عصر دبلوماسية التغريدات

الملك سلمان الأكثر تأثيراً... وترمب الأكثر شعبية... والملكة رانيا الأكثر تفاعلاً

عصر دبلوماسية التغريدات
TT

عصر دبلوماسية التغريدات

عصر دبلوماسية التغريدات

منذ أيام أعلن وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون استقالته عبر «تويتر»، مؤكداً أن هذا المنبر تعدى كونه مجرد شبكة تواصل اجتماعي، بل بات أداة يستعين بها الزعماء والملوك لإعلان مواقفهم الرسمية وقراراتهم المصيرية.
وعلق عدد من المتابعين أنهم حينما انضموا إلى موقع «تويتر» لم يكن في خيالهم أنهم سيتابعون زعماء العالم عن كثب.
وكان باراك أوباما أول زعيم في العالم يستعين بـ«تويتر» لأغراض سياسية وليس لأغراض التواصل الاجتماعي، حينما كان سيناتور ولاية إلينوي عام 2007. بينما كانت الملكة رانيا هي أول شخصية قيادية عربية تنضم إلى «تويتر»، ويعتبر حسابها أكثر الحسابات العربية متابعةً وثاني حساب لقيادية عالمية بعد وزيرة خارجية الهند. وبدأت الملكة رانيا بالتغريد شخصياً في مايو (أيار) 2009 عند زيارة البابا بنديكت الثامن إلى الأردن، ولا تزال بالتفاعل النشط نفسه عبر حسابها. واعتبرت في تصريح صحافي سابق أن «تويتر» هو طريقة عظيمة لمشاركة القضايا التي تشغلها مع الناس والاستماع إلى أفكارهم وحثهم على دعم قضاياها. إلا أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعتبر هو زعيم «تويتر» الذي اختار إهمال المنابر الصحافية ولجأ إلى موقع التواصل الاجتماعي لنشر قراراته مباشرة إلى العالم.
منذ عدة سنوات، أصبحت حسابات زعماء العالم تحظى بمتابعة وتحليل دقيق من قبل موقع «تويبلوماسي» الذي يقوم بدراسة سنوية لتحليل خطابهم ومدى تفاعلهم وتأثيرهم عبر «تويتر».
وكشفت أحدث الدراسات التي أجراها موقع «تويبلوماسي» المعروف بتخصصه في الدراسات الخاصة بالدبلوماسية الرقمية، وحسابات الزعماء، أن هناك 187 دولة، أي ما يعادل 97 في المائة من بين 193 دولة لها عضوية في الأمم المتحدة، لديها حسابات رسمية بأسمائهم على «تويتر».
وكشفت الدراسة التي صدرت منذ أيام أن حكومات 6 دول فقط وهي «لاوس وموريتانيا ونيكاراغوا وشمال كوريا وسويسرا وتركمانستان» ليس لديها أي تمثيل لهم عبر «تويتر».
استغرقت الدراسة 12 شهراً، حيث تم تحليل كل حساب ومعدل تغريداته ومرات إعادة التغريد وغيرها، بينما محاور الدراسة جاءت شاملة لجميع التفاعلات بين الزعماء بعضهم ببعض، متتبعة الروابط الإلكترونية، بل قدمت قياساً لتفاعل الزعماء مع متابعيهم.
- الملك سلمان... الأكثر تأثيراً
تربع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز على عرش قائمة حسابات الزعماء الـ50 الأكثر تأثيراً في العالم عبر «تويتر»، بمعدل 145 ألف تغريدة أو إعادة تغريد، وكان حساب الملك سلمان في المرتبة الثانية في أول دراسة لـ«تويبلوماسي» عام 2015، وكان البابا فرنسيس في المرتبة الأولى، وهي الدراسة التي نشرت نتائجها «الشرق الأوسط» في مايو 2015. أما في دراسة عام 2018، فيأتي ترمب في المرتبة الثانية بمعدل 20 ألف تغريدة وإعادة تغريد، بينما جاء بابا الفاتيكان في المرتبة الثالثة بمعدل 12 ألف تغريدة وإعادة تغريد. بينما جاء حساب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في المرتبة الـ13 بمعدل ألفي تغريدة وإعادة تغريد، وبالمعدل نفسه جاء الملك عبد الله العاهل الأردني في المرتبة الـ14، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في المرتبة الـ16، فيما جاء ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في المرتبة الـ42 بمعدل 579 تغريدة، وجاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في المرتبة الـ45 بمعدل 554 تغريدة وإعادة تغريد.
- ترمب... الأكثر متابعة عالمياً
رصدت الدراسة السنوية التي تعدها شركة «بورسون كون أند وولف» المتخصصة في الإعلام والعلاقات العامة، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يحظى بأكبر عدد متابعين على «تويتر» بين قادة العالم، متقدماً على البابا فرنسيس ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي. كما أن ترمب هو صاحب التغريدة التي حازت على أكبر عدد من إعادة التغريد والتي كتب فيها «الأخبار الكاذبة سي إن إن». وأوضحت الدراسة أنه مع نحو 53 مليون متابع لحسابه، أصبح ترمب القائد العالمي الأكثر متابعة على «تويتر»، وذلك منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2017 حين تجاوز البابا فرنسيس الذي أصبح الثاني عالمياً مع أكثر من 47 مليون متابع لحساباته في 9 لغات.
بينما جاء رئيس الوزراء الهندي في المرتبتين الثالثة والرابعة مع 42 مليون متابع لحسابه الشخصي و26 مليون متابع لحسابه الرسمي.
وفي أوروبا، تصدرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اللائحة مع أكثر من 5 ملايين متابع لحسابها الرسمي الخاص برئيس الحكومة البريطانية، ويليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أكثر من 3 ملايين) الذي ارتفع عدد متابعيه بمعدل 3 أضعاف منذ انتخابه رئيساً للجمهورية في مايو 2017.
ويعتبر ممثلو حكومات دول أميركا الجنوبية على «تويتر»، «الأكثر نشاطاً»، مثل وزير الخارجية الفنزويلي خورخي أرياسا الذي بلغ معدل تغريداته 55 تغريدة يومياً خلال الأشهر الـ12 الماضية.
ورصدت الدراسة أنه على الرغم من القيود المفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي في الصين، فإن مجلس الوزراء الصيني أو الحكومة الشعبية المركزية في الصين لها حساب على «تويتر». وكذلك عدد من الدبلوماسيين الصينيين.
أما فيما يخص الزعماء الأكثر نشاطاً على «تويتر»، فجاء رئيس السلفادور على رأس قائمة أنشط 50 زعيماً على «تويتر» بمعدل 78 تغريدة يومياً، واحتل المراتب الأولى في القائمة زعماء دول أميركا اللاتينية، فيما جاء حسابا وزارة الخارجية الإماراتية والخارجية السعودية في المرتبتين الـ46 و47 بمعدل 15 تغريدة يومياً.
الدراسة حددت 951 حساباً على «تويتر» يخص زعماء أو هيئات حكومية ودبلوماسية منها 372 حساباً شخصياً، و579 حسابات مؤسسية، وحصرت الدراسة أن 509 من الحسابات الرسمية حصلت على «العلامة الزرقاء» كحسابات معتمدة وغير مزيفة. وقامت الدراسة بتحليل خطاب ما يزيد على 903 آلاف تغريدة محللة الروابط بين كل التغريدات.
- التفاعل بين الرؤساء
يمكن قياس مدى التقارب بين زعماء العالم أو العالم العربي عبر التغريدات، حيث رصدت الدراسة على سبيل المثال أن الرئيس ترمب قام بعمل «منشن» لتيريزا ماي، كذلك قام عدد من زعماء أميركا الجنوبية بالرد على ترمب عبر ذكره وعمل «منشن» في تغريداتهم. على مستوى العالم العربي، فإن التفاعل بين الزعماء يأتي في صورة رسمية، إما بمناسبة التهنئة بالأعياد أو تحقيق إنجازات أو الترحيب بزيارة رسمية أو التعازي في حال الكوارث أو الأحداث الإرهابية. وأشهرها تغريدة من ملك الأردن، قام فيها بعمل «منشن» لخادم الحرمين الشريفين لاستضافة القمة العربية بالرياض في دورتها الـ29. بينما لا يتفاعل أي من الرؤساء مع الردود على تغريداتهم.
- «تويتر» على مستوى القارات
أوروبا: جميع الدول الأوروبية لديها تمثيل رسمي على «تويتر»، ومن أطرف النسب أن حكومة إمارة موناكو لديها 20 ألف متابع، في حين أن عدد سكان الإمارة 37 ألفاً.
أفريقيا: تضم أكثر الزعماء نشاطاً وتفاعلاً على «تويتر»، حيث يقوم كل من رئيس رواندا ورئيس وزرائها ووزير الخارجية عادة بالرد على متابعيهم. 83 في المائة من زعماء أفريقيا على «تويتر»، لكنهم لا يتفاعلون عليه بالقدر الكافي، سواء مع المتابعين أو مع غيرهم من الرؤساء. وجاء كل من رئيسي رواندا وكينيا على رأس قائمة الزعماء الأفارقة الأكثر متابعة بعدد متابعين يزيد على 1.4 مليون متابع.
آسيا: جاء حساب رئيس الوزراء الهندي أكثر الزعماء الآسيويين متابعة بعدد متابعين 26 مليون متابع لحسابه الشخصي، وأكثر من 10 ملايين متابع لحسابه الرسمي. ويليه حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
أوقيانوسيا: تلك الجزر المعزولة بالكامل عن آسيا والأميركتين، إلا أنها أيضاً ممثلة على «تويتر»، وذلك بعدد 9 دول تحظى بتمثيل على «تويتر» من بين 13 دولة. وتربع رئيس الوزراء الأسترالي على عرش الزعماء الأكثر متابعة بنحو 60 ألف متابع.
أميركا الشمالية: بها أكثر زعماء العالم متابعة لكن ليس الأكثر تواصلاً، وجاءت نيكاراغوا الدولة الوحيدة في القارة التي ليس لها تمثيل على «تويتر» أو «فيسبوك». وحكومة بورتوريكو هي الأكثر نشاطاً على «تويتر».
أميركا الجنوبية: بها أكثر عدد من الزعماء الذين يقومون بالتغريد بشكل شخصي على حساباتهم، ويأتي رئيس جواتيمالا أكثر الزعماء الذين يقومون بالمحادثة عبر «تويتر». أما وزيرا خارجية البرازيل وبيرو الأكثر تواصلاً مع زعماء العالم بمعدل صلات مباشرة مع 75 رئيساً وزعيماً.
- الزعماء العرب على «تويتر»
«الشرق الأوسط» قامت بجمع معلومات عن الزعماء العرب وحساباتهم من بين كثير من المعلومات والبيانات الضخمة التي استخلصتها الدراسة، وأهمها عدد المتابعين وترتيبهم في قائمة الأكثر متابعة وقائمة الزعماء الأكثر تأثيراً.
حساب الملك سلمان يحظى بـ6 ملايين متابع ويأتي في المرتبة الـ13 في قائمة الزعماء الأكثر متابعة في العالم. ويحل في المرتبة الأولى في قائمة الزعماء الأكثر تأثيراً على «تويتر». بينما حظي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بعدد متابعين وصل إلى 9 ملايين متابع، وفي المرتبة الـ16 ضمن قائمة الزعماء الأكثر تأثيراً، ويأتي حسابه في المرتبة الـ11 ضمن قائمة الزعماء الأكثر متابعة. الرئيس السيسي يحظى حسابه بمليون متابع (حتى وقت نشر الدراسة)، لكنه تضاعف خلال أيام ليصل إلى مليوني متابع. ويأتي في المرتبة الـ45 ضمن قائمة الزعماء الأكثر تأثيراً على «تويتر»، وفي المرتبة الـ36 في قائمة الزعماء الأكثر متابعة. وأيضاً العاهل الأردني جاء في المرتبة الـ14 ضمن الزعماء الأكثر تأثيراً بمليون متابع.
ولبنان ممثلة في حساب الرئيس ميشال عون بعدد متابعين 197 ألف متابع، بينما جاء الرئيس سعد الحريري بـ1.4 مليون متابع، وحساب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بـ291 ألف متابع.
ويتابع الرئيس التونسي 33 ألف متابع على «تويتر». بينما الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يملك حساباً على «تويتر»، بل لديه صفحة على «فيسبوك» وأخرى على «إنستغرام»، بينما يتابع رئيس الوزراء الفلسطيني رامي حمد الله 4 آلاف متابع. وفي ليبيا الحساب الرسمي للدولة على «تويتر» هو حساب حكومة الوفاق الوطني بعدد متابعين 32 ألف متابع.
وفي الجزائر لا يوجد حساب للرئيس الجزائري على «تويتر»، بينما توجد له صفحة على «فيسبوك». ويتابع الحساب الرسمي ديوان رئاسة المرادية 5 آلاف متابع فقط. بينما يحظى رئيس الحكومة المغربية بـ88 ألف متابع على «تويتر»، وحساب وزارة الخارجية المغربية يحظى بمتابعة 349 متابعاً في غياب حساب رسمي للملك المغربي، في حين يوجد عدد من الحسابات المزيفة باسمه. أما السودان أيضاً، فلم تذكر الدراسة حسابات رؤساء، بل جاء حساب وزارة الخارجية السودانية بعدد متابعين ألفين فقط. ويبدو أن بقية الحسابات على «تويتر» مزيفة، لذا لم تشر إليها الدراسة.
وأشارت الدراسة إلى أن سوريا ممثلة رسمياً بحساب الرئاسة السورية بعدد 132 ألف متابع. فيما يتابع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي 999 ألف متابع، وقت نشر التقرير.
- الزعماء... من يتابعون؟
تحظى حسابات الزعماء باهتمام خاص من قبل «تويتر»، فعلى سبيل المثال رفضت الشركة أخيراً دعوات مستخدمين للشركة بإلغاء حساب الرئيس الأميركي. وقال «تويتر» في تعليق على مدونة للشركة، إن «منع أحد زعماء العالم من (تويتر) أو حذف تغريداته المثيرة للجدل، سيخفي معلومات مهمة يجب أن يكون بوسع الناس الاطلاع عليها ومناقشتها».
ومن التساؤلات التي حاولت «الشرق الأوسط» طرحها على المسؤولين في «تويتر» والتي لم نحصل على إجابة وافية عنها: ما هي الحسابات التي يتابعها الزعماء؟ وهل هي حسابات الزعماء والرؤساء أم القنوات الإخبارية؟ أم عدد من المشاهير في بلادهم أو المشاهير العالميين؟
حسابات الزعماء التي لا تتابع حسابات أخرى: حساب الملك سلمان، وحساب الملك عبد الله، والرئيس المصري، وحساب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وحساب الرئيس ميشال عون.
حسابات زعماء تتابع حسابات أخرى: سعد الحريري يتابع أكثر من 400 حساب متنوع بين السياسة والفن والرياضة والإعلام، ما يوضح أنه يدير الحساب شخصياً. ويتابع جبران باسيل وزير الخارجية اللبناني أكثر من 200 حساب بينها حساب سعد الحريري، وحسابات زعماء أوروبيين وإعلاميين عرب ونواب لبنانيين وقنوات فضائية.
ويتابع الرئيس التونسي 15 حساباً من بينها حسابات «اليونيسكو» و«جائزة نوبل» والحساب الرسمي للجمهورية التونسية وإذاعة «بي بي سي أفريقيا» و«رويترز أفريقيا».
- 7 سنوات من {تويبلوماسي}
ظهر مصطلح «تويبلوماسي» عام 2011 في أعقاب دراسة استهدفت حسابات الزعماء والمسؤولين على الشبكات الاجتماعية، وهو نتاج لمصطلح «الدبلوماسية الرقمية» التي تعبر عن استخدام الدبلوماسيين ورؤساء الدول لموقع «تويتر» في إدارة العلاقات الدبلوماسية مع رؤساء وزعماء ودبلوماسيين آخرين.
في عام 2014 كانت ذروة الدبلوماسية الرقمية، إذ انضم 241 مليون مستخدم نشط لموقع «تويتر». ويعتبر سابع سفير أميركي لدى روسيا مايكل ماكفول هو أول دبلوماسي في العالم ينضم لـ«تويتر»، وذلك في عام 2011 حيث كان يغرد بالروسية والإنجليزية. أما في 2018، فيوجد 131 وزارة خارجية و107 وزراء خارجية لديهم حسابات نشطة على «تويتر». وكشفت الدراسة الحديثة أن استخدام ترمب موقع «تويتر» للإعلان عن قراراته ومناقشة القضايا الحساسة غيّر من قواعد الدبلوماسية.


مقالات ذات صلة

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الاقتصاد الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

مددت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مهلة حتى الاثنين المقبل، أمام إيلون ماسك للرد على عرضها لحسم تحقيق في استحواذه على «تويتر» مقابل 44 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم إيلون ماسك خلال مؤتمر في فندق بيفرلي هيلتون في بيفرلي هيلز - كاليفورنيا بالولايات المتحدة 6 مايو 2024 (رويترز)

إيلون ماسك ينتقد مقترح أستراليا بحظر منصات التواصل الاجتماعي على الأطفال

انتقد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، قانوناً مُقترَحاً في أستراليا لحجب وسائل التواصل الاجتماعي للأطفال دون 16 عاماً.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك رئيس شركة «تسلا» ومنصة «إكس» (أ.ب)

إيلون ماسك يسخر من مسؤول كبير في «الناتو» انتقد إدارته لـ«إكس»

هاجم إيلون ماسك، بعد تعيينه مستشاراً للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مسؤولاً كبيراً في حلف شمال الأطلسي (ناتو).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الملياردير الأميركي إيلون ماسك مالك منصة «إكس» (رويترز)

صحف فرنسية تقاضي «إكس» بتهمة انتهاك مبدأ الحقوق المجاورة

أعلنت صحف فرنسية رفع دعوى قضائية ضد منصة «إكس» بتهمة استخدام المحتوى الخاص بها من دون دفع ثمنه.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا الملياردير الأميركي إيلون ماسك يتحدث خلال تجمع انتخابي لترمب (أ.ف.ب)

إهانة عبر «إكس»: ماسك يصف المستشار الألماني بـ«الأحمق»... وبرلين ترد بهدوء

وجّه إيلون ماسك إهانة مباشرة للمستشار الألماني أولاف شولتس عبر منصة «إكس»، في وقت تشهد فيه ألمانيا أزمة حكومية.

«الشرق الأوسط» (أوستن (الولايات المتحدة))

كيف يؤطّر الإعلام المعارك ويتلاعب بسردياتها؟

دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)
دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)
TT

كيف يؤطّر الإعلام المعارك ويتلاعب بسردياتها؟

دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)
دخان يتصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم «نور شمس» للاجئين قرب مدينة طولكرم في الضفة الغربية (إ ب أ)

سواء في الحرب الروسية - الأوكرانية، أو الحروب المشتعلة في الشرق الأوسط راهناً، لعب الإعلام دوراً مثيراً للجدل، وسط اتهامات بتأطير مخاتل للصراعات، وصناعة سرديات وهمية.

هذا الدور ليس بجديد على الإعلام، حيث وثَّقته ورصدته دراسات دولية عدة، «فلطالما كانت لوسائل الإعلام علاقة خاصة بالحروب والصراعات، ويرجع ذلك إلى ما تكتسبه تلك الحروب من قيمة إخبارية بسبب آثارها الأمنية على الجمهور»، حسب دراسة نشرتها جامعة كولومبيا الأميركية عام 2000.

الدراسة أوضحت أن «الصراع بمثابة الأدرينالين في وسائل الإعلام. ويتم تدريب الصحافيين على البحث عن الخلافات والعثور على الحرب التي لا تقاوم. وإذا صادفت وكانت الحرب مرتبطة بهم، يزداد الحماس لتغطيتها».

لكنَّ الأمر لا يتعلق فقط بدور وسائل الإعلام في نقل ما يدور من أحداث على الأرض، بل بترويج وسائل الإعلام لروايات بعضها مضلِّل، مما «قد يؤثر في مجريات الحروب والصراعات ويربك صانع القرار والمقاتلين والجمهور والمراقبين»، حسب خبراء وإعلاميين تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، وأشاروا إلى أن «الإعلام في زمن الحروب يتخندق لصالح جهات معينة، ويحاول صناعة رموز والترويج لانتصارات وهمية».

يوشنا إكو

حقاً «تلعب وسائل الإعلام دوراً في الصراعات والحروب»، وفق الباحث الإعلامي الأميركي، رئيس ومؤسس «مركز الإعلام ومبادرات السلام» في نيويورك، يوشنا إكو، الذي قال إن «القلم أقوى من السيف، مما يعني أن السرد حول الحروب يمكن أن يحدد النتيجة».

وأشار إلى أن قوة الإعلام هي الدافع وراء الاستثمار في حرب المعلومات والدعاية»، ضارباً المثل بـ«الغزو الأميركي للعراق الذي استطاعت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش تسويقه للرأي العام الأميركي باستخدام وسائل الإعلام».

وأضاف إكو أن «وسائل الإعلام عادةً ما تُستخدم للتلاعب بسرديات الحروب والصراعات للتأثير في الرأي العام ودفعه لتبني آراء وتوجهات معينة»، مشيراً في هذا الصدد إلى «استخدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسائل الإعلام لتأطير الحرب ضد أوكرانيا، وتصويرها على أنها عملية عسكرية وليست حرباً».

لكنَّ «الصورة ليست قاتمة تماماً، ففي أحيان أخرى تلعب وسائل الإعلام دوراً مناقضاً»، حسب إكو، الذي يشير هنا إلى دور الإعلام «في تشويه سمعة الحرب الأميركية في فيتنام مما أجبر إدارة الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون على الاعتراف بالخسارة ووقف الحرب».

وبداية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عُقدت الحلقة الدراسية الإعلامية الدولية الثلاثية للأمم المتحدة حول السلام في الشرق الأوسط بجنيف، لبحث التحديات في متابعة «حرب غزة». وأشارت المناقشات إلى «تأطير الإعلام إسرائيل على أنها بطل للرواية، حيث تكون إسرائيل هي الأخيار وفلسطين وحماس الأشرار»، ولفتت المناقشات إلى أزمة مماثلة خلال تغطية الحرب الروسية - الأوكرانية. وقالت: «من شأن العناوين الرئيسية في التغطية الإعلامية أن تترك المرء مرتبكاً بشأن الوضع الحقيقي على الأرض، فلا سياق للأحداث».

ستيفن يونغبلود

وهنا، يشير مدير ومؤسس «مركز صحافة السلام العالمية» وأستاذ الإعلام ودراسات السلام في جامعة بارك، ستيفن يونغبلود، إلى أن «الصحافيين يُدفعون في أوقات الحروب إلى أقصى حدودهم المهنية والأخلاقية». وقال: «في هذه الأوقات، من المفيد أن يتراجع الصحافي قليلاً ويأخذ نفساً عميقاً ويتمعن في كيفية تغطية الأحداث، والعواقب المترتبة على ذلك»، لافتاً في هذا الصدد إلى «صحافة السلام بوصفها وسيلة قيمة للتأمل الذاتي». وأضاف أن «الإعلام يلعب دوراً في تأطير الحروب عبر اعتماد مصطلحات معينة لوصف الأحداث وإغفال أخرى، واستخدام صور وعناوين معينة تخدم في العادة أحد طرفي الصراع».

وتحدث يونغبلود عن «التباين الصارخ في التغطية بين وسائل الإعلام الغربية والروسية بشأن الحرب في أوكرانيا»، وقال إن «هذا التباين وحرص موسكو على نشر سرديتها على الأقل في الداخل هو ما يبرر تأييد نحو 58 في المائة من الروس للحرب».

أما على صعيد «حرب غزة»، فيشير يونغبلود إلى أن «أحد الأسئلة التي كانت مطروحة للنقاش الإعلامي في وقت من الأوقات كانت تتعلق بتسمية الصراع هل هو (حرب إسرائيل وغزة) أم (حرب إسرائيل وحماس)؟». وقال: «أعتقد أن الخيار الأخير أفضل وأكثر دقة».

ويعود جزء من السرديات التي تروجها وسائل الإعلام في زمن الحروب إلى ما تفرضه السلطات عليها من قيود. وهو ما رصدته مؤسسة «مراسلون بلا حدود»، في تقرير نشرته أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أشارت فيه إلى «ممارسة إسرائيل تعتيماً إعلامياً على قطاع غزة، عبر استهداف الصحافيين وتدمير غرف الأخبار، وقطع الإنترنت والكهرباء، وحظر الصحافة الأجنبية».

خالد القضاة

الصحافي وعضو مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين، خالد القضاة، يرى أن «الدول والمنظمات التي تسعى لفرض الإرادة بقوة السلاح، عادةً ما تبدأ حروبها بالإعلام». وأوضح أن «الإعلام يُستخدم لتبرير الخطوات المقبلة عبر تقديم سرديات إما مشوَّهة وإما مجتزَأة لمنح الشرعية للحرب».

وقال: «في كثير من الأحيان تُستخدم وسائل الإعلام للتلاعب بالحقائق والشخوص وشيطنة الطرف الآخر وإبعاده عن حاضنته الشعبية»، وأشار إلى أن ذلك «يكون من خلال تبني سرديات معينة والعبث بالمصطلحات باستخدام كلمة عنف بدلاً من مقاومة، وأرض متنازع عليها بدلاً من محتلة».

وأضاف القضاة أن «تأطير الأحداث يجري أيضاً من خلال إسباغ سمات من قبيل: إرهابي، وعدو الإنسانية، على أحد طرفَي الصراع، ووسم الآخر بـ: الإصلاحي، والمدافع عن الحرية، كل ذلك يترافق مع استخدام صور وعناوين معينة تُسهم في مزيد من التأطير»، موضحاً أن «هذا التلاعب والعبث بسرديات الحروب والصراعات من شأنه إرباك الجمهور والرأي العام وربما التأثير في قرارات المعارك ونتائجها».

ولفت إلى أنه «قياساً على الحرب في غزة، يبدو واضحاً أن هذا التأطير لتغليب السردية الإسرائيلية على نظيرتها في الإعلام الغربي». في الوقت نفسه أشار القضاة إلى «إقدام الإعلام على صناعة رموز والحديث عن انتصارات وهمية وزائفة في بعض الأحيان لخدمة سردية طرف معين، وبث روح الهزيمة في الطرف الآخر».

منازل ومبانٍ مدمَّرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة (إ.ب.أ)

كان «مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية» قد أشار في تقرير نشره في ديسمبر (كانون الأول) 2023، إلى أن «اللغة التحريضية لتغطية وسائل الإعلام الأميركية للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي تؤثر في تصور المجتمعات المختلفة بعضها لبعض ويمكن أن تكون سبباً لأعمال الكراهية». وأضاف: «هناك تحيز في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بهدف إثارة رد فعل عاطفي، بدلاً من تقديم رؤية حقيقية للأحداث».

حسن عماد مكاوي

عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، الدكتور حسن عماد مكاوي، يرى أن «توظيف الدول وأجهزة الاستخبارات لوسائل الإعلام أمر طبيعي ومتعارف عليه، لا سيما في زمن الحروب والصراعات». وقال إن «أحد أدوار الإعلام هو نقل المعلومات التي تؤثر في اتجاهات الجماهير لخدمة أهداف الأمن القومي والسياسة العليا». وأضاف أن «وسائل الإعلام تلعب هذا الدور بأشكال مختلفة في كل دول العالم، بغضّ النظر عن ملكيتها، وانضمت إليها حديثاً وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يجري توظيف شخصيات تبدو مستقلة للعب نفس الدور ونقل رسائل الدولة أو الحكومة».

وأشار مكاوي إلى أن «هذه العملية لا تخلو من ترويج الشائعات ونشر أخبار مضللة، والتركيز على أمور وصرف النظر عن أخرى وفق أهداف محددة مخططة بالأساس». وضرب مثلاً بـ«حرب غزة» التي «تشهد تعتيماً إعلامياً من جانب إسرائيل لنقل رسائل رسمية فقط تستهدف تأطير الأحداث في سياق معين».