احتجاجات بازار طهران تكشف انقسامه

صراع بين النظام والمعارضة على دلالات «إضراب السوق»

متاجر مغلقة في بازار طهران خلال احتجاجات الأسبوع الماضي (أ.ب)
متاجر مغلقة في بازار طهران خلال احتجاجات الأسبوع الماضي (أ.ب)
TT

احتجاجات بازار طهران تكشف انقسامه

متاجر مغلقة في بازار طهران خلال احتجاجات الأسبوع الماضي (أ.ب)
متاجر مغلقة في بازار طهران خلال احتجاجات الأسبوع الماضي (أ.ب)

منذ اندلاع احتجاجات بازار طهران الأسبوع الماضي، حفلت وسائل الإعلام في إيران وخارجها بإشارات إلى كون المظاهرات رداً من الباعة والتجار الساخطين على الوضع الاقتصادي المتدهور والزيادات الكبيرة في أسعار العملات الأجنبية مع انهيار الريال الإيراني.
ورغم أن الأسباب الاقتصادية لعبت دوراً كبيراً في تحريك «إضراب البازار»، عكسته الشعارات التي رددها المحتجون ضد السياسات الاقتصادية للحكومة. غير أن الاحتجاجات كشفت ملامح انقسام في أروقة البازار الذي يعد حليفاً تاريخياً للنظام، وصراعاً بين الحكومة ومعارضيها على تفسير سياق الاحتجاجات ودلالاتها.
وتلاقت وسائل الإعلام الفارسية، على اختلاف توجهاتها، في نسبة الاحتجاجات إلى البازار. لكن كلاً كان يغني على ليلاه. فالإعلام المعارض سعى من جهة إلى الاستفادة من المكانة الرمزية التي يحظى بها البازار في الأدبيات الاقتصادية والسياسية، فالذاكرة السياسية الإيرانية تقول إن فوران الثورة الشاملة في عام 1979 أثمر عندما حظيت احتجاجات الثوار بتأييد البازار. وركزت المعارضة على التعبير الدلالي «إضراب السوق» للإحالة إلى الذاكرة التاريخية، كي يبرهن على أن قطار النظام السياسي وصل إلى المحطة الأخيرة، تماماً مثل نظام الشاه.
فرضية «إضراب السوق بعد 40 عاماً» تحمل دلالات عميقة في طياتها، من ضمنها انشقاق أحد الشركاء الأساسيين للتيار الآيديولوجي الحاكم منذ نشأته ونهاية تحالف قارب عمره على 4 عقود. وهي لم تكن محل اهتمام من وسائل الإعلام المعارضة وحدها، فالإعلام الرسمي ومسؤولون بينهم رئيس رابطة التجار الإيرانيين، سعوا إلى توظيفها لهدفين آخرين.
أول هذين الهدفين هو التأكيد على أن الاحتجاجات كانت اقتصادية بحتة وتميل إلى الاقتصاد وليس إلى السياسة، وعليه فإنها لا تهدف إلى إطاحة النظام الذي سعى إلى تأكيد هذه القراءة التي تفصل بين الأداء السياسي والأداء الاقتصادي. أما الهدف الثاني فتمثل في إبراز دور أهل البازار في الاحتجاجات لتأكيد اختلافها عن احتجاجات ديسمبر (كانون الأول) الماضي التي شملت أكثر من 80 مدينة.
وفي هذا السياق، اعتبر النظام احتجاجات ديسمبر الماضي واحتجاجات هذه الأيام موجهة ضد الأداء الاقتصادي. لكن كي لا يبدو الأمر مترابطاً ضمن «سلسلة متواصلة» من الاحتجاجات، حاولت وسائل الإعلام الرسمية أن توحي بأن «المستهلكين» هم من احتجوا نهاية العام الماضي، أما هذه المرة فتتظاهر فئة مختلفة هي أهل البازار.
لكن في خضم هذا التجاذب على تفسير الاحتجاجات غابت نقطة لا تقل أهمية في فهم «انتفاضة السوق»، تتعلق بتحديد مَن من أهل البازار احتج على انهيار العملة. وفي إعلان مثير للجدل، كشف وزير الاتصالات محمود جهرمي تخصيص نحو 256 مليون دولار بالسعر الحكومي لـ40 شركة مستوردة للهواتف الجوالة، كي لا يتأثر المستهلك بالأسعار المتزايدة لهذه الأجهزة.
لكن عملياً شهدت سوق الهواتف الجوالة ارتفاع أسعار بنسبة في حدود 70 في المائة. واللافت أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن واردات إيران من الهواتف الجوالة لم تتجاوز 70 مليون دولار خلال الشهور الثلاثة الماضية، ما يعني أن نحو 200 مليون دولار بيعت بالسعر الحكومي لمستوردي الهواتف الجوالة، قد تكون وجدت طريقها إلى السوق غير الرسمية لتحقيق أرباح سريعة.
وما يعزز هذا التفسير إعلان وزير الصناعة أنه سيكشف الأسبوع المقبل عن قائمة الشركات الحاصلة على الدولار بالسعر الحكومي من أجل استيراد سلع أساسية لم تستورد شيئاً منها. ويدور الكلام عن أرباح بمليارات الريالات. وهذا الدعم الحكومي المشوّه للسوق يكشف انقساماً بين أهل البازار الذين تمتعوا به وأولئك الذين احتجوا على انهيار العملة.
استفاد بعض أهل البازار من الدعم الحكومي بموازاة الربح من توتر سوق العملة. وهؤلاء تحديداً هم من قصدهم الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن «السوق»، مثلما يختزل الخطاب الرسمي التمثيل السياسي لأهل البازار في «حزب مؤتلفة» الذي دخل الانتخابات الرئاسية الماضية بالمرشح المحافظ مصطفى ميرسليم.
لكن في مقابل هؤلاء المستفيدون، يقف أهل البازار الذين ترك الوضع الاقتصادي آثاراً كبيرة عليهم ولا يلقون دعماً من مصادر البنك المركزي. ويشكل هؤلاء الحلقة الضعيفة في السوق، ومعظمهم أصحاب المحلات الصغيرة والباعة الذين يفترشون زوايا البازار لبيع السلع ومن يلعبون دور الوسيط لإيصال المنتجات إلى أيدي المستهلكين. كل هؤلاء يتضررون من الانهيار المستمر للعملة الإيرانية، وهم بالتحديد من يحتج دوماً.



غالانت لعائلات الرهائن: الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في غزة

يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
TT

غالانت لعائلات الرهائن: الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في غزة

يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)
يوآف غالانت يتحدث في مراسم تشييع جندي إسرائيلي في تل أبيب 4 ديسمبر 2023 (رويترز)

أفادت تقارير إعلامية عبرية بأن وزير الدفاع الإسرائيلي المُقال، يوآف غالانت، أبلغ عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، أن الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في القطاع.

ووفقاً لتقارير في وسائل الإعلام العبرية، قال غالانت للعائلات: «إنه ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلي هرتسي هاليفي، متشككان في مزاعم وجود مبررات أمنية أو دبلوماسية لترك القوات في القطاع»، وفق صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ونقلت عنه «قناة 12» الإخبارية قوله: «أستطيع أن أخبرك... أنا ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلي قلنا إنه لا يوجد سبب أمني للبقاء في ممر فيلادلفيا»، في قطاع غزة.

وأضاف، وفقاً للتقرير، الذي يبدو أنه يستند إلى روايات من العائلات التي حضرت الاجتماع: «قال نتنياهو إنه كان اعتباراً دبلوماسياً، وأنا أقول لك إنه لم يكن هناك اعتبار دبلوماسي» (للبقاء في فيلادلفيا).

ونُقل قول غالانت: «لم يتبقَّ شيء في غزة للقيام به. لقد تم تحقيق الإنجازات الرئيسية... أخشى أننا نبقى فقط لأن هناك رغبة في الوجود».

وقال غالانت أيضاً إن فكرة بقاء إسرائيل في غزة لخلق الاستقرار كانت «غير مناسبة للمخاطرة بحياة الجنود»، وفقاً للتقارير.

وهذه التعليقات هي الأكثر وضوحاً حتى الآن، والتي تُسلط الضوء على الاختلافات بين غالانت، الذي أيّد اتفاق وقف إطلاق النار لإعادة الرهائن إلى إسرائيل، ونتنياهو، الذي أقال وزير دفاعه يوم الثلاثاء، وفق «تايمز أوف إسرائيل».

وتؤكد هذه التصريحات أن نتنياهو لم يحقق مراده من جلب وزير دفاع جديد مثل يسرائيل كاتس الموالي له والذي يوافق معه على الاستمرار في الحرب «حتى تحقيق الانتصار الكامل» فالموقف السائد في المؤسسة العسكرية هو ضرورة وقف الحرب، وما ينفذه الجيش من عمليات حربية في قطاع غزة، هو مجرد انتقام بلا هدف سياسي أو فائدة، وينفذها بحكم وجوده في القطاع وتعرضه لعمليات انفرادية ممن بقي من عناصر (حماس) تستنزف قواته».
وكان نتنياهو قد أقال وزير الدفاع غالانت، في محاولة لإخافة النواب العشرة في ائتلافه الحكومي، الذين يعارضون سن قانون جديد يتيح منح رواتب للشبان اليهود المتدينين الذين يرفضون الخدمة العسكرية أو سن قانون يتيح العفو عن رافضي الخدمة، غير أن غالبية النواب تمسكوا بموقفهم حتى بعد إقالة غالانت، ولم تجد الأزمة حلاً بعد.

خسارة مؤيدين

وفي الوقت ذاته، أظهرت نتائج ثلاثة استطلاعات للرأي العامّ الإسرائيليّ، أن نتنياهو لم يحقق أي مكسب سياسي من قرار اقالة غالانت، بل بالعكس، فقد خسر بضع عشرات ألوف الأصوات من مؤيديه. وبيّنت أنه إذا جرت الانتخابات اليوم، فسوف يخسر الحكم لأحزاب المعارضة.
وجاء في استطلاعين للرأي، نشرت نتائجهما هيئة البثّ الإسرائيلية العامّة ("كان 11")، والقناة الإسرائيلية، 12، مساء الأربعاء، أن 52 بالمائة يعارضون إقالة غالانت، بينما قال 27 بالمائة إنهم يؤيّدونها، بينها أجاب 21 بالمائة بـ «لا أعلم».
ورأى 55 بالمائة من المشاركين في الاستطلاع، أن إقالة غالانت، تضرّ بأمن إسرائيل، بينما قال 23% منهم إن الخطوة تساهم في أمن إسرائيل؛ وفي المقابل، ذكر 22% من المستطلعة آراؤهم أنهم لا يعرفون تأثير هذه الخطوة على أمن إسرائيل.

وحينما سُئل المشاركون في الاستطلاع، عن المعيار الرئيسي الذي دفع نتنياهو لاتّخاذ قرار إقالة غالانت، ذكر 56 بالمائة من المشاركين أن القرار جاء كي يحافظ على استقرار ائتلافه الحكوميّ، فيما قال 27 بالمائة منهم إن القرار متعلّق بـ «أمن الدولة»، بينما أجاب 17 بالمائة بـ «لا أعلم»

ورأى 58 بالمئة من المستطلعة آراؤهم، أن وزير الخارجية، يسرائيل كاتس، الذي عيّنه نتنياهو، خلفا لغالانت، لا يستحق الثقة ليتولّى هذا المنصب، فيما ذكر 21 بالمائة أنه يمكن «الاعتماد عليه» لتوليّه، بينما أجاب 21 بالمائة بـ «لا أعلم».

وأظهر الاستطلاع أن 58 بالمائة من المؤيدين لقرار إقالة غالانت، هم ناخبو كتلة نتنياهو، و87 بالمائة من المعارضين للقرار، هم ناخبو المعسكر المناوئ لنتنياهو.