مقتل ستة جنود يمنيين في هجوم لـ«القاعدة» بأبين

أكثر من 100 قتيل وعشرات الجرحى في معارك الجيش ضد الحوثيين

مقتل ستة جنود يمنيين في هجوم لـ«القاعدة» بأبين
TT

مقتل ستة جنود يمنيين في هجوم لـ«القاعدة» بأبين

مقتل ستة جنود يمنيين في هجوم لـ«القاعدة» بأبين

يكثف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من هجماته في اليمن، حيث استهدف أمس حافلة تحمل عناصر من القوات المسلحة، مما أدى إلى مقتل ستة جنود، في الوقت تتواصل فيه المعارك الضارية في محافظة عمران بشمال صنعاء.
وقالت مصادر محلية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن عددا من المسلحين الملثمين الذين يعتقد أنهم من عناصر تنظيم القاعدة نصبوا كمينا صباح أمس، لدورية أمنية في مدينة المحفد بمحافظة أبين وفتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة على من كان بداخل الدورية، وقاموا بتصفيتهم، وهم ستة جنود، قبل أن يستولوا على الأسلحة التي كانت بحوزتهم ومغادرة الشارع العام الذي كانت تمر منه الدورية، ووصف مصدر رسمي لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) الهجوم بالإرهابي وتوعد بملاحقة الفاعلين.
وتعد المحفد المعقل الرئيس لعناصر «القاعدة» في محافظة أبين الجنوبية وسبق للقوات الحكومية قبل أشهر القيام بحملة عسكرية واسعة النطاق لتطهيرها من العناصر المتشددة التي كانت تسيطر على المنطقة بصورة كاملة. وكانت «القاعدة» نفذت خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة من العمليات التي توصف بـ«الإرهابية» في محافظة حضرموت، آخرها مقتل جندي وإصابة آخرين في هجوم على نقطة أمنية بمديرية حج،ر وقبل ذلك الهجوم بسيارة مفخخة على منفذ الوديعة الحدودي بين اليمن والمملكة العربية السعودية التي تسلل إليها عدد من المقاتلين أثناء تلك العملية.
على صعيد آخر، تتواصل المعارك الضارية في محافظة عمران الواقعة إلى الشمال من العاصمة صنعاء، وحسب مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، فإن الجيش اليمني صد، فجر أمس، هجوما كبيرا للحوثيين هدفوا من خلاله السيطرة على جبل يطل مباشرة على مبنى المجمع الحكومي للمحافظة، في وقت يتقدم الحوثيون نحو مدينة عمران من ثلاثة اتجاهات، وإذا تمكنوا من السيطرة على مبنى المحافظة، فإنهم سوف يصلون إلى الطريق الذي يربط عمران بالعاصمة صنعاء، التي تبعد عنها عمران بضعة كيلومترات.
وحسب إحصائية أولية لمصادر طبية وميدانية، فإن أكثر من مائة شخص قتلوا في المعارك الدائرة منذ منتصف ليل الجمعة الماضي، وتشير المصادر المحلية إلى أن معظم القتلى هم في صفوف الحوثيين وقوات الجيش في المرتبة الثانية وعدد قليل من المدنيين الذين يواصلون النزوح عن محافظة عمران باتجاه العاصمة وتقدر أعدادهم، حتى اللحظة، بعشرات الآلاف من النازحين عن منازلهم وقراهم ومزارعهم.
وتشهد الساحة اليمنية نوعا من السخط إزاء المعارك التي يخوضها الحوثيون في شمال اليمن والتي تشمل محافظتي عمران وحجة، وأجزاء من محافظة صنعاء ومناطق من ضواحي العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى سيطرتهم على محافظة صعدة بالكامل وأجزاء من محافظة الجوف وتوسعهم في محافظات أخرى بعيدة، في الوقت الذي يتزايد هذا السخط مع قيام الحوثيين بضرب خطوط نقل الكهرباء في تلك المحافظات ومنع الفرق الفنية من القيام بإصلاحها منذ عدة أشهر، وكذا بسبب قيامهم بخرق عدد من هدن وقف إطلاق النار ورفضهم إخلاء المواقع التي استولوا عليها، هذا ويدور حديث في الشارع اليمني حول نية الحوثيين تنفيذ هجوم كبير يستهدف العاصمة خلال الأيام القليلة المقبلة، وتتزايد هذه المخاوف في ظل الوضع المعيشي الصعب الذي يعانيه المواطن اليمني جراء الانقطاعات المتواصلة للتيار الكهربائي وانعدام المشتقات النفطية.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.