بين الطبيعة والمدن والناس... صور من بقاع الأرض توثّق عام 2018

عدسات المصورين سافرت في أعماق المحيطات والسماء

صورة «حورية البحر» عن أنثى حوت أحدب وعجلها (الصور من ناشيونال جيوغرافيك)
صورة «حورية البحر» عن أنثى حوت أحدب وعجلها (الصور من ناشيونال جيوغرافيك)
TT

بين الطبيعة والمدن والناس... صور من بقاع الأرض توثّق عام 2018

صورة «حورية البحر» عن أنثى حوت أحدب وعجلها (الصور من ناشيونال جيوغرافيك)
صورة «حورية البحر» عن أنثى حوت أحدب وعجلها (الصور من ناشيونال جيوغرافيك)

في كلّ عام تُطلق «ناشيونال جيوغرافيك»، المنظمة العالمية غير الربحية، مسابقة التقاط الصّور، ليجول المصوّرون في جميع بقاع الأرض متربصين لحظة مناسبة لخطف مشهد مميّز من عمق مياه البحر والمحيطات أو من فوق الأرض أو من السّماء، مستخدمين جميع الوسائل التي تساعدهم على التقاطها من هليكوبتر إلى طائرة الدرون «طائرة بلا طيّار»، للفوز بلقطة يتفردون بها، تُظهر روعة مشهد ما بصورة فوتوغرافية، تخطفها عدسات كاميرات عالية التقنية لتوقف الزمن في إطار ملوّن خلّاب.
تشمل المسابقة قائمة تصنيفات تتوزّع على فئات ثلاث: الطّبيعة، والمدن، والنّاس. يبعث المصوّرون خلال فترة زمنية تحدّدها المنظّمة بصورهم إليها، وهي بدورها تختار قائمة باسم أفضل 10 صور وتقدّم لأصحابها جوائز مالية.
ما هي أفضل الصّور الفائزة للعام الحالي 2018 التي انتقتها المنظمة؟
عن فئة الطبيعة فازت في المراتب الثلاث الأولى كلٌّ من:
حورية البحر
تقول ريكو تاكاهاشي، المصوّرة اليابانية الفائزة بالجائزة الكبرى، إنّها كانت محظوظة لمصادفتها في يوم غطس لها بالقرب من جزيرة كوميجيما اليابانية، أنثى حوت أحدب (جمل البحر) مع عجلها. لقد وقعت في حبهما، خصوصاً ذيل الأم الذي وصفته بأنّه يتميّز بجمال من نوع خاص.

الفلامينغو تستعد للإقلاع
صورة للآلاف من طيور الفلامينغو تستعدّ للطيران من بحيرة النطرون شمال تنزانيا بالقرب من الحدود مع كينيا، تقف قليلاً في المياه قبل إقلاعها. نجحت المصوّرة هاو جيانغ في التقاط صورة لها من طائرة هليكوبتر، فظهر المشهد ساحراً، إذ بدت أرجل الفلامينغو الطويلة الحمراء كسلسلة من تموجات الماء على سطح البحيرة. وبالنظر من الطائرة تبدو خطوط التموج مثل النباتات المائية العملاقة التي تتدفق في الماء.
مارس
احتلّت صورة الإيطالي ماركو غراسي، المركز الثّالث، وفيها تشاهد أبراجاً رّملية طبيعية مغطاة بأحجار كبيرة. تُعرف باسم أهرامات الأرض في بلاتن. تنتصب مرتفعة في منطقة جنوب تيرول بشمال إيطاليا. تشكِّل هذه التكوينات الأرضية التي نشأت منذ قرون عدّة جرّاء العواصف والانهيارات الأرضية المتكرّرة، منظراً طبيعياً خلّاباً. تتغير باستمرار على مر السنين وخلال الفصول. هذه الظاهرة الطبيعية هي نتيجة التناوب المستمر بين فترات الأمطار الغزيرة والجفاف التي تسبّبت في تآكل التضاريس وتكوين هذه القمم.

أفضل ثلاث صور عن المدن:
يوم آخر ممطر في ناغازاكي
مشهد من داخل ترام قديم يسير في الشّارع الرئيس بمدينة ناغازاكي اليابانية في يوم ممطر. يقول المصوّر هيرو كوراشينا إنّ هدوء الشّارع لفته من وراء الزجاج الأمامي للترام، فالتقط هذا المشهد الذي يُظهر تباينًا كبيراً مع المراكز الحضرية المزدحمة في اليابان، مثل مدينتي طوكيو وأوساكا. ويتابع: «كانت تجربة لا تُنتسى لناغازاكي التاريخية».
هندسة الشّمس
تيوتيهواكان، مدينة أثرية قديمة قرب مكسيكو سيتي في وسط المكسيك، وتعني «المكان الذي خُلقت فيه الآلهة»، هذا الهرم مخصّص «لإله الشمس». المصوّر إنريكو بيسكانتيني وجد المنظر فاتناً، وسَحَره كيف أنّ الشمس المشرقة في الصورة تحتلّ نصفها فقط، بينما يحتل الظّل النّصف الآخر. خطط لزيارة المدينة مع شروق الشمس، ليحصل على مزيج من أشعتها الذهبية واللعب بالظلال، مع عدد قليل من الزائرين حولها. حلّق بطائرته الـ«درون» فوق البلدة ليتأكد إن كانت التي الصّورة في ذهنه موجودة حقاً في المكان. لحسن حظّه، كان الإطار ينتظر كاميرته فقط.
الانعكاس
في صباح باكر من صباحات دبي، صورة تُظهر الضّباب الذي يغمر المدينة كل عام ما بين ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني). يأسف المصّور غانيش براساد لأنّه لم يتمكن من الوصول إلى السطح لالتقاطها، لذلك التقطها من خلال النافذة الزجاجية في الطابق السفلي.
الصور الثلاث الفائزة عن فئة الناس:
ثقافة الشّاي
التقطتها عدسة المصوّرة أليساندرا مينيتسيزي. تقول إنّ الكثافة السّكانية في منغوليا منخفضة، ولكن أهلها يتمتّعون بثقافة مضيافة وترحيبية للغاية. يعد الشّاي في الثّقافة الكازاخستانية سمة من أهم سمات الضيافة. تَظهر دامل في الصورة بملابس الفراء الثقيلة وهي تحتسي الشّاي للتدفئة من درجات الحرارة المنخفضة.
ليديلا ولايل_ سأرفعك
أصبحت المصوّرة تاتي إيتات صديقة لبعض العائلات المهاجرة إلى بلدها البرازيل، خصوصاً اللاجئتين التوأم ليديلا ولايل، اللتين تعتبران العيش في البرازيل يشبه العيش في الجنة. التقطت إيتات الصّورة في لحظة وجيزة حين رفعت لايل وجه ليديلا ورأسها لأعلى لتبين لها أين يجب أن تنظر.
رحلة صعبة
فازت صورة المصوّر البنغلاديشي محمد تنوير حسن روهان بالمركز الثالث. وكان قد التقطها في محطة سكة حديد مطار دكا خلال عطلة العيد، حينها كان الناس يعودون إلى منازلهم وقراهم لتمضيته مع عائلاتهم، وكان الاندفاع في الساعة الأخيرة هائلاً. لفت انتباه روهان أحد الرجال، كان يمسك بمقبض قطار مع عائلته محاولاً الدخول إلى مقطورته، حينها بدأ المطر يتساقط وتحرّك القطار ببطء.


مقالات ذات صلة

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

المشرق العربي جنود إسرائيليون يقودون مركباتهم في منطقة قريبة من الحدود الإسرائيلية اللبنانية كما شوهد من شمال إسرائيل الأربعاء 27 نوفمبر 2024 (أ.ب)

إصابة مصورَين صحافيَين بنيران إسرائيلية في جنوب لبنان

أصيب مصوران صحافيان بجروح بعد إطلاق جنود إسرائيليين النار عليهما في جنوب لبنان اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نازحون في أثناء عودتهم إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء 27 نوفمبر 2024... الصورة في أبلح شرقي لبنان (أ.ب)

«انتصار للبيت الأبيض»... صحف تحلل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

رأى موقع «بوليتيكو» أن اتفاق وقف إطلاق النار «انتصار كبير للبيت الأبيض»، وقالت «نيويورك تايمز» إن بايدن يريد تذكّره بأنه وضع الشرق الأوسط على طريق تسوية دائمة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)
TT

استنفار الإعلام المرئي اللبناني على مدى 24 ساعة يُحدث الفرق

إدمون ساسين (إنستغرام)
إدمون ساسين (إنستغرام)

تلعب وسائل الإعلام المرئية المحلية دورها في تغطية الحرب الدائرة اليوم على لبنان.

نوع من «التجنيد الإجباري» فرضته هذه الحالة على المحطات التلفزيونية وموظفيها ومراسليها، فغالبيتهم يمضون نحو 20 ساعة من يومهم في ممارسة مهامهم. وبعضهم يَصِلون ليلهم بنهارهم في نقل مباشر وموضوعي، وآخرون يضعون دمهم على كفّ يدهم وهم يتنقلون بين مناطق وطرقات تتعرّض للقصف. أما رؤساء التحرير ومقدِّمو البرامج الحوارية اليومية، فهم عندما يحوزون على ساعات راحة قليلة، أو يوم إجازة، فإنهم يشعرون كما السمك خارج المياه. ومن باب مواقعهم ومسؤولياتهم الإعلامية، تراهم يفضلون البقاء في قلب الحرب، وفي مراكز عملهم؛ كي يرووا عطشهم وشهيّتهم للقيام بمهامهم.

المشهدية الإعلامية برمّتها اختلفت هذه عن سابقاتها. فهي محفوفة بالمخاطر ومليئة بالصدمات والمفاجآت من أحداث سياسية وميدانية، وبالتالي، تحقن العاملين تلقائياً بما يشبه بهرمون «الأدرينالين». فكيف تماهت تلك المحطات مع الحدث الأبرز اليوم في الشرق الأوسط؟

الدكتورة سهير هاشم (إنستغرام)

لم نتفاجأ بالحرب

يصف وليد عبود، رئيس تحرير الأخبار في تلفزيون «إم تي في» المحلي، لـ«الشرق الأوسط»، حالة الإعلام اللبناني اليوم بـ«الاستثنائية». ويضيف: «إنها كذلك لأننا في لبنان وليس عندنا محطات إخبارية. وهي، بالتالي، غير مهيأة بالمطلق للانخراط ببث مباشر يستغرق ما بين 18 و20 ساعة في اليوم. بيد أن خبراتنا المتراكمة في المجال الإعلامي أسهمت في تكيّفنا مع الحدث. وما شهدناه في حراك 17 أكتوبر (تشرين الأول) الشعبي، وفي انفجار مرفأ بيروت، يندرج تحت (الاستنفار الإعلامي) ذاته الذي نعيشه اليوم».

هذا «المراس» - كما يسميه عبود - «زوّد الفريق الإخباري بالخبرة، فدخل المواكبة الإعلامية للحرب براحة أكبر، وصار يعرف الأدوات اللازمة لهذا النوع من المراحل». وتابع: «لم نتفاجأ باندلاع الحرب بعد 11 شهراً من المناوشات والقتال في جنوب لبنان، ضمن ما عرف بحرب المساندة. لقد توقعنا توسعها كما غيرنا من محللين سياسيين. ومن كان يتابع إعلام إسرائيل لا بد أن يستشفّ منه هذا الأمر».

جورج صليبي (إنستغرام)

المشهد سوريالي

«يختلف تماماً مشهد الحرب الدائرة في لبنان اليوم عن سابقاته». بهذه الكلمات استهل الإعلامي جورج صليبي، مقدّم البرامج السياسية ونشرات الأخبار في محطة «الجديد» كلامه لـ«الشرق الأوسط». وأردف من ثم: «ما نشهده اليوم يشبه ما يحصل في الأفلام العلمية. كنا عندما نشاهدها في الصالات السينمائية نقول إنها نوع من الخيال، ولا يمكنها أن تتحقق. الحقيقة أن المشهد سوريالي بامتياز حتى إننا لم نستوعب بسرعة ما يحصل على الأرض... انفجارات متتالية وعمليات اغتيال ودمار شامل... أحداث متسارعة تفوق التصور، وجميعها وضعتنا للحظات بحالة صدمة. ومن هناك انطلقنا بمشوار إعلامي مرهق وصعب».

وليد عبود (إنستغرام)

المحطات وضغوط تنظيم المهام

وبالفعل، منذ توسع الحرب الحالية، يتابع اللبنانيون أخبارها أولاً بأول عبر محطات التلفزيون... فيتسمّرون أمام الشاشة الصغيرة، يقلّبون بين القنوات للتزوّد بكل جديد.

وصحيحٌ أن غالبية اللبنانيين يفضّلون محطة على أخرى، لكن هذه القناعة عندهم تتبدّل في ظروف الحرب. وهذا الأمر ولّد تنافساً بين تلك المحطات؛ كي تحقق أكبر نسبة متابعة، فراحت تستضيف محللين سياسيين ورؤساء أحزاب وإعلاميين وغيرهم؛ كي تخرج بأفكار عن آرائهم حول هذه الحرب والنتيجة التي يتوقعونها منها. وفي الوقت نفسه، وضعت المحطات جميع إمكاناتها بمراسلين يتابعون المستجدات على مدار الساعات، فيُطلعون المشاهد على آخر الأخبار؛ من خرق الطيران الحربي المعادي جدار الصوت، إلى الانفجارات وجرائم الاغتيال لحظة بلحظة. وفي المقابل، يُمسك المتفرجون بالـ«ريموت كونترول»، وكأنه سلاحهم الوحيد في هذه المعركة التنافسية، ويتوقفون عند خبر عاجل أو صورة ومقطع فيديو تمرره محطة تلفزيونية قبل غيرها.

كثيرون تساءلوا: كيف استطاعت تلك المحطات تأمين هذا الكمّ من المراسلين على جميع الأراضي اللبنانية بين ليلة وضحاها؟

يقول وليد عبود: «هؤلاء المراسلون لطالما أطلوا عبر الشاشة في الأزمنة العادية. ولكن المشاهد عادة لا يعيرهم الاهتمام الكبير. ولكن في زمن الحرب تبدّلت هذه المعادلة وتكرار إطلالاتهم وضعهم أكثر أمام الضوء».

ولكن، ما المبدأ العام الذي تُلزم به المحطات مراسليها؟ هنا يوضح عبود في سياق حديثه أن «سلامة المراسل والمصور تبقى المبدأ الأساسي في هذه المعادلة. نحن نوصيهم بضرورة تقديم سلامتهم على أي أمر آخر، كما أن جميعهم خضعوا لتدريبات وتوجيهات وتعليمات في هذا الشأن... وينبغي عليهم الالتزام بها».

من ناحيته، يشير صليبي إلى أن المراسلين يبذلون الجهد الأكبر في هذه الحرب. ويوضح: «عملهم مرهق ومتعب ومحفوف بالمخاطر. لذلك نخاف على سلامتهم بشكل كبير».

محمد فرحات (إنستغرام)

«إنها مرحلة التحديات»

وبمناسبة الكلام عن المراسلين، يُعد إدمون ساسين، مراسل قناة «إل بي سي آي»، من الأقدم والأشهر في هذه المحطة. وهو لا يتوانى عن التنقل خلال يوم واحد بين جنوب لبنان وشماله. ويصف مهمّته خلال المرحلة الراهنة بـ«الأكثر خطراً». ويشرح من ثم قائلاً: «لم تعُد هناك خطوط حمراء أو نقاط قتال محددة في هذه الحرب. لذا تحمل مهمتنا التحدّي بشكل عام. وهي محفوفة بخطر كبير، لا سيما أن العدو الإسرائيلي لا يفرّق بين طريق ومبنى ومركز حزب وغيره، ويمكنه بين لحظة وأخرى أن يختار أهدافه ويفاجئ الجميع... وهذا ما وضع الفرق الصحافية في خطر دائم، ونحن علينا بالتالي تأمين المعلومة من قلب الحدث بدقة».

وفق ساسين، فإن أصعب المعلومات هي تلك المتعلقة بالتوغّل البرّي للجيش الإسرائيلي، «فحينها لا يمكن للمراسل معرفة ما يجري بشكل سليم وصحيح على الأرض... ولذا نتّكل أحياناً على مصادر لبنانية من جهة (حزب الله)، و(اليونيفيل) (القوات الدولية العاملة بجنوب لبنان) والجيش اللبناني والدفاع المدني، أو أشخاص عاشوا اللحظة. ومع هذا، يبقى نقل الخبر الدقيق مهمة صعبة جداً. ويشمل ما أقوله أخبار الكمائن والأسر، بينما نحن في المقابل نفتقر إلى القدرة على معرفة هذه الأخبار، ولذا نتوخى الحذر بنقلها».

«لبنان يستأهل التضحية»

في هذه الأثناء، يتكلم مراسل تلفزيون «الجديد» محمد فرحات «بصلابة»، عندما يُسأل عن مهمّته الخطرة اليوم.

محمد كان من بين الفريق الإعلامي الذي تعرّض لقصف مباشر في مركز إقامته في بلدة حاصبيا، وخسر يومذاك زملاء له ولامس الموت عن قرب لولا العناية الإلهية، كما يقول. ويتابع: «لقد أُصبت بحالة إنكار للمخاطر التي أتعرّض لها. في تلك اللحظة عشت كابوساً لم أستوعبه في البداية. وعندما فتحت عيني سألت نفسي لبرهة: أين أنا؟»، ويضيف فرحات: «تجربتي الإعلامية ككل في هذه الحرب كانت مفيدة جداً لي على الصعيدين: الشخصي والمهني. من الصعب أن أُشفى من جروح هذه الحرب، ولكني لم أستسلم أو أفكر يوماً بمغادرة الساحة. فلبنان يستأهل منا التضحية».

العلاج النفسي الجماعي ضرورة

أخيراً، في هذه الحرب لا إجازات ولا أيام عطل وراحة. كل الإعلاميين في مراكز عملهم بحالة استنفار. ولكن ماذا بعد انتهاء الحرب؟ وهل سيحملون منها جراحاً لا تُشفى؟

تردّ الاختصاصية النفسية الدكتورة سهير هاشم بالقول: «الإعلاميون يتعرضون لضغوط جمّة، وفي الطليعة منهم المراسلون. هؤلاء قد لا يستطيعون اليوم كشف تأثيرها السلبي على صحتهم النفسية، ولكن عند انتهاء الحرب قد يكون الأمر فادحاً. وهو ما يستوجب الدعم والمساندة بصورة مستمرة من مالكي المحطات التي يعملون بها». وأضافت الدكتورة هاشم: «ثمة ضرورة لإخضاعهم لجلسات علاج نفسية، والأفضل أن تكون جماعية؛ لأن العلاج الموسمي غير كافٍ في حالات مماثلة، خلالها يستطيعون أن يساندوا ويتفهموا بعضهم البعض بشكل أفضل».