إيران وقوى عالمية تخفق في تحقيق نجاح ملموس في محادثات نووية

ظريف قال إن برلين وباريس ولندن تعهدت «مقاومة» إجراءات واشنطن

فيدريكا موغيريني تجلس بجوار وزير خارجية إيران جواد ظريف خلال اجتماع فيينا أمس (أ.ف.ب)
فيدريكا موغيريني تجلس بجوار وزير خارجية إيران جواد ظريف خلال اجتماع فيينا أمس (أ.ف.ب)
TT

إيران وقوى عالمية تخفق في تحقيق نجاح ملموس في محادثات نووية

فيدريكا موغيريني تجلس بجوار وزير خارجية إيران جواد ظريف خلال اجتماع فيينا أمس (أ.ف.ب)
فيدريكا موغيريني تجلس بجوار وزير خارجية إيران جواد ظريف خلال اجتماع فيينا أمس (أ.ف.ب)

بدا أن أي نجاح ملموس لم يتحقق في المحادثات التي أجرتها القوى العالمية وإيران أمس الجمعة بشأن تقديم حزمة اقتصادية لطهران لتعويضها عن العقوبات الأميركية التي تدخل حيز التنفيذ في أغسطس (آب)، بحسب ما أشارت وكالة «رويترز».
والتقي وزراء خارجية بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا بنظيرهم الإيراني في فيينا للمرة الأولى منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق في مايو (أيار)، لكن دبلوماسيين يرون فرصة محدودة لإنقاذه.
وانسحب ترمب من الاتفاق متعدد الأطراف المبرم في 2015 والذي رُفعت بموجبه عقوبات عن إيران مقابل الحد من برنامجها النووي وتقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتأكد من التزام طهران بذلك. ومنذ ذلك الحين تقول واشنطن للدول الأخرى إن عليها التوقف عن شراء نفط إيران العضو في أوبك بدءاً من الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) وإلا فسيواجهون تبعات مالية.
وتلت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني بعد محادثات استمرت ثلاث ساعات، بياناً للوفود الستة كررت فيه أولويات واسعة النطاق معلنة مسبقاً تتضمن ضمان عائدات النفط الإيراني وروابط الشحن وأنشطة مصرفية وباقي أوجه التعاون في التجارة والاستثمار.
ونقلت «رويترز» عن موغيريني التي رأست المحادثات: «اتفق المشاركون على مواصلة المضي قدماً مع متابعة وثيقة وأن تجتمع اللجنة المشتركة مجدداً بما يشمل الاجتماع على المستوى الوزاري... بهدف دفع الجهود المشتركة إلى الأمام». وأضافت أن جميع الأطراف عازمة على التوصل لحلول وتنفيذها.
ولم ترد موغيريني على أي أسئلة من الصحافيين على غير المعتاد.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للصحافيين: «يتعين تنفيذ جميع الالتزامات التي تم التعهد بها اليوم قبل مهلة أغسطس... يعود الأمر للقيادة في طهران لتقرر ما إذا كان عليها البقاء في الاتفاق... الاقتراح ليس محدداً ولا كاملاً». وقال ظريف في مؤتمر صحافي بثته وكالة فارس الإيرانية للأنباء عبر الفيديو: «ما لاحظته خلال هذا الاجتماع أن جميع الأعضاء، حتى الحلفاء الثلاثة (لواشنطن أي برلين وباريس ولندن) تعهدوا، ولديهم الإرادة السياسية لاتخاذ إجراءات ومقاومة الولايات المتحدة» التي انسحبت من الاتفاق النووي في مايو.
وقال وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان أمس الجمعة إن القوى العالمية ستجاهد للالتزام بالموعد النهائي. وأضاف: «عليهم (أي الإيرانيين) التوقف عن التهديد بخرق التزاماتهم بموجب الاتفاق النووي». وتابع قائلاً بحسب ما أوردت «رويترز»: «نحاول وضعها (الحزمة الاقتصادية) قبل فرض العقوبات في بداية أغسطس والمجموعة التالية من العقوبات المقررة في نوفمبر. بالنسبة لأغسطس فالوقت يبدو ضيقا لكننا سنحاول إتمام الأمر بحلول نوفمبر».
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس لدى وصوله إلى فيينا إنه لا يتوقع انهيار المحادثات، لكنه أشار إلى الحاجة لإجراء مزيد من المفاوضات في المستقبل. وشدد على أن القوى العالمية ستبذل جهداً كبيراً لتعويض طهران عن الشركات التي ستغادرها.
وتعتمد استراتيجية الاتحاد الأوروبي على ركائز هي: قروض من بنك الاستثمار الأوروبي وإجراء خاص لحماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأميركية واقتراح من المفوضية الأوروبية بأن تقوم حكومات الاتحاد بالتحويلات المالية مباشرة إلى البنك المركزي الإيراني لتجنب العقوبات الأميركية.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الخارجية سيرغي لافروف قوله أمس في فيينا إن روسيا والصين ترغبان في إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني. وذكرت الوكالة أن لافروف أدلى بتصريحه خلال اجتماع مع وزير الخارجية الصيني وعضو مجلس الدولة وانغ يي في العاصمة النمساوية.
ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي أوروبي كبير: «أحرزنا بعض التقدم الذي يشمل حماية بعض مبيعات (النفط) الخام لكن من غير المرجح أن يلبي ذلك التوقعات الإيرانية. والأمر لا يتعلق فقط بما يمكن للأوروبيين فعله وإنما بكيفية إسهام الصينيين والروس والهنود وغيرهم أيضاً».
وقال مسؤولون إيرانيون إن التأكد من وجود إجراءات تضمن عدم توقف صادرات النفط إضافة إلى تمكن طهران من استخدام نظام سويفت الدولي للتحويلات البنكية أو بديل له مسألة جوهرية بالنسبة لهم.
وخلال زيارة لأوروبا هذا الأسبوع، حذر الرئيس الإيراني حسن روحاني من أن بلاده قد تحد من تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بعدما وجه تهديداً لترمب من «عواقب» فرض عقوبات جديدة على مبيعات النفط الإيراني.
وحذّر «الحرس الثوري» الإيراني أيضا من أنه قد يمنع مرور شحنات النفط في مضيق هرمز ردا على دعوات واشنطن لحظر جميع صادرات النفط الإيراني.
وفيما يتعلق بالجانب النووي اتفقت الأطراف على أن تحل الصين محل الولايات المتحدة في مجموعة عمل مهمتها إعادة تصميم مفاعل أراك النووي. وينص الاتفاق بشكل محدد على أن الهدف من التصميم الجديد هو تقليل إنتاج البلوتونيوم ومنع إنتاج البلوتونيوم الذي يستخدم في الأسلحة النووية. كما يحدد أيضا نوع الوقود الذي يجب أن يُستخدم في مفاعل أراك ويقول إن وقوده المستنفد يجب أن يُنقل إلى خارج إيران.



تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
TT

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ملخصاً لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم جماعة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخلص إلى وجود إخفاقات داخل المنظمة، لكنه أشار في الغالب إلى عناصر خارجية مثل التقسيم غير الواضح للمسؤوليات مع الجيش الإسرائيلي، وسياسة حكومية دفاعية مفرطة فيما يتعلق بغزة على مرِّ السنين، وعدم ملاءمة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي لمواجهة عدو يشبه في طريقة قتاله «حماس»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ويقول جهاز الأمن إن هناك حاجة إلى تحقيق أوسع نطاقاً، وهو تلميح محتمل إلى الحاجة المتصورة إلى لجنة تحقيق حكومية، التي رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأسيسها.

ويقول الجهاز إن كثيراً من نتائج التحقيق لا يزال سرِّياً، لأنها ستكشف عن أدوات وأساليب استخباراتية سرية لدى «شين بيت».

وقد توصَّل التحقيق إلى أن «شين بيت» فشل في توفير تنبيه للهجوم الواسع النطاق الذي شنَّته «حماس» في السابع من أكتوبر. ولم تسفر إشارات التحذير التي تلقاها «شين بيت» في ليلة السادس من أكتوبر عن اتخاذ إجراءات كبرى من الأجهزة الإسرائيلية.

وبينما تمكَّن فريق صغير من ضباط النخبة من «شين بيت»، والشرطة الإسرائيلية الذين تم نشرهم على حدود غزة قبل الهجوم من المساهمة في القتال، فإنهم لم يتمكَّنوا من منع الهجوم الضخم الذي شنَّته «حماس».

رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) يشارك في حفل أُقيم في متحف ياد فاشيم للهولوكوست في القدس يوم ذكرى الهولوكوست... 5 مايو 2024 (متداولة)

أسباب الفشل

يشير التحقيق إلى أسباب عدة، تتعلق بالاحتراف والإدارة لدى الأجهزة الإسرائيلية، التي أسهمت في الفشل في صدِّ هجوم 7 أكتوبر. ويقول «شين بيت»: «تم فحص الفشل التنظيمي بدقة، وتم تعلم الدروس، وما زال يتم تعلمها».

بالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن «شين بيت» لم يقلل من شأن «حماس»، بل على العكس من ذلك، حيث كان لدى الجهاز «فهم عميق للتهديد، وكانت لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد، خصوصاً (القضاء) على قادة (حماس)».

وبحسب التحقيقات، فإن هناك أسباباً عدة وراء عدم قيام جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) بإعطاء أي إنذار مسبق للهجوم الشامل الذي شنَّته «حماس»:

- خطط «حماس» للغزو البري، التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي في وثيقة تُعرَف باسم «أسوار أريحا»، لم يتم التعامل معها بشكل صحيح على مدى سنوات عدة، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي.

- عدم وضوح تقسيم المسؤولية بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي فيما يتعلق بالمنظمة التي ينبغي لها أن تقدم إنذاراً للحرب، وسط تحوّل «حماس» من جماعة عسكرية صغيرة إلى قوة عسكرية كاملة.

- وفق التحقيق، كان تركيز جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) على إحباط الهجمات الإرهابية، ولم تكن أساليبه قابلةً للتطبيق على عدو يتصرف كجيش.

- خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، كانت هناك فجوات في «التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات»، فضلاً عن العمليات التي لم تتبع البروتوكول المعتاد، ونقص «الاندماج» مع استخبارات الجيش الإسرائيلي.

- كانت هناك فجوات في عمل آليات الإشراف الاستخباراتي.

- كان التقييم هو أن «حماس» كانت تحاول تسخين الوضع بالضفة الغربية، ولم تكن مهتمةً بفعل ذلك في قطاع غزة.

- كان لدى «شين بيت» «فهم غير صحيح» لقوة الحاجز الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد.

- لم يتم التشكيك في نوايا «حماس» المزعومة بشكل كافٍ في أثناء التقييمات.

- كانت المعلومات الاستخباراتية قليلة نسبياً، بما في ذلك نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة، خصوصاً من قبل «شين بيت» بشكل مستقل.

بناء قوة «حماس»

كما توصَّل تحقيق «شين بيت» إلى أسباب عدة مكَّنت «حماس» من بناء قواتها لهجوم السابع من أكتوبر، واتخاذ القرار بتنفيذ الهجوم وفق تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي:

- كانت سياسة إسرائيل تجاه غزة تتمثل في الحفاظ على فترات من الهدوء، الأمر الذي مكَّن «حماس» من بناء قوة هائلة.

- تدفق الأموال إلى غزة وتسليمها إلى الجناح العسكري لحركة «حماس».

- التآكل المستمر لردع إسرائيل.

- وبحسب التحقيق، محاولة التعامل مع منظمة «إرهابية» على أساس الاستخبارات والتدابير الدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية.

- ومن بين العوامل المُحفِّزة لقرار «حماس» بتنفيذ الهجوم، الانتهاكات الإسرائيلية على الحرم القدسي، والموقف تجاه السجناء الفلسطينيين، والإدراك بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً.

رئيس «شين بيت» الإسرائيلي رونين بار (يمين) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها الفريق أول هرتسي هاليفي (يسار) يجريان تقييماً مع كبار الضباط في خان يونس جنوب قطاع غزة... 11 ديسمبر 2023 (الجيش الإسرائيلي)

رئيس «شين بيت»: أتحمّل المسؤولية

وفي بيان مصاحب، قال رئيس «شين بيت»، رونين بار، إن الوكالة «لم تمنع مذبحة السابع من أكتوبر... وبصفتي رئيساً للمنظمة، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي».

وأضاف: «كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز (شين بيت) بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم - سواء على المستوى المهني أو المستوى الإداري - لكان من الممكن تجنب المذبحة. هذا ليس المعيار الذي توقَّعناه من أنفسنا، أو الذي توقَّعه الجمهور منا».

وتابع: «يظهر التحقيق أن جهاز (شين بيت) لم يقلل من شأن منافسنا، بل على العكس من ذلك، فقد أخذ زمام المبادرة، وذهب إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده ، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا».

ويضيف بار أن التحقيق الحقيقي في الإخفاقات يتطلب تحقيقاً أوسع نطاقاً يجسد أيضاً الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.

ويقول: «إن الطريق إلى الإصلاح، كما أكد التقرير، يتطلب عملية واسعة من الوضوح والحقيقة». وأضاف: «لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للوكالة التحقيق ومناقشة، ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الخدمة، بل أيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، بوصفها جزءاً من الدروس المستفادة وفرصةً للتغيير الشامل. لكن هذا يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في الواجهة السياسية والأمنية، وإلا فإن الفشل قد يعود في المستقبل».

وأضاف: «أعتقد أن هذه المنظمة قوية، ومستقرة، ومتواضعة، وقيمها أكثر احترافية مما كانت عليه عشية المذبحة».