بولسونارو يُدخل اليمين المتطرف إلى سباق الرئاسة في البرازيل

TT

بولسونارو يُدخل اليمين المتطرف إلى سباق الرئاسة في البرازيل

كان مفترضاً أن يؤكد النائب اليميني المتطرف المثير للجدل جاير بولسونارو رسمياً أمس ترشحه لانتخابات الرئاسة البرازيلية المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) في البرازيل، معتمداً على شعبية كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، واستطلاعات الرأي التي تتوقع وصوله إلى الدورة الثانية.
وقبل أقل من ثلاثة أشهر على انتخابات تبدو نتائجها غير مؤكدة، وفي أجواء من الاستقطاب، يثير هذا المظلي السابق الذي يعرب علناً عن حنينه إلى الديكتاتورية العسكرية (1964 - 1985)، رفضاً قوياً من قسم من الشعب أغضبته تجاوزاته العنصرية وكراهيته للنساء ولمثليي الجنس. لكن عدداً كبيراً من البرازيليين يعتبرونه منقذاً للوطن الذي تنخره فضائح الفساد المتكررة.
وكان مقرراً أن يحشد بولسونارو أمس أنصاره في ريو دو جانيرو، معقله الانتخابي، لعقد مؤتمر يجرى خلاله الإعلان رسمياً عن اختياره مرشحاً عن الحزب الاجتماعي الليبرالي الذي انضم إليه في مارس (آذار) الماضي، بعدما بدل الأحزاب مرارا خلال مسيرته السياسية. وأكد النائب الخميس الماضي في غويانيا (وسط الغرب) حيث كرر وعده بتمديد فترة الحصول على رخصة حمل السلاح، «لدى أشخاص يدعمونني في كل أنحاء البرازيل. بل ثمة من يحبني أيضا». وعلى غرار ما يحصل دائما، فقد تسبب باندلاع الجدال من خلال تشجيعه فتاة صغيرة على تقليد شكل مسدس بأصابعها.
وعلى رغم كل الخلافات، يتصدر بولسونارو نوايا التصويت للدورة الأولى، ما لم يسمح للرئيس اليساري السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الموجود في السجن منذ أبريل (نيسان) الماضي بتهمة الفساد، بالمشاركة في الانتخابات. ويعتبر معظم المحللين احتمال حدوث ذلك ضئيلاً.
لكن استطلاعات الرأي لا ترى أن مرشح اليمين المتطرف سيفوز في الدورة الثانية. إلا أن الرجل الذي يطلق عليه أنصاره لقب «الأسطورة» أبعد ما يكون عن أن يتأثر. ومن أبرز أوراقه الرابحة، أنه واحد من الشخصيات السياسية في الصف الأول التي لم تلوثها فضائح الفساد، حتى إنه تمكن من تهدئة حذر أوساط رجال الأعمال.
وتشكل مواقفه المثيرة للجدل وأسلوبه الاستفزازي، عوائق. فهو يواجه كل الصعوبات في إيجاد اسم نائب الرئيس لتشكيل فريقه، بعد رفض شخصيات عديدة عرضه. وآخر الرافضين هو الجنرال أوغستو هيلينو ريبيرو بيريرا، القائد السابق لقوات بعثة الأمم المتحدة في هايتي في 2004 و2005 الذي رفض حزبه التحالف مع الحزب الاجتماعي الليبرالي.
ومن المتوقع أن يستعين بالمحامية جاناينا باسكوال، المعروفة بطباعها الحادة ولا تملك تجربة سياسية، لكنها اشتهرت بالدور الأساسي الذي اضطلعت به في إقالة الرئيسة اليسارية ديلما روسيف. وأكد بولسونارو الجمعة لصحيفة «أو غلوبو» أن «لديه شعورا بأنها تريد المساعدة في تغيير البرازيل».
ومن دون أن يتمكن من التحالف مع حزب كبير، لن يتمكن هذا المرشح من الحصول على أكثر من 8 ثوان على شبكة التلفزيون، للإعلان عن مواضيع حملته، لأن الوقت الممنوح مرتبك بحجم التحالف في البرلمان. وهذا ما غذى استراتيجيته التي تقضي برفض وسائل الإعلام التقليدية الكبرى التي اتهمها بنشر معلومات مغلوطة، ليعتمد أكثر على شبكات التواصل الاجتماعي، عبر صفحته على «فيسبوك» التي يتابعها ما يزيد على خمسة ملايين شخص.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.