العنف يخيّم على انتخابات الرئاسة المكسيكية

مقتل أكثر من مائة سياسي منذ انطلاق الحملات... ومرشح اليسار الأوفر حظاً

الشرطة العسكرية تجوب شوارع مدينة أكابولكو بالمكسيك في 21 يونيو الماضي (أ.ب)
الشرطة العسكرية تجوب شوارع مدينة أكابولكو بالمكسيك في 21 يونيو الماضي (أ.ب)
TT

العنف يخيّم على انتخابات الرئاسة المكسيكية

الشرطة العسكرية تجوب شوارع مدينة أكابولكو بالمكسيك في 21 يونيو الماضي (أ.ب)
الشرطة العسكرية تجوب شوارع مدينة أكابولكو بالمكسيك في 21 يونيو الماضي (أ.ب)

ألقت موجة عنف سياسي بظلالها على الحملة الانتخابية في المكسيك، التي شهدت مقتل أكثر من مائة سياسي ومرشح منذ انطلاق السباق الرئاسي في سبتمبر (أيلول) الماضي. وفيما يتوجه الناخبون إلى مراكز الاقتراع الأحد المقبل، يستبعد المتابعون أن ينتهي العنف بعد انتخاب الدولة رئيسها الجديد، وفقا لتقرير لـ«دويتشه فيله».
وأكّد خبراء في مكتب «إيتيليكت» أن هذه الحملة «كانت الأعنف» في تاريخ البلاد. فمنذ بداية الحملة التمهيدية اغتيل بين 124 و130 سياسيا بينهم 47 مرشحا، حسب وسائل الإعلام. وأصبح العنف في المكسيك ظاهرة يومية لا تفاجئ أحدا، كما أن أشخاصا خضعوا لملاحقات جزائية أو سجنوا أصبحوا مرشحين في انتخابات مجالس البلدية وحكام الولايات.
وتضرب موجة العنف السياسي التي تجتاح البلاد المرشحين المحليين، بشكل خاص. ويوضح إدغار كورتيز، الباحث في «المعهد المكسيكي لحقوق الإنسان والديمقراطية»، أن الجريمة المنظمة لها أثر أكبر على المستوى المحلي، في تصريحات لـ«دويتشه فيله». وفي الوقت الذي تتسم فيه المؤسسات الفيدرالية ومؤسسات الدولة بالاستقرار والنضج، يشير الباحث إلى أنه لا يزال نظام العملاء من الأقلية يهيمن على بعض المناطق، وهو نظام يسيطر فيه أفراد وعائلات على السياسة والإدارة والاقتصاد. وصرح كورتيز: «للأسف تحولت كثير من تلك الكيانات المحلية من حكم الأقلية إلى عصابات إجرامية تموّل نفسها من خلال تجارة وتهريب المخدرات». وأضاف أن المسؤولين المحليين والشرطة يمثلون جزءا من تلك الكيانات، ولن يتخلوا عن السلطة بسهولة.
ويدلي المكسيكيون الذين أنهكهم الفساد والعنف بأصواتهم الأحد، في انتخابات رئاسية تاريخية يبدو مرشح اليسار أندرس مانويل لوبيز أوبرادور الأوفر حظا فيها، في مواجهة مرشحي الأحزاب التقليدية. ويردد كثير من المكسيكيين «تغيير!» و«اقلبوا الصفحة!».
وبالإضافة إلى انتخاب الرئيس للسنوات الست المقبلة، سيتعين على 88 مليون ناخب مكسيكي اختيار أعضاء مجلس النواب الخمسمائة و128 سيناتورا ورؤساء ولايات وبلديات. وقد تنجح هذه المحاولة الثالثة لليساري القديم الملقب «إملو» ويبلغ من العمر 64 عاما، ويقود تحالفا تتزعمه حركة الإحياء الوطني (مورينا)، مع انتهاء الولاية الرئاسية لإنريكي بينيا نييتو الذي أخفق في الحد من العنف.
وسيؤدي فوز مورينا إلى تغيير كبير في الساحة السياسية التي تسيطر عليها منذ 1988 ثلاثة أحزاب، هي «الحزب المؤسساتي الثوري» (يمين) و«حزب العمل الوطني» (يمين الوسط) و«حزب الثورة الديمقراطية» (يسار الوسط).
وشهدت إدارة بينيا نييتو المنبثقة عن «الحزب المؤسساتي الثوري» الحاكم دون انقطاع من 1929 إلى 2000، إصلاحات عميقة لم تخل من إثارة الجدل وعددا من فضائح الفساد وانتهاكات لحقوق الإنسان. وقالت بائعة الفاكهة في الشارع، ويدي رودريغيز (24 عاما)، إن «الجميع تقريبا» في عائلتها «سيصوتون إملو». «نريد تغييرا ولم نعد نرغب في الحزب المؤسساتي الثوري أو حزب العمل الوطني»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن لوبيز أوبرادور يتقدم بفارق أكثر من عشرين نقطة على خصمه ريكاردو أنايا الذي يقود تحالفا لليمين واليسار (يضم حزب العمل الوطني وحزب الثورة الديمقراطية حركة المواطنة)، بينما يبدو أن خوسيه أنطونيو ميادي من «الحزب المؤسساتي الثوري» سيحل في المرتبة الثالثة.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.