التركمان والعرب في كركوك غير راضين عن نتائج العد اليدوي

{الاتحاد الوطني الكردستاني} يتوقع الفوز بمقعد إضافي

مظاهرة في كركوك أول من أمس ضد نتائج العد اليدوي (غيتي)
مظاهرة في كركوك أول من أمس ضد نتائج العد اليدوي (غيتي)
TT

التركمان والعرب في كركوك غير راضين عن نتائج العد اليدوي

مظاهرة في كركوك أول من أمس ضد نتائج العد اليدوي (غيتي)
مظاهرة في كركوك أول من أمس ضد نتائج العد اليدوي (غيتي)

بعد يومين من انتهاء عمليات العد اليدوي في محافظة كركوك الشمالية، التي سجلت أعلى نسبة طعون في نتائج الانتخابات العامة، التي جرت في 12 مايو (أيار) الماضي، تباشر مفوضية الانتخابات العراقية، التي يشرف على إدارتها مجموعة قضاة، عمليات إعادة العد والفرز اليدوي للصناديق التي وردت بشأنها طعون وشكاوى في 6 محافظات جنوبية.
وكانت مفوضية الانتخابات أعلنت، أول من أمس، انتهاء علمية العد والفرز اليدوي للصناديق التي وردت بشأنهـا شكاوى البالغة 522 صندوقاً، أي ما نسبته نحو 20 في المائة ‎من مجموع محطات الاقتراع في كركوك بعد أن كانت مطالب العرب والتركمان هناك المطالبة بإعادة العد لأكثر من 1140 محطة انتخابية.
وأعلن الناطق الرسمي باسم مفوضية الانتخابات القاضي ليث جبر حمزة في بيان أمس، أن «عملية إعادة العد والفرز اليدوي ستبدأ الاثنين (اليوم) لصناديق الاقتراع للمراكز والمحطات الانتخابية التي وردت بشأنها شكاوى وطعون في محافظات البصرة وميسان وذي قار والمثنى والقادسية وواسط بعد إتمام عملية نقلها إلى بغداد». وكشف عن أن العملية «ستجري في معرض بغداد الدولي، وبإمكان ممثلي الأمم المتحدة وممثلي سفارات دول العالم وممثلي الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام كافة حضور تلك العملية».
من جهة أخرى، تظهر بعض المؤشرات غير الرسمية بعد انتهاء عملية إعادة العد اليدوي في كركوك، أن الأطراف المعترضة، خصوصاً العرب والتركمان، خرجت من جولة العد والفرز اليدوي دون مكاسب تذكر، فيما ترجح مصادر كردية حصول حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الفائز بـ6 من أصل 12 في المحافظة على مقعد إضافي.
وأشارت المصادر إلى أن نسبة التطابق بين نتائج العد الإلكتروني واليدوي بلغت أكثر من 93 في المائة، الأمر الذي يبقي النتائج في كركوك مطابقة للنتائج التي أعلن عنها مجلس المفوضين السابق منتصف يونيو (حزيران) الماضي.
رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي يشير بإصبع الاتهام إلى «ضغوط إقليمية ودولية وجهات نافذة في بغداد تريد الإبقاء على أصوات حزب الاتحاد الكردستاني في كركوك». ويقول الصالحي لـ«الشرق الأوسط»، إن «توقف عمليات العد والفرز المفاجئ في كركوك حتى قبل انتهاء فحص الصناديق المطعون فيها يثير لدينا مجموعة شكوك، كنا نأمل من القضاة الكشف عن حجم التزوير قبل مغادرتهم كركوك». ويضيف: «كان يفترض إجراء العد اليدوي الشامل ثم تحول الأمر إلى أكثر من 500 محطة، ثم اقتصر على نحو 375 محطة فقط». ونفى الصالحي، وهو نائب سابق وفائز في الانتخابات الأخيرة، مطالبة التركمان بمقعد برلماني إضافي، إنما «أردنا كشف الحقائق، وإذا حصل الكرد على مقعد إضافي هذه المرة فمعنى ذلك أن لا وجود لممارسة ديمقراطية، كما أن الأمور في كركوك تسير باتجاه الفوضى».
من جانبه، يرى المرشح العربي في كركوك إسماعيل الحديدي أن «مجمل عملية العد اليدوي، سواء في كركوك أو غيرها أعطت الشرعية للمزورين، لأن عدم المطابقة بين البصمة والعد اليدوي ربما يساعد على زيادة أصوات المزورين». ويقول الحديدي، وهو المرشح الخاسر في كركوك عن ائتلاف «النصر» لـ«الشرق الأوسط»، إن «القبول بالعد اليدوي كان هدفه إرضاء الرأي العام والالتفاف عليه بعد عمليات التزوير التي حدثت، لكن ذلك لن يفضي إلى أي تغيير في النتائج». ويشير الحديدي إلى أن «عمليات التزوير في كركوك لم تقتصر على الكرد فقط، إنما شملت الجميع، حتى أن بعض المناطق العربية خارج مركز كركوك حدث فيها تزوير أكثر».
ويتفق المرشح عن ائتلاف «الوطنية» في الأنبار زياد العرار، على أن نتائج العد والفرز اليدوي لن تأتي بجديد لصالح الشخصيات والائتلافات المتضررة من جراء عمليات التزوير التي لحقت العملية الانتخابية. ويرى العرار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار العد الجزئي كان انقلاباً على قرار المحكمة الاتحادية الذي أقر العد الشامل بعد تفسيره لبنود التعديل الثالث لقانون الانتخابات، لكن لجنة القضاء في المفوضية ذهبت في تفسيرها إلى العد الجزئي». ويعتقد العرار، أن «تفسير القضاء لموضوع العد الجزئي خضع بطريقة ما لموضوع التوافق السياسي، بالتالي العد بهذه الطريقة لن يغير شيئاً في النتائج النهائية، وربما يزيد من خسارة الخاسرين».



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.