قتلة الفتى الفلسطيني: بحثنا عن عربي يسهل قتله

الخلافات حول عملية غزة تفسخ شراكة ليبرمان ونتنياهو

قتلة الفتى الفلسطيني: بحثنا عن عربي يسهل قتله
TT

قتلة الفتى الفلسطيني: بحثنا عن عربي يسهل قتله

قتلة الفتى الفلسطيني: بحثنا عن عربي يسهل قتله

تشهد الأراضي الفلسطينية وإسرائيل ليليا مواجهات عنيفة بين شبان غاضبين على إحراق مستوطنين للفتى الفلسطيني محمد أبو خضير وهو على قيد الحياة، والشرطة الإسرائيلية التي تعهدت بكبح جماح المظاهرات.

وتؤيد حماس انتفاضة ثالثة في الضفة، ودعا الناطق باسم الحركة، فوزي برهوم جميع الفلسطينيين في كل المدن والقرى والبلدات «إلى تلبية نداء الوطن والانخراط في هذه الثورة والالتحاق في صفوفها دفاعا عن شعبنا وكرامتنا ومقدساتنا والاشتباك مع العدو وبكل قوة وفي كل المحاور»، لكن السلطة الفلسطينية تعارض هذا الخيار وتحاول تهدئة الموقف.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) طالب بلجنة تحقيق دولية في جريمة إحراق الفتى أبو خضير، وهدد باللجوء إلى محكمة الجنايات لرد الجرائم الإسرائيلية.

ويؤمن عباس بالخيارات القانونية والدبلوماسية بخلاف حماس.

واتهم كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات أمس، إسرائيل بشن حرب حقيقية على الشعب الفلسطيني بغرض تدمير عملية السلام. وقال عريقات، للإذاعة الفلسطينية الرسمية، إن «الحكومة الإسرائيلية تسير في خطة لتدمير جهود العملية السلمية والتهدئة في غزة لتكريس الاحتلال وضرب السلطة الفلسطينية».

واعترف 3 متهمين يهود بقتل الفتى محمد أبو خضير، وأعادوا أمس تمثيل الجريمة. وقال المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية «اعترف ثلاثة من أصل ستة مشتبه بهم بقتل وحرق محمد أبو خضير وقاموا بإعادة تمثيل مسرح الجريمة».

واتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوالد محمد أبو خضير، بحسب ما أعلن بيان صادر عن مكتبه.

وقال البيان بأن نتنياهو اتصل بوالد الفتى حسين أبو خضير لتقديم تعازيه وعبر عن غضبه من الجريمة «الشنيعة». ونقل البيان قول نتنياهو «أود أن أعرب عن صدمتي وصدمة المواطنين الإسرائيليين من جريمة قتل ابنك الشنيعة».

وكان أبو خضير قد اختطف من أمام منزله في حي شعفاط، فجر الجمعة ثم وجد بعد ساعات جثة متفحمة في إحدى غابات القدس. وتصاعد التوتر بشكل كبير في قطاع غزة، بعد إعلان حركة حماس مقتل سبعة من عناصرها دفعة واحدة في غارة إسرائيلية على مواقع وأنفاق، وإطلاق الحركة وفصائل أخرى عشرات الصواريخ على تجمعات إسرائيلية في محيط القطاع بما في ذلك بئر السبع التي تبعد نحو 40 كيلومترا عن غزة.

وقالت كتائب القسام الجناح المسلح لحماس، بأن سبعة من عناصرها قتلوا في غارات جوية شنتها إسرائيل في ساعة مبكرة من صباح الاثنين.

ونعت القسام «إبراهيم البلعاوي 24 عاما وعبد الرحمن الزاملي 22 عاما، ومصطفى أبو مر 22 وشقيقه التوأم خالد أبو مر، وشرف غنام 22 عاما، وجمعة أبو شلوف 24 عاما وإبراهيم عابدين.

وتبين أمس أن جمعة أبو شلوف ما زال على قيد الحياة بعد انتشاله من داخل النفق الذي كان يعمل فيه هؤلاء، لكنه في حالة خطرة.

ويرفع قتلى القسام عدد الذين قضوا في يوم واحد في غزة إلى 8 بعد أن كانت طائرات إسرائيلية قتلت في منطقة البريج مازن الجربة ومروان أسليم.

وقالت حماس بأن الطيران الإسرائيلي ركز على نقاط تجمعات وتدريبات لمقاتليها في رفح والشمال. وأكدت السلطات العسكرية الإسرائيلية الهجمات قائلة إنها جاءت: «ردا على هجمات صاروخية على جنوب إسرائيل» واستهدفت تسعة مواقع «للإرهاب»، إضافة إلى «راجمات صواريخ سرية».

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي «إن الهجمات حققت إصابات مباشرة». وأضاف أدرعي «جيش الدفاع جاهز ومستعد للتحرك ضد أي جهة تستعمل الإرهاب ضد دولة إسرائيل حتى إعادة الهدوء إلى الجنوب». ولم تتضح بعد نوايا إسرائيل التي تميل إلى تهدئة جبهة غزة.

واجتمع الكابينت (المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي المصغر) أمس لبحث التصعيد في القطاع واتخاذ خيارات مناسبة.

وقالت مصادر سياسية إسرائيلية بأنه «إذا لم تتوقف الاعتداءات المنطلقة من غزة فليس من المستبعد أن تضطر إسرائيل إلى القيام بعملية عسكرية أوسع نطاقا».

وتعهدت حماس بالرد على الدم بالدم في بيان هو الأقوى منذ انتهاء الحرب الأخيرة في 2012.

وقالت حماس في بيان «الدم بالدم».

وقالت الحركة «الدم بالدم والذي يشعل النار سيكتوي بنارها، ولن تضيع الدماء سدى»، مضيفة «العدو الصهيوني يتحدث عن تهدئة وهو يغوص في دماء شعبنا في غزة والضفة والـ48. ويعيد اعتقال مجاهدي صفقة وفاء الأحرار، ويحاصر غزة ويغلق المعابر، ويعمل جاهدا على الاستفراد بكل جزء من الوطن على حدة، حماس تقول له بوضوح: لن ينطلي علينا خداعك ولن نسمح بتمرير جرائمك».

وطالبت الحركة جميع فصائل المقاومة بالاستنفار التام لردع العدوان، داعية السلطة الفلسطينية بتحديد موقفها: «هذه لحظة الحقيقة، فلا مجال للكلمات الباهتة، ولا التبريرات الممجوجة، فالوحدة بحاجة إلى دفع الثمن». وحذرت كتائب القسام المستوطنين في مدينة بئر السبع جنوب إسرائيل، من البقاء في منازلهم. ويضع التصعيد الإسرائيلي من جهة، والتهديدات الحمساوية من جهة ثانية، التهدئة التي تتوسط فيها مصر على المحك.

وتحاول مصر تثبيت التهدئة التي توصلت إليها الأطراف بعد عملية عمود سحاب على غزة في 2012.

وجاءت تطورات غزة، فيما اتسعت واشتدت المواجهات في الضفة الغربية والداخل الإسرائيلي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.