قمة بين البشير وسلفا كير وموسفيني لحل أزمة جنوب السودان

فريق الوساطة قدم ورقة لتقسيم السلطات ومجلس ولايات من 52 مقعداً

سلفاكير والبشير وموسيفيني ورياك مشار خلال اجتماع في الخرطوم الشهر الماضي (رويترز)
سلفاكير والبشير وموسيفيني ورياك مشار خلال اجتماع في الخرطوم الشهر الماضي (رويترز)
TT

قمة بين البشير وسلفا كير وموسفيني لحل أزمة جنوب السودان

سلفاكير والبشير وموسيفيني ورياك مشار خلال اجتماع في الخرطوم الشهر الماضي (رويترز)
سلفاكير والبشير وموسيفيني ورياك مشار خلال اجتماع في الخرطوم الشهر الماضي (رويترز)

عقدت في أوغندا قمة ثلاثية بين رؤساء السودان وأوغندا وجنوب السودان، شارك فيها زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار وعدد من قادة المعارضة في جنوب السودان، لبحث قضية تقاسم السلطة بين حكومة جوبا ومعارضيها.
وعلى نحو مفاجئ غادر الرئيس السوداني عمر البشير الخرطوم أمس إلى عنتيبي الأوغندية، وذلك بعد ساعات من توقيع أطراف النزاع في جنوب السودان اتفاقية للترتيبات الأمنية بالخرطوم.
وأجرى فريق الوساطة تعديلات على مسودة اتفاق تقاسم السلطة بين فرقاء جنوب السودان خلال الفترة الانتقالية، ووضع مشروع الاقتراح الرئيس الحالي رئيساً للبلاد، وأن يتولى زعيم المعارضة المسلحة رياك مشار منصب النائب الأول، كما اعتمدت الوثيقة تقليص عدد الولايات إلى 21 ولاية بدلاً عن 28 التي شكلتها حكومة جوبا قبل ثلاثة أعوام، في وقت أكدت مصادر وجود بعض التقدم في المفاوضات الحالية في الخرطوم.
وقال مصدر مقرب من المحادثات الحالية في الخرطوم بين فرقاء جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» إن فريق الوساطة السودانية قدم مسودة اتفاق من 4 صفحات حول تقاسم السلطة في الحكومة المركزية والولايات، وأضاف في هذا الخصوص: «الوثيقة المقترحة جاءت لإحداث توافق بين المواقف المختلفة حول هيكل مؤسسة الرئاسة والبرلمان القومي وأن يكون عدد الولايات 21 ولاية بدلاً عن 28... واقترحت الوثيقة ثلاثة نواب للرئيس وأن يبقى سلفا كير في موقعه ورياك مشار نائباً أول للرئيس، ونائبين آخرين على أن تكون بينهما امرأة خلال الفترة الانتقالية».
وأوضح المصدر أن المقترح وضع أمام حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية ترشيح شخص لمنصب نائب الرئيس وأن تختار الكتل الأخرى من تحالف المعارضة بما فيها مجموعة المعتقلين السياسيين السابقين نائباً ثالثاً للرئيس، وقال إن مهام النائب الأول للرئيس والنائبين الآخرين تولي ملفات الخدمة المدنية والاقتصاد والخدمات الأخرى، مشيراً إلى أن عدد الوزارات تم تخفيضها في الوثيقة ليكون عدد الوزراء 30 وزيراً بدلاً عن 42، وتخفيض نواب الوزراء من 15 إلى 9 نواب، وقال: «يقترح مشروع الاتفاق 17 مقعداً للحكومة الحالية مع 4 نواب للوزراء، وأن تمنح الحركة الشعبية في المعارضة بقيادة رياك مشار 8 مقاعد مع (2) نواب وزراء، وتحالف المعارضة (2) مقعد ونائب وزير، وللأحزب السياسية الأخرى مقعد واحد ومثله لنائب الوزير... على أن يكون ثلاثة نواب وزراء من النساء». وقال المصدر إن الوثيقة اقترحت تكوين مجلس الولايات من 52 مقعداً بإضافة مقعدين، وهو بمثابة مجلس الشيوخ ويُخصص للأحزاب، وفيما يتعلق بعدد الولايات أفاد بأن مشروع الاتفاق اعتمد 21 ولاية مؤقتة حتى يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن عدد الولايات من قبل لجنة الحدود القومية التي سيتم إعادة تشكيلها من قبل رئيس جنوب السودان بالتوافق مع نوابه الثلاثة، ويتم وضع ذلك في الدستور الدائم للبلاد.
ويتم تعيين أعضاء لجنة الحدود الشاملة من قبل الرئيس بالاتفاق مع نواب الرئيس الثلاثة، وتؤخذ توصيات اللجنة التجارية الدولية في الاعتبار أثناء عملية وضع الدستور الدائم، مشيراً إلى أن وثيقة تقاسم السلطة اقترحت تشكيل البرلمان من 440 نائباً، وأن يذهب 226 مقعداً للائتلاف الحاكم، وأن تمنح المعارضة بزعامة مشار 106 مقاعد، وتحالف أحزاب المعارضة 46، وبقية الأحزاب السياسية 3 مقاعد، وقال إن الوثيقة تتدارسها أطراف التفاوض للاتفاق حولها قبل الاثنين المقبل، وهو موعد انتهاء المحادثات في الخرطوم.
يُذكر أنه عقدت في العاصمة السودانية طوال أسبوعين مباحثات بين الفرقاء الجنوب سودانيين، أقرَّتها الهيئة الحكومية للتنمية (إيقاد)، التي تتوسط بين الأطراف في جنوب السودان، وبضمان من الرئيس عمر البشير.
وقال وزير الخارجية السوداني الدرديري محمد أحمد، أمس، إن الخرطوم وكمبالا ستتابعان تنفيذ الاتفاق الأمني.
بدورها، نقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) أن الرئيس البشير سيبحث في أوغندا، اليوم، مع نظيره يوري موسفيني ما تم في الخرطوم لدفع جهود السلام في جنوب السودان.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».