لم يستبعد «تطور الأوضاع لتصل إلى الصدام العنيف»، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لا أتمنى انفلات الأمور ووصولها إلى هذا الحد، لكن وعود الحكومات الكاذبة منذ 2003 أوصلت المواطنين إلى لحظة الانفجار التي قد تدفعهم إلى خيار العنف من أجل تحقيق مطالبهم».
ولم يستبعد الحقوقي والناشط المدني باسم خشان الذي يقيم في محافظة المثنى «تطور الأحداث لتصل إلى مرحلة الصدام المسلح بين المحتجين وقوات الأمن، خصوصاً مع انتشار قطع السلاح بشكل واسع عند رجال العشائر وعموم المواطنين».
وقال خشان الذي أكد خروج مظاهرة حاشدة أمس في السماوة، مركز محافظة المثنى، لـ«الشرق الوسط»: «سلوك الحكومة قد يدفعنا إلى المحظور، الناس باتت مقتنعة أن المظاهرات السلمية لن تجد لها آذاناً صاغية من الحكومة»، مضيفاً أن «عوامل فقدان الثقة بالحكومة كثيرة، منها مثلاً اجتماع العبادي مع وفد المثنى، المؤلف من المحافظ الذي يطالب المحتجون بإقالته، كذلك شيوخ عشائر ليس لهم أي علاقة بالمحتجين».
ويؤكد خشان أن «المشرفين على الحراك الاحتجاجي يسعون بشق الأنفس إلى منع المحتجين بالسلطات الأمنية، حتى أننا نطلب منهم تأجيل ذلك، واختبار خيار الاعتصام أمام المحاكم للضغط من خلال القضاء على السلطات، باعتبار أن القضاء يدعي العدالة»، ولا يستبعد «قيام المحتجين بالسيطرة على دار القضاء في المحافظة إن لم يبادر إلى محاسبة الفاسدين والمتجاوزين على المال العام، وعلى رأسهم المحافظ ومجلس المحافظة».
من جانبه، قدم محافظ المثنى، فالح الزيادي، اعتذاره لأهالي المحافظة بسبب عدم تقديم الخدمات لـ3 سنوات، هي مدة توليه منصب رئاسة الحكومة المحلية. وقال الزيادي في مؤتمر صحافي أمس: «أعلن تأييدي لمظاهرات المثنى كونها تشكل ضغطاً على الحكومة المركزية من أجل تقديم الخدمات للمواطنين».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.