سفن ذاتية القيادة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد

لخدمات التوصيل والنقل ورصد البيئة في قنوات الأنهار

سفن ذاتية القيادة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد
TT

سفن ذاتية القيادة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد

سفن ذاتية القيادة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد

صمم علماء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أسطولاً من المراكب البحرية ذاتية القيادة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد القادرة على نقل الركاب والبضائع، للمساعدة في تخفيف الزحمة التي تحصل في الممرات المائية في المدن الثرية بها، مثل أمستردام وبانكوك والبندقية، حيث تجري الأقنية المائية أسفل الشوارع والجسور.
تقدّم هذه السفن البحرية الذاتية القيادة قدرة عالية على المناورة والسيطرة الدقيقين. يمكن لتطوير هذه المركبات بواسطة آلات طباعة منخفضة الكلفة أن يزيد جدوى صناعتها بأعداد كبيرة.
سفن ليلية
في المستقبل، يرجّح العلماء التوصّل إلى ضبط هذه المركبات الذاتية القيادة بحيث تصبح قادرة على الخدمة خلال الليل، بدل ساعات الاحتقان خلال النهار، لتخفّف المزيد من الازدحام على الطرقات وفي القنوات المائية.
وتقول دانييلا راس، الباحثة في المعهد: «تخيّلوا تعديل أوقات بعض خدمات البنى التحتية التي غالباً ما تحصل خلال النهار على الطرقات، كخدمات التوصيل وإدارة النفايات والمخلّفات، لتصبح ليلية، عبر استخدام أسطول من القوارب الذاتية القيادة».
تأتي القوارب، التي يبلغ حجمها أربعة أمتار طولا ومترين عرضا، مجهّزة بأجهزة استشعار وأجهزة تحكّم صغيرة، وأجهزة تعقّب للمواقع، وغيرها من الأدوات التي يمكن برمجتها وتجميعها لتتحوّل إلى جسور عائمة، ومسارح حفلات، ومنصات، وأسواق طعام، وغيرها من الهياكل بغضون ساعات. وتقول راس في حديث نقله موقع «دي إن إيه»: «من جديد، يمكن لبعض النشاطات التي تحصل عادة على اليابسة وتتسبب في اضطراب حركة المدن، أن تحصل في أوقات معيّنة في المياه».
استشعار بيئي
يمكن تجهيز القوارب أيضاً بأجهزة استشعار بيئية لمراقبة مياه المدن ومعرفة المزيد من المعلومات حول صحة المدن والسكان فيها.
لصناعة القوارب، طبع العلماء هيكلاً مستطيلاً بواسطة طابعة تجارية ثلاثية الأبعاد، وأنتجوا 16 قسماً منفصلاً ثم وصلوها ببعضها. تطلّبت عملية الطباعة حوالي 60 ساعة، وتمّ بعدها إغلاق الهياكل المكتملة من خلال لصق طبقات متعدّدة من الألياف الزجاجية.
يتضمّن الهيكل المكتمل مصدراً للطاقة، وهوائيات واي - فاي، جي.بي.إس، وكومبيوترا صغيرا، وجهاز تحكّم مصغّرا. لضمان تمركز دقيق. واستخدم الباحثون نظام أجهزة صوت داخلية ووحدات جي.بي.إس تعمل بالحركة المجرّدة الآنية، تتيح التمركز الدقيق على مستوى سنتيمترات، إلى جانب وحدة قياس ممانعة مهمتها مراقبة الانعراج وزاوية السرعة، وغيرها من المقاييس.
يأتي المركب بتصميم مستطيل مختلف عن أشكال قوارب التجديف التقليدية، للسماح للمركبة بأن تتحرك بشكل جانبي وأن تتصل بقوارب أخرى عند تجميع الهياكل.
استخدم الباحثون منصة فعالة لبرامج كومبيوترية ممنهجة (خوارزميات) لتوقّع ما يحدث في عمليات السيطرة. وهي تستطيع وبسرعة تحديد أي نشاطات أو زيادة متوقعة في سرعة الخوارزميات من خلال ترتيبين مرتبطين بالحجم تصدرهما أنظمة مشابهة. ففي الوقت الذي تحصل فيه خوارزميات أخرى على المعلومات في حوالي 100 جزء من الثانية، تحصل خوارزميات الباحثين هذه عليها في أقلّ من جزء من الثانية.
يقول الباحثون إنّ الابتكارات الواضحة في تصميم وصناعة القوارب، إلى جانب خوارزميات السرعة الفائقة الدقة، تبشّر بصناعة مراكب ذاتية القيادة فعالة تستخدم للتنقل، الرسو، والتجميع الذاتي في منصات أخرى.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً