تحريك عجلة المشاورات الحكومية ينتظر عودة الحريري ودعوات لتسهيل التأليف

إجماع حول تداعيات التأخير على الوضع الاقتصادي

تحريك عجلة المشاورات الحكومية ينتظر عودة الحريري ودعوات لتسهيل التأليف
TT

تحريك عجلة المشاورات الحكومية ينتظر عودة الحريري ودعوات لتسهيل التأليف

تحريك عجلة المشاورات الحكومية ينتظر عودة الحريري ودعوات لتسهيل التأليف

بقيت المواقف اللبنانية حيال تأليف الحكومة على حالها من دون أن يُسجّل أي جديد على خط العقد بانتظار عودة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى بيروت، بداية الأسبوع المقبل، حيث من المتوقَّع أن تتحرك عجلة المشاورات السياسية.
وجدّدت مختلف الأطراف تحذيرها من تداعيات الاستمرار بتأخير التشكيل، خصوصاً على الوضع الاقتصادي، وهو ما أشار إليه النائب في حركة «أمل» علي خريس، سائلاً: «لماذا هذا التأخير وهذه المماطلة في تشكيل الحكومة؟ وهل نحن بوضع اقتصادي ومالي ومصرفي وبيئي وخدماتي على صعيد الكهرباء والماء والرعاية الصحية والاجتماعية ليكون هذا التأخير والعرقلة؟»، وأضاف: «إننا نشعر بالحقيقة كأن هناك شيئاً مقصوداً يتم العمل عليه ويحاك في الغرف المغلقة ضد مصلحة هذا البلد، وإننا في حركة (أمل)، وفي كتلة التنمية والتحرير نكرر ونؤكد على ضرورة الإسراع في تأليف حكومة وطنية جامعة تضم جميع الأطراف، ولا تستثني أحداً، وتراعي الأحجام بحسب نتائج الانتخابات النيابية، ونوجه الدعوة إلى الجميع للتنازل من أجل مصلحة لبنان، وعدم التمترس وراء مصالح شخصية وفئوية ضيقة في أغلبها غير مستحقة ولا يجوز المطالبة بها أصلاً».
في موازاة ذلك، حذّر النائب في «اللقاء الديمقراطي» هادي أبو الحسن من محاولة محاصرة رئيس الحكومة المكلف لإخراجه، وقال في حديث إذاعي: «لبنان لا يمكن أن يقوم على منطق الأكثرية والأقلية، والقوة هي بتضامن وتماسك اللبنانيين، وليس بتكبير الحجم والاستقواء والاستئثار»، داعياً إلى «الواقعية والتواضع، والعودة إلى الذات والتفكير مليا بمصلحة اللبنانيين، والكف عن هذا الأسلوب المدمر للبنان».
وأضاف: «عن أي لبنان قوي نتحدث والبلد يتخبط بأزمات لا نجد سبيلاً للخروج منها مثل الكهرباء والنفايات والصرف الصحي والتلوث في البحر والأنهار والكسارات والمرامل والفساد والتهريب عبر الحدود والاقتصاد المنهار؟ وغمز من قناة (التيار الوطني الحر) من دون أن يسميه سائلاً: من كان يتولى تلك الوزارات خلال العامين المنصرمين؟ فليجبنا المعنيون بلا شتائم بل بالحقائق، وليخبرونا عن أي لبنان قوي يتحدثون وما هي الحلول التي قدمتموها لكل هذه الملفات في العامين الأخيرين؟ ومن أجل ماذا تتدخلون لمحاصرة رئيس الحكومة المكلف من أجل حشره فإخراجه؟ أم من أجل العودة لمنطق الأقلية والأكثرية».
كذلك، حمّل النائب في كتلة «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) زياد حواط رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل مسؤولية العرقلة، متّهماً إياه بمحاولة إلغاء الآخرين. وقال في حديث تلفزيوني: «لا عتب على من يقول (عمرا ما تتشكل حكومة»، ولا عتب على إمضائه على الوثيقة بيننا وبينه، فأخذ ما يريد وتنكر لنا، في إشارة إلى رئيس «التيار» جبران باسيل، مضيفاً: «نرى أن هناك قراراً بإلغاء الآخرين. زمن الفوقية والاستئثار والإلغاء انتهى، ولن نقبل بأي حكومة من دون الحجم الطبيعي للقوات داخلها، أما صلاحيات الدستور فتنص على أن مهمة التشكيل للرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية، ولكن هناك مَن يقول للحريري نحن من يشكل الحكومة ولا حكومة (إذا مش متل ما بدنا)». وأضاف: «الصراع اليوم للإتيان بأكبر حصة في الحكومة، واحترام الرئيس لا يكون بوضعه في خلاف مع كل المكونات، وباسيل من خلال تعاطيه يسقط التفاهمات ويضع العصي بالدواليب مع باقي الأفرقاء».
ومع تأكيده لعدم وجود أي مؤشرات لحكومة في المدى القريب اعتبر النائب في «اللقاء الديمقراطي» فيصل الصايغ أن «تأخير تشكيل الحكومة خسارة سياسية للعهد والمفروض من رئيس تكتل (لبنان القوي)، الوزير جبران باسيل التنازل ليسير العهد».
وأشار في حديث تلفزيوني إلى أنه «لا يرى حكومة قريبة ولا شيء يؤشر إلى إيجابية على أن الرئيس المكلف سعد الحريري يقوم بواجباته، ولا تقصير من قبله ولكن لا تجاوب معه من قبل الفريق الآخر». وعن العقدة الدرزية والصراع حول تمثيل الطائفة في الحكومة، قال: «تمثيلنا في بيئتنا الدرزية هو شبه إجماع وحقنا أن يكون لدينا 3 وزراء في حكومة ثلاثينية ولا أفهم لماذا الحديث عن عقدة درزية؟».
وشدّد رئيس المجلس التنفيذي لـ«حزب الله» هاشم صفي الدين على أن الوضع الاقتصادي يحتّم العمل على تسريع تأليف الحكومة، وقال في احتفال لـ«حزب الله» في النبطية: «اليوم ليس يوم مزايدات ولا يوم العنتريات ولا يوم إلقاء المسؤوليات. اليوم هو يوم العمل، ويجب أن يكون هناك ميزان ومعيار للتمييز بين الصالح والطالح». وأضاف: «إن إدارة الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي في لبنان ليس أمراً شائكاً ومعقداً إلى الحد الذي يتحدث عنه البعض. هناك مخاطر اقتصادية واجتماعية صحيح، وهناك حاجات ملحّة للناس من الكهرباء إلى المياه إلى النفايات إلى معالجة كل هذه الأمور... لكن كيف تعالج هذه الأمور...؟ البعض يعالجها بالكلام وآخرون بالهجوم على بعضهم، وهناك أشخاص يعالجونها عبر تحميل المسؤوليات وإلقاء التهم جزافاً، وغيرهم في كثرة الإطلالات على الإعلام. كل هذا لا يعالج المشكلة. ما يعالج المشكلة هو الذهاب إلى العمل. هذه هي المسؤولية الحقيقية... وما ندعو إليه وما يجب أن نعمل عليه جميعا هو خدمة ومعالجة قضايا الناس».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».