ليبيا: رئيس «الأعلى للدولة» يطالب ماكرون بمنع انتهاك «اتفاق باريس»

«داعش» يهاجم محطة مياه ويخطف ضابطين في {الجيش الوطني}

وزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة مستقبلاً نظيره الإيطالي انزو ميلانسيزي في العاصمة طرابلس أمس (إ.ب.أ)
وزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة مستقبلاً نظيره الإيطالي انزو ميلانسيزي في العاصمة طرابلس أمس (إ.ب.أ)
TT

ليبيا: رئيس «الأعلى للدولة» يطالب ماكرون بمنع انتهاك «اتفاق باريس»

وزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة مستقبلاً نظيره الإيطالي انزو ميلانسيزي في العاصمة طرابلس أمس (إ.ب.أ)
وزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة مستقبلاً نظيره الإيطالي انزو ميلانسيزي في العاصمة طرابلس أمس (إ.ب.أ)

طالب خالد المشري، رئيس مجلس الدولة الأعلى في ليبيا، أمس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتواصل مع كل الأطراف الليبية لوقف ما وصفه بـ«الخروقات»، التي تقوم بها بعض الأطراف لاتفاق باريس. وفي غضون ذلك، جددت إيطاليا دعمها حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، إثر زيارة مفاجئة قام بها أمس وزير خارجيتها انزو ميلانسيزي إلى العاصمة الليبية طرابلس.
وانتقد المشري في خطاب وجهه إلى الرئيس الفرنسي قرار المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، بنقل إدارة مؤسسات النفط في منطقة الهلال النفطي إلى حكومة عبد الله الثني الموازية في الشرق، بدلاً من حكومة السراج، وقال إنه «في الوقت الذي كنا ننتظر فيه تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من قبل الأطراف المعنية، بما في ذلك العمل على إنهاء وجود المؤسسات الموازية، نُفاجأ بنقل تبعية الموانئ النفطية لجسم موازٍ وغير شرعي»، معتبراً أن هذه التصرفات «تعد مخالفة لإعلان باريس، وكذلك قرارات مجلس الأمن الدولي، التي تشدد على ضرورة ممارسة حكومة الوفاق الرقابة الوحيدة والفعالة على المؤسسة الوطنية للنفط، بصفتها الطرف المسؤول عن القضايا المتعلقة بالصادرات النفطية، ومراقبة شحنات النفط».
إلى ذلك، اتهم مجلس النواب، الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق، ما سماه «عدم وجود تجاوب فيما يتعلق بقانون الاستفتاء على الدستور أو قانون الانتخابات، الأمر الذي يعد خرقاً لما تم الاتفاق عليه في باريس».
ورعى ماكرون نهاية مايو (أيار) الماضي اتفاقاً غير مكتوب بين الأفرقاء الليبيين، ينص على إقامة انتخابات برلمانية ورئاسية في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وتعهدت كل الأطراف بقبول نتائج الانتخابات، والمساعدة في عملية دعمها، مع توفير المتطلبات الأمنية لحماية العملية الانتخابية.
وجمع مؤتمر باريس أطراف الأزمة الرئيسية الأربعة، وذلك لأول مرة على طاولة المفاوضات، وهم المشير حفتر والمشري والسراج، بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
وقرر حفتر الشهر الماضي بعد استعادة السيطرة على منطقة الهلال النفطي (شمال شرق)، بعد مواجهات مع ميلشيات إبراهيم الجضران، الرئيس السابق لجهاز حرس المنشآت النفطية، تسليم موانئ النفط في منطقة الهلال النفطي إلى مؤسسة النفط الموالية لحكومة الثني، التي تدير شرق البلاد، بدلاً من مؤسسة النفط التابعة لحكومة السراج بطرابلس.
دبلوماسياً، أظهرت إيطاليا مجدداً دعمها غير المحدود لحكومة الوفاق الوطني، وذلك خلال لقاء وزير الخارجية الإيطالي انزو ميلانسيزي مع السراج، ونائبه أحمد معيتيق.
وقال بيان لحكومة السراج إن الوزير الإيطالي نقل تحيات رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي، ودعم بلاده مجدداً لحكومة السراج، قبل أن يعلن رفضها قرار حفتر الخاص بتسليم موانئ النفط إلى ما وصفه بـ«كيانات موازية غير معترف بها، ووجوب تصحيح ذلك». كما أكد الجانبان أهمية العمل لتحقيق الاستقرار تحت مظلة الأمم المتحدة.
في المقابل، ثمن السراج الدور الإيطالي في دعم ليبيا منذ توقيع اتفاق الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015، مشيراً إلى «أهمية تفعيل معاهدة الصداقة بين البلدين بلجانها الفرعية المتعددة، ليلمس المواطنون في البلدين النتائج الإيجابية التي تمس حياتهم».
وبحسب البيان، فقد اتفق الجانبان على مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، بالتعامل مع أبعادها المختلفة الأمنية والاقتصادية والإنسانية، وذلك بدعم دول المصدر اقتصادياً لتنتفي مسببات هجرة مواطنيها.
ولدى لقائه مع أحمد معيتيق نائب السراج، أكد الطرفان «زيادة التعاون في مجال النفط والغاز من خلال المؤسسة الوطنية للنفط، التابعة لحكومة السراج، باعتبارها الجهة الشرعية المخولة للتعامل مع العالم فيما يخص النفط».
كما أكد معيتيق قدرة ليبيا على شراء كل احتياجاتها من المعدات لحماية حدودها البحرية والجنوبية، من خلال دعم الحكومة الإيطالية للحكومة الليبية في المحافل الدولية بشأن رفع الحظر المفروض عليها لتوفير المعدات، معتبراً أن المراكز الموجودة في ليبيا هي «للترحيل وليس للإيواء، وليبيا لديها خطة متكاملة لمعالجة ملف الهجرة غير الشرعية».
إلى ذلك، قتل شخصان وخطف آخرون في هجوم لمسلحين يشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش على موقع محطة مياه، تابعة لـ«النهر الصناعي» جنوب شرقي ليبيا، وذلك في ثاني هجوم من نوعه يستهدف مرافق المياه الليبية خلال يومين.
وقال جهاز إدارة مشروع النهر الصناعي في بيان: «لقد تعرض موقع تازربو (جنوب شرقي البلاد) فجر أمس لهجوم مسلح من قبل الجماعات الإرهابية، فعاثت نهباً وقتلاً وفساداً وترويعاً للعائلات والأطفال، وكذلك المستخدمين الذين أخذوا على عاتقهم تأمين الإمداد المائي إلى المدن».
وقال البيان إن الهجوم أسفر عن مقتل مهندس وحارس، وخطف حارسين، مبرزاً أن منفذي الهجوم سرقوا سيارات وإمدادات من الموقع أيضاً.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.