سعت السلطات الجزائرية إلى احتواء المخاوف الشعبية من رفع الدعم الاجتماعي البالغ 18 مليار دولار تدفعها الخزينة العمومية لتخفيف وطأة أسعار مواد غذائية ومنتجات مشتقة من النفط عن ملايين الجزائريين.
ويرتبط هذا الملف، بشكل أساسي، بالانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، فالحكومة تريد تأجيل قرار اتخذته برفع الدعم عن فئات واسعة من المواطنين، تفاديا لعزوف شعبي محتمل عن التصويت. وقال رئيس الوزراء أحمد أويحيى في اجتماع مغلق لكوادر حزبه «التجمع الوطني الديمقراطي»، أول من أمس، إن الحكومة «لن ترفع يدها عن دعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع العام المقبل، فالأمر ليس وارداً تماماً في أجندتها».
وكلَف المتحدث باسم الحزب صديق شهاب الاتصال بوسائل الإعلام، للتأكيد على أن الحكومة «ليست في نيتها التخلي عن تعهداتها في المجال الاجتماعي».
وجاء موقف أويحيى بمثابة «تصحيح» لتصريحات مثيرة للجدل أطلقها وزير المالية عبد الرحمن راوية مطلع الأسبوع الماضي، إذ قال للإذاعة الحكومية إن «الدولة تتجه إلى التخلي عن سياسة دعم الأسعار تدريجياً بداية من 2019. وهي حالياً بصدد إعداد دراسات لتحديد الفئات التي تستفيد من الدعم المباشر، لا سيما أن السياسة الاجتماعية الحالية لا نتوجه بها فقط إلى الفئات الفقيرة التي تستفيد من الدعم بسبعة في المائة فقط، بل يستفيد الأغنياء من 14 في المائة، وهي وضعية غير عادية». وأشار إلى أن «رفع الدعم عن الأسعار سيشمل في مرحلة أولى أسعار الوقود والكهرباء والغاز ثم تسعيرة المياه».
وبعد تدخل أويحيى في القضية، استدركت وزارة المالية الأمر في بيان جاء فيه: «إذا كانت هناك ضرورة لإعادة النظر في آليات الدعم الحالية، فذلك لن يكون بصفة متسرعة ولن يطبق بطريقة آلية وعشوائية».
ويعكس «التصويب» الذي صدر عن أويحيى وجود إرادة سياسية حقيقية لتحرير الأسعار، لكن توقيت الإعلان عنها لا يزال محل دراسة. ويرى مراقبون أن السلطات لا تريد أن تصدم ملايين الجزائريين، بقرارات غير شعبية ستلحق ضرراً كبيراً بالفئات ذات الدخل المحدود وهي تمثل غالبية الجزائريين. والقضية مرتبطة بانتخابات الرئاسة المرتقبة بعد 9 أشهر، ويتم الاستعداد حالياً للتمديد للرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وقال مسؤول جزائري لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة تعتزم مراجعة سياسة الدعم الاجتماعي، للتخفيف عن الموازنة التي تواجه عبئاً مالياً كبيراً تحمَّلته في زمن الوفرة، حينما كان سعر برميل النفط 100 دولار. غير أنها لم تعد قادرة على تحمله منذ 4 سنوات، بعدما تراجعت مداخيل البلاد من 55 مليار دولار إلى 30 مليار دولار سنوياً».
وأوقفت الحكومة منذ 2015 مشروعات مهمة مدرجة ضمن «الدعم الاجتماعي» مثل بناء المدارس والمستشفيات وإيصال الغاز والكهرباء إلى المناطق النائية. ورفعت سعر الوقود من دون أن تنهي الدعم عنه. ويرتقب أن يرتفع سعره من جديد ضمن قانون الموازنة للعام المقبل.
وأبدت جمعيات الدفاع عن المستهلك استياء بالغاً مما سمته «تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي تجاه المواطنين». وتعالت أصوات تدعو إلى وقف مشروعات كبيرة تلتهم أموالاً ضخمة، مثل مشروع بناء «الجامع الأعظم» (3 مليارات دولار) بالضاحية الشرقية للعاصمة. كما طالبت أحزاب وتنظيمات بإلغاء أجهزة وهيئات تأخذ من الدولة مخصصات مالية كبيرة: «ولكن ثبت أن لا حاجة إليها»، ومنها «المجلس الأعلى للغة العربية» و«المحافظة السامية للأمازيغية» و«المجلس الإسلامي الأعلى» و«اتحاد النساء الجزائريات» و«منظمة المجاهدين» و«منظمة أبناء المجاهدين» و«منظمة أبناء الشهداء» وعدد لا حصر له من الكيانات.
8:17 دقيقة
الجزائر: أموال «الدعم الاجتماعي» رهان الحكومة في انتخابات الرئاسة
https://aawsat.com/home/article/1326211/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D8%A3%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%84-%C2%AB%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%C2%BB-%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D8%A9
الجزائر: أموال «الدعم الاجتماعي» رهان الحكومة في انتخابات الرئاسة
الجزائر: أموال «الدعم الاجتماعي» رهان الحكومة في انتخابات الرئاسة
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة