الفلسطينيون والإسرائيليون.. سيناريوهات ما بعد السلام

تدحرج سريع للأحداث بما لا تشتهي السفن.. والخيارات مفتوحة

الفلسطينيون والإسرائيليون.. سيناريوهات ما بعد السلام
TT

الفلسطينيون والإسرائيليون.. سيناريوهات ما بعد السلام

الفلسطينيون والإسرائيليون.. سيناريوهات ما بعد السلام

لا أحد في فلسطين أو إسرائيل يستطيع أن يرسم خريطة طريق واضحة، يمكن لها أن تجيب على الأقل عن سؤال واحد بسيط، إذا ما كانت الأحداث على الأرض تتجه نحو حرب جديدة أو تهدئة طويلة.
وحتى أولئك الذين يفترض أنهم يمسكون زمام القرار، يبدو كأن الأحداث فلتت من بين أيديهم، فلا هم قادرون على إعلان حرب ولا هم قادرون على وضع تهدئة، وما عملية {الجرف الصامد} التي أطلقتها إسرائيل بشكل مفاجئ ضد غزة فجر الثلاثاء، إلا دليل واضح على ذلك، إذ تركز إسرائيل على ضربات جوية وتحذر من حرب برية وتنشد تهدئة مصرية، وينسحب هذا أيضا على حماس التي قصفت مواقع في إسرائيل وتحذر من ضرب مدن أبعد وعينها على الهدوء.
وعلى الرغم من أن حلقة التصعيد الحالية، ضمن سلسلة حلقات متجددة، لكنها تبدو الأخطر إذ جاءت بعد تدحرج مثير للأحداث، منذ أعلنت إسرائيل في 13 من يونيو (حزيران) الماضي، اختفاء ثلاثة مستوطنين في الضفة الغربية، واتهمت حماس بخطفهم.
منذ ذلك الوقت، تبدل وجه الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من دبلوماسي إلى دموي، وزاد من دمويته العثور لاحقا على جثث المستوطنين الثلاثة مدفونة قرب الخليل جنوب الضفة الغربية، ومن ثم اختطاف مستوطنين لفتى فلسطيني من القدس وإحراقه حيا في أبشع انتقام ممكن.
لم يسكت الإسرائيليون على قتل مستوطنيهم ولم يسكت الفلسطينيون على قتل فتاهم وآخرين، فتفجرت مواجهات في كل الضفة ولحقتها مواجهات في إسرائيل نفسها قبل أن تنتقل المعركة إلى قطاع غزة.
وزاد من الطين بلة أن كل هذه التطورات جاءت فيما انهارت جهود الولايات المتحدة لتحقيق اتفاق سلام بين الطرفين، وسط اتهامات متبادلة بينهما بالتصعيد والتخريب واختيار المواجهة.
قد تبدو المواجهات الحالية الآن رد فعل منطقيا في غياب الأمل، لكنها ليست خيارا نهائيا للأطراف كما يبدو. وعلى مدار الشهرين الماضيين اجتمع الكابينت (المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي المصغر) الذي يقرر السياسة الأمنية الإسرائيلية أكثر من مرة، وبقيت القيادة الفلسطينية في رام الله في حالة انعقاد دائم، فيما أعلنت حماس وفصائل فلسطينية في القطاع الاستنفار والجهوزية التامة، لكن أي منهم على الإطلاق لم يعرف ماذا سيفعل في اليوم التالي.
ويمكن القول إن الجميع كان يبحث عن الانتقام وتحقيق إنجازات سريعة، لكن من دون أن يتورطوا في حرب، وبدت هذه مسألة معقدة خارج السيطرة، إذ تبين لاحقا أن الانتقام والحرب لا ينفصلان.
استغلت إسرائيل عملية قتل المستوطنين واتهمت حماس بها، وطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من الرئيس الفلسطيني محمود عباس فك الشراكة مع الحركة الإسلامية، وأمر قواته بشن حرب على بنيتها التحتية في الضفة فأعادت قواته اعتقال محرري صفقة تبادل الأسرى {شاليط} وأغلقت مؤسسات وصادرت أموالا.
نددت السلطة بالهجمات الإسرائيلية وطلبت حماية دولية ثم لوحت بالذهاب إلى محكمة الجنايات الدولية.
تبرأت حماس من عملية خطف وقتل المستوطنين لكنها باركت العملية وقالت إنها سترد على أي استهداف لها.
كان الجميع يهدد الجميع، وحتى قبل ساعة من إطلاق إسرائيل عمليتها في غزة، ظل الوضع يتبدل من حال إلى حال في كل ساعة.
يعيش اليهود ساعة آمنة ثم تسقط الصواريخ فجأة مقبلة من غزة، يفطر أهالي غزة على أخبار التهدئة ثم يتلقون ضربات تودي بحياة أبنائهم قبل السحور، تسيطر السلطة الفلسطينية على الشارع ساعة الظهر، وتتحول المدن إلى ملتهبة في الليل، وسط تحليلات موسعة حول إمكانية اندلاع انتفاضة جديدة أو لا، وبدء حرب على غزة أو لا.
ومع استمرار إسرائيل في عمليتها الجوية على غزة، بدت جميع الخيارات مفتوحة في ظل انقسام واضح في الساحتين الإسرائيلية والفلسطينية، حول مستقبل الضفة والقطاع معا، إذ يطلب اليمين الإسرائيلي ضرب حماس بيد من حديد وإعادة احتلال القطاع، ويرفض ذلك الجيش الإسرائيلي، وتطلب حماس انتفاضة فلسطينية واسعة في الضفة وإسرائيل وترفض ذلك السلطة. ويرى مراقبون أن خيارات الفلسطينيين والإسرائيليين أصبحت تائهة ومفتوحة في نفس الوقت. وقالت مصادر فلسطينية رفيعة لـ{الشرق الأوسط}، إن الرئيس الفلسطيني يفكر جديا في الانضمام إلى مؤسسات دولية جديدة ومن بينها محكمة الجنايات من أجل محاسبة إسرائيل، لكنه يعرف أن ذلك قد يعني الخطوة الأخيرة إذ يمكن أن ترد إسرائيل بشكل غير مسبوق على السلطة، كما أن الولايات المتحدة قد تقاطع السلطة سياسيا وماليا، ولذلك سينتظر حتى اللحظة الأخيرة قبل اتخاذ خطوة من هذا القبيل.
وبعد الاتفاق السابق بين السلطة وحماس، ظل خيار المحكمة الدولية أحد أهم خيارات عباس المتبقية، إلا إذا أراد مواجهة إسرائيل هو ما يعني الانتحار بالنسبة له. لكن عدم اتخاذ عباس أي خطوات يبدو انتحارا شعبيا كذلك، إذ تعرض الرجل لأوسع حملة انتقادات في حقه بسبب عجز السلطة عن رد العدوان غلى الضفة.
وقال عباس إنه يملك خيارات وسيفعلها لأن من حقه أن يحمي شعبه وإن من يخشى المحاكم الدولية عليه أن يوقف جرائمه.
لم تأبه إسرائيل لتهديدات عباس، وبعد ساعات فقط شنت هجوما على القطاع لكن لسان حالها يقول إنها لا تريد لملايين من مواطنيها أن يعيشوا تحت صواريخ حماس.
أما حماس، فحافظت على صورتها راعية المقاومة، ووجدت نفسها مضطرة للرد على الاستهدافات الإسرائيلية لكنها تفكر في نفس الوقت في تجنب حرب جديدة. وبدا التردد في خيارات كل طرف واضحا، في الخطابين السياسي والأمني.
وقال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، يتسحاق اهارونوفيتش، إن المستوى السياسي أعطى الجيش الإسرائيلي كامل حرية العمل لضرب حركة حماس، وإن احتمال توسيع العملية العسكرية منوط بحماس نفسها وليس بإسرائيل.
وردت حماس متوعدة بتوسيع نطاق أهدافها في إسرائيل. واتهم القيادي في الحركة، حسام بدران إسرائيل باختراق التهدئة مرارا وتكرارا، مما دفع حماس وبقية فصائل المقاومة إلى الالتزام بحق الرد. وأضاف بدران، {إن المطلوب من أي جهة إقليمية أو دولية تريد أن يكون هناك نوع من الاستقرار في هذه المنطقة، أن توجه ضغوطها على إسرائيل}.
ومن جهته، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بوقف التصعيد العسكري والالتزام بالهدنة التي جرى التوصل إليها بين الجانبين في 2012.
ودعا عباس في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية بعد موجة من الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة التي أطلق منها عشرات الصواريخ باتجاه بلدات إسرائيلية إلى {وقف التصعيد فورا}.
ودعا المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري والعاجل لوقف هذا التصعيد الخطير الذي سيجر المنطقة إلى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار. وحذرت الرئاسة الفلسطينية من أنها ستتخذ خطوات مصيرية إذا استمر العدوان. إذن كل طرف ترك الباب مفتوحا لخطوات جديدة وتركه مواربا للتراجع عنها.
وقد يكون خيار الحرب على غزة مرتبطا بالجبهة الداخلية الإسرائيلية أكثر من أي شيء آخر، كمن أراد أن يمسك العصا من المنتصف. وأوضح المحلل السياسي الإسرائيلي، تسفي يحزيكلي، أن اجتماعات المجلس الوزاري المصغر في إسرائيل {الكابينت} كانت تمتد لساعات طويلة وتعقد يوميا على مدار أيام متتالية دون أن تخرج بنتائج وتشهد جدالا حول القرارات الممكن اتخاذها لمواجهة كل الجبهات.
وأشار إلى أن وزراء اليمين المتطرف من أحزاب البيت اليهودي وإسرائيل بيتنا كانت تضغط بقوة للدخول في عملية عسكرية ضد حماس فيما يعارض نتنياهو ووزير الدفاع موشيه يعلون ومسؤولون من المؤسسة الأمنية من بينهم رئيس الأركان بيني غانتز ذلك ويفضلون ضبط النفس.
وفي هذا الصدد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أن مشادة كلامية حادة وقعت بين نتنياهو وليبرمان خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأحد بسبب الموقف من غزة، أدت لاحقا إلى فك ليبرمان الشراكة مع نتنياهو.
ولمحت الصحيفة إلى أن نتنياهو يشعر بأن وزراءه يستغلون الأوضاع للمزايدة عليه بهدف مصالحهم الشخصية سياسيا وأن ذلك كان واضحا من خلال المشادة الكلامية مع ليبرمان.
ويرى المحلل العسكري للقناة العبرية العاشرة، ألون بن دافيد، أن إسرائيل لا تريد التورط في جبهة مفتوحة مع حركة حماس في غزة، في الوقت الذي تخشى فيه انتفاضة ثالثة في الضفة قد تطيح برؤوس سياسية أبرزها نتنياهو.
ولفت بن دافيد إلى أن إسرائيل أصبحت أمام ثلاث جبهات في الضفة والقدس والوسط العربي، وهي الآن ليست بحاجة إلى معركة جديدة طويلة مع حماس التي قد تلجأ لاستخدام أسلحة استراتيجية تعطل الحياة في مدن حساسة مثل تل أبيب والقدس ومدن أخرى.
لكن كيف فلتت الأمور من بين يدي نتنياهو؟
قبل ساعات من الهجوم على غزة، دوت صفارات الإنذار في القدس، ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن انفجارات في مستوطنة بيت شيمش بين القدس وتل أبيب ومن ثم سحبت الخبر.
وحتى الآن لم يعرف على وجه الدقة إذا ما كان صاروخ من غزة انفجر فعلا في بيت شيمش أو مكان آخر، لكن بالنسبة للإسرائيليين، فإن ضرب القدس ومحيطها خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وهذا ما قاد إلى هجوم على غزة. أما لماذا ضربت حماس محيط القدس، فلأن غارة إسرائيلية على نفق في القطاع أودت بحياة 7 من عناصرها كانوا بداخله، فلم تستطع الحركة تجاوز الأمر. ويرى المختص في الشؤون الإسرائيلية، عدنان أبو عامر، أن حماس وإسرائيل في طريقهما لعملية متدحرجة ستصل في نهاية المطاف إلى معركة مفتوحة رغم أن الجانبين لم يقررا بعد خياراتهما ولا يرغب أي منهما في فتح باب المعركة.
وقال أبو عامر لـ{الشرق الأوسط} إن {إسرائيل لا ترغب في ذلك في ظل وجود أكثر من جبهة وتخوفا من قدرات المقاومة، وحماس تريد إرسال رسائل لكافة الأطراف في ظل اشتداد الحصار عليها وتعثر الكثير من الملفات العالقة وأبرزها المصالحة دون أن تدخل معركة مفتوحة وتحقق في الوقت ذاته مطالبها من دون أن تتورط في الحرب}.
وأضاف {الخيارات الإسرائيلية تسير بين مكلفة وأقل تكلفة إما بالوصول لمرحلة الاستقرار أو المواجهة المفتوحة، أما في غزة فالأوضاع عبارة عن رمال متحركة تتغير كل حين}.
ويعتقد أبو عامر أن المنطقة أكثر قابلية نحو تفاهمات مبدئية إذا ما حققت حماس مطالبها.
وحدد الناطق باسم حماس الدكتور سامي أبو زهري طلبات حماس من أجل تهدئة، فهي بالإضافة إلى وقف العدوان فورا، {التزام إسرائيل بالاتفاق السابق للتهدئة، وأن تفرج عن الأسرى المحررين في صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم مؤخرا ورفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة بما في ذلك فتح معبر رفح أمام المواطنين}.
وشدد أبو زهري في حديث لـ{الشرق الأوسط} على أن حماس وبجانبها فصائل المقاومة لا تقبل بتهدئة مجانية دون تحقيق المطالب الفلسطينية التي كان من المفترض أن يجري تنفيذها في أعقاب اتفاق معركة حجارة السجيل (عامود سحاب.. الحرب الإسرائيلية على غزة 2012).
وأكد أبو زهري أن فصائل المقاومة تطالب بوقف العدوان الإسرائيلي الشامل في كافة الأراضي الفلسطينية قبل الحديث عن أي تهدئة، وليس فقط في غزة.
وأبقى أبو زهري الباب مفتوحا لأي خيارات {نحن مستعدون للتعامل مع كل الخيارات}.
ومن وجهة نظر أبو عامر فإن السلطة الفلسطينية أكثر الأطراف الخاسرة الآن، على خلفية تصاعد المواجهات في الضفة وغزة، ومن وجهة نظره فإن {السلطة تحاول امتصاص الموجة الحالية حتى لا تصل لموجة مفتوحة، ولا تملك سوى انتظار ما قد تسفر عنه الأحداث الحالية}.
ولا يرى المحلل السياسي والمختص في الشؤون الإسرائيلية أكرم عطا الله، أن المنطقة قد تذهب إلى حرب في وقت قصير. وقال عطا الله، لـ{الشرق الأوسط} إن «الوضع في المنطقة كله معقد والخيارات ستبقى محدودة أمام الجميع}. وأضاف {الكل في عنق الزجاجة الآن}.
وتابع {كافة الأطراف تعيش حالة عجز عن الفعل والجميع يحاول الابتعاد عن الهاجس الذي يشعر به}. مبينا أنه في حال اندفعت المنطقة للعنف فلا يمكن لأحد السيطرة عليها. ويعتقد عطا الله أن الخيارات الفلسطينية صعبة جدا، قائلا إن أكثرها احتمالا هو خيار الذهاب في انتفاضة شعبية في ظل الإجماع الوطني عليها وخشية إسرائيل منها لعدم استطاعتها مواجهتها والوقوف عاجزة أمام كل الجبهات. كما يرى عطا الله أن خيارات إسرائيل كذلك صعبة، {إسرائيل علاقاتها مع العالم على شفا الهاوية ولم يعد ينظر العالم لها وكأنها ضحية ويأخذ براويتها، خاصة بعد أن وجهت إسرائيل صفعة للعالم بضربها جهود السلام}.
أما عن خيارات حماس، فيرى عطا الله أنها أفضل من غيرها. وقال عطا الله إنها {ستحاول من خلال التصعيد فتح آفاق جديدة للخروج من الوضع الصعب الذي تعيشه وتعمل جاهدة لفرض اشتراطاتها وألا تفوت الفرصة على نفسها لتوجيه رسائل مختلفة لإسرائيل وللسلطات المصرية وأيضا لقيادة السلطة الفلسطينية}. وفي خضم الحرب الحالية تحاول كل جهة لوم الأخرى.
وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعليماته إلى الجيش الإسرائيلي بتكثيف النشاط العسكري ضد حركة حماس في قطاع غزة، وقال بعد اجتماعات أمنية الثلاثاء، {حماس هي التي اختارت هذا التصعيد فلتتحمل تبعاته}.
وشنت إسرائيل في اليوم الأول للحرب على غزة أكثر من 100 ضربة جوية، وقال المتحدث العسكري اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر في تغريدة على تويتر {عملية الجرف الصامد جارية وتستهدف قدرات حماس التي تروع إسرائيل}.
وتوعدت حماس بمفاجأة إسرائيل خلال الحرب الحالية بما لا تتوقعه.
لكن لا يبدو الأمر رهن بقرار صادر عن مكتب نتنياهو أو قيادة القسام وحسب، إنه رهن بالتطورات على الأرض قبل كل شيء، بمن يمكن أن تقتل صواريخ إسرائيل في غزة؟ وإلى أين يمكن أن تصل صواريخ حماس في إسرائيل؟ وكيف ستتصاعد أو تهدأ الانتفاضة في الضفة الغربية والداخل؟ وماذا يريد الشبان الغاضبون في القدس وبيت لحم والناصرة ورام الله والمثلث؟ وماذا يريد المستوطنون المنفلتون من عقالهم؟ وما مدى قوة المصريين في إقناع الأطراف بوقف التصعيد؟.
لا أحد يعرف كيف ستتطور الأحداث بعد ساعة واحدة.

* كيف تطورت الأحداث

* في 13 من يونيو (حزيران) الماضي أعلنت إسرائيل عن اختفاء 3 مستوطنين هم ايال يفراح 19 عاما، ونفتالي فرنكال 16 عاما، وجلعاد شاعير 16 عاما، من مكان قرب مستوطنة غوش عتصيون القريبة من الخليل جنوب الضفة الغربية.
* بعد يوم واحد اتهمت إسرائيل حماس بتنفيذ العملية لكن حماس لم تعقب.
* في 15 يونيو عزلت إسرائيل جنوب الضفة الغربية، وأرسلت لواء كاملا من المظليين وقوات خاصة إلى مدينة الخليل المغلقة للبحث عن المستوطنين الثلاثة، وقالت إسرائيل إنها تعمل وفق فرضية أنهم على قيد الحياة.
* بعد يوم واحد في 16 يونيو اتهم نتنياهو عباس بالمسؤولية عن خطف الشبان عبر شراكته مع حماس ولأن الحادثة وقعت في الضفة الغربية، لكنه في نفس اليوم اتصل به وطلب المساعدة في إيجاد الشبان المخطوفين.
* بعد أيام من البحث في الخليل قرر وزير الدفاع الإسرائيلي توسيع نطاق العمليات إلى كل مدن الضفة الغربية.
* على مدار أيام طويلة لاحقة، اجتاح الجيش الإسرائيلي مدن الضفة الغربية وأخذ يعتقل قيادات وناشطين من حماس ويداهم منازل ومؤسسات وجمعيات ومدارس وجامعات.
* أثناء عملية البحث أغلق الجيش الإسرائيلي، جميع المعابر مع قطاع غزة القريبة من الخليل، وشنت الطيارات غارات على غزة.
* استمرت عملية البحث 18 يوما وقتل الجيش الإسرائيلي 8 فلسطينيين واعتقل نحو 600 في الضفة الغربية.
* في 30 يونيو أعلن الجيش الإسرائيلي عثوره على جثث الشبان الثلاثة، في منطقة حلحول شمال الخليل وكانت نقطة تحول مهمة.
* أغلق الجيش الإسرائيلي الخليل بالكامل وتعهد نتنياهو بانتقام لم يخلقه الشيطان.
* انتقم الجيش فورا بتفجير منزلي مروان القواسمي وعامر أبو عيشة، وهما شابان من الخليل ينتميان لحماس وتتهمهما إسرائيل بخطف وقتل المستوطنين.
* بعد يوم واحد خرج المستوطنون إلى شوارع الضفة الغربية في محاولة للانتقام من فلسطينيين.
* في 2 من يوليو (تموز) الحالي، اختطف مستوطنون الفتى محمد أبو خضير (16 عاما) من أمام منزله في حي شعفاط في القدس ووجدت جثته محترقة بعد ساعات في غابة المدينة.
* فتحت حادثة تعذيب وإحراق أبو خضير الباب لتصعيد كبير في الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ تمددت المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين الغاضبين والجيش الإسرائيلي إلى أنحاء واسعة في مدينة القدس.
* أظهر التشريح أن محمد أحرق وهو حي، فتفجر غضب واسع في وادي عارة وقلنسوة والطيبة وجلجولية وأم الفحم وباقة الغربية والناصرة في إسرائيل، في تطور نوعي ولافت ومقلق لأجهزة الأمن الإسرائيلية التي لا تريد وصول الأوضاع إلى حرب عربية يهودية في الداخل.
* أكد والد الفتى حسين أبو خضير لـ{الشرق الأوسط} أن ولده أحرق وهو حي يقاوم واتهم النازيين الجدد بحرقه.
* ندد عباس وطلب تحقيقا دوليا وهدد بالتوجه إلى الجنايات الدولية.
* في 7 يوليو أعلنت حماس عن مقتل 7 من عناصرها بقصف إسرائيلي على نفق وردت بإطلاق وابل من الصواريخ يعتقد أن واحدا منها وصل إلى أطراف القدس.
* بعد يوم واحد في 8 يوليو دوت صفارات الإنذار في القدس، منبئة بصاروخ من غزة وبعد ساعات شنت إسرائيل فجرا عملية {الجرف الصامد} ضد القطاع.



فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟
TT

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

فرنسوا بايرو: رجل المصالحة أو الفرصة الأخيرة؟

بعد 9 أيام من سقوط الحكومة الفرنسية، بقيادة ميشال بارنييه، في اقتراع لحجب الثقة، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فرنسوا بايرو، زعيم رئيس حزب الوسط (الموديم)، على رأس الحكومة الجديدة. يأتي قرار التعيين في الوقت الذي تعيش فيه فرنسا أزمة برلمانية حادة بسبب غياب الأغلبية وهشاشة التحالفات، مما يضفي على الحياة السياسية جواً من عدم الاستقرار والفوضى. كان هذا القرار متوقَّعاً حيث إن رئيس الوزراء الجديد من الشخصيات المعروفة في المشهد السياسي الفرنسي، والأهم أنه كان عنصراً أساسياً في تحالف ماكرون الوسطي وحليف الرئيس منذ بداية عهدته في 2017. تساؤلات كثيرة رافقت إعلان خبر التعيين، أهمها حظوظ رئيس الوزراء الجديد في تحقيق «المصالحة» التي ستُخرِج البلاد من الأزمة البرلمانية، وقدرته على إنقاذ عهدة ماكرون الثانية.

أصول ريفية بسيطة

وُلِد فرنسوا بايرو في 25 مايو (أيار) عام 1951 في بلدة بوردار بالبرينيه الأطلسية، وهو من أصول بسيطة، حيث إنه ينحدر من عائلة مزارعين، أباً عن جدّ. كان يحب القراءة والأدب، وهو ما جعله يختار اختصاص الأدب الفرنسي في جامعة بوردو بشرق فرنسا. بعد تخرجه عمل في قطاع التعليم، وكان يساعد والدته في الوقت ذاته بالمزرعة العائلية بعد وفاة والده المفاجئ في حادث عمل. بدأ بايرو نشاطه السياسي وهو في سن الـ29 نائباً عن منطقة البرانس الأطلسي لسنوات، بعد أن انخرط في صفوف حزب الوسط، ثم رئيساً للمجلس العام للمنطقة ذاتها بين 1992 و2001. إضافة إلى ذلك، شغل بايرو منصب نائب أوروبي بين 1999 و2002. وهو منذ 2014 عمدة لمدينة بو، جنوب غربي فرنسا، ومفتّش سامٍ للتخطيط منذ 2020.

شغل بايرو مهام وزير التربية والتعليم بين 1993 و1997 في 3 حكومات يمينية متتالية. في 2017 أصبح أبرز حلفاء ماكرون، وكوفئ على ولائه بحقيبة العدل، لكنه اضطر إلى الاستقالة بعد 35 يوماً فقط، بسبب تورطه في تحقيق يتعلق بالاحتيال المالي. ومعروف عن فرنسوا بايرو طموحه السياسي، حيث ترشح للرئاسة 3 مرات، وكانت أفضل نتائجه عام 2007 عندما حصل على المركز الثالث بنسبة قاربت 19 في المائة.

مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف (إ.ب.أ)

شخصية قوية وعنيدة

في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون: كيف ضغط رئيس (الموديم) على إيمانويل ماكرون»، كشفت صحيفة «لوموند» أن رئيس الوزراء الجديد قام تقريباً بليّ ذراع الرئيس من أجل تعيينه؛ حيث تشرح الصحيفة، بحسب مصادر قريبة من الإليزيه، أن بايرو واجه الرئيس ماكرون غاضباً، بعد أن أخبره بأنه يريد تعيين وزير الصناعة السابق رولان لوسكور بدلاً منه، واستطاع بقوة الضغط أن يقنعه بالرجوع عن قراره وتعيينه هو على رأس الحكومة.

الحادثة التي نُقلت من مصادر موثوق بها، أعادت إلى الواجهة صفات الجرأة والشجاعة التي يتحّلى بها فرنسوا بايرو، الذي يوصف أيضاً في الوسط السياسي بـ«العنيد» المثابر. ففي موضوع آخر نُشر بصحيفة «لوفيغارو» بعنوان: «فرنسوا بايرو التلميذ المصاب بالتأتأة يغزو ماتنيون»، ذكرت الصحيفة أن بايرو تحدَّى الأطباء الذين نصحوه بالتخلي عن السياسة والتعليم بسبب إصابته وهو في الثامنة بالتأتأة أو الصعوبة في النطق، لكنه نجح في التغلب على هذه المشكلة، بفضل عزيمة قوية، واستطاع أن ينجح في السياسة والتعليم.

يشرح غيوم روكيت من صحيفة «لوفيغارو» بأنه وراء مظهر الرجل الريفي الأصل البشوش، يوجد سياسي محنّك، شديد الطموح، بما أنه لم يُخفِ طموحاته الرئاسية، حيث ترشح للرئاسيات 3 مرات، و«لن نكون على خطأ إذا قلنا إنه استطاع أن يستمر في نشاطه السياسي كل هذه السنوات لأنه عرف كيف يتأقلم مع الأوضاع ويغيّر مواقفه حسب الحاجة»، مذكّراً بأن بايرو كان أول مَن هاجم ماكرون في 2016 باتهامه بالعمل لصالح أرباب العمل والرأسماليين الكبار، لكنه أيضاً أول مع تحالف معه حين تقدَّم في استطلاعات الرأي.

على الصعيد الشخصي، يُعتبر بايرو شخصية محافظة، فهو أب لـ6 أطفال وكاثوليكي ملتزم يعارض زواج المثليين وتأجير الأرحام، وهو مدافع شرس عن اللهجات المحلية، حيث يتقن لهجته الأصلية، وهي اللهجة البيرينية.

رجل الوفاق الوطني؟

عندما تسلّم مهامه رسمياً، أعلن فرنسوا بايرو أنه يضع مشروعه السياسي تحت شعار «المصالحة» ودعوة الجميع للمشاركة في النقاش. ويُقال إن نقاط قوته أنه شخصية سياسية قادرة على صنع التحالفات؛ حيث سبق لفرنسوا بايرو خلال الـ40 سنة خبرة في السياسة، التعاون مع حكومات ومساندة سياسات مختلفة من اليمين واليسار.

خلال مشواره السياسي، عمل مع اليمين في 1995، حيث كان وزيراً للتربية والتعليم في 3 حكومات، وهو بحكم توجهه الديمقراطي المسيحي محافظ وقريب من اليمين في قضايا المجتمع، وهو ملتزم اقتصادياً بالخطوط العريضة لليبيراليين، كمحاربة الديون وخفض الضرائب. وفي الوقت ذاته، كان فرنسوا بايرو أول زعيم وسطي يقترب من اليسار الاشتراكي؛ أولاً في 2007 حين التقى مرشحة اليسار سيغولين رويال بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية للبحث في تحالف، ثم في 2012 حين صنع الحدث بدعوته إلى التصويت من أجل مرشح اليسار فرنسوا هولاند على حساب خصمه نيكولا ساركوزي، بينما جرى العرف أن تصوّت أحزاب الوسط في فرنسا لصالح اليمين.

ومعروف أيضاً عن رئيس الوزراء الجديد أنه الشخصية التي مدّت يد المساعدة إلى اليمين المتطرف، حيث إنه سمح لمارين لوبان بالحصول على الإمضاءات التي كانت تنقصها لدخول سباق الرئاسيات عام 2022، وهي المبادرة التي تركت أثراً طيباً عند زعيمة التجمع الوطني، التي صرحت آنذاك قائلة: «لن ننسى هذا الأمر»، كما وصفت العلاقة بينهما بـ«الطيبة». هذه المعطيات جعلت مراقبين يعتبرون أن بايرو هو الأقرب إلى تحقيق التوافق الوطني الذي افتقدته الحكومة السابقة، بفضل قدرته على التحدث مع مختلف الأطياف من اليمين إلى اليسار.

ما هي حظوظ بايرو في النجاح؟رغم استمرار الأزمة السياسية، فإن التقارير الأولية التي صدرت في الصحافة الفرنسية توحي بوجود بوادر مشجعة في طريق المهمة الجديدة لرئيس الوزراء. التغيير ظهر من خلال استقبال أحزاب المعارضة لنبأ التعيين، وعدم التلويح المباشر بفزاعة «حجب الثقة»، بعكس ما حدث مع سابقه، بارنييه.

الإشارة الإيجابية الأولى جاءت من الحزب الاشتراكي الذي عرض على رئيس الوزراء الجديد اتفاقاً بعدم حجب الثقة مقابل عدم اللجوء إلى المادة 3 - 49 من الدستور، وهي المادة التي تخوّل لرئيس الحكومة تمرير القوانين من دون المصادقة عليها. الاشتراكيون الذين بدأوا يُظهرون نيتهم في الانشقاق عن ائتلاف اليسار أو «جبهة اليسار الوطنية» قد يشكّلون سنداً جديداً لبايرو، إذا ما قدّم بعض التنازلات لهم.

وفي هذا الإطار، برَّر بوريس فالو، الناطق باسم الحزب، أسباب هذا التغيير، بالاختلاف بين الرجلين حيث كان بارنييه الذي لم يحقق حزبه أي نجاحات في الانتخابات الأخيرة يفتقد الشرعية لقيادة الحكومة، بينما الأمر مختلف نوعاً ما مع بايرو. كما أعلن حزب التجمع الوطني هو الآخر، وعلى لسان رئيسه جوردان بارديلا، أنه لن يكون هناك على الأرجح حجب للثقة، بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة الخطوط الحمراء، وهي المساس بالضمان الصحّي، ونظام المعاشات أو إضعاف اقتصاد البلاد.

يكتب الصحافي أنطوان أوبردوف من جريدة «لوبنيون»: «هذه المرة سيمتنع التجمع الوطني عن استعمال حجب الثقة للحفاظ على صورة مقبولة لدى قاعدته الانتخابية المكونة أساساً من كهول ومتقاعدين قد ترى هذا الإجراء الدستوري نوعاً من الحثّ على الفوضى».

كما أعلن حزب اليمين الجمهوري، على لسان نائب الرئيس، فرنسوا كزافييه بيلامي، أن اليمين الجمهوري سيمنح رئيس الحكومة الجديد شيئاً من الوقت، موضحاً: «سننتظر لنرى المشروع السياسي للسيد بايرو، ثم نقرر». أما غابرييل أتال، رئيس الوزراء السابق عن حزب ماكرون، فأثنى على تعيين بايرو من أجل «الدفاع على المصلحة العامة في هذا الظرف الصعب».

أما أقصى اليسار، الممثَّل في تشكيلة «فرنسا الأبية»، إضافة إلى حزب الخضر، فهما يشكلان إلى غاية الآن الحجر الذي قد تتعثر عليه جهود الحكومة الجديدة؛ فقد لوَّحت فرنسا الأبية باللجوء إلى حجب الثقة مباشرة بعد خبر التعيين، معتبرة أن بايرو سيطبق سياسة ماكرون لأنهما وجهان لعملة واحدة.

فرانسوا بايرو يتحدث في الجمعة الوطنية الفرنسية (رويترز)

أهم الملفات التي تنتظر بايرو

أهم ملف ينتظر رئيس الوزراء الجديد الوصول إلى اتفاق عاجل فيما يخص ميزانية 2025؛ حيث كان النقاش في هذا الموضوع السبب وراء سقوط حكومة بارنييه. وكان من المفروض أن يتم الإعلان عن الميزانية الجديدة والمصادقة عليها قبل نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، لولا سقوط الحكومة السابقة، علماً بأن الدستور الفرنسي يسمح بالمصادقة على «قانون خاص» يسمح بتغطية تكاليف مؤسسات الدولة وتحصيل الضرائب لتجنب الشلّل الإداري في انتظار المصادقة النهائية. أوجه الخلاف فيما يخّص القانون تتعلق بعجز الميزانية الذي يُقدَّر بـ60 مليار يورو، الذي طلبت الحكومة السابقة تعويضه بتطبيق سياسة تقشفية صارمة تعتمد على الاقتطاع من نفقات القطاع العمومي والضمان الاجتماعي، خاصة أن فرنسا تعاني من أزمة ديون خانقة حيث وصلت في 2023 إلى أكثر من 3200 مليار يورو. الرفض على المصادقة قد يأتي على الأرجح من اليسار الذي يطالب بإيجاد حل آخر لتغطية العجز، وهو رفع الضرائب على الشركات الكبرى والأثرياء. وكان فرنسوا بايرو من السياسيين الأكثر تنديداً بأزمة الديون، التي اعتبرها مشكلة «أخلاقية» قبل أن تكون اقتصادية؛ حيث قال إنه من غير اللائق أن «نحمّل أجيال الشباب أخطاء التدبير التي اقترفناها في الماضي».

الملف الثاني يخص نظام المعاشات، وهو ملف يقسم النواب بشّدة بين اليمين المرحّب بفكرة الإصلاح ورفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة، إلى اليسار الذي يرفض رفع سنّ التقاعد، معتبراً القانون إجراءً غير عادل، وبالأخص بالنسبة لبعض الفئات، كذوي المهن الشاقة أو الأمهات.

وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا كانت قد شهدت حركة احتجاجات شعبية عارمة نتيجة إقرار هذا القانون، وبالأخص بعد أن كشفت استطلاعات الرأي أن غالبية من الفرنسيين معارضة له. صحيفة «لكبرس»، في موضوع بعنوان «بايرو في ماتنيون ماذا كان يقول عن المعاشات» تذكّر بأن موقف رئيس الوزراء بخصوص هذا الموضوع كان متقلباً؛ فهو في البداية كان يطالب بتحديد 60 سنة كحّد أقصى للتقاعد، ثم تبنَّى موقف الحكومة بعد تحالفه مع ماكرون.

وعلى طاولة رئيس الوزراء الجديد أيضاً ملف «الهجرة»؛ حيث كان برونو ريتيلو، وزير الداخلية، قد أعلن عن نصّ جديد بشأن الهجرة في بداية عام 2025، الهدف منه تشديد إجراءات الهجرة، كتمديد الفترة القصوى لاحتجاز الأجانب الصادر بحقهم أمر بالترحيل أو إيقاف المساعدات الطبية للمهاجرين غير الشرعيين. سقوط حكومة بارنييه جعل مشروع الهجرة الجديد يتوقف، لكنه يبقى مطروحاً كخط أحمر من قِبَل التجمع الوطني الذي يطالب بتطبيقه، بعكس أحزاب اليسار التي هددت باللجوء إلى حجب الثقة في حال استمرت الحكومة الجديدة في المشروع. وهذه معادلة صعبة بالنسبة للحكومة الجديدة. لكن محللّين يعتقدون أن الحكومة الجديدة تستطيع أن تنجو من السقوط، إذا ما ضمنت أصوات النواب الاشتراكيين، بشرط أن تُظهر ليونة أكبر في ملفات كالهجرة ونظام المعاشات، وألا تتعامل مع كتلة اليمين المتطرف.

إليزابيث بورن (أ.ف.ب)

بومبيدو

دوفيلبان

حقائق

رؤساء الحكومة الفرنسيون... معظمهم من اليمين بينهم سيدتان فقط


منذ قيام الجمهورية الخامسة عام 1958، ترأَّس حكومات فرنسا 28 شخصية سياسية، ينتمي 8 منها لليسار الاشتراكي، بينما تتوزع الشخصيات الأخرى بين اليمين الجمهوري والوسط. ومن بين هؤلاء سيدتان فقط: هما إيديت كريسون، وإليزابيث بورن.هذه قائمة بأشهر الشخصيات:جورج بومبيدو: ترأَّس الحكومة بين 1962 و1968. معروف بانتمائه للتيار الوسطي. شغل وظائف سامية في مؤسسات الدولة، وكان رجل ثقة الجنرال شارل ديغول وأحد مقربيه. عيّنه هذا الأخير رئيساً للوزراء عام 1962 ومكث في منصبه 6 سنوات، وهو رقم قياسي بالنسبة لرؤساء حكومات الجمهورية الخامسة. لوران فابيوس: ترأَّس الحكومة بين 1984 و1986. ينتمي للحزب الاشتراكي. شغل منصب وزير المالية، ثم وزيراً للصناعة والبحث العلمي. حين عيّنه الرئيس الراحل فرنسوا ميتران كان أصغر رئيس وزراء فرنسي؛ حيث كان عمره آنذاك 37 سنة. شغل أيضاً منصب رئيس الجمعية الوطنية. تأثرت شعبيته بعد محاكمته بوصفه مسؤولاً عن الحكومة في قضية الدم الملوّث الذي راح ضحيته أكثر من 4 آلاف فرنسي. كما تكرر اسمه في مفاوضات الملف النووي الإيراني.جاك شيراك: إضافة لوظيفته الرئاسية المعروفة، ترأَّس جاك شيراك الحكومة الفرنسية مرتين: المرة الأولى حين اختاره الراحل فاليري جيسكار ديستان وكان ذلك بين 1974 و1976، ثم إبان عهدة الرئيس فرنسوا ميتران بين 1986 و1988. شغل مناصب سامية، وتقلّد مسؤوليات عدة في مؤسسات الدولة وأجهزتها، حيث كان عمدة لمدينة باريس، ورئيس حزب التجمع الجمهوري اليميني، ووزيراً للزراعة.دومينيك دوفيلبان: شغل وظيفة رئيس الحكومة في عهدة الرئيس جاك شيراك بين 2005 و2007، وكان أحد مقربي الرئيس شيراك. كما شغل أيضاً حقيبة الخارجية ونال شعبية كبيرة بعد خطابه المعارض لغزو العراق أمام اجتماع مجلس الأمن في عام 2003. حين كان رئيس الوزراء، أعلن حالة الطوارئ بعد أحداث العنف والاحتجاجات التي شهدتها الضواحي في فرنسا.فرنسوا فيون: عيّنه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في منصب رئيس الوزراء بين 2007 و2012، وهو بعد بومبيدو أكثر الشخصيات تعميراً في هذا المنصب. شغل مناصب وزارية أخرى حيث كُلّف حقائب التربية، والتعليم، والشؤون الاجتماعية، والعمل. أصبح رسمياً مرشح حزب الجمهوريون واليمين والوسط للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2017، وأُثيرت حوله قضية الوظائف الوهمية التي أثّرت في حملته الانتخابية تأثيراً كبيراً، وانسحب بعدها من الحياة السياسية.