حامد المطلك لـ «الشرق الأوسط»: ما يجري في السجون صورة من صور الفشل الأمني

رجل أمن يفتش سيارة عند نقطة عسكرية ببغداد أمس.. وفي الاطار حامد المطلق (رويترز)
رجل أمن يفتش سيارة عند نقطة عسكرية ببغداد أمس.. وفي الاطار حامد المطلق (رويترز)
TT

حامد المطلك لـ «الشرق الأوسط»: ما يجري في السجون صورة من صور الفشل الأمني

رجل أمن يفتش سيارة عند نقطة عسكرية ببغداد أمس.. وفي الاطار حامد المطلق (رويترز)
رجل أمن يفتش سيارة عند نقطة عسكرية ببغداد أمس.. وفي الاطار حامد المطلق (رويترز)

تمكنت مجموعة من الموقوفين على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب من الهرب من سجن في بغداد، أمس (الجمعة)، قبل أن تقبض القوات الأمنية على عدد من الفارين، حسبما أفادت به مصادر أمنية. فقد أعلنت وزارة الداخلية العراقية أمس اعتقال 18 موقوفا هاربا من سجن العدالة ببغداد. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن، إن «قوات الأمن أحبطت محاولة لهروب موقوفين في مركز احتجاز تابع لقوات الشرطة الاتحادية في مدينة الكاظمية».
وفي موازاة ذلك، تواصلت الهجمات الدامية اليومية، حيث قتل خمسة أشخاص في هجومين، أحدهما انتحاري في الرمادي (100 كلم غرب بغداد) وبغداد. المتحدث باسم وزارة الداخلية قال إن «22 موقوفا ادعوا وجود حالة إنسانية داخل التوقيف فجر أمس، مما دفع أحد الحراس إلى التعامل معها وفق ما تملي عليه إنسانيته».
وأوضح: «هؤلاء الموقوفون هاجموا الحرس وهربوا إلى خارج التوقيف، مما دفع قوات الأمن إلى قتل أحدهم وإلقاء القبض على جميع الموقوفين، ما عدا ثلاثة منهم يجري الآن البحث عنهم»، مشيرا إلى أن «هذا الحادث أدى إلى استشهاد أحد عناصر الشرطة».
وكان مصدر أمني في الشرطة قال في وقت سابق، إن «22 سجينا تمكنوا، عند الساعة الرابعة فجرا (بالتوقيت المحلي)، من الهروب من مقر اللواء الثامن شرطة اتحادية في سجن العدالة الكائن بمدينة الكاظمية شمال بغداد، بعد أن قتلوا أحد حراس الأمن واستولوا على سلاحه».
وسارعت وزارة العدل بالنأي بنفسها عن موضوع هروب موقوفين من سجن العدالة بالكاظمية، صباح أمس، موضحة أن السجن الذي حصلت فيه حادثة الهروب تابع للشرطة الاتحادية، وليس لها.
وقال المتحدث باسم الوزارة حيدر السعدي في بيان له أمس إن «السجناء الهاربين من استخبارات اللواء الثامن شرطة اتحادية، وهو من المواقف التابعة لوزارة الداخلية، ولا علاقة لوزارة العدل لا من قريب ولا من بعيد بالموضوع». وفي هذا السياق، فقد عدت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن تكرار عمليات هروب السجناء والمعتقلين بسهولة بين آونة وأخرى، يعني أن هناك خللا يجب معالجته. وقال عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه العمليات تكررت كثيرا، وبدوافع وأساليب مختلفة، وفي كل مرة نجد التبرير ذاته لدى الجهات الأمنية، سواء على صعيد التقليل من أهمية ما يحصل أو الادعاء بأن الأجهزة الأمنية تمكنت من إحباط العملية». وأضاف المطلك أن «ما يجري في السجون والمعتقلات هو صورة من صور الفشل في التعامل مع الملف الأمني بصورة صحيحة، لأنه إما بيد أناس ليسوا قادرين على القيام بالمهمة بشكل سليم أو أن هناك دوافع بشأن إبقاء الخلل قائما، وعلى كل المستويات، دون معالجة حقيقية». وتذكر حادثة يوم أمس بعملية هروب مئات السجناء، وغالبيتهم من قادة تنظيم القاعدة في العراق، من سجني التاجي وأبو غريب في يوليو (تموز) الماضي، في إحدى أكبر العمليات المنظمة ضد السجون في العراق منذ 2003.
وكان مراقبون ومحللون حذروا من أن عملية الهروب تلك ستضع العراق على حافة «أيام سوداء»، علما بأن البلاد تشهد موجة عنف متصاعدة منذ أبريل (نيسان) الماضي.
وتزامنت عملية الهروب من سجن «العدالة» اليوم مع ذكرى اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين في عام 2003، علما بأن نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي تصادف أيضا الذكرى السابعة لإعدامه في هذا السجن نفسه.
وأمنيا، قُتل خمسة أشخاص في هجومين منفصلين في بغداد وغربها؛ ففي مدينة الرمادي (غرب بغداد)، قال النقيب علي مرعي من الشرطة إن «ثلاثة أشخاص، هم جنديان ومدني، قُتلوا، وأصيب سبعة بينهم أربعة من الشرطة بجروح في انفجار سيارة مفخخة يقودها انتحاري». وأضاف أن «الهجوم استهدف تجمعا لقوات الأمن؛ الجيش والشرطة، وسط مدينة الرمادي».وأكد الطبيب أحمد العاني في مستشفى الرمادي حصيلة ضحايا الهجوم.
وقالت مصادر صحافية إن مسلحين كانوا يستقلون سيارة أطلقوا الرصاص على نقطة تفتيش للشرطة في منطقة الحامضية على طريق المرور السريع، مما تسبب في مقتل ضابط شرطة برتبة نقيب وإصابة شرطي بجروح.
وفي بغداد، قال مصدر في وزارة الداخلية إن «مسلحين مجهولين اغتالوا شخصين، أحدهما مسؤول في وزارة التجارة في منطقة الغزالية، غرب بغداد».



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.