«مدينة المستقبل»... أول مجمع سكاني يعمل بالطاقة الشمسية في أميركا

تضم 20 ألف منزل في ولاية فلوريدا

«مدينة المستقبل»... أول مجمع سكاني يعمل بالطاقة الشمسية في أميركا
TT
20

«مدينة المستقبل»... أول مجمع سكاني يعمل بالطاقة الشمسية في أميركا

«مدينة المستقبل»... أول مجمع سكاني يعمل بالطاقة الشمسية في أميركا

تشهد القارّة الأميركية تطوير أول مدينة تعمل بالطاقة الشمسية بالكامل في ولاية فلوريدا. وحسب تقارير شركة «فيل كيتينغ»، حول التقدّم الذي حققه المشروع، يأمل المطورون في أن تصبح «بابكوك رانش» (Babcock Ranch) أول مدينة ذاتية الاستدامة في أميركا.
ويتوقع أن تكون الطفلة جاسمين داي، التي انتقلت للسكن في المدينة الجديدة، أول مولود يرى النور في «بابكوك رانش» التي تسمى «مدينة المستقبل». ونقلت قناة «فوكس» الإخبارية عن جوش داي: «انتقلنا إلى هنا لنكون قادرين على العيش في مجتمع يهتم جميع من فيه بالمستقبل، ويريدون ذلك ليس فقط لأنفسهم، بل لأولادهم وأحفادهم أيضاً. يريدون أن يكون الكوكب الذي نعيش فيه أكثر نظافة عندما يكبر أولادنا».
طاقة شمسية
ومنذ البداية، تمّ تطوير «بابكوك رانش» بالقرب من مدينة «فورت مايرز» على ساحل الولاية الغربي، في حقل يولّد طاقة شمسية هائلة تغطّي حاجات المشروع الكهربائية بالكامل، على بقعة من الأرض يمتدّ على مساحتها، التي تعادل مساحة 200 ملعب كرة قدم، نحو 350 ألف لوح شمسي. وكانت هذه الأرض التي تبلغ مساحتها 17 ألف أكرة (الأكرة 4047 متراً مربعاً) مواقع قديمة للتعدين والزراعة.
أمّا اليوم، فقد تحوّلت إلى أول مدينة في البلاد تعمل بالطاقة الشمسية، وذات بصمة كربونية منخفضة جداً، وتضمّ مدرسة ستفتتح قريباً، ومراكب كهربائية ستتحوّل أخيراً إلى سيارات ذاتية القيادة، وساحة صغيرة تتضمن متاجر، في مشهد يؤكّد على أهمية البيئة والحماية.
وفي هذا المكان الذي يستطيع فيه معظم المطورين أن يبنوا ويبيعوا القدر الذي يريدونه من المنازل، تركّزت رؤية كيتسون على تحقيق مكاسب أكبر ومنذ البداية على حفظ القسم الأكبر من المساحة المفتوحة، التي تتضمّن اليوم كثيراً من البحيرات، ونحو 80 كيلومتراً من مسارات الدراجات الهوائية.
ويتراوح سعر المنازل في هذه المدينة بين 190 ألفاً ونحو 499 ألف دولار. ويستطيع السكان العمل في قلبها، ولكنّهم ليسوا مضطرين إلى ذلك. وسيصل عدد المنازل المبنية في هذه المدينة أخيراً إلى 19500.
بيئة نقية
وقال كيتسون: «نفكّر بالطريقة المختلفة التي نطوّر بها هذا المشروع... فهي تتميّز بمسؤولية بيئية عالية، لتكون المدينة الأكثر استدامة من بين جميع المدن التي طوّرت حتى اليوم. إنّها المدينة الأولى التي تتغذى من الطاقة الشمسية بالكامل في أميركا، ونحن فخورون بذلك».
وانتقل أول السكان إلى هذه المدينة في يناير (كانون الثاني) من هذا العام. واليوم، وقّعت عقود التملّك الخاصة بـ150 منزلاً، ومن المتوقّع انتقال 250 عائلة إلى المشروع بحلول ديسمبر (كانون الأول). واليوم، يعمل 8 مطوّرين على بناء المنازل، والهدف بناء مدينة سكنية صغيرة وفريدة من نوعها تتسع لـ45 ألف شخص.
ولكن الأهم هو الحقل الذي يعمل بالطاقة الشمسية. فقد قدّم كيتسون الأرض لـ«فلوريدا باور & لايت» مجاناً. وقد أنفقت الشركة أكثر من 100 مليون دولار على تركيب الألواح الشمسية والأسلاك وبطاريات التخزين، وتتوزّع الطاقة الشمسية في المدينة اليوم عبر شبكة الشركة نفسها، خصوصاً أنّ حاجات «بابكوك رانش» لا تزال متواضعة جداً في هذه المرحلة.
ورأى جون وولشلاجر، الأستاذ المتخصص في التخطيط المدني في جامعة «فلوريدا غولف كوست»، أن جميع المدن يمكنها أن تطبّق نموذج «بابكوك رانش»، ولكنّ هذا الأمر سيتطلّب سنوات. وأكبر ميزات هذا المشروع هو وضع أولى لبناته ومنذ البداية بهدف بناء مدينة ذاتية الاستدامة وصديقة للبيئة.
وقال وولشلاجر: «إن نظرنا إلى المستقبل البعيد، أظنّ أن هذه النوعية من المدن ستكون ضرورة. ففي حال كنا نريد الحصول على حياة جيّدة في المستقبل، علينا أن نفكّر بالمزيد من الاستدامة، لأننا إن لم نفعل سنخسر الطاقة والمياه والمصادر».
أمّا بالنسبة لجوش داي، فقد عثر على وظيفة في مجال العلاج الطبيعي في مركز «لايف ويلنيس» في ساحة البلدة. وفي حال قرّر ألا يتنقلّ بين منزله وعمله على دراجة هوائية، يمكنه ببساطة أن يستقل مركبة كهربائية في مدينة لا تعاني حتى اليوم من زحمة سير أو ساعات ذروة خانقة.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

شُرفات ألمانيا: أكثر من 780 ألف لوحة شمسية مسجلة لإمدادات الكهرباء

شُرفات ألمانيا: أكثر من 780 ألف لوحة شمسية مسجلة لإمدادات الكهرباء
TT
20

شُرفات ألمانيا: أكثر من 780 ألف لوحة شمسية مسجلة لإمدادات الكهرباء

شُرفات ألمانيا: أكثر من 780 ألف لوحة شمسية مسجلة لإمدادات الكهرباء

يتمنى ريموند وارد، وهو ممثل جمهوري في ولاية يوتا الأميركية، رؤية ألواح شمسية تُغطي كل شرفة في الولايات المتحدة. ولا يفهم سبب عدم حدوث ذلك.

تقنيات سهلة التركيب

التكنولوجيا في غاية السهولة في الاستخدام - ما عليك سوى تعليق لوح أو لوحين على درابزين وتوصيلهما بمقبس كهربائي. توفر هذه الأجهزة ما يصل إلى قدرة 800 واط؛ وهو ما يكفي لشحن جهاز كمبيوتر محمول أو تشغيل ثلاجة صغيرة.

وتحظى هذه الأجهزة بشعبية كبيرة في ألمانيا، حيث يُشيد بها الجميع، من المستأجرين إلى نشطاء المناخ إلى مُحبي الأجهزة الإلكترونية، بصفتها وسيلة رخيصة وسهلة لتوليد الكهرباء.

ملايين الألواح الشمسية

سجّل الألمان أكثر من 780 ألف جهاز لدى هيئة تنظيم المرافق في البلاد حتى ديسمبر (كانون الأول) الماضي. كما ركَّبوا ملايين أخرى دون إبلاغ الحكومة. هنا في الولايات المتحدة، لا توجد سوق للطاقة الشمسية للشرفات.

وريموند وارد الذي اطلع على هذه التقنية العام الماضي، يريد تغيير هذا الوضع. من وجهة نظره، يُعد هذا حلاً بديهياً للطلب المتزايد على الطاقة. قال لصحيفة «غريست»: «تنظر إلى هناك وتقول: (حسناً، هذا النظام ناجح). إذن، ما الذي يمنعنا من استخدامه هنا؟».

تسهيل التحول إلى الطاقة الشمسية

يتفق زملاؤه معه. في الشهر الماضي، أقرَّ المجلس التشريعي بالإجماع مشروع قانون رعاه لتعزيز هذه التقنية، ووقَّع عليه الحاكم الجمهوري سبنسر كوكس. ويُعفي مشروع القانون رقم 340 أجهزة الطاقة الشمسية المحمولة من لوائح الولاية التي تُلزم مالكي ألواح الطاقة الشمسية على الأسطح وأنظمة توليد الطاقة الأخرى بتوقيع اتفاقات للربط مع شركات المرافق المحلية. وهذه الصفقات، وغيرها من «التكاليف غير المباشرة» يمكنها أن تُضاعف الإنفاق على كل من يريد التحول إلى الطاقة الشمسية.

وأكد مؤيدو هذه التقنية أن التغلب على هذه التحديات سيستغرق وقتاً وجهداً، لكنها ليست مستعصية. حتى الآن، يعمل فريق من رواد الأعمال وعلماء الأبحاث، بدعم من التمويل الفيدرالي، على وضع هذه المعايير.

ريادة ألمانيا

يعكس عملهم ما حدث في ألمانيا قبل ما يقرب من عقد من الزمان، عندما بدأ مؤيدو الطاقة النظيفة والشركات في الضغط على هيئة اعتماد الكهرباء في البلاد لتعديل لوائح السلامة وتقنين أنظمة الطاقة الشمسية للشرفات.

في عام 2017، أصدرت جمعية Verband der Elektrotechnik، أو VDE، وهي هيئة اعتماد ألمانية تُصدر معايير المنتج والسلامة للمنتجات الكهربائية، أول دليل إرشادي يسمح بأنظمة الطاقة الشمسية للشرفات. وبينما كانت مثل هذه الأنظمة موجودة قبل أن تتخذ VDE هذه الخطوة، فإن المعيار الذي وضعته سمح للمصنعين ببيعها على نطاق واسع؛ ما أدى إلى ازدهار الصناعة.

قال كريستيان أوفينهوسل، مؤسس شركة EmpowerSource، وهي شركة مقرّها برلين تعمل على الترويج للطاقة الشمسية للشرفات، إن «الأفراد الدؤوبين» كانوا مفتاح تحقيق ذلك.

وقد قضى أعضاء جمعية صناعة الطاقة الشمسية الألمانية سنوات في الدعوة إلى هذه التقنية، وعملوا مع VDE لتمهيد الطريق نحو توحيد أنظمة الطاقة الشمسية للشرفات. وتبع المعيار الأولي إصدارات منقحة في عامي 2018 و2019 حددت المتطلبات الفنية بشكل أكبر.

واصل الهيكل التنظيمي تطوره. فقد عمل أوفينهوسل مع دعاة آخرين لتعديل معايير سلامة الشبكة، وإنشاء تسجيل بسيط عبر الإنترنت للأجهزة الموصولة بالكهرباء، وترسيخ حق المستأجرين في الطاقة الشمسية للشرفات. دعم السياسيون هذه الجهود؛ لأنهم يرون أن هذه التقنية تخفف من اعتماد البلاد على الغاز الطبيعي الروسي.

برلين وميونيخ تقدم الدعم للسكان

قدمت مدن مثل برلين وميونيخ ملايين من اليورو دعماً لمساعدة الأسر على شراء هذه الأنظمة، وتعمل البلاد على وضع معيار أمان للبطاريات القادرة على تخزين الطاقة لاستخدامها لاحقاً.

في الوقت نفسه، لم تتخذ الولايات المتحدة بَعدُ الخطوة الأولى لوضع معيار أمان لهذه التقنية. لا تضع الإرشادات الكهربائية الأميركية في الحسبان إمكانية توصيل جهاز توليد الطاقة بمقبس كهربائي منزلي. كما تعمل البلاد بنظام مختلف يمنع ببساطة نسخ ولصق القواعد الألمانية. على سبيل المثال، تعمل شبكة الكهرباء الأميركية بفرق جهد كهربائي يبلغ 120 فولت، بينما تعمل شبكة الكهرباء في ألمانيا بفرق جهد 230 فولت.

مخاطر نشر الألواح من دون معايير

ومن دون معايير مناسبة، قد يُشكّل نظام الطاقة الشمسية للشرفات الكثير من المخاطر. أحد هذه المخاطر ظاهرة تُسمى «حجب القاطع» (breaker masking). داخل المنزل، يُمكن لدائرة واحدة أن تُوفّر الطاقة لمنافذ عدة. كل دائرة مُزوّدة بقاطع دائرة، وهو جهاز أمان داخل اللوحة الكهربائية يُوقف الطاقة في حال زيادة الحمل على هذه الدائرة، وهو ما يحدث عندما تحاول الكثير من الأجهزة سحب كمية كبيرة من الكهرباء في الوقت نفسه. وهذا يمنع ارتفاع درجة الحرارة أو نشوب حريق.

عندما يُرسل جهاز الطاقة الشمسية للشرفات الطاقة إلى دائرة بينما تسحب الأجهزة الأخرى الطاقة منها، لا يستطيع القاطع اكتشاف مصدر الطاقة الإضافي هذا. وإذا زادت الطاقة المُحمّلة على الدائرة - تخيّل تشغيل جهاز التلفزيون أثناء تشغيل مُدفأة منزلية وشحن الكمبيوتر المحمول، وكل ذلك في الغرفة نفسها - فقد يفشل قاطع الدائرة في العمل السريع.

كان هذا مصدر قلق في ألمانيا؛ لذلك وُضعت معايير تُحدّد وحدات الطاقة الشمسية للشرفات بـ800 واط فقط، أي نحو نصف الكمية التي يستخدمها مُجفف الشعر.

تركيبات آمنة

وقال سيباستيان مولر، رئيس جمعية الطاقة الشمسية للشرفات الألمانية، وهي مجموعة تثقيفية ومناصرة للمستهلكين، إن هذه العتبة تعدّ منخفضة بما يكفي بحيث يمكن للأسلاك، حتى في أقدم منازل البلاد، أن تتحمل الحرارة التي تحدث حتى في أسوأ السيناريوهات. ونتيجة لذلك؛ قال أوفينهوسل إنه لم تكن هناك أي حالات لحوادث بسبب هذه المخاطر تسببت في حدوث ضرر.

في الواقع، مع تركيب ملايين الأجهزة في جميع أنحاء البلاد، لم تشهد ألمانيا بعد أي مشكلات تتعلق بالسلامة بخلاف حالات قليلة قام فيها شخص ما بالتلاعب بالأجهزة لإضافة بطارية سيارة أو أجهزة أخرى غير مناسبة، على حد قوله.

* باختصار. مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»