تقدم في جهود المصالحة الفلسطينية لا يُحدث اختراقاً

تدخل أكبر مرتقب لمصر ومحاولات لـ«صيغة نهائية» لتسليم قطاع غزة للسلطة

مئات الغزيين على شاطئ البحر أمس لقضاء الوقت والسباحة هرباً من حرارة الجو (رويترز)
مئات الغزيين على شاطئ البحر أمس لقضاء الوقت والسباحة هرباً من حرارة الجو (رويترز)
TT

تقدم في جهود المصالحة الفلسطينية لا يُحدث اختراقاً

مئات الغزيين على شاطئ البحر أمس لقضاء الوقت والسباحة هرباً من حرارة الجو (رويترز)
مئات الغزيين على شاطئ البحر أمس لقضاء الوقت والسباحة هرباً من حرارة الجو (رويترز)

قالت مصادر فلسطينية مطلعة، إنه يمكن القول «إن تقدماً حصل في جهود المصالحة الفلسطينية»، ولكنه «ليس اختراقاً»، مضيفة «أن مصر اتفقت مع الأطراف على ضرورة الوصول إلى صيغة نهائية، من أجل تنفيذ الاتفاق الذي وُقِّع بين حركتي فتح وحماس، في القاهرة أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
وأكدت المصادر أن قيادة جهاز المخابرات المصرية الجديدة، تخطط لعقد اجتماعات مكثفة مع «فتح» و«حماس»، وبينهما إذا لزم الأمر، من أجل ضمان تسليم قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية، كمدخل لإنهاء الانقسام والتقدم نحو إجراء انتخابات عامة.
وبحسب المصادر، فإن الوزير عباس كامل رئيس المخابرات المصرية، الذي التقى عزام الأحمد عضو اللجنتين المركزية لـ«فتح» ومنظمة التحرير مرتين وبوفد من حركة حماس، خلال أسبوع واحد، توصل إلى قناعة مطلقة بأن تطبيق الاتفاق في المتناول، لكنه يحتاج إلى جهد وتركيز، وحسم مسائل جانبية شكلت عقبات في الماضي.
وقالت المصادر إن كلمة السر هي في «تمكين السلطة».
واستمع الوزير المصري إلى موافقة من حركة حماس على مسألة التمكين، لكن مع طلبات محددة لها علاقة بإنهاء «العقوبات» ودمج موظفي حكومتها السابقة مع موظفي السلطة الفلسطينية، وحل مشاكل القطاع.
وجاء موقف «حماس» خلال لقاء وفد الحركة بكامل قبل أيام، الذي جرى بناء على دعوة مصرية، بعد أن التقى كامل بالأحمد واستمع منه إلى موقف حركة فتح، القائم على تمكين الحكومة قبل أي شيء، والمتضمن أيضاً أنه لا داعي للحوارات واللقاءات، وإنما يجب ببساطة تطبيق الاتفاق السابق.
وأبلغ الأحمد، كامل، أنه بعد تمكين الحكومة ستعمل هي على حل المشكلات شيئاً فشيئاً، بما في ذلك مشاكل الموظفين.
وبعد لقائه وفد «حماس»، طلب كامل لقاء الأحمد الذي قطع زيارته في لبنان، وطار الأحد إلى مصر من أجل تلقي رد حركة حماس على موقف «فتح»، ثم عاد إلى لبنان.
وأطلع كامل، ضيفه الأحمد، على نتائج لقائه بوفد «حماس» في القاهرة قبل أيام.
وأكدت حركة فتح أنها استمعت من المسؤولين المصريين لنتائج حواراتهم مع حركة حماس تجاه القضايا التي ناقشتها مؤخراً معهم.
وقال المتحدث باسم «فتح»، عاطف أبو سيف، في تصريح صحافي أمس، إن الأحمد استمع لإجابة من المسؤولين المصريين، ووضعوه في صورة اللقاء مع «حماس»، مؤكداً أن القيادة الفلسطينية ستتدارس هذا الأمر في اجتماعها المقبل، وستتخذ الموقف المناسب.
وأضاف: «إن أساس كل ذلك، مدى اقتراب (حماس) أو ابتعادها من الطرح الذي قدمته (فتح) لمصر».
وأوضح أبو سيف «أن طرح (فتح) يقوم على تمكين الحكومة وصولاً إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية واستعادة الوحدة». وقال: «هذه هي المبادرة الوحيدة المقبولة بالنسبة لـ(فتح)، وتتمثل في كيفية الخروج من نفق الانقسام عبر حكومة الوفاق، التي تذهب بنا إلى انتخابات تشريعية ورئاسية، وهذا هو الأساس لحل أزمات قطاع غزة؛ إنهاء الاحتلال والحصار الإسرائيلي».
ويعد التحرك المصري هذه المرة، بمثابة انطلاقة جديدة نحو المصالحة. وتريد مصر إنقاذ الاتفاق الذي رعته في 12 أكتوبر من العام الماضي.
وجاءت الجهود المصرية المكثفة بعد أن وصل الطرفان «فتح» و«حماس»، إلى طريق مسدودة. وظلت المسألة الأكثر أهمية في الاتفاق، هي تمكين الحكومة الفلسطينية. وقد اختلفت الحركتان حول هذه القضية بشكل محدد بعد الاتفاق. فاتهمت الحكومة الفلسطينية حركة حماس بتشكيل حكومة ظل، وطالبت بتمكينها في الجباية المالية، والسيطرة على المعابر والأمن والقضاء، والسماح بعودة جميع الموظفين القدامى إلى أعمالهم، قبل أي خطوات أخرى. لكن «حماس» اتهمت الحركة بتهميش غزة، واشترطت عليها استيعاب موظفيها، والتدخل المباشر لدعم القطاعات المختلفة، ورفع الإجراءات «العقابية» عن القطاع.
وساءت العلاقة لاحقاً، بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمدالله في القطاع في مارس (آذار) الماضي، وهي المحاولة التي اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حركة حماس، بالوقوف خلفها مباشرة، متعهداً باتخاذ إجراءات وطنية ومالية ضد القطاع.
وجمدت محاولة الاغتيال كل الاتصالات بشأن المصالحة التي كانت متعثرة أصلاً، قبل أن يتدخل المصريون لإقناع عباس بتأجيل اتخاذ قرارات جديدة ضد القطاع، وطلبوا مهلة من أجل إقناع «حماس» بتسليم قطاع غزة بشكل كامل، وهو الطلب الذي وافق عليه عباس، معلناً أن أمام «حماس» خيارين، وهما: إما تسليم قطاع غزة، كما تم الاتفاق عليه بشكل كامل، أو تتحمل هي مسؤولية قطاع غزة بشكل كامل.
وقالت المصادر إن مصر تعمل الآن على حوارات ثنائية وتدخل أكبر، على أمل أن يفضي لتسليم قطاع غزة إلى السلطة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».