الحمامات... منارة السياحة التونسية

منابعها الطبيعية ومنتجعات المياه الحارة حولتها إلى قبلة للباحثين عن الاستشفاء

TT

الحمامات... منارة السياحة التونسية

تعد مدينة الحمامات منارة السياحة التونسية، وقبلة السياح الباحثين عن التاريخ العريق والطقس الجميل من مختلف دول العالم، وذلك بفضل مناخها المعتدل، وشواطئها الجذابة، وأسوارها التاريخية الضاربة في القدم.
وتقع المنطقة السياحية بالحمامات على بعد 60 كلم شمال شرقي العاصمة، وهي تعد من أشهر المناطق الجاذبة للسياح، على غرار نابل المجاورة، وسوسة وبنزرت، وجزيرة جربة، ومناطق السياحة الصحراوية الكثيرة، خصوصاً توزر.
ومن أهم مقومات السياحة في الحمامات كثرة الفنادق ذات التصنيف الجيد، والمنتجعات والإقامات السياحية التي تلبي مختلف الأذواق، والمطاعم الفاخرة بأكلاتها المتوسطية المتنوعة، ومراكز التسوق القريبة من الفنادق، وحمامات مياه البحر (الطالاسو)، ومنتجعات المياه الحارة، التي يقصدها الزوار للاستشفاء والاستجمام، سواء من خارج تونس أو من داخلها.
ويقارن كثير من السياح الذين يقبلون على الأماكن السياحية في الحمامات بين هذه المدينة الجذابة ومدينة سانت تروبيه الفرنسية، من حيث إطلالتها على البحر، وشواطئها النظيفة، ورمالها الناعمة.
لكن الحمامات تتميز بعدة مزايا أخرى لا توجد في المدينة الفرنسية، أبرزها طابعها المعماري المتوسطي الذي يسيطر عليه اللون الأبيض والأزرق، والمدينة العتيقة المميزة بأبنيتها القديمة وتحصيناتها القوية.

- مدينة التاريخ
علاوة على الشمس والبحر، تشتهر مدينة الحمامات بالتلال الخضراء، وبساتين أشجار الليمون وزهر الأرنج، ويطلق على المنطقة التي تقع فيها المدينة اسم «الرأس الطيب»، في إشارة إلى طيب المناخ واعتداله، وحلاوة ما تنبته الأرض هناك.
كما تشتهر المدينة بعدد من الأسوار العتيقة، التي مثلت خلال فترات تاريخية سابقة حصناً واقياً لسكان المدينة، التي تعود إلى القرن التاسع للميلاد. وقد بنيت جلها على يد الأغالبة الذين بنوا مدينة القيروان. وعرفت المدينة في العصر الروماني باسم «بوبوت»، وأصبحت تحت سيطرة الرومان لفترة زمنية محدودة.
وتعج المدينة العريقة بسلسة من الحمامات الاستشفائية، ومنها جاء أصل التسمية التي تحملها المدينة إلى يومنا هذا، كما توجد بها سلسلة طويلة من قنوات المياه التي تتدفق إليها من منطقة «الفوارة»، التي تربط مختلف مناطق المدينة.

- قلعة القصبة
تعد القصبة من أهم المعالم السياحة في الحمامات، وهي عبارة عن قلعة أثرية يعود بناؤها إلى القرن الثالث للميلاد، وتقع بالقرب من ساحل المدينة، مما جعلها وجهة مفضلة لكل الزائرين، خصوصاً أنها تقع وسط المدينة في ممر يكاد يكون إجبارياً لجميع السائقين.
وتؤكد المصادر التاريخية الخاصة بتونس، ومدينة الحمامات بالذات، أن أسوار المدينة العتيقة، التي تتميز عن غيرها من الأسوار بسمك جدرانها، حيث تبلغ نحو المترين، قد بنيت بحجارة صلدة لتصمد في وجوه الغزاة والطامعين في الاستيلاء على ثرواتها.
وتوجد معظم أسوار المدينة في جهتها الجنوبية والغربية، وتضم البرج المربع، والحصن مثمن الشكل. أما الجهة الشرقية من الأسوار فهي محمية بأربعة أبراج مربعة الشكل كذلك، طول الضلع الواحد منها ستة أمتار، وسماكتها مترين ونصف المتر، وتتميز أيضاً بثلاثة أبواب، هي: باب البلد أو باب السوق في الجهة الجنوبية الشرقية، وباب البحر الشمال الغربي، والباب القبلي.

- متنزه قرطاج لاند
على مقربة من المنطقة السياحية للحمامات، يوجد متنزه «قرطاج لاند»، ضمن منتجع ياسمين الحمامات، وهو يعد من أهم المعالم السياحية التي تضم عدداً كبيراً من الألعاب الترفيهية والمائية، التي تجلب الصغار والكبار أيضاً. ويعتبر «قرطاج لاند» من بين أهم المتنزهات التي تعتمد على ترفيه يحاكي العصر القرطاجني (نسبة إلى حضارة قرطاج)، وهي تناسب العائلات وجميع الأعمار.
وعلى الرغم من شهرة الحمامات على مستوى السياحة المتوسطية والعالمية، فإنها تمثل أيضاً إحدى أهم مناطق الجذب بالنسبة للسياحة الداخلية، حيث تنظم إليها مئات الرحلات الطلابية، خصوصاً في عطلة الربيع، وهي تعد إلى جانب مدينة نابل وطبرقة وعين دراهم من أهم المناطق التي تستقطب مئات السياح من داخل تونس. وفي هذا الصدد، تؤكد أرقام وزارة السياحة التونسية أنه خلال السنوات الماضية التي عرفت تراجعاً كبيراً للأنشطة السياحية نتيجة الهجمات الإرهابية التي ضربت تونس، ارتفعت نسبة مساهمة السياحة الداخلية من نحو 5 في المائة من إجمالي الطلب السياحي، لتصل حالياً إلى ما بين 10 و15 في المائة، وهو ما خفف قليلاً من أزمة القطاع السياحي، التي تجاوزت تأثيراته السلبية حدود عائدات السياحة من العملة الصعبة إلى انخفاض الطلب على الصناعات التقليدية، التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بعدد السياح، خصوصاً الأجانب.
وتسعى وزارة السياحة التونسية إلى الرفع من نسبة مساهمة السياحة الداخلية لتأمين عائدات مالية مهمة لقطاع سياحي عانى الكثير خلال السنوات الماضية، على الرغم من التوقعات المتفائلة للمشرفين على السياحة التونسية، حيث تنتظر أكثر من 8 ملايين سائح أجنبي خلال موسم الصيف الحالي، وزيادة بنحو 25 في المائة على مستوى العائدات المالية. كما تعمل السلطات التونسية على ضبط استراتيجية مستقبلية للنهوض بالسياحة الداخلية، وتقول إن إسبانيا وإيطاليا تمثل السوق الداخلية فيها بنحو 50 في المائة من إجمالي السوق السياحية، وهي أرقام لا يمكن بلوغها وفق ما توفره السياسة السياحية الحالية في تونس.

- أهم الفنادق
تضم مدينة الحمامات عدداً مهماً من الفنادق السياحية ذات المواصفات العالمية، أبرزها:
- فندق سندباد، من فئة الخمسة نجوم، يبعد نحو 1.8 كلم عن وسط المدينة، والإقامة الكاملة تساوي 122 دولاراً أميركياً لليلة.
- إقامة «لو كارال»، من فئة متوسطة لا تزيد على الثلاثة نجوم، ويبعد بنحو 7.3 كلم عن وسط المدينة، والإقامة الكاملة فيه تساوي 68 دولاراً أميركياً لليلة الواحدة.
- نزل كنزة، يبعد بنحو 6.7 كلم عن وسط المدينة، وهو من فئة الثلاثة نجوم، ويقدر سعر المبيت بنحو 44 دولاراً.
- إقامة رومان، لا تبعد عن وسط المدينة سوى 200 متر، وهو من فئة النجمتين، ويبلغ ثمن الإقامة في هذا الفندق نحو 50 دولاراً لليلة الواحدة.


مقالات ذات صلة

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)
سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.