خلافات «فتح» ـ «حماس» تجمّد العمل بالأطر الفلسطينية الموحدة في لبنان

اجتماعات القيادة السياسية معلقة منذ 6 أشهر

من اجتماع للقيادة الفلسطينية المشتركة في لبنان («الشرق الأوسط»)
من اجتماع للقيادة الفلسطينية المشتركة في لبنان («الشرق الأوسط»)
TT

خلافات «فتح» ـ «حماس» تجمّد العمل بالأطر الفلسطينية الموحدة في لبنان

من اجتماع للقيادة الفلسطينية المشتركة في لبنان («الشرق الأوسط»)
من اجتماع للقيادة الفلسطينية المشتركة في لبنان («الشرق الأوسط»)

تمددت خلافات قيادتي «حماس» و«فتح» مؤخراً إلى الساحة اللبنانية مع إعلان الأخيرة تجميد مشاركتها بالأطر الفلسطينية الموحدة، تعبيراً عن استيائها مما وصفتها بـ«ممارسات (حماس) غير المقبولة، سواء في قطاع غزة والضفة الغربية، أو في الداخل اللبناني». وفيما أكد أكثر من مصدر في «فتح» تمسك القيادة بقرارها، أشار ممثل حركة حماس في لبنان، علي بركة، إلى أنه اتفق مع السفير الفلسطيني في بيروت أشرف دبور خلال لقاء جمعه به يوم الأحد الماضي على معالجة الأزمة وتهدئة الأوضاع وعقد لقاء قريب للقيادة السياسية الموحدة.
وتتولى شؤون المخيمات الفلسطينية المنتشرة في مناطق لبنانية متعددة منذ العام 2014، قيادة سياسية موحدة تضم ممثلين عن كل الفصائل تنبثق عنها لجان أمنية تضبط الأمن، باعتبار أن لا دور أو وجود للقوى الأمنية اللبنانية في هذه المخيمات، ما يجعل مصادر لبنانية رسمية تتخوف من أن ينعكس أي خلل في عمل هذه القيادة سلباً على الوضع الأمني، سواء في المخيمات أو لبنان، وتشدد على وجوب حل أي خلاف بين الفصائل، خصوصاً «فتح» و«حماس»، بأسرع وقت ممكن.
وأوضح بركة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «فتح» هي التي بادرت إلى إعلان تجميد حضور اجتماعات القيادة السياسية المركزية منذ نحو الأسبوع، «لكن نتيجة الاتصالات المكثفة والمساعي التي تقوم بها عدة فصائل، اتفقت مع السفير دبور على عودة الأمور إلى طبيعتها، واستئناف العمل المشترك الفلسطيني، وتفعيل التعاون بين الفصائل بما يؤمن حماية للوجود الفلسطيني في لبنان، واستمراراً للعلاقة الممتازة مع أخوتنا اللبنانيين». وقال بركة: «صحيح أن القيادة السياسية المشتركة لم تجتمع منذ 6 أشهر، لكن القيادات المشتركة في المناطق كانت تعقد اجتماعات دورية تماماً كما اللجان الأمنية المشتركة». وإذ أكد أن العمل يتركز على إنهاء الأزمة في أسرع وقت ممكن فيتم التعاطي معها كغيمة صيف عابرة، رفض بركة الخوض في الأسباب التي أدت لانفجار الأزمة، مشدداً على وجوب «الالتفات إلى الأمام، خصوصاً أن هناك الكثير من العمل المشترك المطلوب لمواجهة صفقة القرن ودعم (الأونروا) والعمل للمحافظة عليه».
من جهتها، ردت مصادر واسعة الاطلاع في حركة «فتح» قرار تجميد العمل بالأطر المشتركة إلى «إقدام (حماس) على قمع مظاهرات في غزة والضفة الغربية مؤيدة لـ(فتح) ومناهضة لـ(صفقة القرن)، إضافة لتأجيل المصالحة وبشكل خاص لدعوتها لمظاهرة أمام السفارات الفلسطينية، من بينها مظاهرة أمام السفارة في بيروت، عادت وتنصلت منها، لكنها تركت أثراً سلبياً كبيراً على علاقة (فتح) - (حماس)». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «حماس» اعتادت التنصل من الاتفاقات والتفاهمات التي يتم التوصل إليها في القيادات المشتركة، فما تعلن التزامها به في الاجتماعات لا نرى أي انعكاس له على الأرض، ما بات يستدعي وضع النقاط على الحروف ومعالجة هذا الوضع من أساسه.
وأكد أمين سر فصائل «منظمة التحرير» و«حركة فتح» في صيدا، ماهر شبايطة، استمرار تعليق العمل بالإطار السياسي الفلسطيني الموحد، ليس في منطقة صيدا وحدها، بل في كل لبنان، بقرار مركزي صادر عن منظمة التحرير. وأشار شبايطة إلى أن «ميثاق الشرف الذي وقعت عليه الفصائل كافة، ينص على أن تكون الساحة اللبنانية بعيدة عن الصراعات الداخلية الفلسطينية، وعدم التدخل فيها، والمحافظة على أمن المخيمات، والعلاقة الفلسطينية - الفلسطينية، والفلسطينية - اللبنانية»، وقال لـ«وكالة القدس للأنباء»: «حدثت أمور في الأيام الأخيرة خرجت عن الإطار المألوف، وأدخلتنا في الصراعات، من بينها الحركات المناهضة التي أقيمت ضد السفارة الفلسطينية التي هي لكل الشعب الفلسطيني، وضد الرئيس أبو مازن، ومن هذا المنطلق تم تجميد العمل المشترك».
وإذ شدد شبايطة على تمسك «منظمة التحرير» و«حركة فتح» بالعمل المشترك، «لأنه هو الذي حمى المخيمات من كل الأزمات التي مرت عليها»، دعا إلى «الالتزام بميثاق الشرف بمصداقية، وأن يكون هناك قرار شامل يشمل كل القضايا المتفق عليها، ومراجعة كل المرحلة السابقة، ليصبح العمل سليماً لحماية شعبنا الفلسطيني، خصوصاً أننا نمر بمرحلة لا يوجد خلاف عليها، وهي صفقة القرن التي أكدت القوى السياسية كافة رفضها».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.