في عمله الشهير «الأرجنتين التي أحبت الجميع»، الذي كتبه غابرييل غارسيا ماركيز احتفاءً بخوليو كورتاثر، الكاتب الأرجنتيني الذي يعتبر حتى اليوم واحداً من أعظم كتاب أميركا اللاتينية، وصف غارسيا ماركيز الحب الكبير الذي شعر به نحو صديقه المقرب كورتاثر.
إلا أنه عام 1984، عندما أبدع غارسيا ماركيز هذا النص الرائع والعميق، لم يدر بخاطره أنه بعد ما يزيد على 30 عاماً سيبدي الملايين من شتى أرجاء العالم إعجابهم بكتاباته وعشقهم لها، وسيتحول إلى أسطورة، وأن كتبه ستترجم إلى أكثر عن 30 لغة.
منذ رحيله عام 2014 حتى اليوم، لم يتوقف سيل الكتابات التي تحتفي بحياته والإرث الأدبي الرفيع الذي خلفه وراءه بصفته واحداً من أعظم الكتاب على مستوى العالم. وعليه، تحولت الأماكن التي اعتاد العيش بها داخل المكسيك وكولومبيا إلى مساحات مخصصة لمتعلقاته الشخصية التي جرى الاحتفاظ بها سراً.
لكن منذ أيام قلائل، أعلنت أرملة ماركيز وملهمته، مرسيدس بارشا، أنباء رائعة مفادها أن أسرة ماركيز قررت التبرع بمجموعة كتبه الشخصية إلى أكبر وأشهر مكتبة عامة في كولومبيا: «بيبليوتيكا لويس أنجيل أرانغو»، الكائنة في بوغوتا، عاصمة البلاد.
والمؤكد أن هذه المجموعة تعد بمثابة كنز ثمين؛ ذلك أنها تتألف من أكثر عن 3.000 كتاب و1.104 نسخ مترجمة إلى 43 لغة؛ ما يجعل منها هدية ثمينة لبلاده ومحبيه.
وخلال مقابلة مع «الشرق الأوسط» من بوغوتا، وصف مدير المكتبة، ألبرتو أبيلو فيفيس، قرار التبرع بأنه «استثنائي»، وشرح الأهمية الكبرى لهذه المجموعة التي سيجري عرضها مجاناً وإتاحتها للجماهير.
وقال «تمثل هذه الكتب في معظمها الطبعات الأولى وهي مجموعة ثرية للغاية تحوي طبعات مختلفة لجميع أعماله بعد تحريرها، بجانب بعض الملحوظات والرسائل إلى المحررين أو المترجمين؛ ما يشكل مصدراً مذهلاً للباحثين المعنيين. ويعني وجود هذه المجموعة في حوزتنا، أنه سيجري الحفاظ عليها من أجل الأجيال الحالية والمقبلة بجوار مجموعة وثائقية موسعة حصلت عليها المكتبة حول غارسيا ماركيز».
وتبعاً لما أفاده أبيلو فيفيس، فإن العنصر الأكثر بروزاً في المجموعة، ويضفي عليها طابعاً فريداً هو التفاصيل التي تحويها طبعات سبق وأن نشرت في دول أخرى، لكنها اختفت اليوم.
يضيف «وجدنا نسخاً بلغات مثل الليتوانية، والفارسية، والتتارية، والتركية، والفيتنامية، واليوغسلافية، والإستونية، والكرواتية، والدنماركية، والسلوفينية، والبلغارية. وهناك كتب نشرت في بلدان كانت تتبع الاتحاد السوفياتي السابق، أو دول أخرى لم يعد لها وجود مثل جمهورية ألمانيا الديمقراطية أو يوغسلافيا. علاوة على ذلك، يبدو تصميم الكتب وأغلفتها مميزاً، ويجعل منها مادة دسمة للجهود البحثية في عالم الغرافيك على مستوى العالم».
وبالطبع، ثمة مناطق كثيرة داخل كولومبيا تحتفي بغارسيا ماركيز وإرثه الأدبي العظيم، لكن تبقى ثمة أهمية خاصة لهذه المجموعة؛ لما تتيحه من فرصة للاقتراب أكثر من عالم الكاتب الراحل.
وأعرب مدير المكتبة عن اعتقاده بأن العنصر الأكثر إثارة للاهتمام فيما يخص المجموعة التي جرى التبرع بها هي «الخطابات والملحوظات المرافقة لبعض النسخ والتي تكشف بوضوح عن علاقة اتصال مهمة بين الكاتب والمحررين».
وتعتبر مجموعة الكتب الشخصية لغارسيا ماركيز بمثابة دليل جديد على مدى أهمية ظاهرة الكاتب الكولومبي المبدع بالنسبة لعالم الأدب والفكر. واللافت أن الكاتب كان يحتفظ لنفسه بنسخ مثيرة للفضول وأخرى ترجمت إلى لغات تنتمي إلى مناطق قاصية من العالم؛ ما يكشف لنا جميعاً كيف أن رشاقة عباراته وروعة صوره قادرة على هدم الحدود بين اللغات والحديث بلغة الحب العالمية.
جدير بالذكر، أنه يجري التعامل فنياً في الوقت الحالي مع المجموعة من أجل ضمان الحفاظ عليها وسيجري عرضها للجمهور بدءاً من أغسطس (آب) في قاعة الكتب والمخطوطات النادرة داخل مكتبة «بيبليوتيكا لويس أنجيل أرانغو».
ويمكن لأي شخص بأي مكان في العالم الاطلاع على عناصر كنز غارسيا ماركيز عبر الموقع الإلكتروني للمكتبة من خلال الرابط التالي:
http:--www.banrepcultural.org-bogota-biblioteca - luis - angel - arango
«كنوز» غارسيا ماركيز تعود إلى كولومبيا
تعرض للجمهور ابتداءً من أغسطس
«كنوز» غارسيا ماركيز تعود إلى كولومبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة