«الكتائب» يعيد حساباته مع «العهد»

تراجع عن مرسوم التجنيس الذي أصدره الرئيس

TT

«الكتائب» يعيد حساباته مع «العهد»

لا يزال حزب «الكتائب» يحاول استيعاب الخسارة التي مني بها في الانتخابات النيابية، بعد تقلص كتلته من 5 إلى 3 نواب، من خلال مراجعة سياساته السابقة، ووضع سياسات جديدة لم تتضح معالمها بعد، وإن كان رئيس الحزب سامي الجميل آثر مؤخرا اعتماد خطاب أقل حدة، من ذلك الذي اعتمده طوال المرحلة السابقة، حين كان وحيدا في صفوف المعارضة، ما يوحي بنيته العودة إلى صفوف السلطة ولو بحصة وزارية محدودة، تقتصر على وزارة واحدة.
ويبدو أن الكتائبيين الذين تؤكد مصادر سياسية سعيهم للتقرب من «العهد» ورئيسه العماد ميشال عون، يدرسون خطواتهم جيدا، فبعدما كانوا أول المنتقدين لمرسوم التجنيس الذي صدر عن رئيس الجمهورية، ودعوا للقاء للتصدي له جمعهم بـ«القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» لدراسة إمكانية تقديم طعن به أمام مجلس شورى الدولة، ارتأوا مؤخرا التراجع عن هذه الخطوة، ما حصر الموضوع بطعنين تقدم بهما على حدة القواتيون والاشتراكيون.
وقالت مصادر كتائبية واسعة الاطلاع، إن القرار بعدم تقديم طعن «ليس تراجعا عن موقف واضح لن ننفك نعلنه، لجهة تضمّنه أسماء لا تستحق نيل الجنسية اللبنانية يتوجب سحبها دون تردد، إنما هو اقتناع منا بأن سلوك مسار مجلس شورى لن يكون مجديا على الأرجح، نتيجة قيامنا بدراسات للطعون السابقة المماثلة التي لم يأخذ بها المجلس، لغياب صفة المتضرر عن النائب أو الأحزاب التي تتقدم بالطعن»، ولفتت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «ما دامت لا إمكانية لإثبات وجود مصلحة شخصية ومباشرة، فإن رد مجلس شورى للطعون التي قدمها القواتيون والاشتراكيون أمر مرجح».
وشددت المصادر على أن ما يريده حزب «الكتائب» اليوم: «هو أكل العنب وليس قتل الناطور، وذلك ما سنسعى إليه من خلال الطلب بشكل مباشر من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إصدار مراسيم جديدة لسحب الجنسية من 85 شخصا، أعطيت لهم في المرسوم الأخير، تبين أن بحقهم أحكاما قضائية». وأضافت المصادر: «تواصل رئيس الحزب النائب سامي الجميل مع مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي أكد له أن تحقيقات الجهاز الذي يديره بينت وجود 85 شخصا ممن بحقهم أحكام قضائية، لذلك طلب موعدا من الرئيس عون للتشديد عليه على وجوب سحب الجنسية منهم».
ويربط «الكتائب» بين ردة فعل الرئيس عون، وما ستكون عليه خطوات الحزب اللاحقة. وتعتبر المصادر أن الطعون التي تقدم بها «القوات» و«التقدمي الاشتراكي» هي «طعون سياسية؛ لأن الفريقين يخوضان معركة مع الرئيس و(التيار الوطني الحر)، وهذه ليست حالنا».
وكانت العلاقة الكتائبية – القواتية بدأت تتحسن تدريجيا خلال مرحلة الانتخابات النيابية، علما بأن الحزبين لطالما كانا حليفين استراتيجيين، إلا أن الأحوال بينهما تدهورت بعيد تبني رئيس «القوات» سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وسيره بما يُعرف بـ«التسوية الرئاسية» التي رفضها رئيس «الكتائب» سامي الجميل، وقرر بحينها اللجوء وحيدا إلى صفوف المعارضة. ولم تفلح كل المساعي التي بذلت لرأب الصدع بينهما؛ خاصة مع تركيز «الكتائب» على التصويب على أداء الحكومة التي تحولت حاليا لحكومة تصريف أعمال، والتي يشكل وزراء «القوات» جزءا أساسيا منها. إلا أن مصادر قواتية تصف اليوم العلاقة مع «الكتائب» بـ«الجيدة»؛ لافتة إلى أن صفحة الخلافات طويت مع التحالفات الانتخابية التي تمت على القطعة. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لم يدخل أي فريق سياسي بعد في مرحلة إعادة تنظيم تحالفاته، والأمر متروك لما بعد عملية تشكيل الحكومة، إلا أن ما نؤكده أن خطوط التواصل فُتحت مجددا مع (الكتائب) للتنسيق بالعناوين الكبرى، وهو ما ظهر جليا في مرسوم التجنيس».
ولم يحسم حزب «الكتائب» حتى الساعة إمكانية انضمامه للتشكيلة الحكومية الجديدة، وإن كانت مصادره تؤكد أن الأمر ليس مرتبطا بنوعية الحقيبة الوزارية التي سيتولاها ممثل عن الحزب؛ بل بشكل الحكومة وما إذا كان تراعي التوازنات اللبنانية الدقيقة. وتضيف المصادر: «سواء كنا داخل الحكومة أو خارجها فنحن سنواصل تصدينا لكل الارتكابات، وسنسمي الأشياء بأسمائها، ولن نتوانى كما فعلنا بوقت سابق عن الانسحاب من الحكومة، في حال وجدنا أن دورنا سيقتصر على أن نكون شهود زور».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.