رمال التحالفات السياسية العراقية متحركة

أنباء عن تقارب بين العبادي والمالكي

TT

رمال التحالفات السياسية العراقية متحركة

تبدو التفاهمات بين الكتل والائتلافات السياسية العراقية الفائزة في الانتخابات العامة التي جرت في مايو (أيار) الماضي، أشبه بـ«الرمال المتحركة» التي تتغير بين لحظة وأخرى.
وبينما بدت الأمور قبل أسابيع تسير باتجاه محور «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر و«الفتح» بزعامة هادي العامري بعد لقاء الطرفين مطلع يونيو (حزيران) الماضي وأنه حسم موضوع الكتلة الأكبر المؤهلة لتشكيل الحكومة بحكم قدرته على جمع أكثر من 100 مقعد نيابي (54 لـ«سائرون» و48 لـ«الفتح») وعلاقتهما الجيدة بتحالف «الحكمة» (19 مقعدا) و«العراقية» (21 مقعدا)، برزت في غضون الأسبوع الأخير ملامح حراك سياسي من نوع آخر يصب في صالح تقارب وشيك بين قطبي حزب الدعوة، نوري المالكي وحيدر العبادي، من جهة، وآخر شبه معلن بين «الفتح» و«دولة القانون»، خاصة بعد زيارة الوفد المشترك بين الائتلافين أربيل أول من أمس واجتماعه مع قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويرى مراقبون محليون أن من شأن التحركات السياسية الأخيرة أن يعيد خلط أوراق التحالفات من جديد وتظهر أن ما كان بعيد الاحتمال قبل أسابيع معدودة، أصبح اليوم واقعا أو احتمالا قائما بقوة.
ويؤكد مصدر مقرب من حزب الدعوة الإسلامية التقارب الأخير الذي حدث بين المالكي زعيم الحزب ورئيس ائتلاف «دولة القانون» الحاصل على 25 مقعدا نيابيا ورفيقه في الحزب رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي يتزعم ائتلاف «النصر» الحاصل على 42 مقعدا في الانتخابات الأخيرة. ويقول المصدر الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه إن «اجتماعات مكثفة حدثت داخل أوساط الدعوة انصبت على تقريب وجهتي النظر بين العبادي والمالكي بعد أن حكمت علاقة الرجلين في السنوات الأخيرة حالة من التوتر والبرود».
ويؤكد المصدر أن «قيادة حزب الدعوة وكوادرها الدنيا تشعر منذ فترة بقلق من حالة الخصام بين الرجلين، وترى أن عدم اتفاقهما سيضعف جبهة الحزب أمام الأخيرين ويفوت عليها إمكانية الفوز بولاية أخرى لرئاسة الوزراء». ويشير إلى «تبلور ملامح خطين سياسيين على المستوى الشيعي، يسعى إلى التحاور مع الأكراد والسنة لتشكيل الكتلة الأكبر، يمثل الأول تحالفات (دولة القانون والفتح والنصر) ويمثل الثاني تحالف (سائرون والحكمة)». ويلفت المصدر إلى «وجود قناعة راسخة لدى أغلب أعضاء الدعوة مفادها أن العبادي بمفرده وكذلك المالكي لا يملكان قوة انتخابية مؤثرة خلافا لو دخلا في تحالف موحد يضمن لهما أكثر من 65 مقعدا في البرلمان».
بدوره، أكد المتحدث باسم ائتلاف «دولة القانون» عباس الموسوي حالة التقارب بين الجانبين. وذكر الموسوي لـ«الشرق الأوسط» أن «دولة القانون ليس لديها اعتراض على أي كتلة، وهناك بالفعل تفاهمات مع تحالفي النصر والفتح». ويشدد الموسوي على موضوع الأغلبية السياسية الذي طرحه «دولة القانون» في وقت مبكر، وهي «أغلبية تعتمد على تشكيل كتلة نيابية كبيرة من مختلف التوجهات السياسية الشيعية والكردية والسنية بهدف تشكيل الحكومة المقبلة». وجدد دفاعه عن فكرة أن «لا عودة لصيغة التحالف الشيعي القديم المؤلف من قوى شيعية فقط».
من جهة أخرى، قال القيادي في تحالف «سائرون» الذي يرعاه مقتدى الصدر، صباح الساعدي، في بيان أمس، إنه «من الخطأ تكرار نفس آليات التحالفات السابقة». وقال الساعدي، فيما بدا ردا على التقارب بين «دولة القانون» و«الفتح» و«النصر» وبعض القوى الكردية، إن «بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تداولت أخبارا عن حوارات ومشاورات من أجل تشكيل تحالفات في اليومين السابقين، ونحن الآن نؤكد أن تحالف سائرون متمسك في منهجه بتشكيل الكتلة العابرة للمحاصصة والطائفية السياسية»، معتبرا أن «الأساس الصحيح الذي يجب أن تنطلق على وفقه التحالفات هو المشروع الوطني والكتلة العابرة، وسائرون ماضٍ مع الزعيم العراقي الصدر لتحقيق هذا الاستحقاق الوطني».
وأشار الساعدي إلى أن «المباحثات التي جرت وما نتج عنها من تحالفات ثنائية وثلاثية ما زالت تمثل الأرضيّة الصلبة لتشكيل الكتلة العابرة الأكثر عددا المعنية بإنجاز الاستحقاقات الدستورية».
يشار إلى أن قرار البرلمان القاضي بإعادة العد والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات ومصادقة المحكمة الاتحادية عليه أسهم كثيرا في تأخير تشكيل الحكومة الجديدة بعد أن انتهى عمر البرلمان نهاية يونيو (حزيران) الماضي، ويتوقع أن تستمر الحوارات بين الكتل السياسية أشهرا إضافية إلى حين مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات بعد انتهاء عمليات العد اليدوي وانتهاء فترة الطعون عليها.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.