الأحزاب المصرية ترجئ قوائمها البرلمانية بالتزامن مع ارتباكات في التحالفات

قيادي وفدي قال لـ {الشرق الأوسط} إن تحالف حزبه هو الأقرب لعمرو موسى

ياسر حسان
ياسر حسان
TT

الأحزاب المصرية ترجئ قوائمها البرلمانية بالتزامن مع ارتباكات في التحالفات

ياسر حسان
ياسر حسان

كشفت مصادر حزبية عن أن «أغلب التحالفات السياسية في انتخابات البرلمان المصري المقبل تعاني من الارتباك داخلها، وأن هناك تحالفا وحيدا هو الواضح المعالم على أرض الواقع»، وقالت المصادر إن «الكثير من الأحزاب أرجأت قوائمها الانتخابية لحين الاتفاق على الخريطة النهائية للتحالفات السياسية والانتخابية، حتى لا تضطر إلى تعديلها بعد الاستقرار على شكل التحالفات الانتخابية». وفي غضون ذلك، قال ياسر حسان القيادي بحزب الوفد لـ«الشرق الأوسط»، إن «عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين التي أعدت الدستور لن ينضم إلى أي تحالف آخر»، مضيفا: «الأقرب إليه تحالف الوفد المصري».
وتفرض الانتخابات البرلمانية نفسها على المشهد السياسي في مصر الآن، وتعد الانتخابات البرلمانية هي الخطوة الثالثة والأخيرة في «خريطة المستقبل» التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي الصيف الماضي. وقال مصدر في لجنة الانتخابات البرلمانية إنه «من المتوقع الإعلان عن بدء إجراءات انتخابات البرلمان قبل 18 يوليو (تموز) الحالي، وفقا للفترة الزمنية التي حددها الدستور الجديد».
ونص دستور البلاد الجديد الذي جرى إقراره مطلع العام الحالي على أن يبدأ الاقتراع الثاني (انتخابات البرلمان) خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ العمل بالدستور (المادة 230). ومن المتوقع أن يلعب البرلمان المقبل دورا بارزا بحكم الصلاحيات الممنوحة لأعضائه في الدستور، الذي قلص في المقابل من صلاحيات رئيس الدولة إلى حد بعيد.
وبدأت قوى سياسية الإعداد لمعركة الانتخابات البرلمانية، من خلال تحالفات انتخابية تنافس على مقاعد البرلمان، حيث أعلنت الأحزاب والتيارات السياسية المصرية عن تشكيل أربعة تحالفات انتخابية حتى الآن سيطرقون بها أبواب مجلس النواب، من خلال المنافسة بدوائر الانتخاب الفردية والقوائم الحزبية، أملا في الاستحواذ على الأغلبية في المجلس المقبل.
لكن المصادر الحزبية التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» أكدت أن الكثير من هذه التحالفات لم يكتمل في صياغات نهائية، وفي مقدمتها اتجاه أحزاب تحالف «التيار المدني الديمقراطي» الذي يقوده حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق إلى الانضمام إلى تحالفات أخرى، ما يعني فشل التحالف انتخابيا واكتفاءهم بالتعاون السياسي، فضلا عن تحالف عمرو موسى، الذي تفكك بعد أيام قليلة من الإعلان عنه.
وكان قد تردد في وقت سابق أن موسى بمشاركة اللواء مراد موافي رئيس المخابرات العامة المصرية الأسبق، ووزير الخارجة الأسبق محمد العرابي، كونوا تحالفا مدنيا داعما للرئيس عبد الفتاح السيسي داخل البرلمان. لكن ياسر حسان رجح أن ينضم موسى إلى تحالف «الوفد المصري»، بقوله: «لا أعتقد أن موسى ينضم إلى تحالف آخر.. لأن الأقرب إليه هو تحالف الوفد المصري».
من جهتها، أوضحت المصادر الحزبية نفسها أن «الخريطة الخاصة بالتحالفات ستقتصر على أربعة تحالفات رئيسة، الأول يتضمن الوفد المصري الذي يضم أحزاب الوفد والمصري الديمقراطي الاجتماعي والإصلاح والتنمية والمحافظين، ويتضمن التحالف الثاني الأحزاب اليسارية، أما التحالف الثالث فيضم حزب المؤتمر والحركة الوطنية والتجمع، لكن لم يحسم الشكل النهائي له، بينما أعلن حزب المصريين الأحرار عزمه خوض المعركة منفردا».
وأكد ياسر حسان، وهو عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، أن التحالف الوحيد الواضح الشكل الآن هو «تحالف الوفد المصري» الذي يضم بجانب الأحزاب شخصيات عامة منهم عمرو الشوبكي عضو لجنة الخمسين، وهاني سري الدين، وهو أكاديمي مصري متخصص في الاستثمار، ومحمود طه رئيس النادي الأهلي. وقال حسان إن «تحالف الوفد المصري مستمر في شكله الذي استقر عليه»، لافتا إلى أنه غير مطروح أن يندمج الوفد المصري مع أي تحالف آخر، في مقابل انفتاح التحالف لضم أي أحزاب أخرى، مشيرا إلى أن التحالف يدرس انضمام أحزاب جديدة تقدمت بطلب رسمي للانضمام وفي مقدمتها الدستور، وأنه سيجري حسم الأمر خلال الاجتماع القادم، بينما أعلن حزب الدستور أنه لم يحسم موقفه من التحالف الانتخابي مع الوفد المصري، الأمر الذي يتضارب أيضا مع ما أعلنه رئيس حزب الوفد السيد البدوي أنه تلقى طلبا واتصالا من رئيسة حزب الدستور هالة شكر الله للدخول في تحالف انتخابي مع الوفد.
وحول عدد المقاعد التي يتوقع أن يحصل عليها تحالف الوفد المصري، قال حسان إن «قانون مجلس النواب الحالي صعب ويقضي على فكرة وجود الأحزاب في البرلمان»، لافتا إلى أن «حزب الوفد يحاول أن يكون الحزب الأول في عدد المقاعد، لكن لا أستطيع تحديد عدد هذه المقاعد»، مشيرا إلى أنه في ظل النظام الفردي والعصبية والقبلية يصعب تحديد ذلك.
وأقر مجلس الوزراء في مصر مشروعي قانوني مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب في يونيو (حزيران) الماضي، ويتضمن أن يكون مجمل عدد الأعضاء 567 عضوا، منهم 540 بالانتخاب (420 مقعدا بالنظام الفردي و120 بالقوائم المغلقة المطلقة)، إضافة إلى تعيين الرئيس لخمسة في المائة من أعضاء البرلمان. وفي آخر انتخابات برلمانية جرت في البلاد مطلع عام 2012، بلغ عدد نواب مجلس الشعب 444 نائبا، بالإضافة إلى عشرة أعضاء عينهم رئيس الدولة، مما يعني أن مشروع القانون الجديد أضاف 156 نائبا.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.