«إخوان مصر» يمنون بالهزيمة في أول انتخابات نقابية بعد عزل مرسي

رغم الثلوج والأمطار.. نظم الإخوان مظاهرة في شارع الهرم بمحافظة الجيزة أمس (رويترز)
رغم الثلوج والأمطار.. نظم الإخوان مظاهرة في شارع الهرم بمحافظة الجيزة أمس (رويترز)
TT

«إخوان مصر» يمنون بالهزيمة في أول انتخابات نقابية بعد عزل مرسي

رغم الثلوج والأمطار.. نظم الإخوان مظاهرة في شارع الهرم بمحافظة الجيزة أمس (رويترز)
رغم الثلوج والأمطار.. نظم الإخوان مظاهرة في شارع الهرم بمحافظة الجيزة أمس (رويترز)

فقدت جماعة الإخوان المسلمين في مصر أحد مواقعها في مجالس النقابات المهنية، إذ منيت الجماعة بخسارة وصفت بـ«الكبيرة منذ 20 عاما» في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء بالقاهرة والمحافظات، والتي أجريت أول من أمس، تحت إشراف قضائي كامل، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشرا قويا على تراجع شعبية «الإخوان» الذين يحاولون أن يجدوا موضع قدم في المشهد السياسي بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، في وقت تقول فيه مصادر بالجماعة إنها «أظهرت خلال انتخابات الأطباء رغبة جادة في البقاء بالمشهد السياسي، وإنها لن تترك أي استحقاق انتخابي خلال الفترة المقبلة من دون أن تشارك فيه».
وكشفت النتائج النهائية لانتخابات النقابة العامة للأطباء، التي صوت فيها 858 طبيبا من أصل 4057 طبيبا لهم حق التصويت، عن حصول قائمة «تيار الاستقلال» المحسوب على التيار المدني على 11 مقعدا بمجلس النقابة العامة، من بين 12 مقعدا جرت عليها الانتخابات، ليصبح مجموع عدد مقاعد تيار الاستقلال 15 مقعدا مقابل 9 مقاعد في مجلس النقابة لقائمة «أطباء من أجل مصر»، المنتمية لجماعة الإخوان، ليصبح تمثيل المستقلين أغلبية في المجلس الذي يتكون من 24 عضوا، بالإضافة إلى مقعد النقيب العام، مما يعطي المستقلين الأغلبية المطلقة في مجلس نقابة الأطباء الجديد - حسب مراقبين.
وتعد هذه الانتخابات أول انتخابات نقابية منذ عزل مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي، والثانية للأطباء بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011، وشهدت منافسة شديدة رغم تدني درجات الحرارة، فضلا عن الأزمة السياسية التي تمر بها مصر، في ظل مظاهرات يومية لأنصار الرئيس المعزول، للمطالبة بعودته للحكم.
وفي ما بدا إعلانا للنصر، قال الدكتور عمرو الشورى، عضو مجلس النقابة العامة، إن «مرشحي قائمة الاستقلال اكتسحوا انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء»، لافتا إلى أن الانتصار والفوز الحقيقي ليس الفوز على الإخوان في الانتخابات، وإنما الانتصار لحقوق ومطالب الأطباء في كادر عادل يصون كرامتهم، وتطوير منظومة الصحة في كل قطاعات الحكومة، بالإضافة إلى زيادة موازنة الصحة إلى 15 في المائة، فضلا عن بنية تشريعية تحمي المهنة والعاملين بها، مثل قانون تغليط عقوبات التعدي على المستشفيات».
وقالت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء منسق حركة «أطباء بلا حقوق»، إن السبب في هزيمة قائمة الإخوان في انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء هو الأداء السيئ والمنفر لهم عموما وفي النقابة على وجه الخصوص، وما حدث في الجمعية العمومية الأخيرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من اعتداءات على الأطباء، فضلا عن تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات التي تثبت فساد القائمين على النقابة.
وأشارت إلى أنهم سوف يعملون على تدعيم نقابة مهنية قوية مستقلة لكل الأطباء ولا تكون تابعة لأي حزب سياسي، لافتة إلى أن النقابة ليست المجلس فقط بل جمعية عمومية لكل الأطباء، مؤكدة ضرورة تدعيم كل الأطباء للمجلس بالرأي والمحاسبة وتصحيح المسار عند الخطأ والمشاركة عند اللزوم.
ويتوقع مراقبون أن تكون نتيجة الانتخابات كارثة بالنسبة للإخوان، لأن النقابة ستصبح تحت سيطرة التيار اليساري، ويحق له تشكيل هيئة المكتب، بما يعني استحواذه على مناصب الأمين العام، والوكيل، وأمين الصندوق، ومقرري اللجان الفرعية، بما فيها اللجنة الإعلامية ولجان الإغاثة والشباب والحريات والتعليم الطبي المستمر، وغيرها من اللجان، ويحق له إلغاء وإقرار بعض اللجان الجديدة أو المجمد نشاطها.
من جانبها، قللت مصادر في جماعة الإخوان من أهمية النتائج قائلة «الإقبال على الانتخابات كان ضعيفا للغاية». وأضافت المصادر أن «الجماعة حققت مقاعد في نقابة الأطباء، رغم الحشد ضدها»، مؤكدة أن ذلك سوف يزيد الجماعة إصرارا على المشاركة في جميع الانتخابات القادمة، سواء في النقابات أو البرلمان أو المجالس المحلية. وتابعت المصادر الإخوانية لـ«الشرق الأوسط»: «لن تترك الجماعة أي استحقاق دون مشاركة سواء إيجابية أو غير إيجابية».
بينما قال الدكتور مصطفى النجار، الناشط السياسي، إن «مشاركة الإخوان في انتخابات الأطباء، التي أشرف عليها القضاء، تعد اعترافا بشرعية السلطة القائمة وتراجعا استراتيجيا في موقفهم يمهد الطريق لخطوات مماثلة». وتابع النجار عبر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أمس، أن «انتخابات النقابات تتم تحت إشراف قضاء الدولة، وإذا لم تكن معترفا بشرعية الدولة فلا تتعامل مع كل مكوناتها، ولا تستثن إذا كنت صاحب مبدأ».
وألقي القبض على معظم قيادات وأعضاء جماعة الإخوان، ومن بينهم الرئيس المعزول مرسي، وهم يحاكمون حاليا بتهم التحريض على قتل المتظاهرين، والانتماء لجماعة محظورة بعد صدور حكم قضائي بحظرها، والاستخدام المفرط للعنف.
في السياق ذاته، يقول بهاء الدين شعبان، القيادي بجبهة الإنقاذ الوطني، إن «نتائج الانتخابات النقابية مؤشر بالغ الدلالة على حجم الجماعة في الشارع، والذي أصبح معدوما، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تعد نتائج انتخابات النقابات مقياسا جيدا يكشف تراجعا كبيرا في شعبية جماعة الإخوان». ويشدد شعبان على أن ضعف الإقبال في انتخابات نقابة الأطباء يعد مؤشرا إضافيا في غير صالح الجماعة التي عرف عنها قدرتها على الحشد، لو قررت الحشد بـ«لا» على الدستور الجديد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم