ورقة «أسس وضوابط» لحل أزمة «فتح ـ حماس» في لبنان

مصدر من «فتح» طالب بعدم إقحام لبنان في سجالات تؤثر على الوجود الفلسطيني

اطفال فلسطينيون في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان (رويترز)
اطفال فلسطينيون في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان (رويترز)
TT

ورقة «أسس وضوابط» لحل أزمة «فتح ـ حماس» في لبنان

اطفال فلسطينيون في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان (رويترز)
اطفال فلسطينيون في مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان (رويترز)

يتم حالياً، بحسب المعلومات من مصادر فلسطينية في لبنان، العمل على ورقة تعيد تحديد قواعد العمل المشترك بين «فتح» و«حماس»، على أن تكون أشبه بوثيقة تفاهم جديدة، باعتبار أن الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان، وقعت في العام 2014 مبادرة موحدة لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان، وتعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية، اشتملت على 19 بنداً، وركزت على العمل لمنع الفتنة المذهبية، والحؤول دون وقوع اقتتال فلسطيني أو مع طرف لبناني، حماية للهوية الوطنية الفلسطينية عبر التمسك بحق العودة، ورفض مشاريع التوطين والتهجير والوطن البديل، ودعم وحدة لبنان وأمنه واستقراره، وتعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية.
وتنشط، بحسب مصادر فلسطينية مطلعة، الوساطات والمساعي الفلسطينية واللبنانية لإعادة تفعيل عمل الأطر المشتركة، «رغم إصرار حركة (فتح) على وجوب التوصل إلى اتفاق على الخطوط العريضة وإرساء قاعدة مبنية على أسس واضحة، فلا تتخذ أي من الفصائل خطوات فردية، كما لا يتم التنصل من القرارات التي تتخذها القيادة السياسية».
ولا يزال العمل بالأطر الفلسطينية الموحدة معلقاً في لبنان منذ الأسبوع الماضي بقرار من حركة فتح وفصائل «منظمة التحرير»، بعد تفاقم الخلافات مع حركة حماس، ما يهدد الاستقرار السياسي والأمني في المخيمات التي تتولى شؤونها منذ العام 2014 قيادة سياسية موحدة ولجان أمنية مشتركة، نجحت إلى حد بعيد في تحييد الفلسطينيين المقيمين في لبنان عن الأزمات التي شهدتها المنطقة في الأعوام الماضية، وبخاصة الأزمة السورية.
وتتبادل «فتح» و«حماس» الاتهامات بعدم الالتزام بقواعد العمل المشترك. وتقول «فتح» إن «حماس» تتنصل من الاتفاقات والتفاهمات التي تعلن التزامها بها عندما يحين موعد التنفيذ على الأرض، فيما تعتبر «حماس» أن قيادة «فتح» تحاول التفرد بالقرارات ما يوجب إعادة النظر بالأسس والضوابط التي تم التوافق عليها قبل نحو 4 سنوات.
وعقدت قيادة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان اجتماعاً، مطلع الأسبوع الحالي، في السفارة الفلسطينية، أكدت خلاله تمسكها بالعمل الوطني الفلسطيني المشترك في الساحة اللبنانية، القائم على احترام القرارات التي تتخذ بشكل جماعي والالتزام بها، خصوصاً تلك المتعلقة بحفظ أمن واستقرار التجمعات والمخيمات الفلسطينية.
واعتبر مصدر مسؤول في حركة فتح، أن «الحركة جاهزة للعودة غداً إلى العمل الفلسطيني المشترك الذي تتمسك به»، في حال أعلنت «حماس» التزامها بالتعهدات واحترامها للاتفاقات التي تم توقيعها في وقت سابق، والتي قد يتم التوصل إليها في المرحلة المقبلة»، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب أن يتزامن ذلك مع «وقف حملات التحريض المسيء والإشاعات المسمومة». وقال المصدر، «المطلوب من الجميع إدراك خطورة المرحلة التي تستدعي وحدة الصف الفلسطيني لمواجهة التحديات، وأبرزها (صفقة القرن)، والسعي لشطب حق العودة وإنهاء وجود (الأونروا)»، لافتاً إلى «وجوب أن يترافق ذلك مع تجديد التمسك بتحييد المخيمات عن التجاذبات الداخلية والإقليمية، وتحييد الساحة اللبنانية وعدم إقحامها في أي سجالات تؤثر سلباً على الوجود الفلسطيني في لبنان».
وقد بدأ تحالف القوى الفلسطينية، الذي يضم عدة قوى، أبرزها حركة حماس و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية» وغيرها من الفصائل والمجموعات، إعداد «ورقة أسس وضوابط» سيعرضها الأسبوع المقبل على كافة الأطر، آملاً أن تكون أساساً للعمل المشترك، وتضع حداً للمناكفات الفلسطينية على الساحة اللبنانية. هذا ما أكده نائب المسؤول السياسي لحركة حماس في لبنان جهاد طه، معتبراً أنه «آن الأوان لمرحلة جديدة من العمل الفلسطيني المشترك على أن يقوم على أرضية متينة لمواجهة كل الاستحقاقات المقبلة». وقال طه لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نخشى أن يكون قرار (فتح) وفصائل (منظمة التحرير) تعليق العمل المشترك جزءاً من مشروع (صفقة القرن) وتصفية قضية اللاجئين، الذي بدأ تنفيذه بالسعي لتقليص خدمات (الأونروا) تمهيداً لإنهاء الوكالة بالكامل». وأضاف: «نحن لا نستجدي أي علاقة، لكن يدنا ممدودة على قاعدة شراكة وطنية وسياسية وأمنية حقيقية، خصوصاً أن تعليق العمل بالأطر المشتركة يؤثر سلباً على أداء القوى الأمنية في المخيمات».
ورغم الهدوء المسيطر في المخيمات الفلسطينية المنتشرة على قسم كبير من الأراضي اللبنانية، خصوصاً في مخيم «عين الحلوة» في مدينة صيدا جنوب البلاد، الذي لطالما شهد إشكالات أمنية، يخشى مسؤولون فلسطينيون ولبنانيون من أن يدخل طابور خامس ليعبث بأمن هذه المخيمات مستفيداً من الفراغ السياسي والأمني الذي أوجده تعليق العمل مؤخراً بالأطر المشتركة. لذلك ينشط مسؤولون سياسيون وأمنيون من الطرف اللبناني لرأب الصدع بين «فتح» و«حماس»، وتفعيل العمل والتعاون بينهما لقطع الطريق على أي مشاريع قد تهدف لزعزعة أمن لبنان انطلاقاً من التصويب على أمن المخيمات.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.