وكالات الأنباء تقرر منافسة «السوشيال ميديا» بالفيديو للحفاظ على استمراريتها

لضمان مشاهدات عالية لا يجب أن تزيد مدة المقطع على دقيقة واحدة ويجب أن يحتوي على نص مصاحب لفهم مضمونه من دون صوت
لضمان مشاهدات عالية لا يجب أن تزيد مدة المقطع على دقيقة واحدة ويجب أن يحتوي على نص مصاحب لفهم مضمونه من دون صوت
TT

وكالات الأنباء تقرر منافسة «السوشيال ميديا» بالفيديو للحفاظ على استمراريتها

لضمان مشاهدات عالية لا يجب أن تزيد مدة المقطع على دقيقة واحدة ويجب أن يحتوي على نص مصاحب لفهم مضمونه من دون صوت
لضمان مشاهدات عالية لا يجب أن تزيد مدة المقطع على دقيقة واحدة ويجب أن يحتوي على نص مصاحب لفهم مضمونه من دون صوت

قبل سنوات قليلة، كانت وكالات الأنباء المشهورة مثل «رويترز» و«أسوشييتد برس» و«الصحافة الفرنسية» هي المصادر الأولى للأخبار التي تغذي الصحف ومحطات الراديو والتلفزيون. لكن مع دخول وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«يوتيوب» و«تويتر»، واستثمار شركات ووسائل الإعلام في بث الفيديو، وجدت وكالات الأنباء أن التحول إلى الفيديو في المستقبل هو وسيلتها الوحيدة لكي تبقى فاعلة على الساحة الإعلامية.
وأكد هذا رئيس وكالة (الصحافة الفرنسية) الجديد فابريس فريس، الذي قال في مقابلة إذاعية، إنه يعمل على أن تكون وكالته من أكبر مزودي وسائل الإعلام بالفيديو.
لاحظ فريس أن محتوى الفيديو من الوكالة الفرنسية لا يزيد على 12 في المائة حالياً، بينما يصل إلى نسبة 40 في المائة لدى «رويترز» و«أسوشييتد برس». ويعتقد أن هذا التحول من شأنه أن يستعيد أهمية الوكالة ويزيد من أرباحها التي تتقلص منذ نحو خمس سنوات في وقت تزيد فيه التكاليف.
وكشف بحث إحصائي من معهد «رويترز» عن أنه على الرغم من أن الأغلبية ما زالت تعتمد على الأخبار المكتوبة والنصوص المطبوعة، فإن التوجه نحو الأخبار المصورة بالفيديو يزداد، خصوصاً في حالات الأحداث الكبرى مثل الهجمات الإرهابية. واستنتج معهد «رويترز» أن الفيديو يجذب الانتباه في الأحداث القوية، لكن ليس في الأخبار اليومية المعتادة.
بدورها، كشفت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن أن عدد المشاهدين لمقاطع الفيديو عند وقوع اعتداءات إرهابية في باريس تضاعف عن المعدل المعتاد من 10 في المائة إلى 22 في المائة.
وحتى الآن يعتقد معهد «رويترز» أن التوسع في إمدادات الفيديو الخبري تزداد بفضل استثمار المؤسسات الكبرى في المنصات التي تدعم الفيديو وفي التقنيات الحديثة، وليس لتلبية طلب استهلاكي مرصود.
وليس من الضرورة أن تضع وكالات الأنباء والصحف ومحطات التلفزيون أخبار الفيديو المصورة على مواقعها، بل قد يكون من الأفضل لها استخدام منصات أخرى مثل «فيسبوك» و«يوتيوب»، حيث تكون الفرصة أكبر للانتشار السريع الذي يسمى (Going Viral) والوصول أحياناً إلى ملايين المشاهدين فوراً. ولا يمكن تحقيق مثل هذا الانتشار من مواقع وكالات الأنباء أو محطات التلفزيون.
وهناك بعض القواعد لنجاح أخبار الفيديو (أو أي محتوى فيديو) المطروحة للمشاهدة، وأولها ألا تزيد مدته على دقيقة واحدة، وأن يمكن مشاهدته بعناوين سفلية ومن دون صوت، وأن يكون له عنصر عاطفي قوي.
ويعرف كبار الناشرين في أوروبا وشمال أميركا أهمية الفيديو، حيث اعترفت نسبة 79 في المائة في بحث «رويترز» بأنهم يتطلعون لزيادة الاستثمار في أخبار الفيديو، وإن كان ذلك بنسب متفاوتة. ويخشى الناشرون من التكاليف الباهظة للتحول المطلوب إلى الفيديو من دون تقديرات واضحة للعوائد.
ويرى معهد «رويترز» أن شركات التلفزيون لديها إمكانات متفوقة لدخول مجال أخبار الفيديو؛ نظراً للمهارات والتقنيات التي تمتلكها. لكن البحث وجد أن معظم هذه الشركات تتعثر لعدم قدرتها فهم مقتضيات بث الفيديو الفاعل.
من ناحية أخرى، وجدت الصحف وشركات التكنولوجيا أن عليها أن تبني قواعد بث الفيديو من جديد في وقت تعاني فيه من ضغوط مالية أخرى. وتجد شركات التكنولوجيا نفسها في موقف مشابه، أخطر ما فيه أنها تعتمد على منصات بث لأخبار الفيديو بعيدة عن تحكم الشركات نفسها.
وتختلف الصحف الكبرى في أسلوب التعامل مع أخبار الفيديو على الإنترنت. فهناك من يلجأ إلى تعيين صحافي أو اثنين للإشراف على أخبار الفيديو، بينما تلجأ مؤسسات أخرى إلى تعيين فرق كاملة ومستقلة لبث الفيديو.
من المعضلات التي تواجه نشر أخبار الفيديو حتى الآن عدم وجود عوائد واضحة مثل بيع الصحف مثلاً أو اشتراكات التلفزيون الفضائي. ولحل هذه المعضلة يلجأ الناشرون إلى فكرة الرعاية من الشركات والإعلان بين الأخبار. كذلك، يعاني العاملون في هذا المجال أن حجم الأخبار المطلوبة منهم يزداد يوماً بعد يوم مع ثبات عدد العاملين والإمكانات والتقنيات المتاحة لهم.
واستنتج معهد «رويترز» من دراسته، أن من الواجب الحرص في توقعات مستقبل أخبار الفيديو؛ لأن النمو الحاصل حالياً يوجد فقط على منصات وسائط التواصل الاجتماعي، ويتناول أخباراً خفيفة متعلقة بالرياضة وأسلوب الحياة. ويخلص البحث إلى أنه من غير المتوقع أن يتم استبدال النصوص بالفيديو في المدى المنظور، وأن السنوات القليلة المقبلة سوف تشهد الكثير من التجديد والتنوع في أخبار الفيديو والمنصات الإخبارية التي تقدمها.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».