قوة مجموعة الساحل تعاني بطئاً في استكمال جهوزيتها

فرع «القاعدة» يتبنى الهجوم على مقر قيادتها في مالي

دمار لحق بمقر قيادة القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل في سيفاري بوسط مالي مساء الجمعة (رويترز)
دمار لحق بمقر قيادة القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل في سيفاري بوسط مالي مساء الجمعة (رويترز)
TT

قوة مجموعة الساحل تعاني بطئاً في استكمال جهوزيتها

دمار لحق بمقر قيادة القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل في سيفاري بوسط مالي مساء الجمعة (رويترز)
دمار لحق بمقر قيادة القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل في سيفاري بوسط مالي مساء الجمعة (رويترز)

تسعى القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس، التي تعرض المقر العام لقيادتها في سيفاري بوسط مالي أول من أمس (الجمعة) لهجوم انتحاري، إلى سد النقص في كثير عناصرها المحليين والدوليين من أجل مواجهة تمدد الجماعات المتشددة، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويأتي ذلك في وقت قال متحدث باسم هذه القوة العسكرية الأفريقية، إن متشددين إسلاميين مسلحين بالصواريخ والمتفجرات أغاروا على مقر للقوة في وسط مالي؛ مما أسفر عن مقتل ستة أشخاص يوم الجمعة. ونقلت «رويترز» عن مسؤولين، إن المسلحين هاجموا المجمع الكائن في بلدة سيفاري بسيارة ملغومة وتبادل بعضهم إطلاق النار مع قوات مالية محاولين اختراق المجمع. وتابعت «رويترز»: إن صوراً من الموقع أظهرت بقايا سيارة متفحمة وحفرة وجدراناً لحقت بها أضرار.
وذكر متحدث باسم قوة مجموعة دول الساحل، أن جنديين وأربعة مهاجمين قتلوا. وقال أبو بكر ديالو، المتحدث باسم وزارة الدفاع، لـ«رويترز»: «أطلق المهاجمون صواريخ على المقر، وبعضهم تسلل إلى المجمع. حدث تبادل لإطلاق النار».
وقال مصدر في الأمم المتحدة في سيفاري، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن المجمع هوجم أيضاً بسيارة ملغومة. وأضاف: إن إطلاق النار توقف قبيل مساء الجمعة.
وقال موقع «سايت» الذي يراقب مواقع المتشددين على الإنترنت، إن فرع تنظيم القاعدة في مالي أعلن مسؤوليته عن الهجوم ووصفه بأنه تفجير انتحاري.
ويعود قرار تشكيل قوة دول الساحل الخمس إلى مبادرة أطلقت في قمة مجموعة دول الساحل (بوركينا فاسو، مالي، موريتانيا، النيجر، وتشاد) في نجامينا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، بحسب ما أشارت وكالة الصحافة الفرنسية الني قالت، إن المشروع أعيد تفعيله في 2017 نظراً إلى تدهور الأوضاع في وسط مالي المجاورة لبوركينا فاسو والنيجر اللتين طاولتهما أعمال عنف مترافقة مع توترات ونزاعات داخل مجتمعاتهما المحلية.
وتم تسريع المشروع في قمة مجموعة دول الساحل التي عقدت في 2 يوليو (تموز) 2017، حين أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعمه هذه المبادرة التي ترى فيها باريس نموذجاً يسمح للدول الأفريقية بتولي أمنها الذاتي.
وتابعت الوكالة الفرنسية: إن الرئيس ماكرون سيلتقي غداً (الاثنين) في نواكشوط نظراءه في مجموعة دول الساحل الخمس على هامش قمة للاتحاد الأفريقي لتقييم مدى تقدم المشروع. وهذه القوة الموزعة على ثلاثة محاور (محور غربي في موريتانيا، ووسطي في النيجر وشرقي في تشاد)، ويقع مقر قيادتها في سيفاري، قادرة على التدخل في قطاع بطول 50 كيلومتراً على جانبي الحدود.
وهدفها تخفيف سطوة المتشددين على السكان، وبخاصة في المناطق الحدودية التي أهملتها السلطة المركزية أو تخلت عنها. وفي تقرير حول القوة المشتركة نشر في 8 مايو (أيار)، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن «حضور سلطات الدولة يتراجع أكثر فأكثر في شمال ووسط مالي وفي شمال بوركينا فاسو».
من جهته، قال الأمين العام لمنظمة مجموعة دول الساحل الخمس، مامان سامبو سيديكو، لوكالة الصحافة الفرنسية: «يجب الإسراع. في مناطق الحدود، يجب أن يحظى السكان بالحماية التي يجب أن نؤمّنها لهم وبالتنمية»، معدداً «الخدمات الاجتماعية الأساسية، المياه، التعليم، والصحة».
وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أنه كان من المفترض أن تبلغ القوة المشتركة كامل جهوزيتها في مارس (آذار) 2018 مع خمسة آلاف عنصر موزعين على سبع كتائب، هي (كتيبتان في كل من مالي والنيجر، وكتيبة في تشاد وأخرى في بوركينا فاسو وسابعة في موريتانيا) ويرتدي عناصر كل منها اللباس العسكري المحلي.
لكن غوتيريش أشار في تقريره إلى أن هذا الموعد النهائي تأجل، وقال غوتيريش «في 13 أبريل (نيسان) شكلت الدول الأعضاء ست كتائب من أصل سبع». وأوضح، أنه في القطاع الأوسط الأكثر تطلباً، عند «الحدود الثلاثية» بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، «تم نشر ثلثي الكتيبتين». وتابع إن «التقدم الذي تحقق في سبيل جعل القوة المشتركة في كامل جهوزيتها وتأمين التمويل الدولي لها كان بطيئاً».
وتحدث الأمين العام عن وجود «نقص حاد في الموارد، في مجال التدريب والعتاد»، مشيراً إلى أن قوات الدول الأعضاء، وهي من الأكثر فقراً في العالم، «تتخطى قدراتها».
وخلال عام نفذت القوة المشتركة ثلاث عمليات، كان آخرها على جانبي الحدود بين النيجر وبوركينا فاسو. وانتهت العملية الأخيرة مطلع يونيو (حزيران) من دون تحقيق نتائج تفوق سابقاتها. وسيكون بطء تمويل القوة المشتركة البالغ 420 مليون يورو محور محادثات قمة تستضيفها نواكشوط الاثنين، بحسب الوكالة الفرنسية.


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)

ندّدت تشاد والسنغال بشدّة بتصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين واتّهم فيها دول الساحل بأنها «لم تشكر» بلاده على الدعم الذي قدّمته للقارة في مكافحة التمرد الإرهابي.

وقال ماكرون الإثنين إنّ بلاده كانت «محقّة» في تدخّلها عسكريا في منطقة الساحل «ضدّ الإرهاب منذ عام 2013»، لكنّ القادة الأفارقة «نسوا أن يقولوا شكرا» لفرنسا على هذا الدعم. وأضاف أنّه لولا هذا التدخّل العسكري الفرنسي «لما كان لأيّ من» هؤلاء القادة الأفارقة أن يحكم اليوم دولة ذات سيادة. وأدلى ماكرون بكلامه هذا خلال الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم. وأضاف الرئيس الفرنسي بنبرة ملؤها السخرية «لا يهمّ، سيأتي هذا (الشكر) مع الوقت».

وأثارت هذه التصريحات استنكارا شديدا في كلّ من نجامينا ودكار. وفي بيان أصدره وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله أعربت نجامينا عن «قلقها العميق عقب تصريحات (...) ماكرون التي تعكس موقف ازدراء تجاه أفريقيا والأفارقة». وفي بيانه الذي تلاه التلفزيون الرسمي أكّد الوزير التشادي أنّه «ليست لديه أيّ مشكلة مع فرنسا»، لكن بالمقابل «يجب على القادة الفرنسيين أن يتعلموا احترام الشعب الأفريقي».

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، ألغت تشاد الاتفاقيات العسكرية التي كانت تربطها بالقوة الاستعمارية السابقة. وشدّد الوزير التشادي على أنّ «الشعب التشادي يتطلّع إلى السيادة الكاملة والاستقلال الحقيقي وبناء دولة قوية ومستقلة».

بدوره، ندّد بتصريح ماكرون رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، مؤكّدا في بيان أنّه لولا مساهمة الجنود الأفارقة في الحرب العالمية الثانية في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي «لربّما كانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية».

وفي كلمته أمام السفراء الفرنسيين في العالم قال ماكرون إنّ قرار سحب القوات الفرنسية من أفريقيا اتّخذته باريس بالتشاور والتنسيق مع هذه الدول. وقال الرئيس الفرنسي «لقد اقترحنا على رؤساء دول أفريقية إعادة تنظيم وجودنا، وبما أنّنا مهذّبون للغاية، فقد تركنا لهم أسبقية الإعلان» عن هذه الانسحابات. واضطرت فرنسا رغما عنها لسحب قواتها من دول أفريقية عديدة في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة لسونكو الذي أعلنت بلاده في الأسابيع الأخيرة إنهاء أيّ وجود عسكري فرنسي على أراضيها خلال العام الجاري فإنّ ما أدلى به ماكرون «خاطئ بالكامل» إذ «لم يتمّ إجراء أيّ نقاش أو مفاوضات حتى الآن، والقرار الذي اتّخذته السنغال نابع من إرادتها الوحيدة، كدولة حرة ومستقلة وذات سيادة».

كما هاجم رئيس الوزراء السنغالي الرئيس الفرنسي بسبب تهمة «الجحود» التي وجّهها سيّد الإليزيه لقادة هذه الدول الأفريقية. وقال سونكو إنّ «فرنسا لا تمتلك لا القدرة ولا الشرعية لضمان أمن أفريقيا وسيادتها. بل على العكس من ذلك، فقد ساهمت في كثير من الأحيان في زعزعة استقرار بعض الدول الأفريقية مثل ليبيا، ممّا أدّى إلى عواقب وخيمة لوحظت على استقرار وأمن منطقة الساحل».

بدوره، شدّد وزير الخارجية التشادي على «الدور الحاسم» لأفريقيا وتشاد في تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين وهو دور «لم تعترف به فرنسا أبدا»، فضلا عن «التضحيات التي قدّمها الجنود الأفارقة». وأضاف كلام الله «خلال 60 عاما من الوجود الفرنسي (...) كانت مساهمة فرنسا في كثير من الأحيان مقتصرة على مصالحها الاستراتيجية الخاصة، من دون أيّ تأثير حقيقي دائم على تنمية الشعب التشادي».