أزمة الخبز تعصف بطرابلس بعد إغلاق المخابز لليوم الثاني

انتقادات نقابية وشعبية لحكومة الوفاق

ليبيون يشترون أرغفة من أحد مخابز طرابلس (قناة ليبيا الأحرار)
ليبيون يشترون أرغفة من أحد مخابز طرابلس (قناة ليبيا الأحرار)
TT

أزمة الخبز تعصف بطرابلس بعد إغلاق المخابز لليوم الثاني

ليبيون يشترون أرغفة من أحد مخابز طرابلس (قناة ليبيا الأحرار)
ليبيون يشترون أرغفة من أحد مخابز طرابلس (قناة ليبيا الأحرار)

في نهاية طابور طويل بمنطقة «سوق الجمعة»، شرق العاصمة الليبية طرابلس، وقف المواطن عمّار الشوارفي أمام أحد المخابز غير عابئ بأشعة الشمس اللاهبة، ولا هدف له إلا الحصول على عدد من الأرغفة تكفيه وأسرته. يقول الشوارفي بنبرة غاضبة «إنهم يبيعون 3 أو 4 أرغفة بدينار، علماً بأن عددها كان في السابق خمسة أرغفة، والأسوأ من ذلك كله أن غالبية المخابز أغلقت أبوابها».
وفي مواجهة الأزمة التي تضاف إلى أزمات سياسية وأمنية في العاصمة، صعّدت نقابة الخبازين في طرابلس من موقفها بعد تقييدها بسعر محدد للرغيف، أمام ارتفاع مستمر في أسعار المواد الأولية التي تحتاج إليها عملية الإنتاج؛ ما دفع بكثير من المخابز إلى إغلاق أبوابها تدريجياً، في انتظار وضع حل معقول: إما توفير المتطلبات بشكل كافٍ أو رفع سعر الرغيف.
وقالت النقابة في اجتماعها الأخير، أول من أمس، إن حكومة الوفاق الوطني، التابعة للمجلس الرئاسي بقيادة فائز السراج، تتجاهل مشكلاتهم المتمثلة في ارتفاع أسعار الدقيق، وزيت الطعام، واليد العاملة.
لكن الشوارفي، الذي ستر رأسه بكيسي بلاستيكي، واصطفّ في الطابور خلف عشرات المواطنين من أعمار مختلفة للحصول على الخبز، قال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن سكان (سوق الجمعة) لا نعلم سبب ارتفاع الخبز والزيت كل يوم. إلا أن أصحاب المخابز يقولون إنهم يشترون الدقيق من السوق السوداء (الموازية) بسعر مرتفع... ويبدو أن غالبية المخابز نظمت إضراباً».
وحمّل المواطن الأربعيني مسؤولية ارتفاع الأسعار في العاصمة لحكومة الوفاق، وقال إنها لا تقدم حلولاً ملموسة على أرض الواقع، «مجرد مهدئات معنوية... كلام فقط»، مبرزاً أن سعر زجاجة الزيت الكيلوغرام اقترب من 9 دنانير بعد أن كان في حدود ثلاثة دنانير ونصف دينار، وتابع موضحاً «نحن نسمع عن تحكم التشكيلات المسلحة في مصانع الدقيق والزيت... ماذا سننتظر من (السيد) السراج بعد». (الدولار الأميركي في السوق السوداء يقترب من 6.57 دينار، مقارنة بـ1.36 في السوق الرسمية).
ويتفق ناصر عبد الكريم، الذي يقيم في طرابلس، مع ما ذهب إليه الشوارفي، وقال في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، إن «ارتفاع أسعار الدقيق والزيت إلى الضعف بشكل مفاجئ، دفع بأصحاب المخابز إلى الإضراب عن العمل، في عموم العاصمة والمدن المجاورة».
وقل يومين بحث عبد السلام كاجمان، النائب بالمجلس الرئاسي، مع رئيس النقابة العامة للمخابز محمد بوخريص، أزمة ارتفاع الوقود والدقيق وتداعياتها على المخابز في أنحاء ليبيا. ونقلت إدارة التواصل والإعلام برئاسة مجلس الوزراء، أن الجانبين ناقشا بديوان رئاسة الوزراء ضرورة حث المسؤولين عن شركة البريقة لتسويق النقط لتزويد الوقود للمخابز، حسب احتياجاتها الإنتاجية.
وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي بدأت بلدية طرابلس المركز تطبق التسعيرة الجديدة للرغيف، بعد اعتمادها داخل الحدود الإدارية للبلدية، وتعميم القرار رسمياً على المخابز، بناءً على توصية اللجنة الاقتصادية والاستثمار بالبلدية ونقابة الخبازين.
وتم تسعير رغيف الخبز (وزن 190 غراماً إلى 200 غرام) بقيمة دينار لكل ستة أرغفة، أما تسعيرة رغيف بوزن من 90 إلى 100 غرام فتصل قيمته إلى دينار لكل 12 رغيفاً، لكن أصحاب المخابز تغاضوا عن الالتزام بهذه الأسعار، متعللين بارتفاع أسعار الخامات الأولية. وطالبت نقابة الخبازين في العاصمة حكومة الوفاق بتغيير سعر رغيف الخبز الرسمي، بما يتماشي مع سعر الدقيق، بعد أن وصل ثمن القنطار (100 كيلوغرام) إلى 170 ديناراً في السوق الموازية، لافتة إلى أن الدولة تدعم الدقيق بسعر الدولار الرسمي، في حين يباع بسعر الدولار في السوق السوداء.
بدورهم، قال أصحاب المخابز، إن عدم تدخل الدولة لحل هذه الأزمة سيتسبب في رفع سعر الرغيف إلى 3 دنانير، مشيرين إلى أنهم أصبحوا مرغمين على رفع الأسعار على المواطنين، في حين أدارت الحكومة ظهرها للجميع، ولم تقدم حلولاً لذلك».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.