موسكو تنفي أنباء عن مقتل عشرات من جنودها في سوريا

قالت إنها لم تتلق طلباً لتزويد دمشق بـ«إس300» لكنها «مستعدة» لبحث الموضوع

TT

موسكو تنفي أنباء عن مقتل عشرات من جنودها في سوريا

نفت وزارة الدفاع الروسية صحة أنباء تناقلتها وسائل إعلام حول مقتل عشرات العسكريين الروس في درعا أخيرا، جراء هجوم انتحاري على قافلة روسية. وأفاد بيان أصدرته الوزارة، أمس، بأن قواتها العاملة في سوريا لم تتعرض خلال الفترة الأخيرة لأي هجوم، «لا في المنطقة الجنوبية ولا في أي منطقة أخرى». وشددت على أن الأنباء التي نقلتها وسائل إعلام حول وقوع خسائر في الأرواح بصفوف العسكريين الروس في محافظة درعا، «لا أساس لها».
وكانت أنباء ترددت عن مقتل 35 عسكريا روسيا جراء هجوم انتحاري في جنوب سوريا. لكن موسكو اتهمت تنظيم داعش بـ«تلفيق هذه المعطيات من أجل استخدامها في حملات ترويجية للتنظيم». وأكد البيان الوزاري أن «كل العسكريين الروس الموجودين في سوريا سالمون وبصحة جيدة، ويواصلون أداء واجباتهم وفقا للخطط المقررة».
يذكر أن موسكو كانت نفت في وقت سابق صحة معطيات عن وقوع ضحايا في صفوف العسكريين الروس، ثم عادت وأقرت في وقت لاحق بتعرضهم لهجمات ووقوع خسائر. وفي مطلع العام، نفت موسكو معطيات عن تعرض قاعدة «حميميم» لهجوم باستخدام طائرات مسيرة، لكنها اعترفت بعد أسابيع بأن الهجوم أسفر عن مقتل شخصين على الأقل وتدمير عدد من الطائرات الروسية التي كانت على مدرج القاعدة.
وفي فبراير (شباط) الماضي، نفت وزارة الدفاع بشدة صحة تقارير عن تعرض وحدات من «المرتزقة الروس» الذين يقاتلون في سوريا إلى جانب النظام لهجوم من جانب طائرات أميركية، أوقع بحسب تقديرات 217 قتيلا في صفوفهم. لكن موسكو عادت في وقت لاحق واعترفت بأن القافلة تعرضت لهجوم جوي أميركي، وقالت إن عشرات سقطوا بين قتيل وجريح.
على صعيد آخر، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن موسكو مستعدة لبحث مسألة تزويد سوريا بصواريخ «إس - 300» في حال تلقت طلبا رسميا في هذا الشأن. ولم تتلق حتى الآن أي طلب من دمشق بهذا الخصوص. ولفت إلى أن «قرار تقديم هذا النوع من الأسلحة لأي جيش أجنبي يتخذ بناء على طلب رسمي، وهو ما لم يردنا بعد وبالتالي، فإنه من السابق لأوانه الحديث عن ذلك الآن». وأعاد تصريح شويغو الجدل حول هذا الملف بعدما كان هدأ خلال الأسابيع الأخيرة. وكانت موسكو أعلنت بعد توجيه بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا ضربة جوية مشتركة ضد مواقع سورية أنها تخلت عن التزام سابق بعدم تزويد دمشق بأنظمة دفاعية متطورة. وانتشرت معطيات حول احتمال أن يكون موعد تسليم دمشق هذه الأنظمة الصاروخية «قريبا جدا» لكن الكرملين عاد في وقت لاحق وخفف الجدل حول هذا الموضوع عبر إعلانه أن «لا مفاوضات حول هذا الموضوع في الوقت الحالي».
وأوضح شويغو أمس أن موسكو تراجعت عن تصدير هذه الصواريخ لدمشق بطلب من إسرائيل وعدد من الدول الغربية قبل سنوات، إلا أنها مستعدة للعودة إلى هذه الفكرة اليوم. وقال: «في الوقت الراهن، وبعد عدوان الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على سوريا، برزت ضرورة امتلاك دمشق وسائل دفاع جوي حديثة، ونحن مستعدون للعودة إلى بحث هذه المسألة».
اللافت أن تصريحات شويغو تزامنت مع وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في زيارة إلى موسكو، حيث التقى أمس الرئيس فلاديمير بوتين. ورغم أن اللقاء جرى خلف أبواب مغلقة، لكن تسريبات أشارت إلى أن الملف السوري شغل حيزا أساسيا من الاهتمام، على خلفية إصرار إسرائيلي على تثبيت «مبدأين أساسيين تقوم عليها السياسة الإسرائيلية حاليا، هما منع الوجود الإيراني في كل الأراضي السورية ودفع الحكومة السورية إلى الالتزام بشكل صريح باتفاق فك الاشتباك بين الطرفين الموقع عام 1974»، وفقا لتصريحات نتنياهو قبل الزيارة.
لكن أوساطا روسية أشارت إلى أن موسكو تسعى إلى التوصل إلى حل وسط يوفر تطمينات للجانب الإسرائيلي، من دون أن تضطر إلى ممارسة ضغوط على حليفها الإيراني. ووفقا للمصادر، فإن موسكو لا تمانع إبعاد القوات الإيرانية والقوات التابعة لإيران عن المناطق الحدودية لتخفيف التوتر ومنع وقوع احتكاكات قد تتحول إلى مواجهة بين الطرفين الإيراني والإسرائيلي، لكنها في المقابل ترى أن مناقشة ملف الوجود الكامل لإيران في سوريا يجب أن تجري في وقت لاحق مع الحكومة السورية وفي إطار انطلاق مسار التسوية السياسية الشاملة في سوريا.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.