طارق صالح يتوعد بـ«اقتلاع» الحوثيين ويصفهم بالعدو الموحد للشعب اليمني

هاجم نصر الله بالقول إن إسرائيل إلى جواره وليس الساحل الغربي

العميد طارق صالح
العميد طارق صالح
TT

طارق صالح يتوعد بـ«اقتلاع» الحوثيين ويصفهم بالعدو الموحد للشعب اليمني

العميد طارق صالح
العميد طارق صالح

في أول خطاب له منذ إفلاته من قبضة الميليشيات الحوثية، ودخول قواته على خط النار في جبهة الساحل الغربي، بدد العميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، إشاعات الميليشيات بشأن ثبات قواته وتماسكها في معارك الساحل، كما بعث رسائل طمأنة لقيادة الشرعية مؤكدا أن معركة كل اليمنيين موجهة ضد الميليشيات الطائفية لاقتلاعها واستعادة مؤسسات الدولة من قبضتها.
ووصف طارق صالح، في خطابه الذي ألقاه السبت أمام دفعة جديدة ضخمة من قواته التي ستلتحق بجبهة الساحل الغربي جنوب الحديدة، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله بالمتنطع، وذكره بأن إسرائيل التي ترفع الجماعة الحوثية شعارات العداء لها تقع إلى جواره، وليس في الساحل الغربي «الذي قال نصر الله إنه يتمنى أن يقاتل فيه إلى جانب أقرانه الطائفيين ضد الشعب اليمني».
وكان زعيم «حزب الله» الموالي لإيران، ألقى خطابا، الجمعة، تغزل فيه بما زعم أنه صمود أسطوري لحلفائه الحوثيين، وقال إن يتمنى أن يقاتل في صفوفهم في معركة الساحل الغربي، في مسعى منه لرفع المعنويات المنهارة للميليشيات الحوثية جراء هزائمها المتسارعة في مختلف الجبهات أمام ضربات قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، المسنودة بتحالف دعم الشرعية.
وفي معرض رده على ما جاء في خطاب نصر الله، قال طارق صالح إنه يعجب «من هؤلاء المتنطعين الذين يتقافزون من مكان إلى مكان ومن بلد إلى بلد لإثارة الفتن المذهبية والطائفية» في إشارة إلى أدوار حزب الله الطائفية في اليمن وسوريا والعراق وتدخلاته في البلدان العربية الأخرى خدمة لأجندة إيران.
وأضاف مخاطبا الأمين العام لحزب الله في سياق استنكاري «تريد محاربة اليمنيين لأنهم يريدون العودة إلى بيوتهم... وإسرائيل بجوارك...؟ كنتم تدَّعون أن الحوثي سيأتي للقتال معكم، واليوم تتمنون حمايته!».
وخاطب نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، كافة العسكريين ومنتسبي قوات الأمن الخاضعين للميليشيات الحوثية داعيا إياهم إلى الالتحاق بجبهات القتال مع الشرعية سواء أكانت في مأرب وصعدة وصنعاء وحجة أم كانت في الساحل الغربي حيث تشارك قواته، متوعدا باقتلاع الميليشيات من كافة الأراضي اليمنية، وصولا إلى صنعاء، معتبرا أن المعركة ضد الجماعة الطائفية معركة كرامة فإما الانتصار فيها أو الموت على حد تعبيره.
ومنذ ظهوره الأول في يناير (كانون الثاني) في محافظة شبوة، وتأكد نجاته بعد مقتل عمه في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي في صنعاء، واعتقال أقاربه والتنكيل بالمئات من أتباعه، وقيادات حزبه (المؤتمر الشعبي)، على يد الميليشيات الحوثية، عمل طارق صالح بدعم من التحالف الداعم للشرعية، على إعادة بناء قواته، تمهيدا لمعركة الانتقام من الميليشيات الحوثية.
وفي غضون أقل من ثلاثة أشهر تمكن نجل شقيق صالح، من إعداد قوة ضخمة أطلق عليها «قوات المقاومة الوطنية»، في معسكرات التدريب التي تم تجهيزها غرب مدينة عدن، قبل أن تدخل الألوية الأولى منها تحت مسمى «حراس الجمهورية» إلى خط النار في الساحل الغربي في 19 أبريل (نيسان) الماضي، رفقة ألوية العمالقة (المقاومة الجنوبية) وألوية المقاومة التهامية.
ولقي خطاب طارق صالح، الذي بثته ليل السبت قناة «اليمن اليوم» بنسختها القاهرية التي باتت لسان حال أقارب الرئيس الراحل وقيادات حزبه بعد أن استولى الحوثيون على القناة التي تحمل الاسم نفسه في صنعاء، ارتياحا واسعا في أوساط الناشطين اليمنيين، ووصفوه بالخطاب الوطني المسؤول.
إذ حمل الخطاب في ثناياه، طمأنة للمكونات السياسية المنضوية تحت راية الشرعية اليمنية، بأن المعركة التي يخوضها طارق صالح، تحت راية الجمهورية اليمنية، التي انقلب عليها الحوثيون، كما حمل اعترافا بكل جبهاتها التي تقاتل الميليشيات في مأرب ونهم وصعدة وحجة.
وكانت بعض أطراف الشرعية، درجت في الأشهر الماضية، على النظر بعين الريبة للقوات التي يقودها نجل شقيق صالح، باعتبارها خارج التشكيل الرسمي للجيش الرسمي، رغم الإشراف الكلي على إعدادها من قبل تحالف دعم الشرعية.
وفند الخطاب إشاعات الميليشيات الحوثية وتلك التي حاول تسويقها خصوم طارق صالح، بشأن تماسك وثبات القوات التي يقودها، وقال «إن جبهة الساحل الغربي جبهة نموذجية يشترك في صناعة انتصاراتها «حراس الجمهورية» وأبطال العمالقة وأسود تهامة» في إشارة إلى التشكيلات العسكرية المشاركة في المعركة، مؤكدا «أن كل ما تبثه عصابة الحوثي من ادعاءات هي مجرد محاولة إعلامية للتغطية على هزائمها».
وأشار إلى أن الجماعة الحوثية، تلقي بعناصرها إلى التهلكة من أجل تسجيل انتصار إعلامي، حيث قال إنها ترمي بنحو 40 من مسلحيها إلى الانتحار، لإنتاج مقطع مصور عن إحراق آلية عسكرية أو تقوم بإجبار بعض الأسرى على الإدلاء باعترافات غير حقيقية تحت التعذيب، كما حصل مع بعض عناصر قواته الذين غادروا لزيارة أهاليهم في مناطق سيطرة الجماعة ووقعوا في الأسر.
ودعا العسكريين وعناصر الأمن الخاضعين في مناطق سيطرة الحوثيين: «إلى الالتحاق بجبهات القتال ضد عصابة الانقلاب العنصرية الطائفية الحوثية»، وقال «على كل شريف من أبناء القوات المسلحة حمل سلاحه واللحاق بالجبهات في كل المناطق في صعدة أو صنعاء أو البيضاء أو حجة أو مأرب أو الساحل الغربي».
وأكد أن المقاومين للحوثي يقاتلون من أجل حرية اليمن ومواطنيه، وأن عمالتهم التي يزعمها الحوثيون «هي لليمن ولقراهم ومدنهم وبيوتهم وعائلاتهم ومرتباتهم» مشيرا إلى أنهم يرفضون تحويل اليمن إلى ساحة للصراعات الطائفية.
وحذر طارق صالح العسكريين الخاضعين في مناطق الجماعة، من البقاء تحت رحمة الميليشيات التي تريد أن تزج بهم إلى القتال في صفها بالقوة، بعد أن تقتحم عليهم منازلهم، مذكرا إياهم بأعمال التدمير والسطو التي انتهجتها الجماعة حين سيطرت على المعسكرات ونهبت الأسلحة وطردت الضباط والجنود الرسميين، وووجهت لهم الإهانات، قبل أن تسلبهم مرتباتهم وتجبرهم على بيع أسلحتهم الشخصية.
ووعد طارق صالح الدفعة الجديدة من قواته، بأنه سيلتقي بهم مجددا في الحديدة بعد تحريرها، وقال إن «دماء الشهداء لن تذهب هدرا» وخاطبهم بالقول «الحياة واحدة... لن نعيشها إلا بكرامة».
ورفض أي حديث عن السلام، مع الجماعة الحوثية، وقال إن تاريخها «عبارة عن حلقات من الغدر والخيانة» مشيرا إلى آخر ما قامت به في هذا السياق، وهو نقض الاتفاق المبرم مع حزب «المؤتمر الشعبي» بقيادة عمه الراحل، قبل أن تقوم بتصفيته، في الوقت الذي كان الحزب يطمح إلى محاولة «الإبقاء على الدولة ومؤسساتها في صنعاء» على حد قوله.
واتهم نجل شقيق صالح، الحوثي بأنه يريد إعادة اليمن إلى ما قبل 1400 سنة، متمسكاً بالسلطة ومستنداً على ما وصفه بـ«الكهنوت» الذي يرفضه اليمنيون، مؤكدا أنه من المستحيل أن يقبل الشعب اليمني بأن يحكمهم من يزعم أن لديه حقا إلهيا في الحكم.
وأشار العميد طارق صالح، إلى مساعي الجماعة الحوثية من أجل تجويع اليمنيين، والامتناع عن صرف رواتب الموظفين، كما تطرق إلى تناقضات الجماعة التي قال إنها ترفع الشعارات الداعية إلى موت أميركا، في الوقت الذي تتوسلها لكي تتدخل من أجل إنقاذها وحمايتها في الحديدة.
وبدا نجل شقيق صالح في خطابه، رصينا وجادا، على رغم أنه كان يرتجل الحديث أمام القوات التي تستعد للانضمام إلى معارك الساحل الغربي، وصولا إلى تحرير الحديدة ومينائها، كما هو معلن من قبل قيادة الجيش والحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها.
وأضاف دخول قواته على خط النار، زخما جديدا على صعيد الانتصارات وتحرير المناطق، فمنذ التحاقها بجبهة الساحل الغربي، تمكنت مع القوات الأخرى من ألوية العمالقة والمقاومة التهامية، من انتزاع وتأمين مئات المواقع، وصولا إلى السيطرة في زمن قياسي على كامل الشق الغربي من الساحل الواقع بين الخوخة جنوبا ومطار الحديدة شمالا، بامتداد يقارب 100 كيلومتر.
وليس معروفا بالتحديد عدد القوات التي يقودها، إلا أن تكهنات عسكرية، كانت ذكرت عند دخولها على خط النار أنها تزيد عن 10 آلاف مقاتل، في حين تقول مصادر ميدانية، إن المئات من العسكريين الموالين للرئيس السابق يواصلون توافدهم أسبوعيا إلى معسكرات الاستقبال التابعة لقوات نجل شقيقه للانضمام إليها.
وكانت الميليشيات الحوثية، توعدت بإعدام أقارب طارق صالح المعتقلين لديها، منذ مقتل عمه، إذا أقدم على مواجهتها، عسكريا، إلا أنه رفض التهديدات وأصر على المضي في طريقه للانتقام منها.
ومن ضمن أقاربه المعتقلين لدى الجماعة الحوثية في صنعاء، نجله الأكبر، عفاش طارق، وشقيقه محمد، ونجلا عمه الرئيس الراحل، مدين وصلاح، في حين كان العشرات من أفراد العائلة من النساء وصغار السن، غادروا صنعاء، إلى خارج اليمن، بعد وساطة عمانية وبتسهيلات من التحالف الداعم للشرعية.
ميدانيا، تصدت قوات الجيش والمقاومة الشعبية أمس في الساحل الغربي لعدة هجمات حوثية ومحاولات تسلل على مواقع تمركزها في مديريتي التحيتا والدريهمي.
وأفاد الموقع الرسمي للجيش اليمني(سبتمبرنت) بأن القوات «تمكنت في ساعات الصباح الأولى من التعامل مع عملية التفاف هجومية للميليشيات الحوثية على منطقة الجبيلية شرقي مديرية التحيتا، وكبدتها عشرات القتلى والجرحى إضافة إلى أسر أكثر من 30 عنصرا من مقاتليها».
وشنت قوات الجيش والمقاومة - بحسب ما ذكره الموقع - هجوما معاكسا وحققت تقدما كبيرا شرقي التحيتا في وقت أحبطت هجوما مماثلا للميليشيات على مواقع لها في مديرية الدريهمي جنوب شرقي مدينة الحديدة.
وذكرت مصادر ميدانية في ألوية العمالقة أن قواتها تعاملت مع العناصر المهاجمة في الدريهمي وكبدتهم عددا كبيرا من القتلى والجرحى فيما لاذ من تبقى بالفرار.
وتزامن التصدي مع ضربات جوية لمقاتلات التحالف الداعم للشرعية، استهدفت مواقع وتحركات الميليشيات في الدريهمي والتحيتا، مخلفة خسائر كبيرة في صفوفها على مستوى العتاد والمقاتلين.
وأفادت مصادر ميدانية بأن الضربات الجوية استهدفت مواقع وتجمعات للميليشيات في مديريات زبيد والجراحي وبيت الفقيه، وأسفرت عن قتلى وجرحى حوثيين في منطقة الزرانيق، وتدمير تعزيزات عسكرية لهم عند المدخل الشرقي لمدينة الحديدة.
وامتدت الضربات إلى المناطق شمالي الساحل الغربي والحديدة، حيث طاولت مواقع للميليشيات في منطقة العلوي التابعة لمديرية اللحية، وأهدافا متحركة في جبل الملح بمديرية المنيرة المجاورة.
كما أعلنت قوات الجيش في مديرية الدريهمي عن إسقاط طائرة استطلاع مسيرة للميليشيات، وهي الطائرة الثانية التي يتم إسقاطها خلال يومين بعد إسقاط الأولى في مديرية حيس.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.