أوباما يزور متحف {الملكة صوفيا} في مدريد برفقة الملك فيليبي السادس

توقف عند لوحته المفضلة «غيرنيكا» وأعمال سلفادور دالي

باراك أوباما برفقة ملك إسبانيا الملك فيليبي أثناء زيارته لمتحف الملكة صوفيا بمدريد أمس (أ.ف.ب)
باراك أوباما برفقة ملك إسبانيا الملك فيليبي أثناء زيارته لمتحف الملكة صوفيا بمدريد أمس (أ.ف.ب)
TT

أوباما يزور متحف {الملكة صوفيا} في مدريد برفقة الملك فيليبي السادس

باراك أوباما برفقة ملك إسبانيا الملك فيليبي أثناء زيارته لمتحف الملكة صوفيا بمدريد أمس (أ.ف.ب)
باراك أوباما برفقة ملك إسبانيا الملك فيليبي أثناء زيارته لمتحف الملكة صوفيا بمدريد أمس (أ.ف.ب)

قام الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بزيارة، أمس، لمتحف الملكة صوفّيا في مدريد حيث رافقه العاهل الإسباني الملك فيليبي السادس في جولة على عدد من الأعمال الفنيّة البارزة وفي مقدمتها لوحة «غرنيكا» الشهيرة التي خلّد فيها بيكاسو وحشية الدمار الذي خلّفه قصفُ الطيران النازي للمدينة إبّان الحرب الأهلية الإسبانية، ومجموعة مختارة من أعمال الرسّام الكاتالوني سلفادور دالي. وأفادت مصادر القصر الملكي الإسباني بأن فيليبي السادس أهدى أوباما كتاباً عن لوحة «غرنيكا» التي قال الرئيس الأميركي السابق إنها من أحبّ الأعمال الفنّية إليه. وأضاف أن زيارته الأولى لإسبانيا لم تكن على متن طائرة الرئاسة الأميركية، بل عندما كان طالباً على مقاعد الدراسة.
وجاءت الزيارة على هامش مشاركة أوباما في المنتدى العالمي للعلوم والتكنولوجيا المنعقد في العاصمة الإسبانية. وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قد قام بزيارة أوباما في فندقه، حيث أمضى معه ربع ساعة.
وتجدر الإشارة إلى أن أوباما الذي زار مدريد مرتين خلال وجوده في البيت الأبيض، سبق له أن زار إسبانيا عندما كان طالباً في جامعة هارفارد وتجوّل في عدد من المناطق التي تركت لديه أثراً عميقاً، كما جاء في أوّل كتاب صدر له عام 1995 قبيل انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ عن مقاطعة إيلينوي بعنوان «أحلام والدي».
عن تلك الرحلة في إسبانيا كتب أوباما كيف تعرّف، في طريقه من مدريد إلى برشلونة، على شاب سنغالي كان هارباً من الفقر نحو القارة الموعودة وترافقا في رحلة ليلية إلى العاصمة الكاتالونية، ويقول: «لم نُكثِر من الكلام، وكان هو يحاول من حين لآخر أن يُترجم لي بعض النوادر الطريفة من أحد البرامج الإسبانية التي كان يبثّها جهاز التلفاز المعلّق وراء كرسي السائق. وقبل طلوع الفجر بقليل ترجلنا أمام محطة قديمة للحافلات، فأشار لي نحو نخلة باسقة اقتربنا منها وتناول من حقيبته فرشاة للأسنان ومشطاً وزجاجة ماء، واغتسلنا معاً تحت الضباب الطالع مع الصباح، ثم حملنا حقيبتينا وتوجّهنا نحو المدينة».
ثم يتابع: «... ما اسمه؟ لم أعد أذكر سوى أنه كان رجلاً جائعاً، بعيداً عن بيته. كان واحداً من أبناء المستعمرات القديمة -في الجزائر والهند وباكستان– الذين يكسرون حواجز أسيادهم السابقين في زحفهم المتعثّر والطويل. لكن عندما دخلنا برشلونة ورحنا نتجوّل في جادة (لاس رامبلاس)، شعرت بأنني أعرفه منذ زمن طويل، وأن رحلتينا متشابهتان رغم البعد الجغرافي الذي يفصل بين بلدينا. وعندما افترقنا، رحت أتأمل طيفه مبتعداً ومتلاشياً، تتجاذبني رغبة في مرافقته في رحلته إلى الدروب المفتوحة والصباحات الكئيبة، وإدراك أنها رغبة رومانسية وفكرة منحازة كالصورة التي أحملها عن والدي أو عن أفريقيا. وما لبثت أن تذكّرت أن ذلك الشاب السنغالي قد دعاني إلى تناول فنجان قهوة، وقدّم لي الماء، وأن ذلك ربما كان أقصى ما يمكن لأيٍّ منا أن ينتظره: صدفة اللقاء، وحكاية مشتركة، ومجرّد لفتة طيّبة».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».