سنوات السينما: The Godfather

الأب والابن في «العرّاب»
الأب والابن في «العرّاب»
TT

سنوات السينما: The Godfather

الأب والابن في «العرّاب»
الأب والابن في «العرّاب»

The Godfather
(1972)

كوبولا عرّاب
السينما الأميركية الحديثة
فرنسيس فورد كوبولا، مثل عظماء السينما الآخرين حول العالم، ينتمي إلى الفئة التي لا يهم أي فيلم تختاره لها، تجده قابلاً للإعجاب وللكثير من التحليل. هذا الفيلم ما زال ‬أشهر أفلامه، ومن ناحية تقييمه فإنه بالتأكيد أحد أعماله الفنية الرائعة مثله في ذلك مثل الجزء الثاني منه (1974) ومثل «أبوكاليبس ناو» (1979)، علماً بأن باقي أفلامه («المحادثة» و«المنبوذون» و«رامبل فِش») لا تقل أهمية وإجادة إلا بتفاوت مبني على النسبية. حتى أفلامه الأخيرة التي سارع النقاد لنفيها، مثل «تيترو» (2009) و«تويكست» (2011)، لم تكن رديئة الصنع، بل فقط غير قادرة على أن تصل إلى كل الأذواق بالمستوى ذاته.
«العرّاب» فصيل مختلف من أعماله وفصيل مختلف من أي فيلم عصابات آخر تم إنتاجه من قبل ومن بعد. هناك أعمال خطت في الدرب ذاته، مثل «ملفات فالاتشي» لترنس يونغ (1972) و«مات الدون» (1973) لكن لا شيء ملحمياً فاعلاً على النحو ذاته ولا بالقدرات الفنية والذهنية ذاتها.
يمكن النظر إلى الفيلم من نواحٍ أخرى غير أنه فيلم عصابات يقوده بضعه ممثلين من أفضل الخامات في تاريخ التمثيل على الشاشة، مثل مارلون براندو وآل باتشينو وروبرت دوفال. فهو فيلم يدور على مستويين معاً: الظاهر القصصي (محاولة التخلص من الدون كارليوني الذي يؤمن بمبادئ أخلاقية تحول دون استخدام سلطته لتوزيع المخدرات)، والباطن الدرامي العميق الذي لا يكشف فقط عن تاريخ وضعه الكاتب ماريو بوتزو بالتمازج ما بين الواقع والخيال، بل عن إحدى البُـنى الأساسية للمجتمع الأميركي. إنه - بالإضافة إلى الجزء الثاني وقليل من الثالث فيما بعد - عن المافيا الإيطالية وترعرعها بعد نزوحها من صقلية وتجذرها في المدن الأميركية.
كل الأميركيين كانوا قد سمعوا كثيراً عن المافيا الإيطالية، لكن الفيلم وضعهم في وسطها. طبعاً، وعلى نحو مبرر بالكامل، اختار عائلة مثالية: أب قوي الشكيمة متمسك بالتقاليد وذو فضل على سواه (لذلك هو «العراب») وأولاد متفانون في خدمة العائلة باستثناء أحدهم (جون غازال) الضعيف والمتعاون مع بعض أعداء العائلة.
«شكسبيري» المنوال كملحمة عائلية فيها المواقف الدرامية والتراجيدية كاملة. كمثال فقط، فإن أول ما يفعله الابن اليافع مايكل (باتشينو) الذي اختير كمجند عائد من الحرب العالمية الثانية لتأكيد انتمائه إلى المفردات الوطنية الأميركية، هو تقليص صلاحيات المحامي غير الإيطالي الأصل توم (دوفال) الذي اعتبره الأب دون فيتو (براندو) بمثابة ابن له. هذا يكشف عن غيرة مايكل الكاملة لجانب الرغبة في استئثار السلطة لجانب، وتحت مبرر الانتقام ممن تعرضوا للأب ويريدون تقويض حكم العائلة.
حين يأتي الأمر لكيف أخرج كوبولا رائعته هذه، فإن المرء يجد في كل لقطة (من اللحظة الأولى) الكثير مما يمكن له أن يستخرجه. كل مشهد عبارة عن فصل من القدرات البصرية ونسيج المعرفة والأسلوب. بدوره، فإن التمثيل لم شمل مدرسة رائعة واحدة يجسدها فنان من جيل سابق (براندو) والآخر من جيل جديد (باتشينو والآخرون في الأدوار الأساسية) يتساويان في المنهج والقدرات.
حتى الممثلون الثانويون (البدين رتشارد كاستالينو، رئيس البوليس الفاسد سترلينغ هايدن، القاتل الشرس آل لتييري، الشقيقة تاليا شاير) وكل صاحب دور محدود له وجوده المنفصل والمتحد مثلاً كبندق الشطرنج.
لا تكفي هذه المساحة، ولا حتى الصفحة بأسرها للحديث عن هذا الفيلم. مشهد وراء آخر وحدث تلو حدث يمضي الفيلم ليشق طريقه متميزاً عن كل فيلم آخر من نوعه وفي الصف الأول بين تحف السينما العالمية.


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
TT

إعلان أول فيلم روائي قطري بمهرجان «البحر الأحمر»

بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)
بدء تصوير فيلم «ساري وأميرة» (كتارا)

نظراً للزخم العالمي الذي يحظى به مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي بجدة، اختارت «استديوهات كتارا»، ومقرها الدوحة، أن تكشف خلاله الستار عن أول فيلم روائي قطري طويل تستعد لإنتاجه، وهو «سعود وينه؟»، وذلك في مؤتمر صحافي ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، مبينة أن هذا العمل «يشكل فصلاً جديداً في تاريخ السينما القطرية».

ويأتي هذا الفيلم بمشاركة طاقم تمثيل قطري بالكامل؛ مما يمزج بين المواهب المحلية وقصة ذات بُعد عالمي، كما تدور أحداثه حول خدعة سحرية تخرج عن السيطرة عندما يحاول شقيقان إعادة تنفيذها بعد سنوات من تعلمها من والدهما، وهذا الفيلم من إخراج محمد الإبراهيم، وبطولة كل من: مشعل الدوسري، وعبد العزيز الدوراني، وسعد النعيمي.

قصة مؤسس «صخر»

كما أعلنت «استديوهات كتارا» عن أحدث مشاريعها السينمائية الأخرى، كأول عرض رسمي لأعمالها القادمة، أولها «صخر»، وهو فيلم سيرة ذاتية، يقدم قصة ملهمة عن الشخصية العربية الاستثنائية الراحل الكويتي محمد الشارخ، وهو مبتكر حواسيب «صخر» التي تركت بصمة واضحة في عالم التكنولوجيا، باعتبارها أول أجهزة تتيح استخدام اللغة العربية، وأفصح فريق الفيلم أن هذا العمل ستتم معالجته سينمائياً ليحمل كماً مكثفاً من الدراما والتشويق.

«ساري وأميرة»

والفيلم الثالث هو الروائي الطويل «ساري وأميرة»، وهو عمل فنتازي يتناول الحب والمثابرة، يتم تصويره في صحراء قطر، وتدور أحداثه حول حياة قُطّاع الطرق «ساري وأميرة» أثناء بحثهما عن كنز أسطوري في وادي «سخيمة» الخيالي، في رحلة محفوفة بالمخاطر، حيث يواجهان الوحوش الخرافية ويتعاملان مع علاقتهما المعقدة، وهو فيلم من بطولة: العراقي أليكس علوم، والبحرينية حلا ترك، والنجم السعودي عبد المحسن النمر.

رحلة إنسانية

يضاف لذلك، الفيلم الوثائقي «Anne Everlasting» الذي يستكشف عمق الروابط الإنسانية، ويقدم رؤى حول التجارب البشرية المشتركة؛ إذ تدور قصته حول المسنّة آن لوريمور التي تقرر مع بلوغها عامها الـ89، أن تتسلق جبل كليمنجارو وتستعيد لقبها كأكبر شخص يتسلق الجبل، ويروي هذا الفيلم الوثائقي رحلة صمودها والتحديات التي واجهتها في حياتها.

وخلال المؤتمر الصحافي، أكد حسين فخري الرئيس التنفيذي التجاري والمنتج التنفيذي بـ«استديوهات كتارا»، الالتزام بتقديم محتوى ذي تأثير عالمي، قائلاً: «ملتزمون بتحفيز الإبداع العربي وتعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب، هذه المشاريع هي خطوة مهمة نحو تقديم قصص تنبض بالحياة وتصل إلى جمهور عالمي، ونحن فخورون بعرض أعمالنا لأول مرة في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي؛ مما يعكس رؤيتنا في تشكيل مستقبل المحتوى العربي في المنطقة».