«مشروع تخرج» جامعي يوثق أماكن تصوير أفلام {الزمن الجميل} في شوارع القاهرة

ابرزها «زقاق المدق» و«الوسادة الخالية» و«لصوص لكن ظرفاء»

فكرة إعادة التقاط صور المباني القديمة لأفلام «الزمن الجميل» ({الشرق الأوسط})
فكرة إعادة التقاط صور المباني القديمة لأفلام «الزمن الجميل» ({الشرق الأوسط})
TT

«مشروع تخرج» جامعي يوثق أماكن تصوير أفلام {الزمن الجميل} في شوارع القاهرة

فكرة إعادة التقاط صور المباني القديمة لأفلام «الزمن الجميل» ({الشرق الأوسط})
فكرة إعادة التقاط صور المباني القديمة لأفلام «الزمن الجميل» ({الشرق الأوسط})

«كنت طيلة حياتي أعشق السينما، وأراها الشكل النهائي الأسمى للفنون، ربما كتبت ورسمت لأنني لا أملك كاميرا سينمائية»، لم يجد طلاب الدفعة الرابعة من كلية الإعلام بجامعة القاهرة أصدق من هذه الجملة المعبرة للروائي الراحل أحمد خالد توفيق، مدخلا لمشروع تخرجهم، الذي انتشر بشكل واسع على صفحات «السوشيال ميديا»، بسبب أحد موضوعاته الذي حمل عنوان «الزمكان» لأرشفة أماكن الأفلام المصرية القديمة.
الصور كانت واحدة ضمن أكثر من 35 موضوعا داخل مشروع تخرج صاغه الطلاب في هيئة مجلة أطلق عليها اسم «شباك 7»، تعبر الكلمة الأولى منها عن شباك التذاكر، والرقم 7 إشارة إلى السينما «الفن السابع»، دليلا على اهتمام المجلة بصناعة السينما أكثر من اهتمامها بأخبار الفنانين ذاتهم، حسب ما تحكي شروق مجدي، رئيس التحرير التنفيذي للمجلة، وواحدة من ضمن 10 طلاب في مشروع التخرج، لـ«الشرق الأوسط».
طرحت افتتاحية المجلة تساؤلات بشأن فكرة إعادة التقاط صور المباني القديمة لأفلام «الزمن الجميل»، دافعها كان شغف القائمين على المجلة بتجارب مشابهة في السينما الأجنبية، على غرار فن «الكولاج»، فضلا عن سلسلة «هاري بوتر» الشهيرة، التي كان يتوافد الجمهور على أماكن تصويرها، هنا تساءلت رئيس التحرير التنفيذي للمجلة «لماذا لا نجرب ذلك في أماكن تصوير الأفلام المصرية التي تربينا عليها وعشقناها».
رأت شروق أنه من الأفضل العمل على الموضوع بشكل حيوي، فجمعت وزميلها طارق زكي في قسم الإذاعة صورا من أفلام قديمة على غرار «الباب المفتوح» الذي تم تصوير أحد مشاهده في واجهة باب كلية الآداب بجامعة القاهرة، و«الوسادة الخالية» في شارع غرناطة بمصر الجديدة، و«لصوص لكن ظرفاء» في شارع الأهرام بمصر الجديدة أيضا، و«زقاق المدق» في شارع المعز لدين الله الفاطمي، وأحدثهم فيلم «الناظر» في قاعة الاحتفالات بمتحف «جاير أنديرسون»، الذي صورت فيه أيضا مشاهد لأحد أجزاء سلسلة «جيمس بوند» الشهيرة، ليضبطوا كل صورة مع الكادر الأساسي للفيلم، كوسيلة لتوثيقها، حتى يشعر المشاهدون أنهم يعيشون حالة العمل ذاتها.
يقول طارق: «في البداية كانت تقودنا الفكرة دون أن نعلم حجم المتعة من رحلة البحث عن مكان الصورة في حد ذاتها، أنا كنت أسير في شارع الأهرام لمرات كثيرة، وشاهدت (لصوص لكن ظرفاء) أكثر من مرة، وعلى الرغم من ذلك لم أعلم أنه تم تصويره في هذا المكان إلا بعد كتابة الموضوع، حينها تساءلت كيف لم أعلم بهذا الأمر إلا الآن، هذه الأماكن لم تعد مباني ساكنة الآن، بل باتت علامات تنبض بالحياة وكثير من الذكريات».
الأمر لم يكن سهلا كما يبدو للبعض، فقد استغرق توثيق 5 أعمال فقط 20 ساعة متقطعة على مدار 4 أيام، كما حملت بداية التوثيق نوعا من الصعوبة في تحديد المكان الفعلي للمشهد في كل فيلم، فعلى سبيل المثال عندما بدأ الطالبان في توثيق العقار الذي كانت تسكنه لبنى عبد العزيز «سميحة» في «الوسادة الخالية»، ظلا ممسكين بصورة من المشهد يسألان السكان والمارة عن المكان الذي التقطت فيه إلا أن أحدا لم يعرفه، بعد أكثر من 5 ساعات من الإرهاق قررا نسيان الأمر والعودة، ليجدا العقار في مواجهتهما، ما شجعهما على استكمال المشروع.
الصعوبات التي واجهها شروق وطارق جاءت أيضا من بعض الأشخاص، الذين كانوا يصفون لهما أماكن بالخطأ، أو يسألوهما عن تصاريح تصوير هذه الأماكن، رغم التقاطها بعدسة هاتف محمول، في الوقت نفسه وجدا تعاونا من آخرين من بينهم حفيد صاحب المحل الذي كان يقف أمامه صلاح قابيل وشادية في «زقاق المدق»، الذي فتح لهما بابه ودعاهما للتصوير من الداخل، وأخذ يحكي لهما عن كواليس العمل على لسان جده. ويوضح طارق أن الفكرة أيضا تحمل طابع التعريف بهذه الأماكن التراثية كنوع من الترويج السياحي والسينمائي لها، في محاولة لإعادة فكرة تصوير الأفلام المصرية في الشارع، بدلا من اللجوء إلى الديكورات المصنوعة التي تفتقد روح المكان والشخصيات.
لجنة الإشراف على مشروع التخرج أعجبت بالفكرة، لدرجة أنها شجعت الطلاب القائمين عليها لعرضها كإضافة للسوق، وهو ما دفع مجموعة العمل لاتخاذ قرار الاستمرار في العمل بها بعد تخرجهم، حيث بدأوا في البحث عن ممولين لها لتبنيها وتحويلها إلى موقع إلكتروني بالاسم ذاته، في الوقت الذي يشرعون في تدشين صفحة لها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، لتحميل الموضوعات عليها، ونشر الموضوعات الصحافية على نطاق أوسع من الجمهور.
واستكملت شروق: «نخطط لعمل جزء ثان من المشروع بطباعة عدد من الصور لأفلام أخرى، والتصوير في أماكنها الأصلية كامتداد للفكرة، ونتمنى ألا تعطلنا معوقات التمويل عن استكمال حلمنا، ومع التطور الذي تعيشه السينما في مصر، أملنا أن يسير (شباك 7) معه جنبا إلى جنب، بكل ما يملكه فريق عمله من طاقة وشغف».
وبالعودة إلى افتتاحية المجلة التي عبرت بشكل كبير عن رؤية صانعيها، فقد سلطت الضوء على تأثير السينما في بلورة شخصيات متابعيها، ومداعبة خيالاتهم أطفالا فمراهقين فشبابا فكبارا، جميعهم يحبسون أنفاسهم وانفعالاتهم مستمتعين بتخيل أنفسهم مكان الأبطال. اهتمت المجلة بتغطية الصناعة بجميع عناصرها، لذا أطلقت على كل باب اسم فيلم، فـ«البوسطجي» مهتم بمتابعة الأخبار، و«بحب السيما» لاقتراحات الأفلام ورصد شبابيك التذاكر لأفلام الموسم، والحوارات مع فنانين، ومن بينهم آيتن عامر، وناهد السباعي وهاني عادل، وتارا عماد، فضلا عن الفنان الأميركي من أصول مصرية رامي مالك، أحد أبرز نجوم هوليوود، وبطل مسلسل «مستر روبوت» الشهير، الذي تحدث عن رغبته في المشاركة في فيلم سينمائي مصري للوصول إلى قلوب أبناء وطنه الأم.
أما باب «سكوت هنصور» فكان اهتمامه الأكبر بشكل الصورة داخل الفيلم، ومن ضمنه تقرير «الزمكان»، وتناول باب «رجل مهم جدا» حياة العاملين خلف الكاميرا وكواليس الأعمال، بينما رصد «اشتباك» الصراعات السينمائية بين صناع الأفلام والرقابة، وشركات الإنتاج.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».