مفاوضات الجنوب السوري تواجه شرط «السلاح الثقيل» للمعارضة

الفصائل ردت هجوم النظام في المسيفرة... وروسيا لوحت بـ«حسم خلال 24 ساعة»

نازحون من درعا قرب الحدود السورية مع الجولان المحتل يوم أمس (أ.ف.ب)
نازحون من درعا قرب الحدود السورية مع الجولان المحتل يوم أمس (أ.ف.ب)
TT

مفاوضات الجنوب السوري تواجه شرط «السلاح الثقيل» للمعارضة

نازحون من درعا قرب الحدود السورية مع الجولان المحتل يوم أمس (أ.ف.ب)
نازحون من درعا قرب الحدود السورية مع الجولان المحتل يوم أمس (أ.ف.ب)

أبلغت مصادر في المعارضة السورية، «الشرق الأوسط»، أمس، اتفاق وفد الجبهة الجنوبية المدني والعسكري على تسليم السلاح الثقيل شرطاً للدخول في مفاوضات حول ترتيبات الجنوب، ذلك بعد اتفاق الوفد على وثيقة مشتركة من 17 بنداً رداً على مسودة روسية سابقة.
وأوضحت أن الجانب الروسي أصر على إجراء المفاوضات في مدينة بصرى الشام التي عقدت اتفاق مصالحة مع الجانب الروسي قبل أيام، مشيرة إلى أن شخصية معارضة نقلت «تهديداً للوفد أنه في حال فشلت المفاوضات فإن القصف سيتصاعد، وسيتم الاستيلاء على درعا البلد خلال 24 ساعة».
وكانت وكالة الأنباء الألمانية أفادت أمس بأن «فصائل المعارضة السورية تصدت لهجوم واسع من القوات الحكومية السورية والمسلحين الموالين وأفشلت الهجوم، وكبدت القوات الحكومية خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، التي قتلت 10 أشخاص من عائلتين باستهداف حافلة تقل العائلتين أثناء محاولتهم العودة إلى بلدة المسيفرة في درعا الشرقية، التي تسيطر عليها القوات الحكومية».
وأكدت المصادر لوكالة الأنباء الألمانية «استمرار القصف الكثيف على بلدة طفس في ريف درعا الغربي دون محاولة التقدم البري للقوات الحكومية».
إلى ذلك قالت مصادر عسكرية سورية: «استمر مسلحو بصرى الشام في تسليم الأسلحة بعد التوقف أمس سلموا اليوم دبابة وعربة (بي إم بي) ومدفع عيار 57».
ووصفت مصادر إعلامية مقربة من القوات الحكومية المفاوضات التي تجري بين فصائل المعارضة في الجنوب والقوات الروسية بأنها «شاقة».
وتشن قوات النظام منذ 19 من الشهر الحالي عملية عسكرية واسعة النطاق في محافظة درعا بدعم من روسيا، التي أبرمت في الأيام الأخيرة اتفاقات «مصالحة» منفصلة في أكثر من 30 قرية وبلدة. وتنص هذه الاتفاقات بشكل رئيسي على استسلام الفصائل وتسليم سلاحها مقابل وقف القتال.
وتمكنت قوات النظام عبر هذه الاتفاقات والحسم العسكري من توسيع نطاق سيطرتها من 30 إلى 60 في المائة من مساحة محافظة درعا الحدودية مع الأردن، فيما تبدو عازمة على استعادة بقية المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل، إضافة إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
وقال مصدر معارض في مدينة درعا مطلع على مسار التفاوض «قد تكون جولة المفاوضات (مع الروس) حاسمة اليوم (أمس). فإما أن تقبل الفصائل بالتسوية أو تُستأنف الحملة العسكرية»، بعدما كانت الغارات توقفت منذ مطلع الأسبوع لإفساح المجال أمام التفاوض.
وعقد الطرفان اجتماعاً مطولاً الثلاثاء، «أنذر» خلاله الوفد الروسي وفق المصدر، «الفصائل بأن الأربعاء هو اليوم الأخير من المفاوضات ويجب أن تقدم ردها النهائي خلال اجتماع» يبدأ عند الرابعة (13.00 ت غ) من بعد الظهر.
وأكد العقيد إبراهيم الجباوي، الناطق الرسمي باسم «غرفة العمليات المركزية في الجنوب» التي تضم كافة الفصائل لوكالة الصحافة الفرنسية، أن وفد الفصائل ناقش «مضمون الردود الروسية مع الفعاليات والقوى في الجنوب على أن يعود إلى طاولة المفاوضات» في وقت لاحق الأربعاء. وتابع: «نأمل التوصل إلى اتفاق حتى يعود المشردون ويتوقف القتل».
ورفض المفاوضون الروس، وفق المصدر المعارض، مسودة مطالب قدمتها الفصائل، تنص على تسليم السلاح الثقيل فور بدء سريان الاتفاق، على أن يسلم السلاح المتوسط لاحقاً مع «بدء عملية سياسية حقيقية» لتسوية النزاع السوري. كما تشترط «وقف إطلاق نار شامل» مع «عودة قوات النظام إلى خطوط ما قبل الهجوم الأخير».
وتتمسك الفصائل بأن يتضمن أي اتفاق مقبل «خروج من لا يرغب في تسوية وضعه من المقاتلين من المنطقة الجنوبية مع عائلاتهم إلى أي منطقة يريدونها في سوريا».
في المقابل، يتمسك الروس بمضمون اقتراحهم الذي تم على أساسه إبرام اتفاقات في عدد من بلدات الجنوب. ويرفض الروس، وفق المصدر المعارض، «خروج أو تهجير المقاتلين أو المدنيين من درعا»، ويريدون عودة «جيش النظام إلى ثكناته (كما كان قبل العام 2011)، وأن تصبح الدوائر الحكومية كاملة تحت إدارة الدولة مع انتشار الشرطة السورية» بإشراف روسي.
وسبق أن توصل النظام والمفاوضون الروس في مناطق أخرى، أبرزها حلب والغوطة الشرقية قرب دمشق وحمص في وسط البلاد، إلى اتفاقات تم بموجبها إجلاء عشرات الآلاف من مقاتلي المعارضة والمدنيين إلى شمال البلاد، لكن هذا الأمر لا ينطبق على درعا.
وتسببت العمليات القتالية في محافظة درعا، التي تعد مهد الاحتجاجات التي انطلقت ضد النظام السوري في العام 2011 قبل تحولها نزاعاً دامياً، في نزوح عدد يتراوح بين 270 ألفاً و330 ألف سوري وفق الأمم المتحدة.
وتوجه عدد كبير منهم إلى الحدود مع الأردن أو إلى مخيمات مؤقتة قرب هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل.
وحثت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، في بيان، الأربعاء، الأردن وإسرائيل، «السماح للسوريين الفارين من القتال في محافظة درعا بطلب اللجوء وحمايتهم».
وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة لما فقيه، إن «رفض السلطات الأردنية المذلّ السماح لطالبي اللجوء بالتماس الحماية لا يتعارض فقط مع التزاماتها القانونية الدولية، بل يتنافى مع الأخلاقيات الإنسانية الأساسية».
وكرر الأردن، الذي يستضيف أكثر من مليون لاجئ سوري، مراراً خلال الأسبوعين الماضيين أنه سيبقي حدوده مغلقة، لأنه لا يستوعب موجة جديدة من النازحين.
وتتزامن جولات التفاوض بشأن مستقبل المنطقة الجنوبية مع توقف الغارات بشكل كامل على مناطق سيطرة الفصائل منذ مطلع الأسبوع، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وناشطين محليين. وتتواصل الاشتباكات في محيط مدينة طفس غرب درعا وقرب قاعدة عسكرية في جنوب غربي المدينة. وأفاد «المرصد»، الأربعاء، بمقتل 11 مدنياً من عائلة واحدة جراء انفجار ألغام لدى عودتهم ليلاً إلى بلدة المسيفرة، التي انضمت خلال الأسبوع الأخير إلى اتفاقات التسوية مع قوات النظام برعاية روسية.
ويحضر الوضع في جنوب سوريا على جدول جلسة طارئة مغلقة يعقدها مجلس الأمن الخميس، دعت إليها كل من السويد التي تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن خلال هذا الشهر والكويت.

مسودة خريطة طريق صاغتها المعارضة للجنوب
> أفادت مصادر معارضة وموقع «عنب بلدي» بأن فصائل الجنوب صاغت مسودة اتفاق رداً على الاقتراح الروسي، هنا نصها:
1 - وقف الأعمال القتالية في الجنوب بصورة فورية من كلا الطرفين.
2 - التعهد بضمان عدم دخول قوات النظام والأمن إلى المناطق.
3 - عودة قوات النظام إلى المناطق التي كانت فيها قبل بدء الهجمة على الجنوب.
4 - البدء بتسليم السلاح الثقيل بصورة تدريجية، بالتزامن مع عودة الأهالي إلى القرى والبلدات في الجنوب.
5 - عودة مؤسسات الدولة المدنية إلى العمل في الجنوب، ضمن إدارة أبناء المنطقة وعودة جميع الموظفين إلى وظائفهم مع رفع العلم السوري.
6 - فتح مختلف الطرق بين قرى وبلدات الجنوب مع دمشق والسويداء أمام الحركة المدنية والاقتصادية.
7 - تشكيل قوة مركزية مدعومة بالسلاح المتوسط لمساندة القوة المحلية في الجنوب.
8 - تشكيل قوة محلية في كل منطقة لضبط الأمن.
9 - تتكفل القوة المركزية بحماية معبر نصيب مع إمكانية تقديم ما يلزم من قِبَل الفصائل لتأمين الطريق من معبر نصيب وحتى خربة غزالة.
10 - يدار المعبر من قِبَل موظفين مدنيين بتأمين وحماية من قِبَل الشرطة الروسية.
11 - الطريق الحربية الممتدة من معبر نصيب إلى السويداء بيد «قوات الأسد».
12 - التسريع بتطبيق بنود اتفاق «آستانة» فيما يتعلق بملف المعتقلين والمخطوفين لإطلاق سراحهم والبدء بتبادل الجثث والقتلى من الطرفين.
13 - تسوية أوضاع المنشقين بما يضمن سلامة وعدم ملاحقة أي منهم (مهما كانت صفتهم).
14 - توزيع نقاط إجراء التسوية جغرافياً حسب الحاجة ضمن آلية متفق عليها.
15 - يعتبر الاتفاق بمثابة خريطة طريق وحل مناسب للوضع الراهن لحين إيجاد حل شامل على مستوى سوريا.
16 - يشمل الاتفاق الجنوب السوري كاملاً (درعا والقنيطرة).
17 - الضامن لهذا الاتفاق الحكومة الروسية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.