إيطاليا تهدد باتفاقيات ثنائية لترحيل المهاجرين إلى موانئ ليبية

يمضي وزير الداخلية الإيطالي ماتّيو سالفيني في تصعيده على كل الجبهات الداخلية والخارجية في موضوع الهجرة الذي أصبح الهاجس الرئيسي والشغل الشاغل للحكومة الائتلافية منذ تشكيلها. وفيما يضاعف رئيس الحكومة جوزيبي كونتي جهوده لاحتواء التوتر مع الشركاء الأوروبيين والحد من الأضرار التي تتسبب فيها قرارات وزير داخليته وتصريحاته، هدّد سالفيني بأنه سيباشر التفاوض مع السلطات الليبية حول اتفاق ثنائي تعيد إيطاليا بموجبه المهاجرين الذين تنقذهم السفن في مياه قناة صقلية إلى طرابلس «ما لم تبادر بروكسل إلى خطوة فوراً في هذا الاتجاه».
وقد سارعت المفوّضية الأوروبية إلى الردّ بأن انفراد إيطاليا بخطوة كهذه يشكّل انتهاكا لأحكام القانون الأوروبي والقانون الإنساني الدولي واتفاقات جنيف، مذكّرة بأن الموانئ الليبية ليست آمنة لاستقبال اللاجئين أو لكي ترسو في مياهها السفن الأوروبية، أو أن تنقل هذه ركّاباً على متنها إلى قوارب تابعة للبحرية الليبية. وقد اضطرت المفّوضة الأوروبية للسياسة الخارجية فيديريكا موغيريني إلى الدخول على خط هذه الأزمة الناشبة، مذكّرة بأن القرار بإعلان الموانئ الليبية غير آمنة ليس قرارا سياسيا، بل هو قرار قانوني أكدته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وبينما تنتظر روما جواب بروكسل على الرسالة التي وجهها إليها رئيس الوزراء الإيطالي طالباً الإسراع في تفعيل الاتفاقات التي تمخضت عنها القمة الأوروبية الأخيرة حول توزيع المهاجرين، ذكّر الناطق باسم رئيس المفوضية بأن الاتفاق ينصّ على طوعيّة التوزيع، وحذّر من مخاطر محاصرة السفن في عرض البحر، خصوصا في فترة الصيف التي يزداد خلالها تدفق المهاجرين من السواحل الأفريقية.
وتحاول وزارة الخارجية الإيطالية مدعومة من رئاسة الجمهورية، دفع سالفيني إلى عدم التحرّك خارج الإطار الأوروبي في معالجة هذه الأزمة، والسعي إلى إقناع بروكسل بالتفاوض مع ليبيا لكي توقّع على اتفاقات جنيف والسماح لموظفين أوروبيين بمراقبة موانئها ومراكز تجمّع المهاجرين على أراضيها، تمهيدا لإعلان هذه الموانئ آمنة والمراكز مستوفية شروط احترام حقوق الإنسان والمعاهدات الدولية.
وتتزامن هذه التطورات التصعيدية الأخيرة التي يقودها سالفيني مع النقاش الذي بدأ في البرلمان الإيطالي حول مشروع قانون تقدمت به «رابطة الشمال» حول الحق المشروع في الدفاع عن النفس، يلحظ السماح للمواطنين المدنيين باقتناء الأسلحة الفردية واستخدامها لأغراض الدفاع الذاتي.
في غضون ذلك، كشفت صحيفة «لا ريبوبليكا» عن اتفاق موّقع بين سالفيني وجمعية الشركات المصنّعة لهذه الأسلحة خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بأن تتقدم «الرابطة» باقتراح لمشروع قانون يجيز حمل الأسلحة إلى البرلمان في حال وصولها إلى الحكومة.
ويستبعد المراقبون في العاصمة الإيطالية أن يخفف سالفيني من وتيرة سياسته التصعيدية في القريب المنظور، فيما يترسّخ الاعتقاد بأن هدفه الحقيقي هو تفجير الحكومة من الداخل والعودة إلى صناديق الاقتراع في أقرب فرصة ممكنة، وأن ملف الهجرة هو المطيّة التي اختارها للوصول إلى هذا الهدف. يذكر أن «رابطة الشمال» التي كانت شعبيتها تتراوح بين 6 و7 في المائة عندما تولّى سالفيني زعامتها منذ 3 سنوات، حصلت على تأييد بنسبة 17 في المائة في الانتخابات الأخيرة مدفوعة بتركيز حملتها على ملف الهجرة، فيما تشير كل الاستطلاعات إلى أنه في حال إجراء انتخابات عامة غداً في إيطاليا فستحصل الرابطة على تأييد يتجاوز 30 في المائة لتصبح الحزب الأول في إيطاليا.