لقاء عون ـ جنبلاط يكسر جليد العلاقة ويبقي على تصلب المواقف

TT

لقاء عون ـ جنبلاط يكسر جليد العلاقة ويبقي على تصلب المواقف

لم يغيّر اللقاء الذي جمع بين رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، طبيعة العلاقة بين الطرفين، وموقف الأخير من العهد الذي سبق له أن وصفه بـ«الفاشل». فالنتيجة التي ظهرت جليا من خلال المواقف المعلنة لم تتخط كسر الجليد بينهما بعد سلسلة من السجالات، على خلفية قضايا عدة، أهمها مصالحة الجبل التي يتمسكان بالمحافظة عليها، بينما بقي الخلاف واضحا حيال المقاربة المختلفة لتشكيل الحكومة، وتحديدا حول ما بات يعرف بـ«العقدة الدرزية».
وفي هذا الإطار، يقول مصدر نيابي في اللقاء الديمقراطي، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما قاله جنبلاط من القصر الرئاسي بعد لقائه الرئيس عون، باعتبار أن «جزءا من العهد فاشل»، يؤكد أنه لم ولن يتراجع عن مواقفه، وصولا إلى ما تطرق إليه بصدد الهدر والعجز في مؤسسة الكهرباء، جازما في الوقت نفسه بأن مسألة تشكيل الحكومة لم يتم التطرق إليها لا من قريب أو بعيد، فلا النائب جنبلاط أشار إلى هذا الأمر، ولا رئيس الجمهورية تحدث عنه أو كانت له تلميحات أو مطالب معينة بصدد موقف جنبلاط من الحكومة العتيدة.
وأضاف: «ويبقى المؤكد أن رئيس الاشتراكي قبل اللقاء مع رئيس الجمهورية، وبعده ولاحقا، لن يتراجع عن أحقية التمثيل الدرزي، ربطا بنتائج الانتخابات النيابية، حيث الميثاقية لدى الحزب التقدمي الاشتراكي». وبمعنى آخر «فاز سبعة نواب من أصل ثمانية على اللوائح الجنبلاطية، والثامن أي رئيس الحزب الديمقراطي الوزير طلال أرسلان تُرك له مقعد شاغر».
واستشهد المصدر بالمعيار الذي لطالما رفعه باسيل لجهة «تمثيل الأقوى في طائفته، وبالتالي الجميع يدرك أن جنبلاط هو الأقوى في الطائفة الدرزية على غرار (التيار الوطني الحر) و(القوات اللبنانية) عند المسيحيين، والثنائي الشيعي، وتيار المستقبل في الطائفة السنية».
ومع تمسك «التيار الوطني الحر» برفضه إعطاء جنبلاط ثلاثة مقاعد درزية، وإصراره على أن يكون الوزير طلال أرسلان الدرزي الثالث في الحكومة العتيدة، فهذا ما يرفضه الاشتراكي رفضا قاطعا وأبلغه للمعنيين.
وتشير مصادر متابعة، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الحريري تمنى على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن يكون لجنبلاط ثلاثة وزراء دروز، بناء على ما أفرزته الانتخابات النيابية. وتضيف: «لكن الأمور والدلالات حتى الآن تراوح مكانها، وبعد زيارة جنبلاط لرئيس الجمهورية، أطلقت مواقف عنيفة من بعض نواب التيار الوطني الحر هاجموا خلالها جنبلاط»، مؤكدين في الوقت نفسه أن حجمه وزيران ونقطة على السطر، في حين يقول أحد نواب اللقاء الديمقراطي لـ«الشرق الأوسط»، «نؤكد لهم أننا سنتمثل بثلاثة وزراء ونقطة على السطر».
ومع التصلب في المواقف حيال تشكيل الحكومة، يبقى لقاء عون - جنبلاط، قد نجح فقط في كسر جليد الحملات والخلافات بين الطرفين، وهو الذي جاء بعد مخاوف من تفاقم الخلافات التي وصلت إلى مرحلة متقدمة بين مناصري الطرفين، وأدت إلى مخاوف من حصول حوادث في منطقة الجبل، ما قد يؤدي إلى انهيار المصالحة التي كانت بندا رئيسيا في لقاء بعبدا، إذ شدد الرئيس عون على أهميتها وضرورة تدعيمها وتحصينها.
وهنا تلفت أوساط اشتراكية قيادية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي التي خاضت انتخابات الجبل، سُميت بلائحة المصالحة، ونحن الأحرص على الحفاظ عليها، وقد طوينا صفحة الحرب منذ زمن طويل، و«الطائف» هو الضامن للسلم الأهلي، ولسنا من يفتح دفاتر الماضي وينبش القبور.
من هذا المنطلق، يمكن وصف لقاء رئيس الحزب التقدمي مع رئيس الجمهورية، بحسب المصدر، بأنه لتنفيس الاحتقان بين محازبي ومناصري الفريقين الدرزي والمسيحي، وتحديدا جمهور الاشتراكي والتيار الوطني الحر.
ولطالما اتسمت العلاقة بين جنبلاط وعون، بـ«غياب الكيمياء» بينهما، منذ التسعينات، وصولا إلى المرحلة التي كان فيها الرئيس عون منفيا في باريس، ومن بعدها لدى عودته إلى لبنان. ورغم أن اللقاء الديمقراطي الذي كان يرأسه النائب السابق وليد جنبلاط اتخذ قرارا بانتخاب عون رئيسا للجمهورية، باستثناء الوزير مروان حمادة، فإن التوتر بقي سيد الموقف بين الطرفين، وها هو ينتقل في مرحلة تشكيل الحكومة إلى مرحلة متقدمة.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).