المواد الذكية... تطبيقات عربية جديدة

يوصف الإنسان بالذكاء إذا كان قادرا على الاستجابة المناسبة للمواقف التي يتعرض لها، بحيث تتغير استجابته تبعا لتغير الموقف، وكذلك الأمر بالنسبة للمواد الذكية، التي أصبحت توجها عالميا له تطبيقات مختلفة في أكثر من مجال.
وتتميز هذه المواد بأنها تمنح الباحث الفرصة ليقوم بتوجيهها لأداء وظيفة محددة، وفق اشتراطات، إذا توافرت ستقوم بأداء تلك الوظيفة، وهذه المواد قد تكون مصنّعة، أي نتاج أكثر من مكون تم استخدامه لتحضيرها، أو مواد معروفة ولكنها من المرونة بمكان بحيث يستطيع الباحث التحكم في خصائصها، ليحولها إلى مادة ذكية. وترصد «الشرق الأوسط» أبرز التطبيقات العربية» في مجال المواد الذكية.
- بلورات سائلة
إحدى المواد المعروفة، والتي تتيح للباحث تحويلها إلى مادة ذكية، هي تلك التي تعرف باسم «البلورات السائلة» والتي اكتشفها الكيميائي الأسترالي فريدرك راينتزر أثناء عمله في مؤسسة فيزيولوجيا النبات في براغ عام 1988، وفي مركز الفوتونيات في مصر، تمكن الباحثون في مجال المواد الذكية في خصائص البلورات السائلة لاستخدامها في مجال الاتصالات ونقل البيانات، ونشروا أكثر من بحث محكم في هذا المجال.
ويشرح مدير مركز الفوتونيات د.صلاح عبية لـ«الشرق الأوسط» أن «المواد الصلبة بطبيعتها هي عبارة عن ذرات مرتبة بانتظام في شبكة بلورية، بينما توجد ذرات السوائل في حالة يسودها عدم النظام إلى حد ما. وتجمع المواد البلورية السائلة بين الاثنين، أي تجمع بين انتظام الذرات وعشوائيتها».
أحد الأبحاث التي يشير إليها د.عبية، نشرت في فبراير (شباط) 2018 بدورية applied surface science، وتمكن خلالها الفريق البحثي عن طريق استخدام فرق جهد كهربائي خارجي من إكساب الذرات غير المنتظمة بخصائص منتظمة، ما أدى إلى «تغيير الخواص الضوئية لتلك المواد (معامل الانكسار الضوئي)، فيسمح ذلك بالجمع بين مستويي الاستقطاب الرأسي والأفقي في أنظمة الاتصالات، وبما يساعد في تسيير كميات أكبر من المعلومات داخل الألياف الضوئية عبر شعاع الليزر، دون حدوث خلط بين المستويين».
- أدوات ذكية
> مستشعرات سعودية جديدة. وإذا كان الاتجاه المصري في بعض تطبيقات المواد الذكية، يمكن تلخيصه في «قيادة المواد للانتظام في اتجاه معين، لتحقيق وظيفة محددة، بما يحولها إلى مادة ذكية»؛ فإن هناك اتجاهاً آخر هو تصنيع مواد جديدة تشعر بالتغيرات الطفيفة جدا في بيئتها المحيطة وإبداء استجابة واضحة تبعا لذلك، وأبرز التطبيقات في هذا الاتجاه بالمجالات الطبية والمستشعرات الحيوية. ونجح فريق بحثي سعودي من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، العام الماضي في إنتاج مستشعرات للحد من حرائق الغابات.
وأنتجت تلك المستشعرات من مواد ذكية قام الفريق البحثي بتحضيرها بحيث تستشعر التغيرات في البيئة الموضوعة بها من حيث الحرارة والرطوبة المنخفضة، وهما السمتان المميزتان لحرائق الغابات، بالإضافة إلى غاز كبريت الهيدروجين (الغاز الصناعي السام). ونقل الموقع الإلكتروني للجامعة عن قائد الفريق البحثي الدكتور عاطف شميم، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الكهربائية بالجامعة، قوله إن «تلك المستشعرات مزودة ببطارية ولوحة كهربائية دقيقة بالإضافة إلى هوائي يبث الإشارة في جميع الاتجاهات وينقل المعلومات بشكل دوري عن الحالة في المكان الموجود به المستشعر».
> بدلة إماراتية ذكية. لا يتوقف دور المواد الذكية على رصد التغيرات في البيئة المحيطة، بل إنها تلتقط عوامل حيوية في الجسم لتقديم خدمة طبية للإنسان، ومنها تطبيق تقدم به باحث إماراتي من جامعة الإمارات، استطاع قبل عامين من ابتكار بدلة ذكية لمساعدة ضحايا السكتة الدماغية.
وتعمل تلك البدلة التي ابتكرها د.فادي النجار الأستاذ المساعد في قسم علوم الحاسبات وهندسة البرمجيات بجامعة الإمارات، على تمكين ضحايا السكتة الدماغية من إعادة تعلم كيفية استخدام عضلاتهم.
ويقول النجار للموقع الإلكتروني للجامعة معلقا على هذا الإنجاز: «مريض السكتة الدماغية في الغالب يعرف أنه يريد أن يأكل، لكن ببساطة، الرسالة لا تصل إلى العضلات الصحيحة لوضع ذلك موضع التنفيذ، والبدلة الجديدة تساعده على ذلك». وتتكون تلك البدلة من جهاز حسي، يتصل بالعضلات عن طريق الاهتزازات المرسلة من قبل الموجات الدماغية، حيث تقوم الاهتزازات بتذكير العضلات بالحركة، وبالتالي يساعد ذلك على تنشيط الدورة الدموية ومنع ضمور العضلات.