استقرار معدل البطالة البريطاني وتراجع نمو الأجور

TT

استقرار معدل البطالة البريطاني وتراجع نمو الأجور

استقرت نسبة البطالة البريطانية في مايو (أيار) الماضي عند أدنى مستوياتها منذ عام 1975. بحسب البيانات الرسمية الصادرة الثلاثاء. وأعلن المكتب الوطني للإحصاء في بيان أن نسبة البطالة بقيت مستقرة عند 4.2 في المائة بين أول مارس (آذار) ونهاية مايو (أيار)، وهي النسبة نفسها التي سجلت بين أول فبراير (شباط) ونهاية أبريل (نيسان).
ويعتبر الأسبوع حافلا بالبيانات الاقتصادية البريطانية وسط سعي المحللين لاستشراف مؤشرات حول آفاق تعديل أسعار الفائدة في المملكة المتحدة.
وقال بن بريتيل الخبير الاقتصادي، في شركة الخدمات المالية «هارغريفز لانسداون»، إن «الأسواق تترقب رفع المصرف المركزي البريطاني لأسعار الفائدة في أغسطس (آب)... لكن نظرا إلى تزايد أجواء الغموض، أعتقد أن هناك احتمالا كبيرا بأن يتريث واضعو السياسات النقدية، بانتظار صدور مؤشرات أقوى إلى أن الاقتصاد يسير على الطريق الصحيح قبل المخاطرة برفع تكاليف الاقتراض».
ويرجح بريتيل أن يرفع المركزي البريطاني في أغسطس المقبل فائدة الإقراض الأساسية بربع نقطة إلى 0.75 في المائة، على الرغم من غموض الآفاق الاقتصادية في المملكة المتحدة بسبب بريكست والمخاوف من الحرب التجارية.
وقال أيان ستيورات، كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة ديلويت: «قد يكون الدافع لرفع أسعار الفائدة في أغسطس قد تعزز... لكنه بالكاد مقنع»، مضيفا أن «النمو ارتفع بعد انطلاقة باهتة هذا العام. لكن نسبة البطالة المنخفضة ستؤدي لاحقا إلى ضغوط كبيرة على الأجور مع استمرار الغموض المحيط ببريكسيت».
وتراجع نمو الأجور في المملكة المتحدة، لكن معدل البطالة لا يزال ثابتا عند 4.2 في المائة، ليهبط إلى أدنى مستوى في ستة أشهر، وانخفض على أساس ربع سنوي في الثلاثة أشهر المنتهية في مايو إلى 2.5 في المائة، مقارنة بنحو 2.6 في الثلاثة أشهر السابقة.
وظل معدل البطالة ثابتا، رغم استحداث 137 ألف وظيفة على مدى الثلاثة أشهر المنتهية في مايو الماضي، ويرى محللون أن أرقام الوظائف والأجور لن تثني بنك إنجلترا عن رفع أسعار الفائدة في أغسطس.
وقال مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، إن صفقة عدم الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) سيكون لها عواقب اقتصادية كبيرة وستدفع بمراجعة لأسعار الفائدة، وأكد في حديثه في جلسة استماع برلمانية: «مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون قدر المستطاع».
ويدفع تراجع المؤشرات لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا إلى إعادة تقييم التوقعات الاقتصادية وأسعار الفائدة.
وقالت بريطانيا إنها ستصدر تشريعات لضمان الاستمرارية في العقود المالية، وإن الاتحاد الأوروبي يجب أن يرد بالمثل، لكن الكتلة الأوروبية تقول إن الأمر متروك للبنوك وليس للسلطات العامة.
وأعرب كارني عن القلق من إحالة الاتحاد الأوروبي للقطاع الخاص، قائلا إنه «لا يمكن للقطاع الخاص حل هذه القضايا»، ومشيرا إلى أن الأمر يتعلق بحماية النظام المالي. ومع ذلك، فإن البنوك البريطانية تمتلك ما يكفي من رأس المال والاحتياطيات النقدية لتحمل خروج بريطاني «غير منظم» من الاتحاد الأوروبي، بحسب كارني.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.