هل هناك حقائق لا يكشفها غير الشعر؟

نظرة على تجربة الشاعر الإسباني خوزيه أنكِل فالِنتي

خوزيه أنكِل فالِنتي
خوزيه أنكِل فالِنتي
TT

هل هناك حقائق لا يكشفها غير الشعر؟

خوزيه أنكِل فالِنتي
خوزيه أنكِل فالِنتي

عطَّلت سنوات الحرب الأهلية الإسبانية (1936 - 1939) مسار الشعر في إسبانيا حتى منتصف القرن الماضي، فالكثير من الشعراء قُتلوا خلالها أو تشتتوا في المنافي، مما حدا بالشاعر ليون فليب أن يعلن من منفاه في المكسيك بأن «الشعر تخلى عن إسبانيا».
بعد انتهاء الحرب خرجت إسبانيا منهكة والكتّاب كانوا يواجهون الرقابة والقمع على يد نظام الجنرال فرانكو.
في هذا السياق أصبحت الاهتمامات السابقة قديمة ونائية، وأصبح الشعر مجزَّأً، إذ راح الشعراء يجربون مقاربات مختلفة لإعادة صياغة نتاجاتهم، فالكتّاب المعارضون للنظام طوروا شعرا احتجاجيا، وآخرون وجدوا ضالتهم في السوريالية أو الوجودية أو غيرهما. وقد سعى الكثير منهم إلى تبني أسلوب مباشر بديلا عن الأساليب القديمة التي بدت لهم مصطنعة وتفتقد خاصية البساطة التي يتميز بها الخطاب العادي. وأخيرا بدأ يظهر إجماع هش يرى أن الشعر هو حول التواصل بالدرجة الأولى، وتناول الهموم الاجتماعية والسياسية.
في هذا المشهد الأدبي المجزَّأ، نشر شاب تخرج للتو من جامعة مدريد ديوانه الشعري الأول: «بصيغة متفائلة، 1953 - 1954». إنه خوزيه أنكل فالِنتي. وقد فاز هذا الديوان بـ«جائزة أدونيس» للشعر، ثم كسب ديوانه الثاني: «أشعار للعازر، 1955 - 1960» «جائزة النقد».
ورغم أن فالِنتي كان في البدء مؤيدا لفرانكو، فإن فقدان والده حظوة النظام آنذاك، دفعه لاختيار المنفى مكانا للعيش، فذهب أولا إلى جامعة أكسفورد حيث درَّس الأدب الإسباني، وحصل هناك على شهادة ماجستير، ولاحقا أقام في جنيف وباريس حيث عمل مترجما لمنظمة الصحة الدولية واليونيسكو.
عام 1972 جرت محاكمة فالنتي غيابيا من قبل محكمة عسكرية إسبانية بسبب انتقادات وجهها للجيش. وقد عاد إلى إسبانيا عام 1986 بعد وفاة فرانكو بعشر سنوات، حيث استقر في الأندلس.
توفي الشاعر الإسباني فالِنتي في جنيف بمرض السرطان عام 2000 عن سن الحادية والسبعين.
يرى فالنتي الشعر بأنه «كشْف لجانب من الواقع لا يمكن الوصول إليه إلا عبر المعرفة الشعرية. وهذه المعرفة تُنتَج عبر اللغة الشعرية وتحقُّقُها يكون في الشعر».
ومع اطلاعه الواسع والعميق لأعمال الروائيين والشعراء من العصر الحديث فإن إتقانه للغات الرومانس السابقة للإسبانية المعاصرة مكنته من الاطلاع على الموروث القديم، كذلك ساعد اطلاعه العميق للأفلاطونية المحدثة وما أنتجته من أشعار وتأويلات فلسفية عبر القرون الوسطى على إغناء قصيدته بأبعاد جديدة توصلها بالديانات والثقافات العالمية المتعددة. ولعل ذلك واضح في الكثير من قصائده. تقول الأكاديمية المغربية فتيحة بن عبد الله، في أطروحتها عن الشاعر الإسباني فالِنتي إنه «عبَّر عن نفس الرؤيا التي نطلق عليها اسم البرزخ من خلال استرداد وإقرار وحدة المتضادات: الجسدي والروحي، المرئي وغير المرئي، ما يمكن قوله وما لا يمكن قوله».
يكتب توماس كريستنسن الذي ترجم نماذج من شعره في مقدمة كتابه «منظر طبيعي مع طيور صفراء» إن الشاعر فالِنتي بعد نزع الأسلوب الباروكي من الشعراء الإسبان القدامى تبنى بعضا من ثيماتهم وصاغها بلغة حادة وواضحة وقائمة في الحاضر». مع ذلك فإنه ظل دؤوبا على الاطلاع العميق للأدب والفكر الحديثين وهذا يظهر كثيراً في استشهاداته كتاباته النثرية إذ إضافة إلى كافكا، هناك أسماء مؤلفين آخرين من بينهم فريدريك هولدرين، وجيمس جويس وخوزيه ليما وبول سيلان وادموند جابيز.
ومع أن فالنتي لم يُقصِ الشأن الاجتماعي تماما من أشعاره، فإنه يراه ثانويا في الأهمية مقارنة بالاستكشاف الميتافيزيقي والفلسفي.
وفي هذه النماذج الشعرية نتلمس بعضاً من بصماته ورؤاه وكشوفاته، دون أن ننسى ضياع الكثير من عناصرها عبر الترجمة بما فيها الوزن والقافية والنسيج اللغوي الأصلي الذي كتبت به.
أول ليلة
وسِّعْ قلبكَ
اِجعله يُفلِس، اِجعله يَعمى،
حتى يولدَ فيه
الفراغ القوي
لما لا يمكن أبدا تسميته.
الليل يهبط
الليل يهبط.
القلب ينزل
سلالمَ لا متناهية،
أقبية شاسعة،
كي لا يجد غير الأسى.
هناك يستريح، هناك
يضطجع؛ هناك، مهزوماً،
يُضجِع كينونته.
يستطيع الإنسان
حملها على كتفيه
للصعود، بشق الأنفس، إلى أعلى ثانية
صوب الضوء:
هو يستطيع أن يمشي إلى الأبد،
يمشي...
أنت القادر على ذلك،
اِمنحنا قيامتنا اليومية!
قصيدة
كل الأشعار التي كتبتُها،
تعود إلى ليلاً
فتكشف أسرارها الأشد حلكة.
ثم تقودني
عبر ممرات بطيئة مملوءة
بظلال بطيئة ممتدة إلى عالم مبهم
لا أحد يعرفه
وحين لا يكون بإمكاني
العودة تسلِّمني المفتاح للغزٍ
في هيئة سؤال من دون جواب
فيُشعِل الضوء في عيني العمياوين.
أوجُ الأغنية.
البلبل وأنتَ
أخيراً سِيَّانِ.
مدخل إلى الرشد
عزلة.
خوفٌ.
هناك فراغٌ
خاوٍ، هناك مكان
من دون منفذ.
هناك أعمى
يجتاحه شوق بين نبضتي قلب،
بين موجتين
من أمواج الحياة هناك أمل
في أن تكون جميع الأبواب
مفتوحة على مصاريعها.
بين العين والشكل
هناك فجوة
قد يقع البصر عليها.
بين الإرادة والفعل تهبط
محيطات من الحلم.
بين نفسي وقدري جدار:
الاستحالة الضارية لما هو ممكن.
وسط عزلة كهذه تتظاهر ذراع قوية
بتوجيه لطمة لكنها لا تضرب شيئا.
في فراغ ما، في مكان ما - أين؟
وضد هجوم مَن؟
النفس لا تتعلق بأي شيء إلا بذاتها،
ضد الخوف، ضد التهديد، وضد التشاؤم.
المزهرية
المزهرية التي تحتوي على أسمى
شكل للواقع،
خُلقت من التراب،
كي تستطيع العين تأمل النضارة.
المزهرية الموجودة لغرض الاحتواء،
تفشل في الاحتواء فتتفتت،
ميتة. شكلها
موجود فقط هكذا،
رنانة عبقة.
المزهرية العميقة
ذات المنحنيات الدقيقة،
جميلة ومتذللة:
مزهرية وقصيدة.
إقرار
يجب أن أموت. ومع ذلك، لا شيء
يموت، لأنْ لا شيء،
لديه إيمان كافٍ
بقدرته على الموت.
اليومُ لا يموت،
بل هو يمرّ؛
ولا الوردة،
بل هي تذبل؛
والشمس تغرب،
لكنها لا تموت.
أنا فقط، الذي لامس
الشمس، والوردة، واليوم،
وله فكر،
أستطيع أن أموت.



كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.