ليوان نجمة «ذا فويس» الفرنسية... موهبة ممثلة ووجه ملاك

ليوان
ليوان
TT

ليوان نجمة «ذا فويس» الفرنسية... موهبة ممثلة ووجه ملاك

ليوان
ليوان

حين يخطف الجيل الشّاب مقادير طموحاته الفنية من أيدي المخرجين المكرسين، يمكن عندها القول إن السينما الفرنسية تستعيد عافيتها. ومن علامات هذا النّشاط فيلم جديد بعنوان «الجائعون» هو الأول لمخرجته فريديفال. وتبلغ المخرجة من العمر 27 سنة، وقد أسندت البطولة إلى المغنية ليوان التي لا يزيد عمرها عن 21 سنة. إنّه فيلم يصنعه الشّباب عن الشّباب. سلبت ليوان، واسمها الحقيقي آن بيشير، قلوب مشاهدي التلفزيون عندما حلّت ثانية، قبل 5 سنوات، في برنامج «ذا فويس» بنسخته الفرنسية. كانت يومها مراهقة تتمتع بوجه ملائكي ونظرات بريئة وتغنّي بصوت عذب نصوصاً رومانسية. وقد وجدت الصحافة فيها دجاجة يمكن أن تبيض ذهباً فاحتلت صورها كل الأغلفة. لقد كانت تمثل واحدة من الحكايات الجميلة للنجاح، فالبنت الآتية من قرية صغيرة في أقصى شمال البلاد، سليلة عائلة متوسطة كبيرة العدد، عرفت كيف تشق طريقها معتمدة على موهبتها بالدرجة الأولى، ثم جمالها النقي، وأخيراً على الحظ. كان أبوها مهاجراً من أصول ألمانية وأمها برتغالية. وقد عهدا بتربيتها إلى سيدة نقلت لها عدوى الغناء وحب الموسيقى. وفي سن الـ12 سنة شاركت الطّفلة في الموسم الثاني من برنامج المسابقات «مدرسة النجوم» الذي كان يُبثّ على قناة «ديركت 8»، وأدت عدة أغنيات. وبسبب حيويتها الزائدة عن الحد، تعترف بأنّها تعرضت للعقاب كثيراً في طفولتها. فقد كان أبوها شديداً وحنوناً في آن. وممّا يحزّ في نفسها أنّه فارق الحياة قبل أن يشهد تألقها في «ذا فويس»، وقدّمت له أغنية حزينة خاصة كان لها دور في التأثير على المشاهدين ولجنة التحكيم. ويشاء القدر أن يخطف المرض والدتها، بعد ذلك بسنة، وودعتها ليوان بأغنية شهيرة عنوانها «ماما». تعززت شهرة الفنانة الصغيرة عندما فتحت لها السينما أبوابها وحصلت على دور في فيلم «عائلة برج الحمل». وشاهد الفيلم 6 ملايين متفرج. وهو رقم يعتبر ممتازاً في فرنسا. وبالبراءة ذاتها، صعدت ليوان إلى مسرح حفل جوائز «سيزار» السينمائية الفرنسية المعادلة لـ«الأوسكار»، وتلقّت عن دورها الأول جائزة أفضل ممثلة واعدة، الأمر الذي مهّد لها الحصول على دورها السينمائي الثاني في فيلم «الوطنيون». كان ذلك قبل 4 سنوات. واليوم تكرر المغنية تجربة التمثيل، للمرة الثالثة، بعد أن نزعت ثياب الطفولة وبلغت سن الرشد.
بموازاة التمثيل، أصدرت ليوان أسطوانتها الغنائية الأولى التي حملت عنوان «غرفة 12». ولأنّها مولودة تحت نجمة سعد فقد تصدرت أسطوانتها قوائم الأعمال الأكثر رواجاً وكانت الأكثر مبيعاً في عام 2015، بحصيلة بلغت 1.2 مليون أسطوانة. وسرعان ما ضربت المغنية الشابة الحديد وهو حامٍ، وأصدرت أسطوانة ثانية حملت اسمها المجرد «ليوان». عن فيلمها الجديد تقول إنه ليس من نوع الأفلام التي تتودّد للشبيبة وتحاول التنكر بثيابها، بل هو شريط يعكس بالفعل «حياة جيل جديد يجري الاستغناء عنه وهو لم يخرج من اللفة بعد». وهي تؤدي في الفيلم دور «زوي»، الشابة الباريسية المتمردة التي تقرر تحدي الكبار. وبسبب بدايتها المبكرة على المسارح والشّاشات يرى النقاد في ليوان نسخة جديدة من المغنية فانيسا بارادي، أو من شارلوت غينزبور، أي فنانة متكاملة تغني وتمثل، وهي مقارنة ترضيها ولا ترضيها. ومع تقديرها لتلك النجمتين ترى أنّ التقليد لن ينفعها في شيء لأنّها تحاول أن تبني شخصيتها الخاصة، حيث الموسيقى هي بصمتها الجينية. وفيما يخص السينما فإنها تسعى لطرد خجلها والتأقلم مع أجواء ستوديوهات التصوير. وتقول: «ليس هناك شخص واحد وراء الكاميرا بل خمسون. وعندما يفشل الممثل أو الممثلة فإنه يخرب جهود فريق كامل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».