الحريري لتقديم صيغة جديدة لحكومته اليوم وسط آمال ضئيلة بتأليفها

مصادر: تسريعها يبدأ من تخفيض حصة الرئيس و{التيار} إلى 9 وزراء

اجتماع بين عون ووزير الإعلام في القصر الجمهوري لبحث مسار تشكيل الحكومة (دالاتي ونهرا)
اجتماع بين عون ووزير الإعلام في القصر الجمهوري لبحث مسار تشكيل الحكومة (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري لتقديم صيغة جديدة لحكومته اليوم وسط آمال ضئيلة بتأليفها

اجتماع بين عون ووزير الإعلام في القصر الجمهوري لبحث مسار تشكيل الحكومة (دالاتي ونهرا)
اجتماع بين عون ووزير الإعلام في القصر الجمهوري لبحث مسار تشكيل الحكومة (دالاتي ونهرا)

يقدم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري اليوم صيغة جديدة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أثناء لقاء مزمع بينهما، تتضمن طرحاً آخر في محاولة لإنهاء التعثر في التأليف الحكومي المتواصل منذ أكثر من شهر، وسط تضاؤل في الآمال بالتوصل إلى صيغة حلّ، على خلفية أزمتين مستمرتين، أولهما مرتبطة بالحصص المسيحية، وثانيهما بالحصة الدرزية.
ورغم الحركة اللافتة أمس لتفعيل جهود تأليف الحكومة، التي تمثلت باتصال بين الرئيس الحريري والرئيس عون الذي يستقبل الرئيس المكلف اليوم، لم يرتفع منسوب التفاؤل كثيراً بإعلان سريع عن التوافق على صيغة حكومية. وقال مصدر قيادي في «تيار المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك مقترحات جديدة لكن «التأليف السريع مرتبط بردة فعل الرئيس عون على تشكيلة جديدة سيطرحها الحريري»، مقللاً من احتمالات قبولها من طرف عون. وقال المصدر إن طلبات رئيس الجمهورية «تعجيزية»، في إشارة إلى المطالب بأن تكون حصة الرئيس و«التيار الوطني الحر» 11 وزيراً في الحكومة، مضيفاً: «وليس بالضرورة أن تتناسب صيغة الحريري الجديدة مع مطالب الرئيس».
وأكد المصدر نفسه أن المشكلة الأساسية مرتبطة بأمور «ليس من السهولة حلها»، لافتاً إلى أن الإصرار على توزير 11 وزيراً من حصة التيار والرئيس «سيبقي كل الجهود في طريق مسدود»، مؤكداً أن هذه العوائق «الرئيس وحده قادر على تذليلها»، وأن «الحل عنده».
وتمثل عقدة توزير المسيحيين، أبرز النقاط العالقة، إلى جانب الإصرار على توزير النائب طلال أرسلان، وهو ما يعارضه «الحزب التقدمي الاشتراكي»، فضلاً عن مطالب «حزب الله» بتوزير شخصية سنية من قوى 8 آذار، وهو ما يرفضه «المستقبل»، و«لا يتوقف عنده ولا يأخذه على محمل الجدّ»، بحسب ما قال المصدر.
ويحق للمسيحيين في حكومة ثلاثينية 15 وزيراً، يفترض أن يتم توزيعهم على حصة رئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» ووزير من حصة «تيار المردة»، بحسب المقترحات، فضلاً عن اقتراح وزير لكتلة «العزم» في حال تعذر منحها وزيراً سنيّاً، ويمكن أن يكون هناك وزير لجنبلاط بدلاً من وزير درزي يمكن أن يذهب من حصته لأرسلان، إلى جانب مقترحات بتوزير حزب «الكتائب»، علماً بأن المقترحات تلك لم تستقر بعد على صيغة، وقد لا تشمل منح حصص لكل تلك الأطراف.
وقالت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ«الشرق الأوسط»، «إن المبدأ الأساس في البدء ببلورة صيغة حل، يبدأ من قبول الرئيس عون بتسعة وزراء من حصته وحصة (الوطني الحر)، عندها تكون هناك إمكانية بأن تُعطى القوات اللبنانية أربعة وزراء والتوصل إلى صيغة ترضي الآخرين».
وتواصل «القوات» التي أبدت مرونة خلال الأيام الماضية مشروطة بتنازل الآخرين أيضاً، بالتأكيد على «نيات إيجابية» لمساعدة الرئيس المكلف. وقالت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نقترح صيغاً. المسألة موجودة بيدي الرئيس المكلف الذي يعمل على تشكيل الحكومة، وهو الذي يحدد الصيغ والهيكليات المناسبة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية». وشددت المصادر على «النيات الإيجابية كفريق سياسي أساسي لمساعدة الرئيس المكلف»، لافتة إلى أنه «في هذا السياق بالذات جاءت مبادرة د. سمير جعجع لتهدئة المناخات السياسية من طرف واحد من أجل مساعدة الرئيس للتأليف بظروف مؤاتية ومساعِدة»، مؤكدة أن «كل الأطراف معنية بمساعدة الحريري لتدوير الزوايا وتسهيل تأليف الحكومة». وفي السياق نفسه، لم يجزم عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، بأن الجمود الذي رافق تشكيل الحكومة، انتهى بالحراك أمس، لكنه عبّر عن «تفاؤل دائم»، إذ أعرب عن اعتقاده «أننا في مكان ما بدأنا نلمس تفهماً لمطالب كل الفرقاء». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا صارت هناك قناعة وتفهماً لمطالب كل الكتلة السياسية وأحجامها وقاعدة تمثيلها، فإننا بالتأكيد سنصل إلى حلول لتأليف الحكومة».
وقال عبد الله: «بالنسبة لنا في اللقاء الديمقراطي والحزب التقدمي الاشتراكي، اتجاهنا واحد ومطالبنا واحدة»، مشدداً على أن المطلوب «أن يعرف كل فريق حجمه ودوره ويحترم إرادة الآخرين». وقال: «موقفنا واضح، فالمطلوب من العهد احترام خيار كل اللبنانيين وليس المسيحيين فقط، وأن يترك لرئيس الحكومة المكلف تخييط الحكومة ضمن إطار مشاركة كل الأطراف بحسب أحجامها». وأكد أنه لا خيار للجميع سوى إنجاز التشكيلة الحكومية على قاعدة اعتماد معيار موحد، «فالوضع الاقتصادي لا يحتمل، كذلك وضع المنطقة».
في غضون ذلك، أكد النائب ماريو عون، أن عقدة تأليف الحكومة «ليست عند التيار الوطني الحر بل عند القوات اللبنانية والدروز»، مشيراً إلى أن التيار تساهل بمطالبه لتسهيل عملية التأليف حيث لم يضع «فيتو» على أحد أو على أي حقيبة، وهو يطالب فقط بأن يتمثّل كلّ وفق حجمه.
واستبعد عون ولادة الحكومة بشكل سريع مع بروز العقد يوماً بعد يوم، جازماً بأن نيابة رئاسة المجلس الوزاري هي من حصة رئيس الجمهورية وفق العرف والدستور. ونفى عون أي خلاف بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري الذي سيزور قصر بعبدا خلال الساعات المقبلة، إلا أن ما يظهر هو اختلاف في وجهات النظر.

اتفاق معراب
وعلى خط موازٍ، استدعى كلام وزير الخارجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل عن أن اتفاق معراب مع «القوات اللبنانية» لم يعد موجوداً، حركة لافتة من قبل «القوات» لتأكيد تمسكها به وبالمصالحة المسيحية. وزار الوزير ملحم الرياشي القصر الجمهوري، حيث اكتفى بالقول إن «اللقاء كان إيجابيّاً جداً».
وقالت مصادر «القوات» لـ«الشرق الأوسط»، إن الهدف الأساسي للزيارة هو «إعادة ترتيب العلاقة بين الطرفين وتأكيد تمسك القوات بالمصالحة وتفاهم معراب»، و«التشديد على ضرورة التمييز بين التباينات السياسية التي يمكن أن تقع بأي لحظة والتفاهمات السياسية»، بمعنى: «يجب ألا تنعكس التباينات على التفاهمات»، علماً بأن التباينات كانت قائمة في الحكومة الماضية وستبقى في الحكومة المزمع تشكيلها.
وكان النائب ماريو عون أكد في حديث إذاعي أن «ورقة تفاهم معراب لم تسقط ولكن الاتفاقات السياسية مع القوات سقطت، ولم تعد قائمة، لا سيما في العناوين الأساسية المطروحة، التي يدور الجدل حولها».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم