خسائر على جميع جبهات حرب الرياضة ضد المنشطات

غياب الشفافية من جانب الوكالة العالمية لمكافحتها يزيد الوضع سوءاً

سمعة سباقات الدراجات تشوهت بسبب تناول المنشطات (رويترز)
سمعة سباقات الدراجات تشوهت بسبب تناول المنشطات (رويترز)
TT

خسائر على جميع جبهات حرب الرياضة ضد المنشطات

سمعة سباقات الدراجات تشوهت بسبب تناول المنشطات (رويترز)
سمعة سباقات الدراجات تشوهت بسبب تناول المنشطات (رويترز)

إذا كنت لا تزال تشعر بالثقة إزاء الحرب التي يخوضها المجال الرياضي ضد المنشطات وأن النصر فيها قادم لا محالة، اسمح لي أن أقدم لك التهنئة، فأنت بذلك عضو من مجموعة تتضاءل أعدادها يوماً بعد آخر. وفي حديث له معي، قال ديك باوند، الرئيس السابق للوكالة العالمية لمكافحة المنشطات: «لم يتزايد مستوى تفاؤلي. اليوم، هناك قدر أكبر من الجريمة المنظمة داخل المنظومة. وتوجد شتى صور الفساد التي لم تكن موجودة من قبل. وتوجد دول وأفراد شديدي الثراء على استعداد، إذا تطلب الأمر، للتفوق على نفقات المنظومة بأكملها وإفلاسها».
من ناحيته، تحدث ريتشارد إنغز، الرئيس السابق للوكالة الأسترالية لمكافحة المنشطات، أيضاً بصراحة شديدة عن الأمر، وقال: «في الواقع لا تزال أنظمة مكافحة تناول المنشطات تفتقر إلى الفاعلية فيما يخص تقليص معدلات تعاطي المنشطات في الحقل الرياضي». كما تساءل مدرب بارز عن السبب وراء عدم إجراء اختبارات لضمان عدم تعاطي العداءين عقار «إريثروبويتين» بمعدل أكبر. وأضاف: «ينتشر تعاطي هذا المنشط في أوساط الرياضات القوية. ومع هذا، تقتصر الاختبارات المتعلقة به في معظمها على الرياضيين الذين تبدو عليهم قوة التحمل». وأكد المدرب أنه حال توفير ميزانية إضافية بقيمة 5 ملايين جنيه إسترليني فقط لتخصيصها للمخبرين، فإنه يمكن رصد 10 أضعاف حالات الغش التي تضبطها السلطات اليوم. وربما يكون على حق.
من ناحيتها، تصر الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات أن «رؤيتها» تدور حول «عالم بمقدور جميع الرياضيين في إطاره التنافس في بيئة خالية من المنشطات». بيد أنه على أرض الواقع لا يعدو هذا الأمر كونه مجرد سراب. وتشدد الوكالة على أن جهودها عملية الطابع وأنها ملتزمة بالشفافية. ومع هذا، فإن رد الوكالة بعد إغلاق ملف قضية كريس فروم المرتبطة بعقار «السالبوتامول» لا يكاد يعكس أياً من الأمرين.
في بيان مقتضب، شرحت الوكالة قرارها بتبرئة ساحة الدراج عضو فريق «تيم سكاي»، الذي أدين بوجود ضعف المستوى المسموح به من «السالبوتامول» في عينة البول الخاصة به في أعقاب المرحلة الـ18 من سباق طواف إسبانيا، نظراً لوجود أدلة تشير إلى أنه «في حالات نادرة» يمكن أن تأتي نتائج عينة رياضي ما فوق المستويات المصرح بها حتى رغم التزامه بالجرعات المحددة سلفاً.
وذكر البيان حقيقة أن فروم كان مريضاً وتناول «السالبوتامول» بجرعات متنوعة على امتداد أسابيع خلال انعقاد البطولة ذات التنافسية الشديدة. ومع هذا، لا نزال عاجزين عن استيعاب لفظ «نادرة» الذي ورد ببيان الوكالة، أو لماذا إذا كان من السهل تجاوز الحد المسموح به بهذا المعدل الضخم، لا توجد المئات من حالات أخرى مشابهة. بجانب ذلك، لم تنشر الوكالة الأدلة العلمية التي تستند إليها.
ببساطة، ثمة مواد مثل «ستيرويد» وهرمون النمو البشري، إذا ضبطتها السلطات في عينات تخص أي رياضي فقد انتهى أمره. وهناك مواد أخرى كثيرة تسمح السلطات بجرعات محددة منها بناءً على ما تقول الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات إن العلم يفرضه. بيد أنه إذا كان من المتعذر فرض الحدود القصوى المعلنة لجرعات «السالبوتامول»، فإنه من المؤكد سيسعى محامون لطلب توفير المعاملة ذاتها لمواد أخرى.
ودعونا نتذكر أنه منذ عامين فقط تراجعت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات بخصوص «ميلدونيم»، وأعلنت عن عفو جزئي بخصوص أولئك الذين رصدت مستويات ضئيلة من هذه المادة في العينات الخاصة بهم، وذلك بعد ثلاثة شهور فقط من إعلان حظرها. في تلك الأثناء، تقدم العداء الأيرلندي بمسافات 200 متر ستيفين كولفرت بطعن ضد اختبارات مادة «السالبوتامول» حتى نفدت أمواله. تخيلوا ماذا كان يمكن أن يحدث لو كان حالفه النجاح.
من جانبه، قال دكتور روبين باريسوتو، الطبيب الأسترالي المتخصص في المجال الرياضي الذي نجح فريق العمل المعاون له في تطوير اختبار دم لرصد مستوى «السالبوتامول» عام 2000، إنه يشعر بالتأكيد بقلق بالغ. وقال: «من الصادم أن تقوض الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات موقفها عندما حظرت «ميلودنيم»، واليوم تقوض نفسها على نحو أكبر فيما يخص «السالبوتامول». اليوم أصبح من الضروري أن يتساءل المرء حول ما إذا كانت لدى الوكالة معلومات كاملة بخصوص كل عقار موجود في قائمة الحظر».
ومثلما الحال مع كثير من العلماء، يرغب في اريسوتو في تبسيط قائمة المواد المحظورة الخاصة بالوكالة العالمية لمكافحة المنشطات لأنها من وجهة نظره تحوي «الكثير للغاية من العقاقير التي لم يثبت علمياً أنها تعزز الأداء». كما يأمل باريسوتو في معاونة مراكز التفوق العالمية في تحسين مستوى الاختبارات لرصد مستويات «السالبوتامول» وهرمون النمو البشري و«ستيرويد».
من جانبي، أشعر بالإعجاب والود تجاه الكثيرين داخل وكالة مكافحة المنشطات وأشعر بالأسى إزاء ضعف التمويل المتوافر لديهم. ومقارنة بحجم الأموال المغدقة حول رياضات النخبة، تبدو موازنة الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات البالغة 32 مليون دولار (نحو 24 مليون جنيه إسترليني) شديدة الضآلة. وإذا كان 10 في المائة من الرياضيين الذين يمثلون الصفوة يتعاطون منشطات، حسب تقدير باوند، بينما تثبت إيجابية نحو 1 في المائة فقط من نتائج الاختبارات التي تجري سنوياً، فإن ثمة فجوة ضخمة قائمة هنا. ويحق للحكومات التي توفر نصف ميزانية الوكالة، بينما توفر اللجنة الدولية الأوليمبية النصف الآخر، التساؤل بخصوص العائد الحقيقي من وراء الأموال التي تقدمها.
جدير بالذكر أن الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات لم تكن هي من فجر قضية تعاطي المنشطات في روسيا، وإنما صحافيين مثل فيتالي ستيبانوف هم من أخطروا الوكالة بوجود مشكلات منذ عام 2010. ومن بذل مجهود أكبر لكشف فضيحة تعاطي المنشطات في كينيا؟ من جديد، الصحافيين. ورغم التحسن الذي تبديه الوكالة في بعض مناحي مهامها، فإن العمل الاستخباراتي لا يزال غير كاف للتصدي لمشكلة تعاطي المنشطات.


مقالات ذات صلة

كندا تحقق مع «وادا» بسبب خصوصية عينات الرياضيين

رياضة عالمية متحدث باسم «وادا» قال إن الوكالة على علم بالتحقيق (أ.ف.ب)

كندا تحقق مع «وادا» بسبب خصوصية عينات الرياضيين

فتحت كندا تحقيقاً مع الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا) بعد تلقيها شكوى حول كيفية تعامل المنظمة مع العينات البيولوجية المأخوذة من الرياضيين.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
رياضة عالمية اللاعب الفرنسي بول بوغبا سيعود للتدريبات مطلع العام المقبل (أ.ف.ب)

تخفيض عقوبة بوغبا إلى 18 شهراً بدلاً من 4 سنوات

قالت وسائل إعلام أوروبية الجمعة إنه سيُسمح للاعب الفرنسي بول بوغبا بالتدريب مع فريقه الإيطالي يوفنتوس اعتباراً من يناير (كانون الثاني) المقبل.

مهند علي (الرياض)
رياضة عالمية ماريو فوسكوفيتش (د.ب.أ)

الكرواتي فوسكوفيتش يستأنف قرار إيقافه بسبب المنشطات

ذكرت وسائل إعلام ألمانية أن لاعب كرة القدم الكرواتي ماريو فوسكوفيتش قدّم للمحكمة الفيدرالية السويسرية استئنافاً ضد قرار إيقافه لمدة 4 سنوات بسبب المنشطات.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
رياضة عالمية يانيك سينر (أ.ب)

الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات تستأنف قرار تبرئة سينر

تقدمت الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا) باستئناف لدى محكمة التحكيم الرياضي، في قضية تبرئة المصنف الأول عالمياً في كرة المضرب الإيطالي يانيك سينر.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية الوكالة الدولية للاختبارات تكشف وجود خمس نتائج إيجابية بين نحو ثلث الرياضيين المشاركين في أولمبياد باريس 2024 (إ.ب.أ)

أولمبياد باريس: خمسة رياضيين فشلوا في اختبارات المنشطات

كشفت الوكالة الدولية للاختبارات الخميس عن وجود خمس نتائج إيجابية بين نحو ثلث الرياضيين المشاركين في أولمبياد باريس 2024 الذين خضعوا لاختبارات الكشف عن المنشطات.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.