ندوة في أصيلة تبحث مسار صياغة وتطبيق ميثاق المواطنة البحريني

مستشار ملك البحرين: من حق الدولة نزع الجنسية من المواطن الذي يخون العهد

الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة («الشرق الأوسط»)
الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة («الشرق الأوسط»)
TT

ندوة في أصيلة تبحث مسار صياغة وتطبيق ميثاق المواطنة البحريني

الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة («الشرق الأوسط»)
الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة («الشرق الأوسط»)

أبرز مشاركون في ندوة بأصيلة المغربية مناعة النموذج السياسي البحريني، المرتكز على المواطنة أمام تحديات المؤامرات الخارجية، خاصة المشروع الإيراني، الذي يسعى إلى ضرب استقرار البحرين، وجعلها بوابة لزعزعة استقرار المنطقة برمتها.
وتطرق مشاركون في الندوة، التي نظمت مساء أول من أمس، حول موضوع «المواطنة في الميثاق الوطني البحريني»، وذلك في إطار فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي الأربعين، إلى الإشكاليات التي تواجه النموذج الديمقراطي البحريني بسبب وجود جالية إيرانية كبيرة، حصلت على الجنسية البحرينية في إطار مشروع ترسيخ المواطنة والديمقراطية. غير أن استمرار ولاء الكثير من أفرادها لاعتبارات عقدية ودينية للنظام الإيراني يجعلها تشكل خطرا متناميا على استقرار البلد.
وفي معرض رده على سؤال لأحد المشاركين حول إمكانية اللجوء إلى سحب الجنسية من الأشخاص الذين يثبت في حقهم العمل لجهات خارجية والضلوع في التآمر على الدولة، قال نبيل الحمر، مستشار العاهل البحريني لشؤون الإعلام، إن من حق أي دولة أن تحمي مجتمعاتها والدفاع عن حوزتها. مبرزا أن الكثير من الدول تلجأ إلى سحب الجنسية من المواطنين الذين يسيئون لها، وأنه من حق الدولة أن تنزع الجنسية «من المواطن الذي يخون العهد».
وأوضح الحمر أن ميثاق العمل الوطني البحريني، الذي وضع في بداية الألفية وصادق عليه الشعب البحريني خلال استفتاء عام، وضع الأسس والمقومات الحضارية لمملكة البحرين على المستويات الدستورية والمدنية، كما حدد الهوية الحضارية التاريخية العربية الإسلامية للبحرين. وقال إن هذا الميثاق «وضع على أساس رؤية شمولية للمشروع الإصلاحي، التي حددها العاهل البحريني في ترسيخ وتنمية مبدأ المواطنة، وجعل الإصلاح السياسي ينطلق من المواطن».
وأبرز الحمر أن المواطنة لا تعني الحقوق فحسب، ولكن أيضا الواجبات، مشيرا إلى أن المواطنة تعمل في المجتمع وفق ضوابط، أهمها المصلحة العليا للوطن، ووحدته القائمة على التنوع. وقال في هذا السياق إن «التوافق لا يعني الرأي الجيد، فهناك من يعارض هذه التوجهات التي صادقت عليها غالبية شعب البحرين من خلال استفتاء شفاف ونزيه». مضيفا أن «هناك وجهات نظر مختلفة، ونحن نحترمها، والدولة احترمتها. ولكن عندما يبالغ في استخدام العنف، وفي استخدام حق المعارضة بشكل يسيء للوطن، وبطريقة غير مشروعة، فإن من حق السيادة الوطنية أن تتدخل لحماية المجتمع وتطبيق القانون».
في سياق ذلك، أوضح الحمر أن الدولة أعطت خلال العقدين الأخيرين المجال للمعارضين، ومنحتهم فرصا كثيرة لإصلاح الأمور، وذلك حتى بالنسبة للمسيئين لها. كما تحدث عن مسار الإصلاحات السياسية، الذي عرفته البلاد، وصولا إلى إقرار الملكية الدستورية والحريات السياسية.
من جانبه، أبرز الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة، رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، إنجازات ومكتسبات ميثاق العمل الوطني البحريني منذ اعتماده مطلع سنة 2001، مشيرا إلى أن البحرين تمكنت خلال هذه الفترة من رفع التحديات الاقتصادية لتصبح الاقتصاد الأسرع نموا في منطقة الخليج العربي، كما تمكنت من تطوير مؤهلاتها وترقية رأسمالها البشري، وتقليص البطالة إلى أقل من 4 في المائة، والتحول إلى مركز مالي عالمي.
وأضاف الشيخ عبد الله أن البحرين حققت أيضا إنجازات كبيرة على الصعيد الأمني، موضحا أنها واصلت جهودها مع الشركاء والتحالفات العسكرية لمكافحة الإرهاب، كما نجحت أجهزتها الأمنية في إحباط الكثير من المخططات الإرهابية وإلقاء القبض على الخلايا الإرهابية، التي تدربت في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني. وقال في هذا السياق إن «ميثاق العمل الوطني بشر بمستقبل أفضل لنهضة مستدامة، نشهد كل يوم إنجازاتها ومكتسباتها على أرض الواقع، وذلك في إطار وطني سليم، يتحقق من خلاله الأمان والتطلعات، وفي ظل ملكية دستورية تصان فيها الحقوق والحريات، بما يتناسب مع ظروفنا ومصلحتنا الوطنية وهويتنا وقيمنا».
وفي اختتام الندوة وقع منتدى أصيلة اتفاقية شراكة وتعاون مع «مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم