صهر إردوغان يدافع عن سياساته المالية

لمّح إلى طرح نظام اقتصادي ومالي جديد

من المتوقع أن يصل عدد السياح إلى تركيا العام الجاري إلى 5.6 مليون سائح (أ.ب)
من المتوقع أن يصل عدد السياح إلى تركيا العام الجاري إلى 5.6 مليون سائح (أ.ب)
TT

صهر إردوغان يدافع عن سياساته المالية

من المتوقع أن يصل عدد السياح إلى تركيا العام الجاري إلى 5.6 مليون سائح (أ.ب)
من المتوقع أن يصل عدد السياح إلى تركيا العام الجاري إلى 5.6 مليون سائح (أ.ب)

جدد وزير الخزانة والمالية التركي برات البيراق، صهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تأكيده أن تركيا ستواصل المضيّ في مسار النمو الاقتصادي المرتفع، لافتاً إلى أن الأسس التي يستند إليها اقتصاد بلاده قوية، وأنها «أمام مرحلة ديناميكية سيتم خلالها طرح نظام اقتصادي ومالي جديد».
ونقلت وسائل الإعلام التركية عن البيراق، الذي يشارك في اجتماعات مجموعة العشرين في الأرجنتين، قوله أمس (الأحد)، إن السياسات التي اتبعتها الحكومة في الآونة الأخيرة تهدف إلى الحفاظ على سياسات مالية حصيفة وتحقيق نمو ائتماني قوي، وتنفيذ إصلاحات هيكلية، وتعزيز إطار العمل للسياسة النقدية في تركيا. وأضاف أن «اقتصاد تركيا مستمر في زخم النمو القوي. أسس اقتصادنا ستكون قوية وآفاقنا واعدة».
وتصاعدت المخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي بعد أن عين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان زوج ابنته، البيراق، وزيراً للخزانة والمالية بعد أن كان وزيراً للطاقة والموارد الطبيعية، ما عزز التوقعات بأن إردوغان الذي يصف نفسه بأنه «عدو الفائدة» سيسعي لممارسة نفوذ أكبر على السياسة النقدية، وسيضغط من أجل خفض أسعار الفائدة التي وصلت إلى 17.75%.
وتهاوت الليرة التركية إلى مستويات قياسية، منذ مطلع العام الجاري، وفقدت نحو ربع قيمتها مقابل الدولار نتيجة مخاوف بشأن قدرة البنك المركزي على كبح معدل تضخم في خانة العشرات، بينما دعا إردوغان مراراً إلى خفض أسعار الفائدة، معتبراً أن ارتفاع الفائدة هو السبب في ارتفاع التضخم بالخلاف لكل النظريات الاقتصادية المعروفة.
ويتابع المستثمرون، عن كثب، تصريحات وتوجهات البيراق للتوصل إلى ما إذا كان سينجح في تهدئة الأسواق المالية وتبني نهج أكثر تشدداً بخصوص السياسة النقدية، أو سيتجه نحو تأكيد وجهة نظر إردوغان بأن أسعار الفائدة المرتفعة تعزز التضخم.
وقال البيراق، إن اجتماع وزراء مالية ومحافظي المصارف المركزية للدول الأعضاء في مجموعة العشرين الاقتصادية، في العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس، كان مثمراً للغاية.
وأشار إلى أن الاقتصاد العالمي يمر باختبار صعب في ظل زيادة الحمائية، وأن الميزان التجاري يُعاد كتابته من جديد، وهو ما يجعل اجتماع مجموعة العشرين تاريخياً وحساساً بالنسبة إلى تركيا التي أطلقت مرحلة جديدة، في إشارة إلى الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي. ولفت إلى أنه أجرى مباحثات مثمرة وناجحة للغاية على هامش الاجتماع، حيث عقد لقاءات مع نظرائه من الولايات المتحدة والصين وألمانيا وفرنسا والبرازيل وكوريا الجنوبية وإندونيسيا والاتحاد الأوروبي.
وتابع البيراق أن بلاده أمام مرحلة ديناميكية سيتم خلالها طرح نظام اقتصادي ومالي جديد، إلى جانب سياسات الإصلاح والسياسات التحوطية الكلية، والانضباط المالي القوي والسليم الذي تنتهجه منذ 15 عاماً.
وأكد أن تركيا ستخوض خلال الأعوام الـ5 القادمة، في ظل النظام الرئاسي، تجربة فريدة من حيث خطة التنمية الجديدة والحياة الاقتصادية واستقرار الأسعار ومكافحة التضخم.
وفي سياق آخر، توقع رئيس اتحاد مكاتب السياحة الألمانية، نوربيرت فيبيك، أن يصل عدد سياح بلاده في تركيا العام الجاري، إلى الرقم القياسي المسجل في 2015، وهو 5.6 مليون سائح، إذا استمر تدفق السياح الألمان إلى تركيا بنفس المعدل خلال الفترة المنقضية من العام الجاري.
ونقلت وسائل الإعلام التركية، أمس، عن فيبيك، أن حجوزات شركات السياحة الألمانية، وبخاصة إلى تركيا والجزر اليونانية وبلغاريا ومصر، شهدت ازدياداً ملحوظاً، وأكد أن اهتمام السياح الألمان بتركيا زاد مؤخراً.
وأشار إلى أن الرقم المسجل لأعداد السياح الألمان إلى تركيا خلال الفترة المنقضية من العام الجاري، يقترب من الرقم المسجل خلال المدة نفسها من عام 2015، دون ذكر الرقم حالياً. وقال: «حتى ولو لم نصل إلى الرقم القياسي 5.6 مليون الذي تحقق في 2015، فإننا نقترب من هذه الأرقام».
ولفت فيبيك إلى أن الخدمات والفرص المالية التي تقدَّم للسياح الألمان في تركيا، لم يجدوها لدى بقية الدول، وهذا يعد سبباً لتفضيلهم لها على الدول الأخرى. وأضاف أن السبب الآخر لاختيار الألمان لتركيا في السياحة هو الاستقرار الذي تتمتع به البلاد.
في سياق موازٍ، حقق مطارا إسطنبول الدوليان، زيادة في عدد المسافرين عبرهما بنحو 12% في النصف الأول من عام 2018، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ووفقاً لبيانات أصدرتها المديرية العامة للمطارات في تركيا، سافر عبر المطارين 48 مليوناً و818 ألفاً و527 شخصاً، في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، في حين سافر عبر المطارين خلال الفترة المناظرة من العام الماضي، 43 مليوناً و317 ألفاً و434 شخصاً.
واستأثر مطار أتاتورك الدولي الواقع في الشطر الأوروبي من إسطنبول، بـ32 مليوناً و558 ألفاً و271 مسافراً، مقابل 16 مليوناً و260 ألفاً و256 مسافراً عبر مطار صبيحة غوكشن في الشطر الآسيوي.
وحسب البيانات، سجل «أتاتورك» 221 ألفاً و497 رحلة شحن تجاري، مقابل 107 آلاف و523 رحلة عبر «صبيحة غوكشن»، بمجموع 329 ألفاً و20 رحلة، وبزيادة قدرها 20 ألفاً و434 رحلة مقارنةً بالنصف الأول من عام 2017.
وقال وزير النقل والبنى التحتية التركي جاهد تورهان، إن بلاده حققت تطوراً كبيراً وسريعاً في مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية الذي تضعه الأمم المتحدة. وأوضح أن تركيا انتقلت خلال عامين من الترتيب الـ68 في المؤشر، إلى الترتيب الـ53، لتصبح بين الدول المتقدمة في تطبيق خدمات الحكومة الإلكترونية.
وأشار إلى أن مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية الذي تعلنه الأمم المتحدة كل عامين يتكون من ثلاثة مؤشرات فرعية هي: مؤشر الخدمات الإلكترونية، ومؤشر البنية التحتية للاتصالات، ومؤشر رأس المال البشري.
وقال تورهان إن التقدم الأكبر الذي أحرزته تركيا كان في مؤشر الخدمات الإلكترونية، حيث انتقلت خلال عامين من الترتيب الـ68 إلى الترتيب الـ29، لتتخذ مكاناً بين دول معدودة على مستوى العالم تعد متقدمة في هذا المجال.
وأشار إلى أن تركيا حققت خلال آخر 18 شهراً على الأخص، تقدماً كبيراً على طريق تقليل البيروقراطية وزيادة الاعتماد على الحكومة الإلكترونية، ويصل حالياً عدد الخدمات المقدمة عبر الحكومة الإلكترونية إلى أكثر من ألف و600 خدمة.
وتتيح بوابة الحكومة الإلكترونية التركية على شبكة الإنترنت للمواطنين والمقيمين، إجراء العديد من المعاملات دون الحاجة إلى الذهاب إلى الدوائر والمؤسسات المعنية، وتتنوع الخدمات التي تقدمها الحكومة الإلكترونية بين الخدمات البلدية، والخدمات والإجراءات المتعلقة بالوزارات، وتلك المتعلقة بالدعاوى القضائية، وإجراءات القيد في الامتحانات والجامعات، وإجراءات التأمين الصحي والاجتماعي، ودفع الضرائب والغرامات المرورية، وغيرها من الخدمات.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.